بوصلة الصحة إلي أين؟؟

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

(علينا أن نترحم علي روح الطبيب الإنساد دكتور خليل إبراهيم والذي أسلم روحه لبارئها  مدافعا عن مبدأ آمن به، كان مدافعا شرسا عن حقوق المهمشين، عمل بكل ما يملك من أجل إعادة التوزيع العادل للسلطة والثروة وفوق ذلك عدالة توزيع الخدمات ، رحمه الله   )
أولا:
كشف بحر إدريس أبو قردة وزير الصحة الاتحادي الأمين العام لحركة التحرير والعدالة أن وزارة  الصحة تأتي في مؤخرة الأولويات للدولة وطالبها بوضع الصحة ضمن الأولويات  وتوفير الميزانيات اللازمة من أجل تحقيق أهدافها.
ثانيا:
بدأت وزارة الصحة ولاية الخرطوم في إنفاذ برنامج لإجراء عمليات مجانية للفقراء والمساكين عبر المؤسسات العلاجية الخاصة بولاية الخرطوم و تكوين لجنة بين ديوان الزكاة والمؤسسات العلاجية الخاصة والوزارة لعلاج الحالات المعقدة وانقاذ حياة المرضى المعدمين وذلك بأن تتحمل المؤسسات العلاجية الخاصة نفقات العلاج بالتنسيق مع إدارة العلاج الموحد لدراسة الحالات وإرسالها للمستشفيات. وأكد البروفيسور سليمان فضيل رئيس لجنة دعم علاج شريحة الفقراء وتحديد الحالات وأكد التزام جميع المؤسسات العلاجية الخاصة بتنفيذ المبادرة وعلاج الحالات التي قال إن 90% منها يمكن علاجها بالداخل وكشف عن إجراء «9» عمليات جراحية دقيقة والترتيب لإجراء «25» عملية جديدة بواقع «473» مليون جنيه وشكا د. فضيل من وجود مشاكل تواجه القطاع الطبي الخاص يتمثل في استجلاب الأجهزة الجيدة بسبب الحصار الاقتصادي
ثالثا:
أعلنت وزارة الصحة ولاية الخرطوم ترحيل بعض أقسام مستشفى أم درمان إلى مستشفى عوض حسين لتصبح مستشفى تخصصياً بنظام 16 غرفة عمليات في المبنى الجديد وكشفت إدارة المستشفي عن وجود عوائق ومشكلات تواجهه تتمثل في تفاقم مشكلة الصرف الصحي وتشغيل المجمع الجراحي الجديد بجانب نقص الأجهزة والمعدات. من جانبه أعلن د. مأمون حميدة عن خطة الوزارة للعلاج المجاني والاهتمام بالأمومة والطفولة مؤكداً أن أيلولة المستشفيات ساهمت في وضع خارطة صحية موحدة لكل المستشفيات وتعهد بمعالجة الاشكالات والعقبات التي تواجه سير العمل بالمستشفى خاصة الصرف الصحي وتكملة معدات الجراحة وتشغيل المجمع الجراحي وأكد انتهاج مبدأ الشورى في اختيار مدير جديد للمستشفى مبني على التراضي والتفاهم.(أولا وثانيا وثالثا جاءت  عبر جريدة آخر لحظة)
السيد وزير الصحة القومي الله يعينك في مهمتك أنت ووزير الدولة ، ولكن كنت أتمني أن لو إستفسرت من دكتور عبد الله تيه لماذا أقدم علي الإستقالة؟ الآن الوضع أسوأ مليون مرة وذلك بسبب الأيلولة ، إضافة إلي أن الوضع الإقتصادي في برج نحسه ومرشح لمزيد من الإنهيار، والصحة تحتاج للفلوس، فمن أين لك حتي بعد أن أضحت الصحة القومية أطلالا وبدون مهام إلا القليل جدا؟
