بعد مذكرة التوقيف .. العرب…ورحلة البحث عن المخرج تقرير: خالد البلوله ازيرق

 


 

 


dolib33@hotmail.com
مشوار جديد يستهله العرب ناحية السودان وازمة الجنائية الدوليه، فقبل ان تهدأ الخرطوم من ثورتها ضد مذكرة توقيف الرئيس البشير الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية، حل السيد عمرو موسي الامين العام للجامعة الخرطوم ضيفاً على الخرطوم التى زارها لأكثر من اربعة مرات لذات الغرض "طى ملف السودان والمحكمة الجنائية الدولية عبر المبادرة العربية".
وكانت الجامعة العربية قد بدأت تحركات ماكوكية لإنقاذ موقف الخرطوم، التى بلغت أزمتها أوجها بعيد وجيه مدعى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو اتهامه لرئيس الجمهورية بارتكاب جرائم حرب وضد الانسانية بدارفور يوليو الماضي، قبل ان تقبل الدائرة التمهيديه لقضاة لاهاي ما ساقه اوكامبو من تهم الاسبوع الماضي، لترفع مذكرة التوقيف وتيرة الاهتمام العربي بالسودان وحجم الخطر الذي يهدد استقراره ووحدته، ليبدأ مسئولى الجامعة العربية مارثون جديد بين العواصم العربية المختلفه لتكوين رؤية مشتركه لإيجاد مخرج لما وحلت فيه الخرطوم، قبيل انعقاد القمة العربية المرتقبه في الدوحه نهاية شهر مارس الجاري، والتى ينتظر ان تكون الاوضاع في السودان من ضمن اولوياتها. الاهتمام العربي بالملف السودانى والذي ازداد نشاطه بعد مطالبة مدعى لاهالى بإصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس البشير في يوليو الماضي، تمخضت تلك التحركات العربية عبر جامعة الدول العربية عن مولد المبادرة العربية لحل الازمة السودانية خاصة دارفور وما نتج عنها من تداعيات للمحكمة الجنائية الدولية التى سبق لها ان وجهت اتهام لوزير الدولة بالشئون الانسانية احمد هارون وعلى كوشيب القيادي بالدفاع الشعبي بذات التهم التى وجهت للرئيس البشير.
وقبل شهر يمم وفد مشترك من الجامعة العربية والاتحاد الافريقي وجهه شطر نيونيورك حيث مجلس الأمن الدولى، رحلة وان لم تكلل بالنجاح في اقناع الدول الرافضة لمبدأ تأجيل مذكرة الاعتقال، ولكنها عكست مدى الاهتمام العربي وكذلك الافريقي في سعيه الحثيث لحلحلة الازمة السودانية سلميا، وبعد أن خبأ ذلك الجهد على وعد بإرسال وفد آخر الى هناك لمزيد من التباحث مع الدول الممانعه لقرار التجميد، تشكلت طلة الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسي في الخرطوم مطلع الاسبوع الحالى، مرحلة جديده من ذاك الجهد العربي  اتجاه الخرطوم بعد صدور مذكرة التوقيف بحق رئيس الجمهورية والمضاعفات المتوقعه منها، ولم يغادر موسي الخرطوم قبل أن يشير في تصريحات صحافيه الى "أن العمل يجري الآن من أجل تفعيل حزمة الحل العربية بشأن السودان حيث تم الإتفاق على تنشيطها بسرعة معربا عن أمله في نجاح مساعي الجامعة العربية والإتحاد الأفريقي للعمل على الخروج من هذه الأزمة الخطيرة" وبدأ واضحا للمراقبين من زيارة عمرو موسي أنها كانت ضمن مهمة استهدفت الإحاطة بتداعيات الأحداث في السودان بعد قرار المحكمة الجنائية الدولية القاضي بتوقيف الرئيس البشير. وحزمة الحل العربية التى أشار عمرو موسي لتفعيلها