تأملات في “تلك النشأة الأخري”!
حسين عبدالجليل
3 April, 2022
3 April, 2022
بسم الله الرحمن الرحيم
husseinabdelgalil@gmail.com
المرء عندما يكون في حالة صفاء ذهني و روحي يدرك تماما (و لو للحظات عابرة) أنه في هذه الدنيا يقوم يوما بعد يوم و ساعة بعد ساعة أما بصنع جهنمه أو بتعمير جنته . فكل عمل كريم و عبادة لارياء فيها تساهم في مواصلة بناء داره المستقبلية في جنة عرضها السموات والارض. وكل ظلم للعباد وأهمال لحقوق الله عليه يزيد من أوزاره التي ستعذبه يوم القيامة . (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ ۚ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)
و بما أن الحياة البرزخية و حياة الدار الآخرة هي غيب لايعلم تفاصيله الا الله ومن أختار من عباده. لذا ففهمي المتواضع هو أن توصيف النعيم و العذاب الذي ورد في القرآن الكريم والاحاديث النبوية الصحيحة ماهو الا مقاربات لتوصيف أشياء لايوجد لها نظير في حياتنا الدنيا . وهذه هي معضلة اللغة كما قال العارف بالله عبدالجبار النفري في عبارته المشهورة: " كلما أتسعت الرؤية , ضاقت العبارة" . وقد شبه الدكتور مصطفي محمود هذه المعضلة وكيفية حلها بقوله أنه لو سألك طفلك الذي عمره سبع سنوات أن توصف له اللذة الجنسية فأنت ستوصفها له بقولك أنها شيء لذيذ جدا مثل الشكولاتة . وصفك هذا لطفلك هو لتقريب المعني له حسب عقله القاصر . أنت لاتكذب في وصفك ذاك لأن عقل الطفل لايستطيع استيعاب الوصف الحقيقي , وهذا بالضبط هو فهمي الخاص لآيات النعيم و العذاب في القرآن الكريم, بأنها مقاربات لتوصيف نعيم غاية في الروعة و عذاب مهول تعجز عقولنا الدنيوية القاصرة عن أدراكه - هذا مع تصديقي التام بكل ماورد في القرآن الكريم والاحاديث التبوية عن وصف الدار الآخرة .
فمثلا أفهم أن ما ورد في الاحاديث النبوية الصحيحة عن عذاب و نعيم القبر بأن القبر المقصود هنا ليس هو بالحفرة التي يدفن فيها الميت . فالجسد بعد الموت لايتعذب اذ أنه مثل القميص البالي الذي تخلعه الروح و تنطلق لعوالم آخري بينما يتعفن الجسد وياكله الدود . فالهنود الهندوس لاقبور لهم أذ أنهم يحرقون موتاهم . أذن فالمقصود فالمقود ب "القبر" هو حياة برزخية بعد الموت و قبل البعث يعجز عقلنا القاصر عن ادراك كنهها . ولكن في السنوات الآخيرة قيض الله لنا فتح كوة صغيرة أطل منها بعض البشر , من مختلف الديانات علي حافة الحياة البرزخية . فمع تقدم الطب الحديث و مقدرته في شفاء بعض ممن يصلون لحافة الموت , عاد بعضهم بحكايات متشابهة من ذلك العالم البرزخي , رغم اختلاف دياناتهم و جنسياتهم, و أعني هنا بماأصطلح علي تسميته ب "تجربة الاقتراب من الموت " . يتفق كل من مر بتلك التجربة بأن ماشاهده في ذلك العالم البرزخي تعجز كلمات اللغة عن أستيعابه , فهم يقولون مثلا أن الالوان هناك لانظير لها في دنيانا و ان الحب كان يغمرهم من أشياء لانحس بعاطفة لها في الدنيا , مثل النباتات و الاشجار و النور .
