براءة المستشار مدحت: آخر فصول مسرحية شارلي شابلن .. بقلم/ضياء الدين بلال
الشاكي ما شافش حاجة وممثل اتهام يسعى للبراءة!!
ساحة القضاء السوداني لن تصبح مكان للاغتسال من طين الفساد!
سننشر توصيات المحقق أحمد الرزم التي لم يفصح عنها وزير العدل!!
وثور آخر سيكون ضحية أفراح وزارة العدل ببراءة مدحت وحلوى أخرى ستوزع في مكان آخر!!
diaabilalr@gmail.com
الجميع يذكر قضية كبير المستشارين بوزارة العدل المستشار مدحت عبدالقادر التي أثارتها (السوداني) قبل عام ويزيد وأوردت فيها اتهامات لا تحتمل اللبس ولا تنتهج الإيحاء والتلميح تصرح ولا تكني، ونشرت صور من المستندات وأعلنت استعدادها للمثول أمام القضاء!!
ضجت الوزارة وقامت ولم تقعد، وتناقل الرأي العام القضية في المجالس والمنتديات وارتبكت الوزارة من فوقها إلى تحتها، وشكلت لجنة أطلقنا عليها (لجنة أصدقاء مدحت).
اللجنة المكونة من ثلاثة مستشارين برئاسة المستشار محمد فريد.. وجه اثنان فيها بتقديم مدحت للمحكمة واعترض على ذلك صديقه محمد فريد...!
والغريب والمثير للريبة أن وزير العدل شخصياً محمد بشارة دوسة عقد مؤتمراً صحفياً أعلن فيه براءة مدحت من التهم الجنائية واتهامه بمخالفة إدارية واحدة ..!
ولم يذكر دوسه في مؤتمره الذي وزعت فيه الحلوى، وذبح فيه ثور على باب الوزارة الأنيقة، وأطلقت الزغاريد داخل مباني الزجاج، ولم يذكر دوسة أن اثنين من أعضاء اللجنة وجها بإحالة الملف للمحكمة!
وعندما هاجمنا ما جاء في مؤتمر وزير العدل وكشفنا المغالطات والمفارقات أحال الوزير الملف للجنة قضائية من قضاة كبار في المحكمة العليا.
اللجنة استمعت لي ولم تستمع للشهود وأحالت الملف مرة أخرى لوزير العدل دون أن تقطع برأي واضح يبرئ أو يتهم. علقنا على قرار اللجنة، وتحدثت الصحف بالصور والوثائق عن ممتلكات مدحت وقدمت معلومات جديدة!!
في هذه المرة اختار وزير العدل مستشاراً كبيراً بوزارة العدل يدعى أحمد الرزم، الرجل على غير بقية اللجان السابقة استمع لي ولكل الشهود وللمستشار مدحت الذي كتب مرافعة خطية بيده وجاء بشهوده.
الرزم قدم تقريراً ضافياً وجه فيه 6 تهم جنائية في حق مدحت سنوردها بالتفصيل،ولكن في خطوة غريبة ومفاجئة حول وزير العدل الملف للمرة الرابعة لنيابة المال العام، لمستشارة صغيرة العمر والتجربة تدعى إلهام أحمد حسن تسكن بجوار مدحت بحي يثرب. المستشارة حققت معي وفي الحديث الجانبي دافعت دفاعاً مستميتاً عن مدحت، تعجبت للأمر وقتها.....!
وذات المستشارة تشاجرت مع وكيل وزارة العدل السابق مولانا زمراوي الذي تقدم باستقالته احتجاجاً على ممارسات مدحت الفاسدة التي لم تحسم من قبل الوزير دوسة!
زمراوي القاضي السابق ووكيل الوزارة الأسبق انسحب من التحري واتهم المستشارة بالانحياز لمدحت، المستشارة الهمامة قررت شطب البلاغ ولم تعتمد حتى المخالفة الإدارية!!
آخر المعلومات التي توفرت لدينا أن الوزير محمد بشارة دوسة قام بطلب الملف ومنذ ذلك الوقت لم نسمع عن قضية مدحت. أمس جاء في الصحف بصورة مفاجئة بلا مقدمات خبر بالغ الغرابة وهو أن محكمة المال العام بدأت في النظر لقضية مدير إدارة الشؤون المالية والإدارية السابق بوزارة العدل مدحت عبد القادر بتهمة استغلال النفوذ بموجب المادة 92 من القانون الجنائي واتهامه بالتعاقد مع شركة زمزم وشراء مستلزمات منها لوزارة العدل دون التقيد بلوائح البيع والشراء الحكومية!
