بارقة أمل

 


 

 

عملت المعارضة السودانية خلال سنوات الحكم الشمولي المتعاقبة على الوطن إلى خلق التحالفات وتشكيل الجبهات، ونجد أن تاريخ المعارضة السودانية مليئ بالتحالفات السياسية وبناء الجبهات، وخلال فترة حكم الرئيس السابق جعفر النميري تكونت تحالفات وجبهات معارضة تهدف إلى إسقاط نظامه الشمولي وإحداث تغيير في البلاد. وبالفعل توصلت تلك التحالفات والجبهات إلى نجاحات في تسهيل الإطاحة بالنميري وتمكين خروج السودان من فترة حكم شمولية طويل في ثورة أكتوبر 1964. ومنذ تولي الرئيس عمر البشير السلطة في السودان عام 1989، لم تتوقف المعارضة عن محاربة نظامه القمعي والاستبدادي. وقد شهدت السنوات الأخيرة ظهور تحالفات وجبهات جديدة، حيث تسعى للتغيير و لإيقاف الحرب الدائرة في البلاد والتحول إلى نظام مدني ديمقراطي. وتعمل قوى الحرية والتغيير التي تشكلت كنتيجة للتظاهرات الشعبية التي اندلعت في السودان في ديسمبر 2018، والتي كانت تهدف إلى التنديد بديكتاتورية الحركة الإسلامية والغلاء المعيشي والفساد ومطالبة الحكومة بالتنحي. وقد تنوعت تلك القوى وشملت التنظيمات السياسية والشبابية والنقابية والنسائية والهيئات المستقلة، وتعمل حالياً قوى الحرية والتغيير على تشكيل جبهة مدنية عريضة، تتضمن كافة القوى والتيارات المدنية والديمقراطية في السودان. تهدف هذه الجبهة إلى توحيد الجهود والقوى السودانية المدنية المختلفة بهدف العمل على تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد والتوصل إلى نظام ديمقراطي آمن ومستدام.
إن تشكيل جبهة مدنية عريضة تدعو إلى إيقاف الحرب والتحول المدني الديمقراطي في السودان يعتبر عملاً كبيراً يجب الاشادة به. فهذه الجبهة تسعى وتعمل على توحيد الجهود والطاقات السودانية المدنية المختلفة من أجل تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد.لم يحن بعد الحديث عن أهداف هذه الجبهة إنما من الواضح انها تدعو إلى وقف الحرب التي استمرت لفترة ستة أشهر في السودان وأدت إلى تهجير الكثير من الناس وتدمير البنية التحتية للبلاد. ومن طبيعة اسمها انها تهدف أيضاً إلى تحقيق التحول المدني الديمقراطي في السودان، بحيث يكون للمواطنين القدرة على المشاركة الفعالة في صنع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويجب الاشادة بدور هذه الجبهة التي تعمل في ظروف حرجة وفي وضع أكثر تعقيداً حيث نزح أغلب السودانيين والسودانيات خارج الوطن. كما أنها تعزز دعم العملية السلمية في السودان، وتسعى لتوحيد و تكامل الجهود المدنية المختلفة لتحقيق السلام والاستقرار في البلاد. فقد كانت ثورة ديسمبر المجيدة بداية لمسيرة جديدة في تاريخ السودان، ولكنها تعرضت للاختطاف من قبل قوى خارجية وداخلية تسعى للعودة إلى الاستبداد والعنف.
لذلك، فإن تشكيل جبهة مدنية عريضة تعمل على تحقيق التحول المدني الديمقراطي وإيقاف الحرب في السودان هو خطوة مهمة نحو تحقيق الاستقرار والسلام في البلاد. يجب على المجتمع الدولي والمحلي أن يدعموا هذه الجهود ويساندون هذه الجبهة من أجل إحلال السلام والعدالة في السودان.

د. سامر عوض حسين
18 أكتوبر 2023

samir.alawad@gmail.com

 

آراء