الصحة تاج علي روؤس الأصحاء لايراها إلا المرضي، ومربط الفرس ما صرح به الوزير الإتحادي من أن  الصحة ليست من أولويات الدولة  بل إنها تأتي في آخر الأولويات، والشق الثاني تصريح وزارة الصحة ولاية الخرطوم بأن بعض العمليات الجراحية ستجري مجانا للفقراء والمساكين، بل سبق أن أجريت 9 وتبقي 25 وبتكلفة  473 مليون جنيه(هل بالجديد أم القديم؟ )
ماهي المستشفيات الخاصة  سعيدة الحظ التي وقع عليها الإختيار لإجراء مثل هذه العمليات وعلي أي أسس ؟ ماهي هذه العمليات الدقيقة؟ إذا الطبيب السوداني الشاطر موجود لإجراء هذه العمليات  ، ولكن  ما هي أسباب عدم إجراء هذه العمليات في المستشفيات الحكومية؟ نقص الكوادر؟ أم نقص المعدات؟ أين معدات وآلات وأموال  برامج التوطين؟ ؟ وكم هي تلك الأموال ؟ هذا المبلغ المرصود لعلاج تلك الحالات(473مليون جنيه) ،أليس كافيا لإستجلاب أحدث المعدات الحديثة والجديدة والتي يستحقها الشعب السوداني لأنه هو من دفع هذه الأموال من عرق جبينه وكد يمينه وإستقطعها من لبن رضيع وكراس طالب وكسوة عريان وجرعة مريض؟ أليس جزء من هذا المبلغ كافيا لمزيد من التدريب لتأهيل  بعض الأطباء حسب الحوجة الماسة والعاجلة؟ هل لنا أن نعلم كيف سيتم توزيع هذه المبالغ (473 مليون جنيه)علي الموءسسات العلاجية الخاصة ونظير أي خدمة هي؟ ونتمني أن تكون الإجابة بكل شفافية  وبالتفاصيل من أجل أن يعرف دافع الضرائب حمد أحمد ود عبد الدافع أين تذهب أمواله وكيف تُصرف ؟هل الحصار الإقتصادي هو شماعة لعدم إستيراد الأجهزة المستعملة ؟ أم أن قرار عدم إستيراد المستعمل من الأجهزة هو من أجل المواطن السوداني وصحته وعافيته؟ كيف يسمح ضمير الطبيب بإستيراد معدات وآلات أُستهلكت والجديد موجود؟ هل النظرة هي ربحية فقط؟ أم أن المواطن السوداني هو في البال؟ إن كان فعلا حقا وحقيقة أن الهدف هو صحة وعافية المواطن السوداني ، لما وافق طبيب  يملك قيما ومثلا وسلوك وأخلاقيات مهنة ورسالة أن يسمح بإستيراد تلك الأجهزة المستعملة ، ولكن عندما يموت الضمير، علينا أن نقيم مأتما  لممارسة رسالة الإنسانية والتي صارت فقط من أجل الربح الملياري.  واقع الحال يقول أن  السوق ملييء بجميع الأجهزة الطبية والجديدة والحديثة جدا ولا نعلم أن هنالك جهازا طبيا جديدا  قد تم منع إستيراده بسبب الحصار الإقتصادي !! هل قرار العمليات المجانية يشمل جميع المرضي في كل ربوع السودان ولبعض الحالات  المستعصية فنيا؟من هي الجهة المخولة بتحديدها ؟ أم أنه حِكر علي مرضي ولاية الخرطوم بحسب الأيلولة؟ هل هذا القرار هو بداية لخصخصة العمليات الجراحية في الموءسسات العلاجية الخاصة ومن ثم إنطلاقة لخصخصة الخدمات الصحية بالكامل في السودان؟ أين قرارات القومسيون الطبي من هذه التوجهات الجديدة؟ما نعلمه أن القومسيون الطبي وإجراءاته العلمية المتجردة لاتسمح بالسفر للعلاج بالخارج إذا توفرت المعينات بالداخل، أليس كذلك؟ أما من يسافرون من تلقاء أنفسهم فلا علاقة للقومسيون  بهم.(ألم تتحدث الصحافة عن إصطحاب وزير المالية لإبنه وعلاجه بأمريكا علي حساب الشعب السوداني؟ أين كانت تلك اللجنة؟ أم أنها حديثة التكوين مع التشكيل الوزاري الجديد والأيلولة)