بإمكانكم ألا تصدقوا ما أقول ولكن المعلومة التي أطلقت الدهشة من عقالها والتي وردت في الخبر أن الذي مثل الاتهام أمام المحكمة هي ذات المستشارة التي شطبت القضية.. (دي تفهموها كيف)!!
المستشارة المقتنعة ببراءة المتهم هي من مثل الاتهام. هذا لا يحدث حتى في الدراما الهندية، وهي لم تختار من كل التهم سوى تهمة زمزم التي لا تتجاوز مبلغاً مالياً أقل من 180 ألفاً فقط وتركت (البلاوي المتلتلة) .
وكان الشاكي هو الأستاذ عصام عبد القادر وكيل الوزارة الحالي الذي قال بعدم علمه بتفاصيل ما حدث، وربما ما رفع حواجب الدهشة لدى القاضي إلى فوق مستوى التعجب وهو قاضٍ مشهود له بالاستقامة والنزاهة المهنية، كيف تقدم إليه قضية واهنة بهذا المستوى، ممثل اتهام مؤمن إيمان العجائز ببراءة المتهم والشاكي ما شافش حاجة !!
ساعات فقط وشطبت القضية لعدم توفر الأدلة!! والقاضي معذور في حكمه لأن النيابة قدمت له فقاعة منتفخة بالهواء وحينما حاول الإمساك بها لم يجد شيئاً!!
إلى الآن لا نعرف من قدم طلب الاستئناف في قرار المستشارة إلهام وأقنعها بتمثيل الاتهام، وأرجو من أهل القانون في بلادي ألا يكتموا شهادة في الحق وأخص بالذكر مولانا أبوبكر هاشم الجعلي، الأهم من الأسباب التي لا أود ذكرها الآن فيما يتعلق باختياري للرجل هو أن هاشم الجعلي رجل شجاع وحقاني في زمن أصبح فيه قول الحق والشهادة لله دون رغبة أو رهبة عملة نادرة لا نجدها إلا في الحكاوي القديمة أطالبهم جميعاً أن يفتوا في هذه الواقعة، وخاصة في سؤال مهم وجوهري هل يحق لوكيل نيابة قام بشطب بلاغ أن يظهر أمام المحكمة كممثل للاتهام في ذات القضية..!
وسؤال آخر أود توجيهه للمستشارة الدكتورة رحاب مبارك، من الذي زج باسمك في القضية بدلاً عن المستشارة إلهام فقد ورد اسمك كمتحرٍ في البلاغ، هذا اللغز يجب الكشف عنه!
الأغرب من كل ذلك أنا الذي صنفتني المستشارة إلهام كشاكي -حسب تحقيقها
معي- لم ادع للجلسة ولا للفرجة والشاهد الرئيسي زمراوي الذي شاف كل حاجة لم توجه له رقاع الدعوة لمشاهدة مسرحية شارلي شابلن في فصلها الأخير!!
وثور آخر سيكون ضحية أفراح وزارة العدل ببراءة مدحت وحلوى أخرى ستوزع في مكان آخر!!
ولكن سؤالاً أخيراً سالقيه على مكتب وزير العدل مولانا محمد بشارة دوسة ولا أنتظر منه إجابة، ماذا فعلت ببقية التهم التي وجهها المستشار مولانا أحمد الرزم الذي اخترته للتحقيق في القضية ولم تعقد مؤتمراً صحفياً لنشر توصياته؟!!
