بلا أخطاء هذه المرة

 


 

كمال الهدي
30 October, 2021

 

تأمُلات
. تعودنا على مواجهة مختلف قضيانا سياسية كانت أم رياضية بكل الوضوح بعيداً عن الأثر الذي تخلفه الكتابة، فالمبدأ الراسخ لدينا هو أن يعبر القلم عما يعتمل في ذهن ودواخل صاحبه.

. وحين انتظم الثوار في هبة ديسمبر العظيمة اتبع بعضنا منهج الوضوح مع التحفظ قليلاً في نشر بعض الأسماء أو ما شابه وذلك من أجل المحافظة على وحدة الصف لأن العدو كان (ولا يزال) لئيماً ودموياً.

. وحين قبل الناس برئاسة البرهان للمجلس العسكري واتضح بعد أيام معدودة خطأ الفكرة كنت ممن يدعون لرفض المجلس العسكري برمته، لكن كان الرأي الغالب هو تأجيل المعركة حقناً للدماء كما توهمت قحت، أو تعمد بعض أعضائها منح العسكر فسحة من الوقت لا أدري.

. فقد أثبتت الأيام خطأ فكرة التأجيل ولم تُحقن الدماء، بل شهدنا أبشع جريمة في تاريخ بلدنا لنفقد فيها خيرة شباب البلد.

. ويوم أن خرجت المواكب الهادرة بعد جريمة فض الاعتصام هناك من رأوا أن اكمال الشعب لثورته هو الخيار الأفضل، بل الأوحد، لكن تمت الاستجابة لخطوات قحت غير الموفقة فكان طبيعياً أن نصل لما نحن فيه اليوم.

. وحين لاح في الافق العبث بالوثيقة الدستورية واستكان البعض لإرادة العسكر ذكرنا العابثين بأسمائهم دون جدوى، حيث لم تتم محاسبة من خانوا دماء الشهداء.

. واليوم طالما أن الشعب يريد أن يكمل ثورته بهذا التصميم المثير للإعجاب فلابد أن نكون أكثر وضوحاً وأشد قسوة مع كل عابث ومتلاعب.

. لا تستهويني عبارات من شاكلة " ده ما وقت المحاسبة"، فنحن بصدد دماء تسيل وأرواح زكية تُزهق وصمتنا على أقل خطأ سيضعنا في موقف المحاسبة أمام رب العباد قبل كل شيء.

. ولهذا لابد أن تستمر المحاسبة تحت أي ظرف من الظروف، وألا نصمت على تحريض البعض للشباب في وقت الشدة، ثم انزوائهم عن المشهد عندما تهدأ الأمور وتصبح الأجواء ملائمة لإرتداء القمصان النظيفة والبذات اللامعة.

. مثلما كان تأجيل المعركة مع القتلة قراراً خاطئاً، سيكون من العوار أيضاً أن نجامل أي كائن أو نسكت عن تخاذله مجدداً.

. وكلنا نعلم أن من قتلوا شبابنا في محيط القيادة لم يجدوا عقابهم المستحق، بل صاروا جزءاً أصيلاً من مشهدنا السياسي وكل ذلك بسبب صمتنا على الثغرات التي ملأ بها ساطع وأديب وابتسام السنهوري الوثيقة الدستورية و(تطنيشهم) المتعمد لملاحظات خيرة قانوني البلد مثل عمنا العالم الجليل بروف محمد إبراهيم خليل ومولانا سيف الدولة وغيرهما من خبراء القانون.

. ثم جاء هوان وتقاعس فيصل محمد صالح في ملف الاعلام وسُكب حبر غزير حول تهاونه الذي سيقصم ظهر الثورة، وها أنتم قد تابعتم ما جرى ويجرى عبر أجهزة ووسائل إعلامنا حتى يومنا هذا.

. فمن تتعالى أصواتهم من تركيا وعاصمتنا نفسها وغيرها من مدن وعواصم العالم كان من الممكن أن يكونوا داخل السجون لو تعاملت حكومتنا وفقاً للشرعية الثورية منذ أيامها الأولى.

. وحينذاك ما كان العسكر أنفسهم يملكون الجرأة لعمل أشياء بدت لهم لاحقاً سهلة بسبب التقاعس.

. أخلص مما تقدم إلى أننا لا يفترض أن نعرض حياة شبابنا لأوسع المخاطر مجدداً، ولابد من تفكير مختلف واتباع تكتيكات تقلل المخاطر بأقصى ما يمكن.

. سلاح العصيان المدني فاعل وقليل المخاطر على شبابنا.

. والتعامل مع التروس يجب أن يخضع لعمليات الكر والفر وتقليل المواجهة مع هؤلاء الأوباش الذين لا تهمهم حياة البشر ولا تصحو ضمائرهم اطلاقاً أمام هذه الأهوال.

. الثورة لازم تستمر، شريطة أن يكملها الشعب ولا يتركها في منتصف الطريق لأشخاص غير أمناء عليها.

. ولو تذكرون كنت أكتب خلال بدايات عن ضرورة التركيز على أن الثورة ثورة الجميع بعيداً عن فكرة التغني بأسماء بعينها، لأن ذلك قد يفتح أبواباً لرياح لا نشتهيها.

. الدكتور حمدوك نفسه لم ترق لي فكرة منحه صك على بياض طوال الأشهر الماضية.

. وحين كنا نهلل للانفتاح على العالم الخارجي ونثق ثقة عمياء في دعم الغرب لحكمنا المدني ظللت أفكر كثيراً في مدى التزام هؤلاء الغربيين بما يصرحون به وما يمكن أن يجري تحت الطاولات بينهم وبين أطراف سودانية.

. وها نحن نتأكد اليوم من أن المواقف المعلنة ليس بالضرورة أن تكون أصيلة.

. ولهذا لابد أن نؤمن دائماً بأن أظافرنا وحدها القادرة على حك جلودنا وهو ما لم يطبقه عملياً لا دكتور حمدوك ولا الكثير من وزراء حكومته.

. سنقف مع كل مناهض لحكم العسكر والمقاطيع بكل قوة، لكن بفهم وتروٍ ويقظة أيضاً.

. ما زلنا فيها، وثورتنا مستمرة لحين تحقيق النصر على السفلة والمجرمين والمقاطيع، لكننا سنكون أكثر وضوحاً كما أسلفت في مواجهة كل مخطيء وعابث في التو واللحظة ولن نؤجل شيئاً ولو لساعات.

. فإما أن يرافق الثوار ويتقدمهم من يريدون أن يكملوا المشوار حتى النهاية، أو ينزوي بعيداً كل من يرغب في الوصول لمرحلة معينة ليساوم بعدها مرفوعاً بدماء شبابنا الذين يتساقطون كل يوم برصاص الغدر والخيانة.

. وأرجو ألا نسمع عبارات مثل " لا تخونوا فلان أو علان"، فالخائن تخونه أفعاله لا أقلامنا.

. عدت لما مضى لغرض واحد هو ألا نستنسخ أخطاءنا ونغض الطرف ونجامل البعض في كل مرة وفي ذات الوقت نتوقع نتائج مختلفة.

kamalalhidai@hotmail.com
////////////////////////

 

آراء