كانت الجامعة العربية قد طرحتها في يوليو الماضي عبر ما سمي بالمبادرة العربية لحل الازمة السودانية تمثلت في محور حل ازمة دارفور بتسريع التفاوض بين الاطراف وصولا لحل سلمي، ومحور تحقيق العدالة بإجراء محاكمات داخلية لمرتكبي التجاوزات في دارفور، كخطوة أولى يتم على ضوءها تحرك الجامعة العربية لتأجيل مذكرة اعتقال الرئيس البشير حينها. ولكن الآن تبدل المشهد تماماً فمذكرة التوقيف التى كان يتنبأ بها قد صدرت ضد الرئيس البشير، ومازالت مفاوضات الدوحة التى انفض سمارها على وثيقة بناء الثقة تراوح مكانها ضمن حزم الحل العربية، فكيف سيكون التحرك القادم للجامعة العربية وكيف سيتم تفعيل تلك الحزم بعد ممانعة الحكومة فيما يتعلق بتسليم احمد هارون وعلى كوشيب، في وقت لم يشهد فيه المسرح الداخلى محاكمات لجرائم دارفور، بروفيسر حسن الساعوري استاذ العلوم السياسيه بالجامعات السودانية قال لـ"الصحافه" لا أمل في حل عربي لان الاصل في القضية ان يصل الناس لاتفاق مع الحركات المسلحه في دارفور، وليس للعرب سلطان على الدول الكبري او أى من الحركات المسلحه في دارفور، وان فرص نجاح الجامعة العربية ضعيفة لأن الحركات المسلحه بعيدة عن العرب عدا ليبيا، وليس لدى الدول العربية أى نفوذ على الحركات المسلحه التى اصبحت تسعي لإسقاط النظام لتتطابق اجندتها مع الاجندة الأمريكية الغربية، واضاف ان الحل العربي يكمن في التضامن الكامل مع السودان بعد رفضهم لمذكرة التوقيف، تضامن ايجابي بحسب رأيه يصل لدرجة الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية.
الجامعة العربية التى تستعد لتفعيل حزم الحل التى طرحتها، يستعد وفد لها مشترك بالتوجه لنيويورك للمرة الثانية خلال شهر بغرض التباحث حول تأجيل تنفيذ مذكرة الاعتقال بحق رئيس الجمهورية المشير عمر البشير، ولكن الى اى مدى ستنجح في ذلك، الدكتور جمعه كنده الاستاذ الجامعى بألمانيا قال لـ"الصحافه" ان مشكلة المجهودات العربية انها دائما تاتى كردة فعل، ولا يأخذوا السبق في حل المعضلات العربية مما يجعلهم في موقف اضعف من حيث الجدية مما يجعل الفاعلين الدوليين دائماً انشط منهم، وقال ان القضية السودانية التى تتحرك فيها الجامعة العربية شائكه، وان المجتمع الدولى ليس بعيداً عن المساومة، وربما هناك استعداد لمساومة الملف بحلول اخري وهذا يعني ان فرص التأجيل موجوده، خاصة ان القرار يواجه صعوبة كبيرة في تنفيذه مما يجعل الفرص الأخري اكبر من تنفيذ القرار، واضاف "حتى لو كانت فرص تأجيل القرار أو إلغاءه موجوده لكن الموقف العربي سيظل ضعيف، لأنه ستظهر قوي دولية تتولى تلك التسويه ولن تتركها تصب لصالح الجهود العرب". وكان الموقف العربي بشأن التحركات القانونية المتعلقة بالأزمة السودانية قد تشكل من خلال البيان الذي اصدر وزراء الخارجية العرب في الرابع من مارس الجاري الرافض لقرارات المحكمة الجنائية الدولية والمطالب بالتوفيق بين متطلبات العدالة من ناحية ومتطلبات الحفاظ على سيادة وإستقرار السودان من ناحية أخرى. وبرغم الموقف العربي الرافض لتوقيف الرئيس البشير، إلا ان التحرك العربي القادم بحسب مؤشراته يبدو انه لن يكون بعيدا عن ما يمارسه