بداية تقليدية وبطيئة للنسخة الجديدة للإنقاذ !!!
بسم الله الرحمن الرحيم
افق اخر
-1-
ما زال تقويم الانقاذ في نسختها الجديدة المنقحة باكراً .... حيث كل التحليلات السياسية ( رجعية ) تحاكم الانقاذ بنسختيها الأولى والثانية ، بعد خروج قادة الإنقاذ الأوائل بانشاق مزلزل اقصى شيخ الحركة د. حسن الترابي عام 1999م أعقبه إقصاء " طوعي " كما وصفته أدبيات الحزب الحاكم ورموزه الكبار مثل على عثمان محمد طه و د. نافع وتنفذين نافذين وناجحين مثل اسامة عبد الله ود. عوض الجاز وكمال عبد اللطيف وكتب نهاية درامية غير واقعية لكل المحللين السياسيين ولكن جرت الاحداث بهذه الصورة التي أرادها الحزب الحاكم مما احدث دهشة واسعة عند كل المراقبين الشيء الذي انتج حراكاً وحيوية في الحزب غابت عنه زمناً طويلاً !!!
كل التحليلات السياسية تحاسب الحكومة في كل زمانها الذي مضى ، مما ضيّع الكثير من التصريحات والاعمال التي صدرت من القيادة السياسية الجديدة التي نادت بالاصلاح والحوار مع الاحزاب السياسية كافة ، لم تجد الا صدوداً من التكوينات السياسية وتهكما من بعض الاقلام الصحفية التي لا ترى جديداً في الدعوة الا في اختلاف الشخصيات وفي اعتقادي ان هذا الزعم فيه ظلم كبير الا ان الذاكرة الجمعية للمعارضة لا تريد ان تخرج من دائرة التشكيك وتحميل الحكومة كل خطايا الفترة مضافاً لها وزر الانقاذ في بعض القضايا الكبرى .
ومثلما انجزت الانقاذ مشروعات كبرى وتاريخية صاحبتها هزائم داوية واستغلتها المعارضة أسوأ استغلال مما يثير الحنق عند المواطن العادي ان بعض المعارضة لا تراعي الثوابت الوطنية فكل الخطوط خضراء للضرب تحت الحزام اما المعارضة المسلحة فهي تستهدف المشروعات الحيوية مثل محطات الكهرباء والمياه ونهب البنوك والمواشي وسرقة الاسواق وكل هذه الاعمال تستهدف عظم المواطن المغلوب على امره
-2-
تبدو بداية النسخة الجديدة من الانقاذ مختلفة بغض النظر عن البطء واطلاق اقوال دون فعل بائن يذكر ، برغم تداول كثيف عن وثيقة اصلاح عكف عليها الحزب الحاكم وسيطلقها في الفضاء السياسي مما يحرّك الاجواء الساكنة او العدائية في هذا الوسط و " الزلزال " الاخير الذي انتجه المؤتمر الوطني في داخله احدث دهشة واسعة في مجتمع ( سياسي ) لا يدرك تفاصيل الدهشة بل فقدها منذ امد بعيد بحكم " ميكانزم " العمل السياسي الذي يعتمد التجربة والخبرة التي تُفرغ الاحساس " الطفولي " من دهشة وغيرها ولكن الخروج الواسع لقيادات " عتيقة " في الحزب انتجت كل هذه الضجة خاصة وان مستقبلهم السياسي تُرك " مبهماً " .
القيادة الجديدة على مستوى الوزراء خاصة وزراء الدولة يُعول عليهم الكثير في التغيير ودفق دماء جديدة في شريان الدولة .
اما القيادة العليا للدولة وبرغم اختفاء رجلين مهمين من الكابينة الا ان القيادة الجديدة حتى الآن لم تحدث تغيراً جوهرياً واضحاً يعطي دلالات راسخة للزلزال الذي حدث .
