بعيدا بعض الشئ عن السياسة: التنمية والحرية … بقلم: د. طه بامكار
5 February, 2010
تطور مفهوم التنمية فأصبح يعني توسيع الحريات التي يتمتع بها الناس باعتبارها الغاية الحقيقية والنهائية. الحديث عن تقديم أو توفير الخدمات الأساسية من المال العام أصبح أمر عادي لا يمكن طرحه لكسب تأييد الجماهير. في الدول المتقدمة المرشحون الذين يقدمون برامجهم لا يتحدثون عن منشآت أو خدمات قدمت من حر مال الشعب بل يطرحون برامج موضوعية تهتم بخفض الضرائب وتوسيع الحريات و.......الخ.
في كتابه ( الحرية صنو التنمية) يقول أمارتيا صن الحائز علي جائزة نوبل للعلوم الاقتصادية في العام 1998م ( يمكن النظر الي التنمية علي أنها عملية لتوسيع الحريات الحقيقية التي يتمتع بها الإنسان..). هذا المنظور يتجاوز المفهوم التقليدي الخطأ الذي يعرف التنمية علي إنها نمو الناتج القومي الإجمالي أو أنها زيادة في متوسط دخل الفرد. فالناتج القومي وزيادة دخل الفرد ما هي إلا وسائل قد لا يشعر بها غالبية المجتمع وذلك للخلل الذي تقاس به هذه الوسائل.
الحديث عن التنمية بمعناها العريض نعني به إمكانية القضاء علي مصادر عدم الحريات، كالفقر وانعدام الفرص الاقتصادية والحرمان الاجتماعي وإهمال الخدمات العامة أو توجيهها لخدمة أغراض بعض فئات المجتمع. لذلك يقاس الأداء التنموي بمدي التفاعل الحر بواسطة المجتمع ومدي مشاركة المجتمع في إحراز التقدم التنموي كشركاء وليس كأطراف مستقبلة أو متلقية لنتائج برامج معدة سلفا من طرف واحد.
مفهوم حرية التنمية يعني ( العمليات ) التي تتيح أو تسمح بحرية اتخاذ القرار وحرية فعل الأشياء. وعدم حرية التنمية نعني بها انعدام حرية الاختيار أي عدم مشاركة المجتمع في اختيار من يمثلهم عبر انتخاب حر. ونعني بها عدم كفاية الفرص التي يجدها المجتمع لتحقيق ما يراه أو ما يريد تحقيقه من أولويات علي مستوي الخدمات الأساسية.
حرية التنمية تعني إتاحة الخيارات للمجتمع ومنظمات المجتمع المدني ليحيوا حياة يتمنونها أو يرغبون في تحقيقها أو حياة لديهم من الأسباب ما يدعوهم لتثمينها وذلك عبر المشاركة الحقيقية في عمليات البرامج التنموي وخاصة فيما يختص مرحلة التنفيذ.
حرية التنمية غاية أساسية ووسيلة رئيسة لتحقيق التنمية المرغوبة وهي تعني أهمية الحريات الحقيقية للمجتمع في إثراء حياة البشر والاستمتاع بمختلف أنواع الخدمات الأساسية المرتبطة بالمعرفة والتعليم والمشاركة السياسية. حرية التنمية تعني تفادي مختلف أنواع الحرمان من جوع وسوء تغذية واعتلال صحي وعدم ترتيب الأولويات في أوساط مجتمع لا يجد الإعلام الكافي أو حرية كافية ليعكس معاناته.
تبني مفهوم حرية التنمية كعملية لتوسيع الخيارات يؤدي الي التحسن في طرق تقديم الخدمات الأساسية، ويؤدي الي التحسن في طرق تقييم السياسات الاقتصادية والاجتماعية، كما يؤدي الي تنامي القيم الأخلاقية التي تشكل الأساس الفلسفي للتنمية.
Taha Bamkar [tahabamkar@yahoo.com]