عفواً سعادة النائب العام:
الآن سأقوم بهذه المهمة نيابة عنك وسأملك الرأي العام- للتاريخ- توصيات الرزم التي تحصلت على صورة باهتة منها لم تكن فيها بعض الكلمات واضحة ولكن ما هو واضح يكفي لتقديم مدحت وأمثاله لمحكمة تعقد في أبو جنزير لا في محكمة المال العام، إليكم نص التوصيات:
باستعراض أقوال الشهود والمستندات حول ما نشرته جريدة السوداني من وقائع مدعاة بحق مدحت والرد عليها كتابة من المستشار مدحت الذي اعترف بالعديد من المخالفات المنسوبة إليه وأنكر جزءاً يسيراً منها فقد تشكلت عندنا أسباب معقولة بأن مدحت ارتكب أكثر من مخالفة تحت طائلة القانون الجنائي، وذلك على النحو التالي:
١-تأسيسه لشركات سامكو وسامثل وعضويته في مجلس إدارة الشركة وعضويته في مجلس إدارة شركة (ن) الخيرية.. فالموقع الذي قدمه فيما يتعلق بالأشخاص الذين لا يجوز لهم مزاولة العمل الخاص مع السماح لآخرين بمزاولة الأعمال الخاصة، وترك عملية التقييم للقوانين الخاصة بها هذا لا ينفي عنه مخالفة القوانين واللوائح، فالقانون قانون الخدمة العامة ولائحته لسنة ١٩٩٥م، التي كان يخضع لها المستشارون القانونيون من تاريخ سنة وإصدار لائحة سلوك المستشارين لسنة ٢٠٠٤م، يكون الرجوع للمادة ٤٤/ب/ح من لائحة الخدمة العامة لسنة ١٩٩٥م التي تقرأ.. يحظر على العمال:
استغلال النفوذ الوظيفي.
قبول الهدايا من أرباب المصالح ذوي الارتباط بمنفعة مباشرة من نشاط الوحدة المعنية.
الجمع بين الوظيفة العامة والعمل الخاص أو ممارسة أي مهنة إلا بإذن كتابي مسبق من رئيس الوحدة المختص.
نلاحظ أن الفقرة أعلاه تقابل الفقرات ب/ح/هـ/و من المادة "٣" سلوك المستشارين القانونيين لسنة ٢٠٠٤م.
فإن المخالفة تندرج تحت المادة ٨٩ من القانون الجنائي لسنة ١٩٩١م، التي تقرأ "كل موظف عام يخالف ما يأمر به القانون بشأن الواجب الذي عليه اتباعه كموظف عام أو يمتنع عن أداء واجب من واجبات وظيفته قاصداً بذلك
أن:
أ/تسبيب ضرر لأي شخص أو الجمهور أو بسبب غير لشخص آخر.
فالمسلك الواجب اتباعه بموجب اللائحة وهي حسب تفسير القوانين والنصوص العامة لسنة ١٩٧٤م، تعتبر قانون والنص يتحدث مخالفة قانونية فنجد أن فعل المستشار مدحت يندرج تحت هذه المادة حيث أقر سياسة شركات وعضويته في مجلس الإدارة، وهو الجمع بين وظيفة عامة وعمل خاص، وهو عمل أن المادة "١٤٤" من قانون العقوبات السوداني لسنة ١٩٧٤م، الملغي أوردت شرحاً واضحاً لمثل هذه الحالة، حيث نصت كل موظف عام يشتغل بأية تجارة أو بأي عمل مخالفاً بذلك نصوص أي قانون أو أمر أو لائحة.. هذه المادة في رأينا تقابل المادة ٨٩ جاء في الشرح في مؤلف د. محمد محيي الدين عوض ص"٣٠٦" فهذه المادة" تعاقد المواطن العام الممنوع بمقتضى القانون أو الأوامر أو من الاشتغال بالتجارة أو بأي عمل آخر لأنه إذا سمح بالتجارة أو بأي عمل آخر فإن هذا يؤثر على حسن أدائه لواجباته الرسمية بسبب تشتت أفكاره وانتباهه كما أنه قد يعتمد على سلطة وظيفته في الحصول على مزايا خاصة فضلاً عن أن هذا الموظف عند استخدامه في الحكومة وقبل ذلك في ظل هذه القوانين والأوامر يكون قد كرس وقته لمواجهات فيمكن للموظف ان يشتري أسهماً وسندات تدر عليه ربحاً وإن كان لا يحق له أن يعمل في شركة مديراً أو عضواً بمجلس إدارة فما يؤكد ذلك أن المستشار مدحت اعترف بإنشاء شركات سامكو وامتلك أسهم عمل ويؤكد ذلك ما ورد على لسان د.شمبول والمهندس أمين حامد، والمهندس لواء أمن صديق إبراهيم.
"٢" مخالفته للمادة "٢٩٢" من القانون الجنائي، التي تقر كل موظف عام يشتري بنفسه أو بواسطة غيره مالاً تحت ولاية العامة أو يبيعه لقريب أو شريك أو يشترك في مناقصة لأداء يتصل بوظيفته يعاقب بالسجن..إلخ.
