بمناسبة اليوم العالمي للمسرح: مظاهر الكوميديا السوداء في الشارع السوداني

 


 

 

يحتفل العالم في السابع والعشرين من مارس كل عام باليوم العالمي للمسرح .وهي احتفالية أدبية ثقافية لا تخلو من الاسقطات السياسية. ..وتقوم منظمة اليونسكو، ومقرها باريس برعاية هذه الاحتفالية العالمية بالتعاون مع وزارات ومؤسسات الدول المختلفة ذات العلاقة بالشؤون الثقافية ونحوها.
تم إنشاء يوم المسرح العالمي،من قبل الهيئة الدولية للمسرح(I.T.I).وتم الاحتفال به أول مرة في ( 27/3/1962) وهو تأريخ إطلاق، ( مسرح الأمم)في باريس، ومنذ ذلك الحين ،وفي هذا التأريخ من كل عام،يتم الإحتفال باليوم العالمي للمسرح علي نطاق عالمي.
هذه المقدمة ،ليست كلها من عندي، فهي من أدبيات اليوم العالمي للمسرح المعروفة ويمكن الرجوع إليها بشكل أوسع في( رابط موقع اليوم العالمي للمسرح ) لمن يريد الاستزادة.
ومن خلال الرسالة التي يكتبها، كل عام ،أحد المسرحيين الكبار،بهذه المناسبة ،تتكشف وتتأكد رسالة المسرح المتجددة عبر العصور، والتحديات التي تواجه المسرحيين والثقافة والإبداع بشكل عام.
وتأتي احتفالات هذا العام، والعالم مجابه بخطرين كبيرين،جانحة كورونا بمتحوراتها الخطيرة، مما أثر في المسرح وجمهور المسرح بشكل مباشر ، اما الخطر الثاني فهو الحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتها التي تنذر بقيام الحرب العالمية الثالثة، وما يمكن أن تحدثه من تغيرات دراماتيكية في التفكير ومستقبل الحياة ،كما فعلت الحرب العالمية الثانية التي أفرزت الجديد من التيارات الفلسفية ومنها مسرح العبث واللامعقول.
أعد رسالة يوم المسرح العالمي لهذا العام، المخرج المسرحي الاميريكي المعروف( بيتر سيليرز ).وقد أشار فيها بالقول:( أيها الأصدقاء...لأن عالمنا اليوم معلق بالساعة،والدقيقة علي موجز الأنباء ، فنحن نعيش علي حافة الزمن.)
وقال ايضا: ( نحن نعيش في فترة ملحمية من تأريخ البشرية تنتج عنها تغيرات عميقة في علاقات البشر مع أنفسهم ومع بعضهم البعض ومع العوالم غير البشرية ).
وغالبا ما يهتم المسرحيون برسالة اليوم العالمي للمسرح...كاتب الرسالة وتطور الحركة المسرحية في بلده..وان كان هو ممثلا او كاتبا او مخرجا مسرحيا او مسئولا في القطاع أو المنظمة أو المؤسسة الثقافية .
وقد تناوب علي كتابة رسالة اليوم العالمي حتي الآن أكثر من خمسين فنانا مسرحيا كان اولهم الكاتب الفرنسي ( جان كوكتو) كما كان من بينهم كتاب ومسرحيين عرب منهم:اللبنانية( مايا زبيب) والسوري( سعد الله ونوس)
والمصريه( فتحية العسال).
وفي السودان، كان لنا مسرحا رائدا ومحترما ..وحركة مسرحية تدعمها الدولة..ومشاركة في معظم الفعاليات الإقليمية والدولة برزت من خلالها إبداعات متميزة في الاخراج والتمثيل وكتابة النص المسرحي علي درجة عالية من الوعي...ثم اسدل الستار وخبأ نور المسرح بشكل واضح خلال حكم ،(الانقاذ).. ولازال الحال علي ما هو عليه حتي الآن ..ونكاد لا نسمع للمسرحيين حسا !!
ولكنني علي يقين ،بأن كل شوارع المدن السودانية هي الآن قد تحولت الي مسرح كبير توجد فيه كل أنواع الدراما بسبب الحراك الثوري حيث المسرح الملحمي والصراع الأبدي بين
الخير والشر..وحيث مسرح اللامعقول باسقاطاته السياسية ،والمأساة في أسوأ تجلياتها والكوميديا السوداء بأبطالها المهرجون المتوحشون من قادة وأفراد الجانجويد والحركات المسلحة وتابعيهم من الكمبارس المخدوعين...
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmail.com

 

آراء