بعض اصدقاء الخرطوم من ضغوط عليها "روسيا الصين مصر" لتعامل بواقعية وعقلانية مع القرارت الجنائية الدولية لتجنب مواجهة المجتمع الدولى بتعقيداته المتداخله، وهو موقف ربما تتكرر المناداة به في القمة العربية المرتقبه في الدوحة القطرية نهاية مارس الجاري، حيث سينظر الروؤساء العرب ضمن ملفات القمة موضوع توقيف الرئيس البشير والازمة السودانية. فيما يشير مراقبون الى أن الموقف العربي من خلال قمة الدوحة المرتقبه يكتنفه كثير من الغموض في ظل الخلافات العربية العربية التى برزت بشكل أكبر ابان احداث غزة الفلسطينية وتشكيلها لما يسمى بعالم ما بعد غزة وتقسيمها للعرب بين محوري الاعتدال الذي يضم مصر والسعودية، ومحور المواجهة بقيادة قطر وسوريا والسودان.
فيما يمضي محللون الى ترجيح نجاح تحركات الجامعة العربية اذا اتسمت بالجدية، لأن المجتمع الدولى يسعي لإيجاد صفقة لحل الازمة مقابل تجميد التوقيف، وكانت تقارير صحفيه قد أوردت أن بعض الدول الغربية كانت تعارض تعليق تحركات المحكمة الجنائية قبل صدور مذكرة التوقيف بحق الرئيس، لكنها لا تعارض تعليق أى قرار يصدر بحق البشير من المحكمة الجنائية، لأن ذلك بحسبانهم يضع الخرطوم أمام ضغوط مما يدفعها الى الاستجابة لمطالب المجتمع الدولى لإحداث تسوية سريعة لأزمة دارفور، وملاحقة المتهمين بارتكاب انتهاكات فى الاقليم، وتغيير سلوك الحكومة. 
ولم يستبعد مراقبون ان نتجح مهمة الوفد العربي المرتقبة لنيويورك خاصة اذا لم تنسجم مع المصالح "الفرنسية الأمريكية البريطانيه" لأن اي جهود دبلوماسية تتعارض مع مصالح الدول المؤثرة في مجلس الأمن سيكون مصيرها الفشل. قال الدكتور خالد حسين مدير مركز السودان للبحوث والدراسات لـ"الصحافة" ان الجامعة العربية هى مجموعة توابع للعالم الخارجي لا تستطيع ان تنفذ الا ما تطلبه منهم امريكا، وما يخرج منها ليس بعيداً عن الإملاءات الغربيه، واضاف ان حزم الحل العربية معقوله اذا صارت في اطار الحل العربي الداخلى يمكن ان تؤدى لحل المشكلة، لكن مكونات الجامعة العربية لا تخلو من الإملاءات الغربية". ويرجح مراقبون ان تكون التحركات العربية ليست بعيدة عن الدول المؤثرة في العالم خاصة "الولايات المتحدة وفرنسا" ويعضضون ذلك بان المبادرة العربية التى تبنتها الجامعة العربية لحل الازمة السودانية في محوريها، تحقيق السلام والعدالة في دارفور، جاءت اصلا من المبادرة الرباعية للقمة الرباعية التى احتضنتها دمشق وضمت كل من روؤساء "فرنسا، سوريا، قطر، تركيا" وقد جاءت رؤية المبادرة العربية فيما يتعلق بتحقيق العدالة منسجمة مع الرؤية الفرنسية، وهو ما يرجح ارتباطها الوثيق بما يجري من جهود في الجامعة العربية، وسبق لفرنسا قد فرضت أربعة شروط على الخرطوم كشرط لتأجيل إجراءات المحكمة الجنائية الدولية ضد الرئيس عمر البشير حال صدورها وفقاً للمادة "16" من ميثاق روما، وتمثلت تلك الشروط في تسليم أحمد هارون وزير الدولة بالشئون الإنسانية، وعلى كوشيب القيادي بالدفاع الشعبي المطلوبين لدى المحكمة الجناية الدولية، بالاضافة لتحقيق السلام في دارفور، وتحقيق المصالحة والعدالة في الإقليم، وتطبيع العلاقات مع تشاد. 


 

 

آراء