تأكيد أصل الإنسان من خلال جائزة نوبل للطب هذا العام

 


 

د. عمر بادي
15 October, 2022

 

عمود : محور اللقيا
في الأسبوع الماضي تم منح جائزة نوبل في الطب للطبيب السويدي سفانتي بابو الذي تخصص في علم الجينات الوراثية للإنسان و قدّم من خلالها أبحاثاً عدة عن الجينات الوراثية المعروفة بأل دي، إن، إيه D,N,A)) لأصل الإنسان في شكل تسلسل جيني للإنسان العاقل الأحسن تقويماً منذ آلاف السنين و لشبهاء الإنسان الذين تواجدوا على الأرض قبل ذلك.
لقد ظهر تشريحياً من أبحاث العالم بابو التي أجراها على إنسان الهوموسابيان الأحسن تقويماً أنه ظهر في أفريقيا قبل 300 ألف عام، في حين أظهرت أبحاثه في جينات شبيه الإنسان المعروف بإنسان النياندرتال أنه ظهر في أوروبا و آسيا قبل 400 ألف عام و إستمر إلى ما قبل 30 ألف عام ثم إنقرض، و دلت أبحاثه في سيبريا إلى إكتشاف فصيلة أخرى لشبيه الإنسان أطلق عليها إنسان دينيسوفان. توصل أيضاً العالم بابو إلى أن الإنسان الأحسن تقويماً عاش في أفريقيا و قد بدأ في الخروج منها في شكل هجرات منذ 70 ألف عام و أطلق عليه الإنسان العاقل، و لذلك فقد تعايش الإنسان العاقل في أوروبا و آسيا (أوراسيا) مع شبيه الإنسان لعشرات السنين.
في عقد التسعينات تم إكتشاف تسلسل الجينوم البشري ، و من ذلك أُجريت الدراسات لإظهار العلاقة الجينية بين مختلف المجموعات البشرية ، ثم إنتقلت الدراسات لإظهار العلاقة بين الإنسان الأحسن تقويم و شبيه الإنسان و كان الأمر يتطلب دراسة تسلسل الحمض النووي الجيني لشبهاء البشر من العينات القديمة المتواجدة و التي تعود لمئات آلاف السنين و هي مهمة في غاية الصعوبة أو مقاربة للإستحالة لأن بعد آلاف السنين لم تتبق غير كميات قليلة من الحمض النووي و التي أصبحت ملوثة و صارت طرق فحصها متطورة جداً. في عام 2010 أظهرت التحليلات المقارنة أن تسلسلات الحمض النووي لشبيه الإنسان صارت تحمل تشابهاً مع تسلسلات الحمض النووي للإنسان العاقل الأحسن تقويماً القادم من أفريقيا. هذا يعني أن التزاوج قد تم بين الإنسان و شبيه الإنسان !
هذا البحث التاريخي العلمي الكبير عن تسلسلات الحمض النووي للإنسان منذ وجوده على سطح الأرض هو بحث علمي في غاية الأهمية و يستحق أن يُمنح عليه الدكتور سفانتي بابو جائزة نوبل في الطب، فحقيقة هذا البحث العلمي يثبّت حقائقاً متداولة و يدحض إستنتاجاتٍ كانت تُعتبر حقائقاً. أما الحقائق التي أثبتها إكتشاف الدكتور بابو عن طريق تسلسلات الحمض النووي للإنسان العاقل فهي :
1 – أن الإنسان العاقل قد وُجد على الأرض و هو في أحسن تقويم، و هذا إثبات لما جاء في الكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى برواية إنزال آدم و حواء إلى الأرض.
2- كانت هنالك مخلوقات قد أرسلها الله تعالى إلى الأرض قبل الإنسان و هم أشباه البشر الأقل عقلاً من الإنسان و أكثر عدوانيةً و إفتراساً و الذين كانوا يعيشون على القتل و الدمار، و هم الذين قالت فيهم الملائكة لله تعالى في الآية 30 من سورة البقرة : بسم الله الرحمن الرحيم (و إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها و يسفك الدماء و نحن نسبّح بحمدك و نقدّس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون). هذه المخلوقات التي سبقت الإنسان على الأرض إعتبرها المفسرون هم الجن و ربما كانوا نوعاً من الحيوانات كالشيمبانزي و قد أرسل الله عليهم الملائكة فحاربوهم و قتلوهم و أجلوهم إلى الأماكن و الجزر البعيدة , و هنا ربما كانوا إفتراضاً هم أشباه البشر، فقد حدث تلاقٍ بين الإنس و الجن.
