بيت مال وعيال !
عبدالباسط شاطرابي
7 June, 2022
7 June, 2022
نبارك للسوق عروسته الجديدة من فئة ألف جنيه التي زفها بنك السودان للتداول، وهي العروسة التي ستختزن الكثير المثير من الحقائق الاقتصادية والمالية التي تردت لها البلاد، كما ستختصر على النشالين، من جميع الفئات في الشارع أو في كراسي السياسة، مهمة النشل وأعبائه !
نتذكر هنا كل المعالجات التي تنافس فيها السابقون لإزالة الدمامل من وجه جنيهنا العزيز، سواء بسحب الأصفار الثلاثة منه، أو تدنيره (أي تحويله لدينار) وسحب صفر منه وسط دهشة السوق، ثم العودة للجنيه، أو بالانسحاب، غير التكتيكي، لفئة الخمسين قرشا ثم الجنيه ثم الـ 10 جنيهات ثم العشرين ثم الخمسين جنيها التي أصبحت بلا قيمة .. لتبقى الفئات الأكبر تكابد في غرفة العناية الفائقة !
حتى الإصدارات السابقة للجنيه، ولا سيما في عهد المخلوع، تعرضت لموجات عاتية من الرياح الفتاكة .. رياح التزييف، فرأينا حالات الكشف عن العملات المضروبة تزدهر خارج البلاد وداخلها، ورأينا محاولات إعادة الروح لهيبة الجنيه تذروها الرياح بلا رحمة، وازدهرت الحالة في السنوات الأخيرة، لتصبح كل ورقة نقد بحاجة لفحص خاص، رغم التغاضي الذي بدأ يدب كعلامة يأس من لهاث المتابعة والتدقيق !
الاجتهادات لم تتوقف، ففي أيام الدكتور البدوي، حين كان وزيرا للمالية في حكومة حمدوك، ارتفعت الأصوات لتغيير العملة بالكامل وطباعة إصدارات جديدة لبتر ظاهرة التزييف من جذورها، لكن الاجتهادات قوبلت بحائط صد من العيار الثقيل بسبب القيمة الباهظة لتغيير العملة قياسا بالاحتياجات الملحّة وقتذاك، حيث كانت البلاد، وما زالت، بلا قدرة على تحمل أي نزيف في مخزونها المتهالك من الدولار.
فئة ألف جنيه ليست معالجة لمحنة الجنيه السوداني، لكنها محاولة لمجاراة واقع مأساوي يتردى فيه اقتصادنا من هاوية إلى أخرى، كما أنها شهادة اعتراف بأن التضخم النقدي سيكتم أنفاس البلاد، إذا لم تحل مشاكلها السياسية والجهوية، وإذا لم تتفرغ البلاد للإنتاج المدروس، وإذا لم تتسلم السلطة حكومة مدنية خالصة تتعامل بشفافية مع الاقتصاد والمال، وتخضع كل الأموال لولاية وزارة المالية دون خلط للسلطات، مع المحاسبة المكشوفة عن كل قرش يخرج أو يدخل.
على أي حال، نبارك للسوق عروسته الجديدة .. مع الدعاء له ببيت مزدهر بالمال والعيال بإذن الله.
shatarabi@hotmail.com
نتذكر هنا كل المعالجات التي تنافس فيها السابقون لإزالة الدمامل من وجه جنيهنا العزيز، سواء بسحب الأصفار الثلاثة منه، أو تدنيره (أي تحويله لدينار) وسحب صفر منه وسط دهشة السوق، ثم العودة للجنيه، أو بالانسحاب، غير التكتيكي، لفئة الخمسين قرشا ثم الجنيه ثم الـ 10 جنيهات ثم العشرين ثم الخمسين جنيها التي أصبحت بلا قيمة .. لتبقى الفئات الأكبر تكابد في غرفة العناية الفائقة !
حتى الإصدارات السابقة للجنيه، ولا سيما في عهد المخلوع، تعرضت لموجات عاتية من الرياح الفتاكة .. رياح التزييف، فرأينا حالات الكشف عن العملات المضروبة تزدهر خارج البلاد وداخلها، ورأينا محاولات إعادة الروح لهيبة الجنيه تذروها الرياح بلا رحمة، وازدهرت الحالة في السنوات الأخيرة، لتصبح كل ورقة نقد بحاجة لفحص خاص، رغم التغاضي الذي بدأ يدب كعلامة يأس من لهاث المتابعة والتدقيق !
الاجتهادات لم تتوقف، ففي أيام الدكتور البدوي، حين كان وزيرا للمالية في حكومة حمدوك، ارتفعت الأصوات لتغيير العملة بالكامل وطباعة إصدارات جديدة لبتر ظاهرة التزييف من جذورها، لكن الاجتهادات قوبلت بحائط صد من العيار الثقيل بسبب القيمة الباهظة لتغيير العملة قياسا بالاحتياجات الملحّة وقتذاك، حيث كانت البلاد، وما زالت، بلا قدرة على تحمل أي نزيف في مخزونها المتهالك من الدولار.
فئة ألف جنيه ليست معالجة لمحنة الجنيه السوداني، لكنها محاولة لمجاراة واقع مأساوي يتردى فيه اقتصادنا من هاوية إلى أخرى، كما أنها شهادة اعتراف بأن التضخم النقدي سيكتم أنفاس البلاد، إذا لم تحل مشاكلها السياسية والجهوية، وإذا لم تتفرغ البلاد للإنتاج المدروس، وإذا لم تتسلم السلطة حكومة مدنية خالصة تتعامل بشفافية مع الاقتصاد والمال، وتخضع كل الأموال لولاية وزارة المالية دون خلط للسلطات، مع المحاسبة المكشوفة عن كل قرش يخرج أو يدخل.
على أي حال، نبارك للسوق عروسته الجديدة .. مع الدعاء له ببيت مزدهر بالمال والعيال بإذن الله.
shatarabi@hotmail.com