تأليف السفير احمد عبد الوهاب: سفر دبلوماسي من الزمن الجميل. بقلم: السفير على حمد إبراهيم

 


 

 


(محطات  دبلوماسية)


(1)
أهدانى  زميلى  وأخى  السفير اللامع ،  والكاتب  الرصين ، احمد  عبد  الوهاب  جبارة  الله ، نسخة  من  سفره  الدبلوماسى الذى  اسماه  محطات  دبلوماسية  الصادر  فى  القاهرة  فى  اغسطس  المنصرم ،  والذى  حشد  فيه  بإقتدار لغوى  ودبلوماسى   وسياسى  و فلسفى   تجارب  اربعين  عاما  قضاها  متنقلا فى   محطات  دبلوماسية  عالمية  ومحلية  متعددة ، وهو  يمارس  مهام  دبلوماسية  رفيعة  ، سواء  أكانت  هذه  المهام  فى   إدارات  وزارة  الخارجية  السودانية  فى  ديوان  الرئاسة  ، أو  كانت  أثناء  انتدابه  للعمل  فى  الامم  المتحدة  فى المفوضية  السامية  لشئون  اللاجئين  التابعة  للأمم  المتحدة.  وقد  أخذت  هذه  المهام  السفير عبد  الوهاب  للتجول  خارج  وطنه  الأم  فى  أرض  الله  الدبلوماسية  الواسعة ،  واكسبته خبرة  وجدارة   وعمقت   إحساسه  بقيمة  الحياة  الانسانية  لدى  أى  إنسان ، خصوصا  لدى  الذين  يفقدون الحياة  بمعناها   وشكلها  المعنوى . وقد  شحن  طواف  السفير  عبد  الوهاب  فى  بلدان  مثل  الحياة  والولايات  المتحدة ، وأوروبا ، وشرق  افريقيا  و آسيا ،  شحن  وجدانه  الانسانى   بصور  ولوحات  ومجسمات  أبت  أن  تبرح  ذاكرته . فها هو يحكى  عن  مشاهداته  ومعايشاته  فى  ذلك  الزمن  البعيد  بحميمية  متجددة  كأنه  ما زال  يحدق  فى  تلكم  اللوحات  وهى  ما ثلة  وشاخصة  امام  عينيه  . خذ – مثلا – وقفته  امام  الزنزانة  التى  قضى  فيها  نلسون  مانديلا ، نبى  الوطنية  والكفاح  الوطنى ، ثمانية  عشرة  عاما  فى سجن  انفرادى  وهى  ، من  صغر مساحتها لا تكاد  تسع  جسمه  الفاره  الجميل . يقول السفير عبد  الوهاب  عن   رحلاته  وتجواله  أنه  كان  يمارس  مهامه  المهنية .  ولكنه  كان  يجد  فى  تلك  المهام انسانيته . و ليس  اكثر صدقا  من  هذا  الاحساس  الانسانى  فى  نفس  انسان  كاتب  بألاساس   وسفير  تقلب  فى رئاسة  مكاتب  المفوضية  السامية  لشئون  اللاجئين  التابعة  للامم  المتحدة ، تلك  الوظيفة  التى  يصبح  شاغلها  ويمسى  على  انجاز عمل  من  اعمال  الخير ،  يكبح  الضرر  والضرار عن الذين  تقطعت  بهم  السبل  وعزت  عليهم  الحياة  الانسانية  الكريمة  بالمعنى  الذى  تعارف  عليه  الناس  منذ  الازل . فقد  عمل  السفير كدبلوماسى  سودانى  شاب   فى محطات  دبلوماسية  إما  إنها  كانت  مهمومة  بقضايا  التحرر الافريقى  من ربقة  الاستعمار  الاوروبى  مثل  المحطة  المصرية ، حيث  ارث  جمال عبد  الناصر ،  و مثل  المحطة   التنزانية  ، حيث  ارث  جوليوس  نايريرى. وتشبع  بالثقافة  التحررية  الافريقية ، حتى  اذا عاد  الى  هذه  المحطات  لاحقا   كمسئول  اممى  كبير و مصقول  أعطاها  من  وجده  و تفانيه  فى  خدمة  شعوب  هذه  البلدان  التى   صارع  قادتها   المستحيل  لايقاد  بعض  شمعات  فى  طريق  شعوبهم   و لكن  ليست  كل  الرياح  تأتى بما  تشتهى   سفن  الشعوب  وقادتها .  فها هو  السفير،  بعد  تناوله  العميق   لنجاحات  الكفاح  التحررى الافريقى  و العربى  المشترك ، و بالعمق  الذى  يقول  أن   السفير  قد  عبّ   من  المخزون  المعرفى   التراكمى  السياسى   والثقافى   والاجتماعى  الذى وقف عليه  فى محطاته  الدبلوماسية ،  هاهو يعود  ويفرد  صفحات  ساخرة  ومتحسرة  عن  مجاميع  من الفشل   والهوان  هنا  وهناك  الذى  صادفته  شعوب  المنطقة  بسبب  سياسات  نفس  القادة  الذين  بنت عليهم  شعوبهم  قصورا  من  الآمال  الكاذبة   .  يشرح  السفير  كيف  ولماذا  طاحت  آمال شعب  وادى  النيل  فى  التكامل  الاقتصادى  والسياسى  بين الشعبين  السودانى  والمصرى  وهو  تكامل  كان   اقرب  للتحقق  من  حبل  الوريد . أما  فى  محطة  واشنطن  المزدحمة  بكل  انواع  الارث  السياسى  الايجابى  منه  والسالب ، فقد  ترك  المؤلف  سفرا مرجعيا  لناشئة  السلك  الدبلوماسى  اينما  وجدوا  يشرح  لهم   كيف  تطبخ  السياسة  الدولية   والمحلية  فى مطبخ  واشنطن ،  وماهى المؤثرات  المباشرة  وغير  المباشرة الكامنة  خلف  الحجب . لقد اسهب  المؤلف  باقتدار العالم  المتخصص  فى  توضيح  الادوار  التى  تقوم  بها  اللوبيات  المتعددة  بما لا يتسع  له   المجال .
يتبع-
(الحلقة القادمة مجزرة  وزارة  الخارجية  فى اسابيع انقلاب  الانقاذ  الاولى .)    

alihamadibrahim@gmail.com

 

آراء