3 – أن الإنسان ظهر في أفريقيا ثم خرج منها بعد ذلك إلى بقية العالم. لقد قال علماء الوراثيات الأنثروبولوجية نفس هذه الحقيقة أن الإنسان الأول قد ظهر في أفريقيا و من ثم إنتشر منها إلى بقية أنحاء العالم منذ حوالي 50 – 60 ألف سنة و قد تم التعرف على ذلك من خلال العودة إلى الحمض النووي DNA للسلالات البشرية و خاصة الكروموسومات Y التي تحمل الجينات الذكورية . إن الآثار التي ترشدنا إلى الكيفية التي إنتشر بها البشر عبر كوكب الأرض و التي إكتسبوا بواسطتها فروقهم العرقية البادية للعيان حاليا كلها مكتوبة في ال DNA و خصوصاً في الكروموسومات و قد أدى تتبع الكروموسوم Y إلى تتبع الهجرات البشرية التي حدثت منذ سالف العصور. يفسر العلماء ذلك بأن للكروموسوم Y خاصية المحافظة على النوع لأنه لا تتبادل إلا أجزاء صغيرة على أطرافه مع الكروموسوم X . إن الرجل يرث كروموسوم Y من والده و كروموسوم X من أمه . أما المرأة فترث كروموسوم X فقط من والديها و نتيجة لذلك فإن كروموسوم Y ينتقل سليماً في معظمه من الوالد إلى إبنه إلى ما لا نهاية , و يضيف كل رجل جزءاً يسيراً جداً إليه . لقد أثبت العلماء أن جذور شجرة الكروموسوم Y موجودة في أفريقيا و بذلك أثبتوا أن سيدنا آدم قد عاش في أفريقيا . هذا الإثبات العلمي لا يتنافى مع حضور سيدنا آدم إلى جزيرة العرب و طوافه بالكعبة كما يقال و كذا تسمية مدينة ( جدة ) على جدتنا الأولى حواء , و كما هو معروف فإن البحر الأحمر عبارة عن أخدود ظهر حديثا . الان صار في الإمكان معرفة التاريخ السلالي لكل رجل من خلال أخذ عينة من دمه و فحص الكروموسوم Y و بذلك يثبت العلم أن الإنسان يحمل معه تاريخه السلالي و يحمل معه أيضا تاريخه الوراثي الجيني و يحمل معه أيضا أعماله في ذاكرته , و كأنه يحمل معه كل ذلك في سجل كتابه , و سبحان الله .
4 - لقد صار مؤكداً أن لون بشرة الإنسان العاقل ذي التقويم الحسن كانت سوداء و هذا وارد من وصف الله تعالى للإنسان عند خلقه في آيات عدة أنه خُلق من طين كالصلصال و أنه خُلق من حمأ مسنون و هو الطين الأسود المتغير و أن إسم آدم من الأدمة و الأدمة لغويا معناها البشرة السوداء ! و قد ورد أنه تم التوصل إلى كشف علمي يبين أن عملية تغيير حمض أميني واحد في جين وراثي يؤدي إلى تغيير في عملية تغيير لون البشرة الذي تظهره الصبغة اللونية لجسم الإنسان. هذا الكشف قد قاد العلماء إلى إستنتاج مفاده أن الأفارقة يحملون نسخة أصلية من هذا الجين، بينما المنحدرون من أصول أخرى يحملون نسخا معدلة منه . هذا الإستنتاج قد دعم النظرية التي تقول أن لون البشرة يتغير بهدف التلاؤم مع ظروف الإضاءة خاصة من الشمس، و لذلك فقد تغير اللون الأصلي و هو الأسود بمرور الزمن إلى اللون الأبيض مع ظروف الإضاءة الضعيفة عند الذين هاجروا إلى المناطق شمال الكرة الأرضية !
أما الإستنتاجات التي كانت تُعتبر حقائقاً و قام الدكتور بابو بدحضها عن طريق تسلسلات الحمض النووي للإنسان العاقل فهي:
1 – تأكيد الدكتور بابو لخطأ نظرية النشوء و التطور لشارلس داروين عن أصل الأنواع و التي تتحدث عن تطور الكائنات الحية من خلال البيئة و الطبيعة التي حولها فتحدث فيها التحولات بشكل تدريجي، و قد ذكر من خلالها أن الإنسان أصله قرد شيمبانزي تطور عبر آلاف السنين ليصبح إنساناً عاقلاً في أحسن تقويم. شارلس دارون هو عالم تاريخ طبيعي و كان يسافر عبر البحار حول العالم ليدرس الأحياء كالحيوانات و الحشرات و الطيور و يبدي ملاحظاته عن تطور بعضها. لم يجب داروين على كيفية وجود العقل عند الإنسان العاقل و وقف محتاراً فسمى ذلك الحلقة المفقودة!
2 – تأكيد الدكتور بابو بأن القرد الشيمبانزي لم يتطور ليصبح إنساناً عاقلاً في أحسن تقويم، و الصحيح كما ذكر هو أن الشيمبانزي كشبيه للإنسان قد تزاوج مع الإنسان العاقل و قد ظهر ذلك في تسلسلات الحمض النووي الجديدة لكليهما في المناطق و الجزر البعيدة كما ورد، و أظن هذا تفسير مقبول أكثر و فيه حل للحلقة المفقودة عند داروين.
///////////////////////////////////

 

 

آراء