بعد مرور اربعة اعوام على بدء تنفيذ نيفاشا … هل يعلو صوت الوحدة .. علاءالدين محمود

 


 

 

alaaddinadwa@hotmail.com

 

ربما لن يكون هذا العام من اعوام تنفيذ اتفاق المصالحة الوطنية (نيفاشا) كسابقه من الاعوام فلئن كانت السنوات السابقة مضت رتيبة ومتعثرة الخطى  خاصة على مستوى التنفيذ فان هذا العام يدخل بالفترة الانتقالية الى منعطف هام وحاسم في مجمل موضوعات نيفاشا وعلى رأسها قضية ان يبقى الوطن موحدا أو ان ينقسم الى شمال وجنوب أو ربما اكثر من ذلك.

 

لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ‘ بهذه العبارة تحدث الى احد الصحافيين مستدعيا عبارة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الشهيرة  وهو الصحافي الذي يعمل ضمن مجموعة صحافية وضعت على عاتقها مهمة العمل على تغليب خيار وحدة البلاد وقال نعلم ان الزمن يضيق علينا شيئا فشيئا لكننا نحاول ان نفعل شيئا ، وبالطبع فان المعركة التي يقصدها الصحافي الشاب هي معركة الوحدة التي تتعرض لامتحان صعب ، الصحافي وجد في تصريحات سلفا كير ميارديت رئيس الحركة الشعبية وحكومة الجنوب والنائب الاول لرئيس الجمهورية التزام من جانب الحركة الشعبية للوقوف الى جانب الوحدة عند لحظة الإستفتاء وهي التصريحات التي ادلى بها سلفاكير مخاطبا جماهير مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان في اول مخاطبة له خارج حدود جنوب السودان وكان اللافت للنظر اعابة سلفاكير ميارديت على اللجنة المنظمة للاحتفال خلو المنصة من علم السودان مبديا انزعاجه عندما قال " جيئت الى هنا بصفتي نائب للرئيس وليس كرئيس لحكومة الجنوب " الفريق سلفاكير قال بعبارات واضحة ان وحدة السودان هي الخيار الاول الذي تطرحه الحركة الشعبية ، وان على الجنوبين ان يعلموا ذلك عندما يتقدمون لصناديق الإستفتاء على تقرير المصير . ويبدو أن العبارة الحاسمة في حديث سلفاكير هي قوله "سأوجه شعب الجنوب بالتصويت للوحدة" قبل ان يقول :

