اَلسُّودَان يَسْتَقْبِلُ اَلْعَامُّ اَلْجَدِيدُ وَدُمُوعُهُ عَلَى خَدَّيْهِ

 


 

 

يَمُرُّ عَلَيْنَا رَأْسُ اَلسَّنَةِ فِي اَلْخُرْطُومِ هَذَا اَلْعَامِ وَالْبِلَادِ فِي حَالَةِ حِدَادٍ وَحُزْنٍ لَمْ تَعِيشَهُ مِنْ قَبِلَ وَلِأَوَّلِ مَرَّةٍ سَيَمُرُّ رَأْسُ اَلسَّنَةِ فِي اَلْخُرْطُومِ بِلَا اِحْتِفَالَاتٍ تُقَامُ وَلَا أَفْرَاح وَبِلَا رَقْصٍ وَبَهْجَةٍ فَقَدَ جَعْلُ اَلْبُرْهَانِ لَيَالِيَ اَلْخُرْطُومِ حَزِينَةً وَكَئِيبَةً وَكُلُّهَا دُمُوعٌ بَعْدَ اَلْمَجَازِرِ اَلَّتِي اِرْتَكَبَتْهَا قُوَّاتُهُ فَوُزِّعَتْ اَلْأَحْزَانُ عَلَى كُلٍّ حَيٍّ وَفِي كُلِّ بَيْتٍ . قَتْلٌ مُفْرِطٌ اِرْتَكَبَهُ اَلْبُرْهَانُ بَعْدَ اِنْقِلَابِهِ اَلْأَخِيرِ وَأَصْبَحَتْ يَدُهُ مُلَوَّثَةً بِدِمَاءِ هَؤُلَاءِ اَلشَّبَابِ وَيُدْعَى بِسَذَاجَةٍ مُفْرِطَةٍ أَنَّ هُنَاكَ جِهَةٌ ثَالِثَةٌ هِيَ اَلَّتِي تُرْتَكَبُ هَذِهِ اَلْمَذَابِحِ وَنَسَّى اَلْبُرْهَانُ أَنَّهُ مُمْسِكٌ بِالسُّلْطَةِ كَامِلَةً وَهُوَ اَلْمَسْؤُولُ اَلْأَوَّلُ عَنْ ضَبْطِ هَذَا اَلطَّرَفِ اَلثَّالِثِ إِذَا كَانَ هُنَاكَ طَرَفُ ثَالِثٌ وَالْجَمِيع يَعْرِفُ أَنَّ اَلْبُرْهَانَ يَكْذِبُ وَمَا لَا يَسْتَوْعِبُهُ اَلْغَرْبُ أَنَّ اَلْمَسْؤُولَ اَلْأَوَّل عِنْدَنَا يُمْكِنُ أَنْ يَكْذِبَ وَفِي اَلْغَرْبِ مِنْ أَكْبَرِ اَلْخَطَايَا اَلْكَذِبِ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَفِي قَضِيَّةَ كِلِينْتُونْ مَعَ مُونِيكَا تَمَّتْ مُحَاكَمَتُهُ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَلَيْسَ لِأَنَّهُ أَقَامَ عَلَاقَةً جِنْسِيَّةً مَعَ مُونِيكَا قَتْلُ اَلْبُرْهَانِ حَوَالَيْ اَلْ 50 شَابٍّ فِي عِزِّ شَبَابِهِمْ مُنْذُ اِنْقِلَابِهِ فِي 25 أُكْتُوبَر بِلَا ذَنْبٍ غَيْرِ أَنَّهُمْ خَرَجُوا فِي مُظَاهَرَةِ وَجَرِيمَتُهُمْ اَلْهُتَافَاتِ اَلَّتِي رَدَّدُوهَا اَلثَّوْرَةَ ثَوْرَةَ شَعْبِ وَالسُّلْطَةِ سُلْطَةَ شَعْبِ وَالْعَسْكَرُ لِلثُّكُنَاتِ وَهَلْ يَسْتَحِقُّ هُتَافَ مِثْلٍ هَذَا رَصَاصَةً فِي اَلرَّأْسِ أَوْ فِي اَلْقَلْبِ ؟ ! وَهُنَاكَ مِنْ أُسْرَةٍ وَاحِدَةٍ قَتْلَ أَخَوَيْنِ شَبَاب يَعْشَقُ وَطَنُهُ وَيُحِبُّهُ وَيَحْلُمُ بِسُودَانٍ حُرٍّ دِيمُقْرَاطِيٍّ وَقَدَّمَ رُوحُهُ فِدَاءٌ لِوَطَنِهِ هَلْ هَؤُلَاءِ يَسْتَحِقُّونَ اَلضَّرْبُ بِالرَّصَاصِ ؟ ؟ وَانْ يَتَدَفَّقُ مُخَّ أَحَدِهِمْ فِي اَلشَّارِعِ وَيَتِمُّ تَصْوِيرُهُ ! ! وَأَنَا لَا أَتَخَيَّلُ كَيْفَ تُشَاهِدُ أُمَّهُ ذَلِكَ اَلْمَنْظَرِ ؟ وَابْنُهَا قَدْ خَرَجَ مِنْهَا فِي اَلصَّبَاحِ صَحِيحٍ وَمُعَافًى ! ! ! أَنَّكَ يَابِرْهَانْ عِنْدَمَا تَغْتَالُ هَؤُلَاءِ اَلشَّبَابِ تَغْتَالُ أَمَلَ أَسْرٍ فِي أَوْلَادِهِمْ وَتَغْتَالُ أَمَلَ وَطَنٍ فِي شَبَابٍ يُحِبُّ وَطَنُهُ وَتَعُودُ بِي اَلذَّاكِرَةُ إِلَى اَلسَّبْعِينِيَّاتِ وَكُنَّا شَبَابًا مِثْل هَؤُلَاءِ اَلَّذِينَ اُغْتِيلُوا فِي بِدَايَةِ سَنَةٍ جَدِيدَةٍ حَيْثُ كَانَتْ اَلْخُرْطُومُ تَسْتَقْبِلُ رَأْسَ اَلسَّنَةِ بِاحْتِفَالَاتٍ تَنْتَشِرُ فِي كُلِّ اَلْأَنْدِيَةِ وَيَنْتَظِرُ اَلشَّبَابُ اِحْتِفَالَاتِ اَلْكِرِيسْمَاس وَرَأْسِ اَلسَّنَةِ بِفَارِغٍ اَلصَّبْرِ وَقَبْلَ اَلْمَوْعِدِ يُعْلِنُ عَنْ اَلِاحْتِفَالَاتِ فِي كُلِّ وَسَائِلِ اَلْإِعْلَامِ وَيَوْمِ اَلِاحْتِفَالِ يَتَوَافَدُ اَلشَّبَابُ مِنْ اَلْمُدُنِ اَلثَّلَاثَةِ وَالْبَعْض مِنْ اَلْأَقَالِيمِ عَلَى شَارِعِ اَلْمَطَارِ اَلَّذِي تَنْتَشِرُ فِيهِ اَلْأَنْدِيَةُ اَلْأَجْنَبِيَّةُ مِثْلٌ اَلنَّادِي اَلْكَاثُولِيكِيِّ وَالنَّادِي اَلْإِيطَالِيِّ وَالنَّادِي اَلْهِنْدِيِّ فَيَتَوَزَّعُ اَلشَّبَابُ عَلَى هَذِهِ اَلْأَنْدِيَةِ فَتَجِدُ اَلْبَعْضُ يُغَنِّي مَعَ وَرْدِيٍّ فِي اَلْجَمِيلَةِ وَمُسْتَحِيلَةٍ وَيَرْقُصُ آخَرُونَ مَعَ شُرَحْبِيلْ وَفَّى نَادَى ثَالِثٌ يُرَدِّدُ اَلْحُضُورُ مَعَ اَلْبَلَابِلِ اَلْبِيسَالْ مَابْتُوَهْ وَمُصْطَفَى يَسْمُو بِآخَرِينَ وَيُحَلِّق بِمُسْتَمِعِيهِ لِسَمَاوَاتٍ سَامِيَةٍ وَكَابِلَيْ فِي نَادِي آخَرَ يُرَدِّدُ مَعَهُ اَلْحُضُورَ جَمِيعًا وَفِي شَجَنِ كَلِمَاتٍ يَاهَاجِرْ سِنِينَ مَرَّتْ وَمْرُو سِنِينَ بِرَاكْ عَارِفْ بِي أَدْرَى وَجُرْحُكَ يَاغْرَامْ اَلرُّوحُ لَا غَار لَا بِدَوْرٍ يَبْرِي وَيَسْتَمِرُّ اَلْغِنَاءُ وَالرَّقْصُ حَتَّى صَبَاحِ اَلْيَوْمِ اَلتَّالِي وَهُنَاكَ مِنْ إِخْوَانِ هَؤُلَاءِ مِنْ يَقْضِي تِلْكَ اَللَّيْلَةَ يَتَهَجَّدُ فِي اَلْجَوَامِعِ وَيَلْتَقِي مِنْ يَقْضِي لَيْلُهُ مُغَنِّيًا وَرَاقِصًا وَمِنْ يَقْضِي لَيْلَتَهُ اَلْأَخِيرَةَ فِي اَلسَّنَةِ مُتَعَبِّدًا يَلْتَقُونَ حَوْلُ صِينِيَّةٍ اَلشَّايِ فِي صَبَاحِ سَنَةٍ جَدِيدَةٍ مَعَ وَالِدِهِمْ فِي حُبٍّ وَتَسَامُحٍ وَرِضَاءٍ وَبَهْجَةٍ وَتَفَاؤُلٍ بِسِنِّهِ جَدِيدِهِ وَيَشْرَبُونَ شَايَ اَلصَّبَاحِ مَعَ بَعْضِهِمْ كُمٌّ كَانَ اَلسُّودَانُ مُتَسَامِحًا وَجَمِيلاً قَبْلَ اَلْبَشِيرْ وَبُرْهَانُهُ وَيَسْتَقْبِلُ اَلْجَمِيعُ اَلْعَامُّ فِي حُبِّ وَابْتِسَامِهِ عَرِيضَةَ

مُحَمَّدْ اَلْحَسَنْ مُحَمَّدْ عُثْمَانْ
omdurman 13 @ msn . com

 

آراء