القضايا التي تحتاج الى اختراق حقيقي بدون النظر المباشر للمعارضة التي لا يعجبها العجب ولا الصيام في رجب ، اهمها اطلاق الحريات بمقتضى حتى لا تتحول الى فوضى في بلد مستهدفه في وحدتها وكيانها الحيّوي ، ثم محاربة الفساد حتى لا يستسهل أي مواطن الاعتداء على المال العام ، وذلك بسن منظومة قوانيين رادعة وحاسمة تحرس المال العام وتردع بشكل كاف كل من يتطاول عليه ، اعتقد ان هذه المسائل حيوية ومهمة ومعالجتها بشكل حاسم يُدخل الدولة في طوّر جديد يحقق العدالة والحرية وفي هذا المضمار يمكن ان نُضرب امثلة حين فقد الكاتب الصحفي( عبد الباقي الظافر ) فرصته في تقديم برنامج ( صالة تحرير ) في قناة ام درمان الفضائية اثر استضافة السياسي الاسلامي المخضرم د. غازي صلاح الدين، جاءت ترتيبات اخرى سريعة لملئ فراغ البرنامج الذي اوقف بأسباب امنية لها ظروفها الخاصة في ذلك الوقت ، وان اختلفت معها اساساً إثرها اختلق برنامج مع " حسين خوجلي " ليحدث انقلاباً حقيقياً في مجالس المدينة ويختلف الناس حوله ويضرب بعضهم الرمل ان حسين خوجلي ابن الحركة الاسلامية مُتفق مع اجهزة الامن على هذا الحديث الذي فاق حد المسموح به عند العامة ، يبدو ان الظن عكس الصواب تماماً ، حيث أرى ان برنامج مع " حسين خوجلي " يمثل رؤية جديدة في التعامل مع الاعلام فالمنع الاول والسماح الثاني كان مع ذات القناة مما يبطل أي حديث عن صفقة تحت الطاولة غير ان سياسة جديدة مع الاعلام قد بدأت فالهواء الحر لا يفسد بل يجدد الامكنة ، والحرية دائماً تفتح الافاق ولا تترك لطيور الظلام ان تعشش او تتكاثر !!
اما الذي يتجاوز القانون بنشر الاكاذيب او فضح اسرار الدولة ، او التواطؤ مع العدو فمجلس الصحافة والمطبوعات اولى بذلك ، ومن ثم ساحة القضاء التي يحتاج لاي اجراءات استثنائية تُقعّد بنا من الانطلاق وتُلقينا في ذيل القائمة للدول التي لا تراعي حرمة حرية الصحافة !!!
- 3 –
الوقت متأخر جداً للحكومة الجديدة ذات العمُر المحدود التي يجب عليها الاسراع في انجاز مهام حيوية للغاية مثل تمهيد الاجواء الصالحة للتراضي على دستور جديد ثم صياغة مشروع قانون انتخاب عصري يسع تمثيل كل القوى السياسية ليعتدل ميزان المجلس الوطني ذي اللون الواحد عقدين من الزمان !!!
ابرز التحليلات السياسية رواجاً تعليقاً على التغييرات الكبيرة التي طالت الحزب الحاكم ركزت ان خروج القيادة التاريخية للانقاذ ، محاولة لتمرير سياسات اصلاحية كبرى على مستوى الساحة السياسية الوطنية والتي كما يعتقد المحللين والمراقبين ان بعض القيادات التاريخية لها موقف مشهود ومزمن من هذه الاصلاحات ، اما وان تغيرت كابينة القيادةعليه لابد الاسراع في انفاذ سياسات لصالح الانفتاح والحرية وتنقية الاجواء للحوار بدون خوف لاجل التراضي الوطني .... خاصة وان الجهوية قد سادت لدرجة تمزيق وحدة الصف الوطني وتفتيت الوطن ، مما يحتم على الحكومة الشابة ــــ تماما ـــــ اطلاق حوار وطني شفاف مع القوى السياسية لتحديد ثوابت وطنية حمراء لا تتجاوزها الحكومة والمعارضة معاً ... بحيث لا تتمدد الحكومة بطغيان يسلب حق المواطن في التعبير والتنفس بشكل طبيعي وايضاً لا تتوغل المعارضة بيأس او تمرد على الثوابت الوطنية العليا التي لا تطيح بالحكومة فحسب بل تدمر الوطن كله بثوابته وهويته وكيانه الاستراتيجي .
الحكومة الانقاذية الجديدة عليها كثير ، وربما هذا التروي " المخل " تحسس لمواطئ الاقدام .... فيما ارى ان خطة الطريق واضحة بعد القاء الهواجس الامنية جانباً برغم المؤامرات والكيد الذي لا ينقطع فلنجرب الحرية وقوة القانون من غير تغول لجهة امنية الا بلقانون فلنرى ... هل تسمو الاحزاب الى درجة المسؤولية التي تحافظ على وطن مرشح لقطع اطرافه ؟؟ ام تراهن الحكومة على استمرار تعنت المعارضة فتواصل في طريقتها متناسية التحولات السياسية والاجتماعية في البلد ، والاقليم ، والعالم ؟؟؟!!!
ام تعلق كل هذه الاسئلة في الهواء ويبقى ما يتردد في الصالونات السياسية ان الحزب الحاكم ( مُرّبط ) ولا يستطيع الفكاك من طريقتة المثلى التي كلست عظامه عن الحركة والتجديد .... رغم ما قام به مؤخراً من تغيير فاجأ الناس أجمعين مما يدل على القدرة والحيوية والتجاوز وهذا يقع في حيز نقص القادرين عن التمام !!!
نقلاً عن الرأي العام
is582@windowslive.com
//////////