 علينا كحكومة العمل بكل جد واجتهاد لجعل هذا الخيار ـ الوحدة ـ جاذبا من خلال تقديم افضل الخدمات وتنفيذ مشروعات التنمية بالجنوب ، ويشترط سلفاكير ان تكون الوحدة جاذبة ، ورغم ايجابية خطاب سلفاكير ميارديت الا ان العبارة الاخيرة فيما يبدو اثارت حفيظة بعض الناشطين السياسين الذين كنت اتحدث اليهم ـ جاذبية الوحدة ـ وقال لي الناشط السياسي محمد عابدين سند متسائلا : الى من يوجه سلفاكير او الحركة الشعبية خطابها بضرورة ان تكون الوحدة جاذبة ؟ فيما يرى البعض ان الحركة باشتراطها هذا تختزل الشمال وخياراته من مسألة الوحدة في المؤتمر الوطني ويقول عابدين ان الموقف الاساسي للحركة الشعبية انها حركة وحدوية وانها ظلت ترفع هذا الشعار بالتالي لا معني لوجود موقف ثاني ولا معنى للتأرجح بين موقفين فيما يرى محمد عبدالله استاذ العلوم السياسية ان حديث سلفاكير ربما ربما هو حديث للاستهلاك السياسي أو المساومة السياسية فيما يرى محمد عابدين الخيار خيار الجماهير وأن التنظيمات تستقطب لموقفها الثابت و المسبق الذى يكون فى هذه الحالة هو الوحده ولاخيار ثانى فيما يرى عوض جادين الصحافي بالراي العام في سلفاكير رجل وحدوي رغم إن كل المؤشرات السابقة كانت تقول بعكس ذلك ،ويضيف جادين ان هنالك  أشياء اخرى كثيرة تجعل من خيار الوحدة  هو الخيارالأفضل بالنسبة لكل السودانيين شمالا وجنوبا ، وبالتالي ـ يضيف جادين ـ  فان سلفاكير يكون قد حسم مسألة التأرجح بين خيارين لمصلحة خيار الوحدة جيمس وانى يؤكد على وحدة السودان. وبعيدا عن لعبة المساومات السياسية أو ربما قريب منها تحاول الحركة الشعبية جهد ايمانها بمبادئها إظهار ان الوحدة هي احدى هذه المبادي التي قامت عليها وانها ظلت تعمل من اجل الوحدة الا ان البعض يرى ان هنالك عناصر مؤثرة داخل الحركة الشعبية خاصة في حكومة الجنوب يغلب عليها النزوع نحو الانفصال وهم الذين يطلق عليهم محمد علي جادين الكاتب الصحافي اصحاب النزعة القومية من الذين فرضوا حق المطالبة بتقرير المصير على الحركة الشعبية ابان مفاوضات نيفاشا ، غير انة هنالك من يؤكد ان هذه القيم تزعزعت في ظل الصراعات التي يعيشها الجنوب وتربص دول الجوار به الدوائر ، وفي نفس الاحتفال الذي خاطبه سلفاكير بكادوقلي سار السيد جيمس واني ايقا رئيس مجلس تشريعي جنوب السودان على درب رئيس الحركة الشعبية القائد سلفاكير عندما أكد على  ضرورة المحافظة علي السودان موحدا وينطلق ايقا في تصريحاته تلك من كون ان الوحدة ظلت  مطلب اساسي للحركة الشعبية منذ تأسيسها وستظل هدفاً سامياً يعملون ـ بحسب تصريحاته ـ  جميعاُ من اجله ويمضي ايقا لدى مخاطبته اللقاءالجماهيري الحاشد بمدينة كادقلي معددا الاسباب التي تجعلهم في الحركة ينحازون جهة الوحدة عندما قال ان ضعف التنمية والخدمات مشكلة يعاني منها السودان ككل لذا لابد من بناء سودان موحد اساسه العدالة والمساواة من اجل احداث تغيير ايجابي يستفيد منه كل السودانيين . ولا ينسى ايقاء استدعاء روح القائد الراحل د جون قرنق المعروف بموقفه الواضحة من الوحدة عندما قال ان هذه رؤية الحركة واستراتيجيتها التي وضعها دكتور جون قرنق ونحن من بعده سنستمر علي هداها .وبالمقابل فان المؤتمر الوطني يتهم الحركة الشعبية بإلقاء أعباء الوحدة علي شمال السودان وقدم المؤتمر الوطني انتقدات حادة  لشريكه في الحكم الحركة الشعبية متهما اياها باتخاذ موقف المتفرج من استحقاقات الوحدة وإلقاءها بكل أعباءها علي شمال السودان   وأشار القيادي بالمؤتمر الوطني فتحي شيلا في الندوة التي أقامها المركز القومي للإنتاج الإعلامي بالعاصمة السودانية الخرطوم تحت عنوان (الانتخابات ودورها في تحقيق الوحدة الوطنية)ان نيفاشا جعلت تقرير المصير لجنوب السودان الذي يأتي عقب عام واحد من الانتخابات ، سيفاً تسلطه الحركة الشعبية علي السودان في ظل تهديد مستمر بان 90% من مواطني جنوب السودان مع الانفصال  غير ان عدد من الخبراء السياسيين واساتذة العلوم السياسية يرون أن الشريكين يرفعون موضوع الوحدة كقميص عثمان لاجل فعل المساومات والابتزاز السياسي بعيدا عن المواقف الحقيقية وفي ندوة اقامتها طيبة برس بجامعة الخرطوم دفع بعض الخبراء بامكانية ان تأتي نتيجة الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب السودان لمصلحة الانفصال وذلك قياسا على روح الصراع الذي يسود بين الشريكين مما افسد الساحة السياسية ويرى خبراء العلوم السياسية امكانية اعلان الانفصال من داخل المجلس الوطني على خلفية الصراع المتزايد بين شريكي نيفاشا ويرى اساتذة العلوم السياسية ان القوي السياسية تعد مسألة  "الوحدة والانفصال" مباراة لحصد المصالح التى غدت تحدد موقف أي حزب منها، ويتم التعاطي معها أحياناً بدون قيود اخلاقية، وحذروا  من مخاطر حقيقية يمكن ان تنجم جراء انفصال الجنوب، مشيرين الى أن مصالح القوي السياسية تعظم بالوحدة بدرجة أكبر من الانفصال، وحملوا شريكي السلام " المؤتمر الوطني والحركة الشعبية" المسؤولية في تحقيق أن تلقي الوحدة الاهتمام الاكبر،  ووصفوا الأزمة الراهنة بأنها عميقه ومعقدة، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً،  وأرجعوها الى عجز الحكومات الوطنية منذ الاستقلال عن ايجاد مشروع أو صيغة توفق بين مكونات البلاد وتستوعب التعدد، مما أدي الى تآكل وتضاءل النسيج التراكمي للوحدة . ويضع د.ابينقو أكوك يده على مسألة في غاية الاهمية عندما قال ان الاهتمام الذي يبديه الاكاديميون والسياسيون بخصوص الوحدة ليس بذات القدر عند الشريكين واضاف ان الاشياء التى تجعل الوحدة جاذبة في الجنوب غير موجودة نتيجة للتخلف الذي مازال يعيشه وعدم الاستقرار، وقال ان الناس الذين قتلوا في ظرف اتفاقية السلام «2400» شخص فهناك خطر أمنى في الجنوب، واضاف ان على كل القوي السياسيه ان تفكر في مستقبل السودان كيف سيكون، وقال ان في الجنوب هناك جيل كامل لا يعرف شيئاً عن الشمال، مشيرا الى ان الوحدة تمارس على مستوى القيادات العليا ولكن يجب ان تنزل للقواعد، ولتحقيق ذلك يجب منع النزاعات وبناء مؤسسات سياسيه فاعلة تنزل برامجها الى القواعد جدل الوحدة والانفصال يغطى تماما المشهد السياسي السوداني مع اقتراب الإستفتاء على تقرير المصير ، ويرى البعض بضرورة عمل كبير يهدف الى تشكيل وعي وسط الجنوبيين والشماليين على السواء بضرورة الوحدة عبر جعلها الهدف الاول دون تأرجح بين موقفين ( الوحدة والانفصال) ولئن كان البعض يرى ان مشروع الوحدة لدى الحركة الشعبية قد تراجع بعد رحيل د جون قرنق المؤسس وصاحب رؤية الوحدة داخل الحركة فإن العديدين من داخل الحركة الشعبية يرون انفسهم اوفياء لمشروع جون قرنق ( الوحدة على اساس جديد ) فالسيدة تابيتا بطرس وزيرة الصحة والقيادية بالحركة ترى في حوار معها أن مشروع السودان الجديد لم (يقبر) مع قرنق وتضيف ( إن موت قرنق هو موت جسدي لكنه معنا بروحه وإلهامه) وتقول أن جون قرنق كان يقول لنا ما أنتم إلا أجساد ويبقى السودان والوحدة الوطنية .        

 

آراء