والثابت من أقوال الشهود، والمستندات التي تم التصديق عليها "مرفقة" بخط مدحت أن إجراءات الشراء تمت بمناقصة محدودة وتم الشراء من محلات زمزم لمدة حوالي خمسة أشهر فالمستندات المرفقة تؤكد التصديق من المستشار العام للشؤون الإدارية والمالية الذي هو مدحت للقوانين الخاصة بالمناقصة من محلات زمزم فالجريمة من الجرائم المعاقب عليها بموجب القانون بمجرد ارتكاب عناصرها المادية، ولا وجه للخوض في حسن نية فاعلها أو سوئها، فالفعل في حد ذاته جريمة ولا يمكن التمسك بالموقع الذي أدرك بأنه لا يصل من أين تأتي هذه المواد، في ظل وجود المستندات.
٣-مخالفته للمادة 177/2 من القانون الجنائي، فيما يتعلق بالتعاقد لترحيل العاملين، إذ ثبت أن الشاهد زمراوي وجه بعدم التعاقد إلا في حدود مبلغ محدد، كما أن الشاهد ياسر سيد أحمد ينكر أنه قد قام بتوثيق العقد، خاصة وأن العقد 2/2011م في دفتر سجل المكتب التنفيذي هذا التوثيق باسم آخر غير الترحيل، والموثق المستشار أماني شبو وقد ظل التعاقد الذي لم يتم توثيقه ولم يوافق عليه الوكيل مستمراً حوالي خمسة اشهر إلى حين عمل عطاء جديد للترحيل، صورة السيرك خاص بالمكتب التنفيذي يوضح أن العقد ٢٠١١/٢م خاص بجهة أخرى غير الترحيل، فالواضح أن المستشار مدحت من خوله التعاقد مع
شركة لا تملك وبأسعار أعلى مما كان سائداً ومتعارف حوالي ٢٠ألف جنيه
شهرياً وأن الفاتورة التي صدق عليها زمراوي لم تكن مطابقة للعقد الذي ذكره مدحت.
وبالتالي فإن عناصر هذه المادة تطبق على المستشار فإجراء العطاء بعد التعاقد مع شركة تايمر قصد به إصلاح الخطأ الذي وقع فيه بالتعاقد دون موافقة الوكيل ودون توثيق العقد.
٤- الاتهام تحت المادة ٩٧ عقوبات وذلك بتقديم بيان كاذب وذلك بإيراد صفة رجل أعمال في إيداعات أعضاء مجلس الإدارة ولا ترى أن المسؤولية تتحول لسكرتيرة المجلس حسب ما دفع بذلك المستشار مدحت، إذ إنه يعترف بأن أسس شركة سامثل من أجل الحصول على المال وكان يمكن بعدها أن يستقيل من العمل، كما ذكر لي شفاهة وكان يمكن أن يذكر صفته الحقيقية- مستشار قانوني- ومن ثم يأخذ الإذن من الوزير حسب القانون واللوائح، وبالتالي فما قام به يندرج تحت البيان الكاذب المادة ٩٧ عقوبات التي تقرأ: من يقدم لموظف عام بياناً وهو يعلم أنه بيان كاذب قاصداً بذلك تضليل الموظف أو حمله على تصرف معين يعاقب..الخ.
٥-حسب ما ورد من البينات بالمحضر أن هناك ما يثبت أو يبرر أن توجيه الاتهام بموجب المادة ٦/ب قانون الثراء الحرام لسنة ١٩٨٩م، التي تقرأ:
استغلال سلطة الوظيفة العامة ونفوذها بوجه ينحرف بها من الأغراض المشروعة والمصالح العامة.
٦-وما جاء على لسان الشاهد ضياء وعلي يسن من أن هناك أموالا للمستشار مدحت، فإن ذلك يندرج تحت سلطة الوزير في فحص إبراء الذمة الخاص بالمستشار مدحت.
أخلص من ذلك التحقيق: قد كشف عن نيات تشكل جرائم جنائية بحق مدحت، فإننا نوصي برفع الأمر لوكيل النيابة وفقاً لنص المادة ٨/١/ي من لائحة محاسبة المستشارين القانونيين لسنة ٢٠٠٤م.
والله الموفق
انتهت توصيات المستشار أحمد الرزم