عن كيف أن أوزارنا ستعذبنا, أذكر قصة رجل أيراني مر بتلك التجربة . فهو في برنامج تلفزيوني أيراني شاهدته في اليوتيوب (بترجمة عربية و انجليزية) يقول أنه وجد نفسه في عالم غير عالمنا هذا , كان في كامل وعيه و عيه و أدراكه حين قابل هناك كائنات وصفها بأنها كائنات نورانية (قرأت و استمعت لعدة أمريكان مروا بتجارب مماثلة و استخدموا نفس تعبير "كائنات نورانية" لوصف الكائنات التي قابلتهم في ذلك العالم) . سألوه هناك لماذا يسيئ معاملة زوجته ؟ أقر الرجل في البرنامج التلفزيوني بأنه كان يقسو علي زوجته و يسيئ اليها باستمرار , وهي كانت ترد عليه دوما بجملة واحدة وهي "أنها تشكوه الي الله " . قال الرجل بأنه بعد استواجبه من تلك الكائنات النورانية الجميلة أقترب منه كائن آخر مختلف عنهم و قبيح المنظر قبحا لم يشاهده من قبل . قال بأن قرب ذلك الكائن القبيح منه و تحليقه فوق رأسه اصابه بذعر و خوف لايستطيع و صفه. أذكر أن الرجل كان يبكي بحرقة و هو يحكي للمذيع ذلك . قال بأنه تم أخباره بأن ذلك الكائن القبيح هو "عمله السيء في اساءته لزوجته " و قد تشكل عمله ذاك في صورة كائن قبيح و أتي اليه لتخويفه . قال الرجل للمذيع الذي كان يجري المقابلة معه أن خوفه من ذلك الكائن القبيح جعله لاينظر للسماء منذ تجربته التي مر عليها خمس سنوات خوفا من مشاهدة ذلك الكائن القبيح فوقه . و أضاف بأنه منذ تلك التجربة أصبح يلبس قبعة عندما يخرج حتي لايري ما فوقه خوفا من رؤية ذلك القبيح مرة أخري . كما قلت فهو كان يبكي بحرقة وهو يحكي للمذيع عن هذا الجزء من تجربته وقال بأن أهله نصحوه بعدم حكي قصته (ربما حتي لايسقط في نظر الناس) ولكنه أضاف بأن شرط العفو عنه في ذلك العالم وأعادته للوعي مرة أخري كان أن يحكي للناس مامر به .
كما نعلم فقد ورد في القرآن الكريم و أحاديث المصطفي عليه أفضل الصلاة و السلام الصحيحة التحذير الشديد من مغبة ظلم الناس و بخس الناس أشيائهم . مع أقراري التام بأن الله سبحانه و تعالي يغفرالذنوب كلها لمن يشاء من عباده , فان فهمي لذلك هو أن غفر الذنوب يكون في الغالب في تقصير العباد في أداء حقوق الله عليهم (صلاة , صيام ...الخ) , أما حقوق العباد فيما بين بعضهم البعض فالله بحسب مشيئته يتركها بين العباد ليقتص المظلوم من الظالم . لا أحد يترك حقه هناك , فمن ظلمته ولو كان أمك أو أبنك لن يتردد في أخذ بعض حسناتك منك أن كان في ذلك خلاصه و لو أدي ذلك لهلاكك . أيضا لاحظت أن كثير ممن مروا بتجارب الاقتراب من الموت من مختلف الاديان و الجنسيات يحكون عن أستجوابهم الشديد عن حقوق الناس , و كيف أن أمور كانوا يعتبرونها تافهة في تعاملهم مع الآخرين ( كجرح شعور شخص ما) عرفوا في ذلك العالم أنها عظيمة جدا .
بعض آيات القرآن الكريم تشير لفكرة تجسد الذنوب لشيء يتعذب به فاعلها كقوله تعالي: ( وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون ) و كقوله تعالي عن الذين يمنحهم الله كثيرا من المال ولاينفقونه فيما أمر الله به مثل كفالة الايتام , مساعدة الفقراء, وكل طرق الانفاق الاخري في سبيل الله : ( يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)
أعانني الله و أياكم في هذا الشهر الكريم للبدء في جهادنا الأكبر لقهر نفوسنا الامارة بالسوء و العمل علي الارتقاء بها لمرتبة "النفس اللوامة" ثم "النفس المطمئنة" ثم " النفس الراضية" ثم "النفس المرضية" .
مدونتي:
https://hussein-abdelgalil.blogspot.com
husseinabdelgalil@gmail.com
المرء عندما يكون في حالة صفاء ذهني و روحي يدرك تماما (و لو للحظات عابرة) أنه في هذه الدنيا يقوم يوما بعد يوم و ساعة بعد ساعة أما بصنع جهنمه أو بتعمير جنته . فكل عمل كريم و عبادة لارياء فيها تساهم في مواصلة بناء داره المستقبلية في جنة عرضها السموات والارض. وكل ظلم للعباد وأهمال لحقوق الله عليه يزيد من أوزاره التي ستعذبه يوم القيامة . (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ ۚ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)
و بما أن الحياة البرزخية و حياة الدار الآخرة هي غيب لايعلم تفاصيله الا الله ومن أختار من عباده. لذا ففهمي المتواضع هو أن توصيف النعيم و العذاب الذي ورد في القرآن الكريم والاحاديث النبوية الصحيحة ماهو الا مقاربات لتوصيف أشياء لايوجد لها نظير في حياتنا الدنيا . وهذه هي معضلة اللغة كما قال العارف بالله عبدالجبار النفري في عبارته المشهورة: " كلما أتسعت الرؤية , ضاقت العبارة" . وقد شبه الدكتور مصطفي محمود هذه المعضلة وكيفية حلها بقوله أنه لو سألك طفلك الذي عمره سبع سنوات أن توصف له اللذة الجنسية فأنت ستوصفها له بقولك أنها شيء لذيذ جدا مثل الشكولاتة . وصفك هذا لطفلك هو لتقريب المعني له حسب عقله القاصر . أنت لاتكذب في وصفك ذاك لأن عقل الطفل لايستطيع استيعاب الوصف الحقيقي , وهذا بالضبط هو فهمي الخاص لآيات النعيم و العذاب في القرآن الكريم, بأنها مقاربات لتوصيف نعيم غاية في الروعة و عذاب مهول تعجز عقولنا الدنيوية القاصرة عن أدراكه - هذا مع تصديقي التام بكل ماورد في القرآن الكريم والاحاديث التبوية عن وصف الدار الآخرة .
