بيان الشرطة! أي كذب زار بالأمس خيالي

 


 

بثينة تروس
28 October, 2022

 

بيان الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة الذي تزامن مع فيضان شوارع العاصمة الخرطوم ومدن السودان العديدة رفضا للانقلاب والتسويات المعيبة في 25 أكتوبر، عبر عن حجم خيبات الجيش بأجمعه، كاشفاً عورات انهزامه، وقلة حيلته (أننا نتعامل مع قوات مدربة بتشكيلات عسكرية مسلحة تتبنى العنف والتخريب وتحمل اعلام بألوان (أحمر - أصفر - أسود - أزرق) وشعارات تدعو للعنف بزي موحد لكل مجموعة (فنايل - خوز - كمامات قفازات - نظارات) ويحملون أدوات كسر وقطع تتبعهم دراجات نارية مجهولة تسليح كامل وموحد بالدرق والغاز والملتوف والخوازيق ..قادة الجماعات يوجهون ويصدرون التعليمات للمجموعات..) انتهي.
بمن تستغيث القوات النظامية في ندائها هذا ولمن تشتكي فشلها في حماية المواكب السلمية والامن القومي؟! هل بالشعب الذي يتظاهر سلميا منذ قيام ثورة ديسمبر، ويموت شبابه ويستشهدون قنصاً بالرصاص، وقذائف عبوات الغاز المسيل للدموع والدماء ودهساً تحت عجلات عربات الشرطة المصفحة؟ ام تستنجد بمليشيا الدعم السريع صنيعة الاخوان المسلمين؟ والتي فشل الجيش في ضمها، وعجز عن ان يجعلها تأتمر بأمره وتخضع لقوانين القوات المسلحة السودانية.. وبدلاً عن ذلك أخضع لها الجيش حتى ترقى قائدها من (فريق خلا) الى رتبة أعلى من رتب الذين ترقوا بالاستحقاق وفقا لقوانين العسكرية والجندية! وقد احتج ذات يوم في برنامج تلفزيوني (حال البلد) 2017 بان رتبة لواء ليست بالكثيرة عليه وهو في اربعينات عمره! وبالفعل قاده طموحه، واعانه هوان المنظومة العسكرية ليصبح نائب رئيس مجلس سيادة الدولة! وصارت الرتب العسكرية تُوزع في الدعم السريع بقسمة الاماني والانتماء القبلي، وأكثر من ذلك أشرف (الجيش) على تدريبهم واعدادهم وتخريج الالاف منهم وهم خارج منظومتها، حتى صاروا خصماً لها يهابونها ولا يستطيعون مجابهتها في الصراع علي الموارد، إذ يمتلكون من الدعم اللوجيستي والمخصصات وموارد البلاد من الذهب ما لم يتحقق للجيش القومي للبلد والذي ينافسهم على هذه الموارد إذا هما معا يسيطرون على أكثر من 80% من موارد البلاد الاقتصادية، يقتسمونها بينهم ويشتري الدعم السريع بما تبقى من فتاتها رضاء المواطنين عند الكوارث الطبيعية.
في الوقت الذي توزع فيه القوات النظامية بيانات الفتن، وتشجيع الفوضى بتقنين الانفلات الأمني، نجد هنالك من عظائم الأمور ما يوجب الانشغال به، كتعدد جيوش الحركات المسلحة التي رفع قادتها شعار اقتسام الثروة والسلطة بحسب اتفاقية جوبا للسلام و فشلوا في جمع أسلحتها و ادماجها في المنظومة العسكرية تحت عقيدة عسكرية وطنية موحدة، كما عجزوا عن تحقيق السلام، حتى بلغت سبعة جيوش تزيد وتتوالد بعدد القادة، وهي تعسكر في تخوم العاصمة وحواشيها، وقد ناصرت الانقلاب متجاهله مواطنيها، الذين تفيض بهم معسكرات النزوح ولم ينفك الاقتتال القبلي الدائر في مناطقها، يحصد الأرواح في النيل الأزرق حيث قتل 223 واصيب الالاف، ونزح ما يقارب 15 الف مواطن، بحسب تصريح وزير الرعاية الاجتماعية ولجنة الطوارئ عزالدين ادم للجزيرة 23 أكتوبر 2022، والحال في جنوب غرب كردفان ليس بأفضل حيث انتقلت عدوي العنف القبلي الي منطقة ام خشمين في محلية الاضية، وراحت الانفس ضحية انعدام الامن.
ان بيان الشرطة اذاع فعلياً للراي العام انسحابهم من دعاوي البرهان انهم اوصياء على الشعب والاصلح لحكم البلاد من الحكومة الانتقالية! كما أكد الجنرال (لا توجد حكومة في البلد بدليل استقبال ايلا استقبال الفاتحين رغم أوامر القبض الصادرة في حقه)! لقد اجتمعوا حول اخفاق الشرطة والجيش في الدفاع عن المتظاهرين السلميين، وحماية المؤسسات العسكرية وفقدوا السيطرة امام مجموعات تخريبية لا يعلمون كنهها، ويتوسلون للأحزاب ولجان المقاومة الكشف عنها! كما سبق اعلان فشلهم امام عصابات 9 طويلة وهم الذي يملك السلاح والذخيرة، ويعلمون كتائب الظل والعلن. فهلا عادوا بعد هذا للثكنات بما تبقي من كرامة!
وما بال مساعد المدير العام للجنائيات والامن فريق د. ابراهيم شمين ووفد السودان الممثل للشرطة يفعلون، في الجمعية العامة للإنتربول بنيودلهي في دورتها ال 90 (حول مكافحة الجرائم المنظمة والتحديات الإقليمية والدولية)؟ 18-21 أكتوبر 2022 وأين سوف ينتفعون بذاك التدريب والتأهيل المدفوع من أموال وموارد الشعب، ام هي دورات لزيادة الرتب ويظل صغار العسكر والجنود في صف المواطنين تنقصهم العدالة ويحيط بهم الفقر وعنت العيش الكريم، تدفع بهم المؤسسة العسكرية دفعا للفساد والرشاوي، والعنف المتظاهرين وهم منهم (نحن اخوانك يا بليد) . فالحيل السمجة حول فرية المتظاهرين الذين يعتدون علي الشرطة لا تشبه اخلاق ثورة ديسمبر التي ظل يحاور شبابها وسط عواصف الغاز المسيل للدموع والأسلحة الفتاكة، رجل البوليس لإقناعه ان المعركة من اجلهم فهم من غمار الشعب.
يا لحسرة وطن كان يتغني شعبه: الحارس مالنا ودمنا ** أريد جيشنا جيش الهنا ** بلغنا غاية المنى ** وأصبحت بلادنا مؤمنة ** جيشنا القلوب طمنا ** ارتحنا وزال همنا.. ثم تغير الحال للهتاف (الجيش جيش السودان، الجيش ما جيش البرهان.. الجيش ما جيش الاخوان).
ان الحل يا شرطة ليس في الكذب بتخويف المواطنين والاستعلاء عليهم، وانما بمعرفة (الشرطة في خدمة الشعب) وفي الانحياز للشعب وثورته وخدمة ارادته في إقامة الحكم المدني، حتى يعيد للجيش هيبته واحترامه، وينفض عن كاهله تهم العمالة والارتزاق، ويقوم بحماية هذا الوطن واسترداد أمواله واستعادة أراضيه المحتلة واستعادة شرف الجندية من تبعية الاخوان المسلمين.

tina.terwis@gmail.com

 

آراء