كان الأولي أن يفكر أولي الأمر أولا في أن تكون الصحة من أولويات إهتمامات الدولة  كما قال السيد وزير الصحة الإتحادي وتوفير جميع المعينات لها من حيث القوي البشرية والمعدات والآلات والمباني وجعل بيئة ومناخ العمل جاذبة للطبيب السوداني والكوادر المساعدة ، فعزوف الأطباء ليس فقط سببه المادة  كما قال الأستاذ محجوب محمد صالح ولكن أين بيئة ومناخ العمل؟ هل تدركون ذلك قبل إصدار القرارات؟ كنت أتمني أن تُعقد الورش والسمنارات من أجل دراسة وبحث أسباب هجرة أكثر من 7000 ألف طبيب في ظرف أقل من عام ، بل مازالت هجرتهم في إزدياد!! كنت أتمني أن يجلس قادة الصحة مع لجنة أطباء السودان ورابطة الأطباء الإختصاصيين  والمهتمين بشأن الصحة والتداعي لحلحة مشاكلها وفق رؤيا قومية بكل شفافية.
إن التوزيع العادل للثروة والسلطة لابد أن يشمل الخدمات ، فتوفير الخدمات  وبدرجة عالية من الكفاءة والخبرة لها مردود إيجابي في تخفيف الضغط علي مستشفيات العاصمة (كل ولايات دارفور الكبري بها 63 إختصاصي فقط لحوالي 6- 8 مليون مواطن وحوالي 2619 سرير، و لكن هل تُصدّقون أن مستشفي أمدرمان التعليمي لوحده به حوالي 53 إختصاصي  وزارة و36  جامعة لحوالي500-700 سرير، علما بأن أمدرمان تجهيزاتها  من حيث المعدات والآلات وبيئة العمل نسبيا  تتفوق علي دارفور دون أدني شك)     
بخصوص ترحيل بعض أقسام مستشفي أمدرمان لمستشفي عوض حسين نقول  : هل كان الترحيل بغرض إزالة المباني من أجل زيادة ساحات وحدائق المستشفي ومواقف السيارات  ؟ أم أن الغرض هو من أجل التجويد للخدمة المقدمة للمرضي المترددين علي تلك الأقسام؟ الENT والعيون والأسنان والجلدية.
فيما يختص بقسم القايني والذي تم تأهيله بأموال الشعب السوداني، ماهي دوافع تأجيره بمبلغ180000 ألف جنيه شهريا ؟ ألم يكن من الأصلح للمرضي أن يظل قسم القايني جزء من مستشفي أمدرمان التعليمي للعلاج والتدريب؟  ألم يُطالب دكتور أُسامة مرتضي إستشاري جراحة التجميل والحروق والترميم بأن يكون ذلك المبني قسما مكتملا لجراحة التجميل بأمدرمان؟ ألم تكن وجهة نظره هذه أفيد وأقيم للمرضي والتدريب والمستشفي ومدينة أمدرمان بدلا من ال180000 ألف جنيه شهريا كإيجار؟ وهل الإيجار للمبني أم للمعدات أم لكليهما؟ وهل ما زال الموءجر  هو من رسي عليه العطاء؟
شبكة الصرف الصحي إنتهي العمل بها منذ 2007م ولكن مازالت تناكر الشفط من سوق الله وأكبر تعمل ! إلي متي يظل هذا الوضع؟ كم إيجارة تلك التناكر شهريا؟ ألم يكن ممكنا أن تشتري المستشفي تانكر شفط ليكون مُلكا لها بدل تلك الأموال  المصروفة علي عربات الشفط اليومي؟؟ كم هي المبالغ التي تم صرفها منذ أن بدأت تلك التناكر في العمل؟ إجابة شفافة من أجل دافع الضرائب ليقف علي الحقيقة وكيفية صرف ما يدفعه من أتاوات.
