العين الثالثة
diaabilal@hotmail.com
أذكر ذلك جيداً بعد أيام من هجوم دكتور/خليل إبراهيم على أم درمان عرفت على وجه الصدفة أن أسرته بكل أفرادها تقيم بالخرطوم بمنطقة (عد حسين)،زوجته وبناته وبعض أهله الأقربين.
وقتها وجهت الزميلة العزيزة أميرة الحبر- المقيمة حالياً ببريطانيا- بتسجيل زيارة لهذه الأسرة. ورغم توجس أسرة خليل من إجراء المقابلة والظهور أمام أجهزة الإعلام وخوفها من أن يكون وراء العمل الصحفي أجندة أمنية لكن الأسرة وافقت أخيراً، وتم عمل التحقيق الصحفي.. الذي وردت فيه معلومات عن أسرة خليل.. عن ابنته التي تدرس بالجامعة وزوجته التي لها علاقات واسعة مع نساء الحي.
بكل تأكيد، المشهد كان مثيراً لدهشة غير السودانيين، رجل يقود عمل مسلح ويهاجم المدينة التي بها أسرته التي لا يخشى عليها من انتقام الحاكمين أو المتعاطفين معهم أو المتضررين من الهجوم. والأسرة آمنة في سربها لا تخشى على نفسها وهي تحتمي بمجتمع لا يؤخذ فيه شخص بجريرة آخر... هذه قيمة تسامحية لا تجدها إلا في السودان.
الذين يحملون السلاح ضد دولهم لا يطلقون الرصاصة الاولى إلا بعد خروج آخر قريب لهم من تحت ظل الحكومة التي يستهدفون إسقاطها.
قبل أيام قمت بتكليف الزميلة المبدعة / رفيدة يس بمقابلة ابنة عقار الموجودة بالخرطوم والتي تعمل بشرطة السودان وتحرص على مواصلة عملها باعتبارها شخصاً مستقلاً عن والدها ولا تجد في نفسها حرجاً من الاستمرار في وضعها الوظيفي والإقامة بالخرطوم بغض النظر عما يحدث بالكرمك وقيسان وما ينطلق من نيران صديقة أو معادية.
ولكن كانت المفاجأة بالنسبة لي أن رفيدة جاءت بخبر يقول إن الجهات المختصة وضعت يدها على ممتلكات "لينا مالك عقار" ابنة والي النيل الازرق المقال.. الممتلكات المتمثلة في منزل بأركويت وقاعة بأحد الأبراج الشهيرة وسيارة همر.
وأضاف الخبر أن ابنة عقار التي تعمل بإدارة جوازات الاجانب بالشرطة برتبة ملازم أول ربما تحال إلى التقاعد بسبب تمرد والدها!!
بصحة الخبر وعدم نفيه من الجهات المختصة، لا أعتقد أن هناك ما يبرر هذه الخطوات وهي تسجل سابقة غير حميدة في تاريخ الممارسة السياسية في السودان.
قيمة أخلاقية ودينية رفيعة أن تحمي الدولة أسر من يحملون في وجهها السلاح، وتصون أرواحهم وأموالهم وأعراضهم ولا تؤاخذهم بفعل آبائهم .
الحرب مساحتها ميدان القتال ويجب ألا تتسلل حوائط الاسر .على مالك وجنوده دفع فواتير خياراتهم العسكرية، وعلى الجيش السوداني أن يحمي الوطن بكل مالديه من قوة، كل شخص لم يحمل السلاح في وجه الدولة ولم يجلس لها على مراصد الكيد يجب أن يكون آمناً على نفسه وماله وعرضه، بغض النظر عن علاقاته الأسرية بالآخرين بمالك عقار اير أو بحيي بن أخطب سيد قريظة والنضير!!
فتذكر السيرة النبوية كيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع صفية بنت حيي بن أخطب زعيم يهود قريظة بعد معركة خيبر حيث أكرمها وأعتقها من الأسر وأكرمها بالزواج.
وفي الأعراف السودانية تتناقل حكاوي التسامح في مناطق الدينكا والمسيرية كيف أن أبناء بابو نمر الذين في عهدة دينق مجوك وأبناء دينق مجوك الذين في كنف بأبو نمر لم يكن يلحق بهم ضرر في حالات اندلاع القتال بين الدينكا والمسيرية.
أتمنى أن يكون خبر مصادرة ممتلكات ابنة عقار غير صحيح وأن تصدر الجهات المختصة ما ينفي الخبر أو يوضح ما حدث. وإن كانت هناك جهة اتخذت هذه الخطوة المتنافية مع الدين القويم والعرف السليم، فعلى قيادة الدولة ممثلة في السيد رئيس الجمهورية المشير عمر البشير أن يصدر قراراً بإعادة ممتلكات ابنة عقار وأن يضمن لها الاستمرار في الخدمة طالما أنها راغبة في ذلك،الأوطان تحمى بالعدل قبل أجهزة الأمن.