ذكرنا اكثر من مرة وفي اكثر من مقال ان الحال السوداني الراهن ليس في حاجة الى حوار او جدال عن تكوين حكومة قومية اوانتقالية لكنه في حاجة الى حوار حول برنامج حكومة اوسمه اذا شئت وصفة علاجية الى ما آل اليه الحال في السودان وفي كل المناحي نحن نحتاج الى خبراء في كل المجالات من الذين عملوا في مؤسسات الدولة قبل ان يطالها هذا الخراب نحتاج الى رأي من مارسوا العمل الحكومي في الستينات ومن عاصرهم في السبيعنات نحتاج الى خبراء في التعليم عندما كان خريجو الاولية يديرون مؤسسات الدولة بعد ان اصبح الطالب في الصف الثامن لا يستطيع القراءة والكتابة نريد خبراء في الصحة عندما كان المساعد الطبي هو الطبيب وهو الاخصائي وهو الفحيص،نريد خبراء زراعيين لمعالجة مشاكل الزراعة المطرية والتصحر وتدمير البيئة والقطع الجائر للاشجار وتصدير الفحم والاعتداء على المراعي وكذلك نريد علاجا للمشاريع المروية وعلى رأسها مشروع الجزيرة،نحتاج الى خبراء في الجيش عندما كان الجيش السوداني يعرفه كل العالم وكان هو الحاسم لأي معركة يخوضها وقد اصبح الآن مدافعا لا مهاجما والمتمردين غزوا امدرمان وابوكرشولا وام روابة وبعض فرق الدعم السريع يهددون الابيض مقر القيادة الوسطى والمتمردون يسيطرون على كثير من المدن،نريد خبراء في الشرطة عندما كان المركز يرأسه صول وحفنة من العساكر يركبون الجمال والخيول بعد ان صار دور الشرطة الجبايات والرسوم وصار النيغرز يشيعون الخوف وسط المواطنين والسطو والتفلتات واصبح المواطن لا يحترم القانون ولا الدولة في كل مكان نحتاج الى خبراء اقتصاديين يخرجوا لنا بوصفة علاجية للاقتصاد السوداني من الذين عاصروا الجنية السوداني عندما كان يساوي ثلاثة دولارات واثني عشرة ونصف ريال سعودي بعد ان افسدت الدولة الاقتصاد بشركاتها ودخولها في التجارة لتبيع وتشتري في جميع السلع حتى صارت مؤسسات الدولة شغلها الشاغل الاستثمار مع الميزانيات المفتوحة والتي كثير منها غير خاضعة للمراجعة نحتاج سياسة اقتصادية تخضع المال العام لولاية وزارة المالية المركزية وترتب الاولويات وتعالج كل ما له علاقة بالاقتصاد كالسكة الحديد وغيرها نحتاج الى من يجلس مع الحركات المسلحة ليحدد من هم الذين يمكن التحدث معهم وماذا يريدون ووضع سقف زمني لهذه الدوامة التي بسببها تضرر المواطن المسكين نحتاج الى خبراء في الخدمة المدنية لمراجعة الحكم الفدرالي الذي ارهق المواطن برسومه وجباياته ولم يقدم له مقابل الا القليل بعد ان تسبب في تفشي القبلية والجهوية وتمزيق النسيج الاجتماعي واضعف هيبة الدولة وبسط هيمنتها على الولايات فصار المواطن يعترض على المشاريع القومية ويتعدى على المستثمرين الاجانب محتميا بقبيلته وجهته نريد ان يكون نبذ القبلية ورفضها صريحا وواضحا في المنابر والاعلام وفي الخطاب والكتاب وفي التعامل والسلوك،نريد خبراء في هذا المجال من الضباط الاداريين عندما كان الضابط الاداري يمثل الدولة وهيبة الدولة وانضباط الدولة عندما كانت الخدمة الوطنية يضرب بها المثل وقد قال مستر كرومر لاحدي الدول المستعمرة:"الباشكاتب السوداني افضل من وزير عندكم"نحتاج الى وضع اسس على ضوئها يكون التوظيف واعتلاء المناصب العسكرية والقومية والاقليمية واخيرا نحتاج الى قضاء مستقل يحمي هذه الفكرة فيزود عنها ويحرسها ويبتعد عن الاستثمارات نريد خبراء ممن ذكرنا والاحياء منهم كثيرون والفكرة موجودة في ملفات الدولة فاذا كان لا بد من الحوار فلنتحاور في هذا ولنجتمع على هذا ونقدم رؤية شاملة لاصلاح شأن السودان المزري رؤية يشترك فيها كل حادب على هذا البلد بعد التجرد من كل غرض وخلع ثوب الحزبية ولبس قميص الوطنية وسمي هؤلاء الخبراء ومجموعتهم مؤتمر جامع سمه لجنة قومية اذا فعلنا ذلك ليس من الضروري ان يكون كيف شكل الحكومة التي تنفذ هذه التوصيات او لونها اوطعمها المطلوب حكومة تلتزم بهذه الرؤية المجمع عليها وتعطى الوقت الكافي لتنفيذها وبعد التنفيذ لكل حادثة حديث لكن قبل الوصول الى ذلك نحتاج الى حكومة امنية تهيئ المناخ لاخراج هذه الرؤية الشاملة وهذه نتركها للرئيس البشير لان الأمن هو الهاجس الاول بعد ان ترك المواطنون الزراعة وتركوا الرعي وهاجروا الى المدن طلبا للأمن فالأمن اولا وآخرا.