لماذا لم يُنفّذ مركز أمراض وغسيل الكلي؟ ألم يكن ضمن خطة 2011؟ إن خُطة المستشفي من أجل تنميتها وتحديثها قد بدأت منذ 2007م ، ولكن هل كان هنالك قيد زمني من أجل إكمال هذه الخُطة ؟ المجمع الجراحي!! الصرف الصحي !! تدريب الكوادر!! المعدات والآلات والأجهزة!! تحديث المباني! نقص الكوادر! إن مستشفي أمدرمان  أنشيء في عام 1898م  من أجل خدمة مدينة أمدرمان العاصمة الوطنية ،  وحتي في ظروفه الحالية فإن الأطباء والكوادر المساعدة يعملون من أجل المواطن السوداني وهو في أسوأ الظروف- المرض، وعلي ما أذكر فقد تم إجراء حوالي ألف عملية مستعجلة في  شهر واحد، وهذا يدل علي أن الكوادر  كلهم جميعا يدركون مسئوليتهم تجاه أهلهم المرضي ويعملون في ظروف غير مهيأة بالكامل، وفي الجانب الآخر فقد فشلت إدارة المستشفي في توفير جهاز التصويرالتلفزيوني لقسم جراحة العظام لمدي حوالي 8 شهور حتي تبرعت به شركة زين ومع ذلك تعطل مرة أخري  وإلي الآن ،وظل إستشاريي جراحة العظام والمرضي والنواب و الأطباء يُعانون من هذا النقص ، ونعتقد أن هذا جزء من مسئولية إدارة المستشفي في توفير معينات العمل لقسم العظام ومدي أهميته العلاجية والتدريبة ، ولكن تحمل المسئولية وإتخاذ القرارات يحتاج لمن يدركها، لأنها أمانة ويوم القيامة حزي وندامة.
.. نختم فنقول ، إن ماذكره السيد وزير الصحة الإتحادي هو أساس تطور ونمو وتقدم الخدمات العلاجية ، وبدون أن تكون الخدمات الصحية من أولويات إهتمامات الدولة وأن توفِّر لها الحكومة جميع الميزانيات اللازمة من أجل تطويرها وتقدمها وتحسين بيئة ومناخ العمل ، فإن كل  المجهودات  ستكون مبتورة ، بل ستتدحرج الخدمات العلاجية بمكونها التعليمي و التدريبي و الوقائي  و العلاجي  إلي مستويات متدنية وأبلغ دليل ما حدث لتلك المرأة وقد وضعت مولودها علي قارعة الطريق أمام مستشفي تعليمي ومستشفي خاص يفصل بينهما شارع أسفلت لايزيد عرضه عن أمتار معدودة، وهذا يدحض  إتفاق  العلاج المجاني لمثل تلك الحالات المستعجلة علما بأن أكثر من 95% من الشعب السوداني يعيش تحت خط الفقر أو ربما فقرا مدقعا،وقرارات ريئاسة الجمهورية ووكيل الصحة السابق لم يجف مدادها بعد ما بين مجانية  علاج الطواريء ومجانية علاج الأطفال أقل من 5 سنوات ومجانية العمليات القيصرية ومجانية خدمات الإسعاف  ومجانية غسيل الكُلي  وصندوق دعم العلاج بالخارج.
علي قيادة وزارة الصحة الإتحادية وقيادة وزارة الصحة ولاية الخرطوم ، إن كانوا هم فعلا متجردين من أجل صحة المواطن وعافيته أن يعقدوا  ندوات  ومشاورات شفافة مع رابطة الإختصاصيين ولجنة أطباء السودان وجمعية حماية المستهلك  وكبار الإستشاريين والمجلس الطبي ومجلس التخصصات والجمعية الطبية السودانية وقيادات المجتمع المدني والسلطة الرابعة من أجل وضع تصور لكيفية إعادة   الصحة لعافيتها وألقها وشبابها.
يديكم دوام الصحة وتمام العافية والشكر علي العافية

sayed gannat [sayedgannat7@hotmail.com]

 

آراء