(كلام عابر)
وجدت في هاتفي في تطبيق الوتساب رسالة من أخي الراحل المقيم بروفيسور عبدالله الصديق حاج الأمين يعود تاريخها لشهر يوليو 2018 .. تقول الرسالة وكأني أطلع عليها لأول مرة:
"حمدا لله على السلامة.
أحببت أن أخبركم أن صحتي ليست على ما يرام فقد أصبت والحمد لله بسرطان في الكبدوالأمعاء الدقيقة، والغدد الليمفاوية، وقد بدأت الاسبوع الفائت في العلاج الكيميائي. لم أرد إزعاجكم وأنت خارج البلد. برجاء الدعاء لنا بالتخفيف."
وصلتني هذه الرسالة بعد عودتي من سفري للدمام. الرسالة بلا شك تحكي عن إرادة فولاذية وإيمان راسخ وقبول بقدر الله وقضائه، خيره وشره، وتعايش يومي مع الموت، فلم يستلب شبح الموت شيئا من روحه رغم أن الأفق رمادي وهو يشتاق لقطرة نور. تواصل مع مجتمعه في الأفراح والأتراح وظلت داره تستقبل المعارف والأحباب فيجدون فيها أنفاس "شيخ العرب" إبن أم دقرسي حاضرة وهو ينتزع الإبتسامة من فك العدم حتى مرحلة الإنتصار. ظل يشارك في فاعليات السودانيين في المنطقة الشرقية الإجتماعية والثقافية وعلى رأسها رئاسته للجنة التنفيذية لجالية السودانيين في المنطقة الشرقية كما ظل يؤدي بقدر الامكان واجباته الأكاديمية والوظيفية في معهد الحوث، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن.طراز فريد من الرجال.
تعايش بروفيسور عبدالله مع العدم ودجنه ليصبح جزءا عاديا من تفاصيل حياته اليومية التي تحمل نكهة الموت. أجريت له أكثر من عملية جراحية في المستشفى الجامعي لمحاصرة الداء الخبيث. في النهاية تغلب الداء على الشجاعة وعبر عبدالله إلى الضفة الأخرى من الحياة قبل نحو شهرين. ويتعاظم شوقي له يوما بعد يوم.
وقفة أولى: تسللت رسالة بروفيسور عبدالله لنهاية مقالي"على هامش الحدث 16" ونشرت في بعض المواقع الالكترونية. قام بعضها بحذف تلك السطور بناء على طلبي وبعضها لم تحذفها، فقمت بشرح الخطأ لمن اتصل بي مستفسرا عن صحتي. كل عبارات الشكر والامتنان لا توفي هؤلاء الكرام حقهم.
وقفة ثانية: أقام الإخوة في رابطة مشجعي فريق الهلال في الدمام تأبين للراحل العزيز بروفيسور عبدالله الصديق. كان من المتوقع ومن الأفضل أن يكون التأبين عملا جماعيا تقوم به الجالية السودانية الانتقالية أو تحت مظلتها.معروف أن هذه الجالية كونها الناشطون الوطنيون السودانيون في المنطقة الشرقية وقد تحررت من "الكيزان"الذين كانوا يمسكون بخناقها وبمواردها المالية لعقدين من الزمان الرديء. المؤسف أن رابطة مشجعي الهلال سارعت وبإصرار محير بإقامة هذا التأبين،ربما من منطلق مكايدة بعضهم للجالية الجديدة، فجاء الحفل باهتا للأٍسف وزاد الأمر سوءا قلة عدد الحاضرين رغم فخامة وسعة القاعة التي استضافت المناسبة. لا شك أن ذكرى الراحل الكريم كانت،وما زالت، تستحق فعلا أفضل وأفقا أوسع.
وقفة ثالثة: يا ربي... إن الأفق رمادي. وأنا أشتاق لقطرة نور.
abdullahi.algam@gmail.com