فمثلا أفهم أن ما ورد في الاحاديث النبوية الصحيحة عن عذاب و نعيم القبر بأن القبر المقصود هنا ليس هو بالحفرة التي يدفن فيها الميت . فالجسد بعد الموت لايتعذب اذ أنه مثل القميص البالي الذي تخلعه الروح و تنطلق لعوالم آخري بينما يتعفن الجسد وياكله الدود . فالهنود الهندوس لاقبور لهم أذ أنهم يحرقون موتاهم . أذن فالمقصود فالمقود ب "القبر" هو حياة برزخية بعد الموت و قبل البعث يعجز عقلنا القاصر عن ادراك كنهها . ولكن في السنوات الآخيرة قيض الله لنا فتح كوة صغيرة أطل منها بعض البشر , من مختلف الديانات علي حافة الحياة البرزخية . فمع تقدم الطب الحديث و مقدرته في شفاء بعض ممن يصلون لحافة الموت , عاد بعضهم بحكايات متشابهة من ذلك العالم البرزخي , رغم اختلاف دياناتهم و جنسياتهم, و أعني هنا بماأصطلح علي تسميته ب "تجربة الاقتراب من الموت " . يتفق كل من مر بتلك التجربة بأن ماشاهده في ذلك العالم البرزخي تعجز كلمات اللغة عن أستيعابه , فهم يقولون مثلا أن الالوان هناك لانظير لها في دنيانا و ان الحب كان يغمرهم من أشياء لانحس بعاطفة لها في الدنيا , مثل النباتات و الاشجار و النور .
عن كيف أن أوزارنا ستعذبنا, أذكر قصة رجل أيراني مر بتلك التجربة . فهو في برنامج تلفزيوني أيراني شاهدته في اليوتيوب (بترجمة عربية و انجليزية) يقول أنه وجد نفسه في عالم غير عالمنا هذا , كان في كامل وعيه و عيه و أدراكه حين قابل هناك كائنات وصفها بأنها كائنات نورانية (قرأت و استمعت لعدة أمريكان مروا بتجارب مماثلة و استخدموا نفس تعبير "كائنات نورانية" لوصف الكائنات التي قابلتهم في ذلك العالم) . سألوه هناك لماذا يسيئ معاملة زوجته ؟ أقر الرجل في البرنامج التلفزيوني بأنه كان يقسو علي زوجته و يسيئ اليها باستمرار , وهي كانت ترد عليه دوما بجملة واحدة وهي "أنها تشكوه الي الله " . قال الرجل بأنه بعد استواجبه من تلك الكائنات النورانية الجميلة أقترب منه كائن آخر مختلف عنهم و قبيح المنظر قبحا لم يشاهده من قبل . قال بأن قرب ذلك الكائن القبيح منه و تحليقه فوق رأسه اصابه بذعر و خوف لايستطيع و صفه. أذكر أن الرجل كان يبكي بحرقة و هو يحكي للمذيع ذلك . قال بأنه تم أخباره بأن ذلك الكائن القبيح هو "عمله السيء في اساءته لزوجته " و قد تشكل عمله ذاك في صورة كائن قبيح و أتي اليه لتخويفه . قال الرجل للمذيع الذي كان يجري المقابلة معه أن خوفه من ذلك الكائن القبيح جعله لاينظر للسماء منذ تجربته التي مر عليها خمس سنوات خوفا من مشاهدة ذلك الكائن القبيح فوقه . و أضاف بأنه منذ تلك التجربة أصبح يلبس قبعة عندما يخرج حتي لايري ما فوقه خوفا من رؤية ذلك القبيح مرة أخري . كما قلت فهو كان يبكي بحرقة وهو يحكي للمذيع عن هذا الجزء من تجربته وقال بأن أهله نصحوه بعدم حكي قصته (ربما حتي لايسقط في نظر الناس) ولكنه أضاف بأن شرط العفو عنه في ذلك العالم وأعادته للوعي مرة أخري كان أن يحكي للناس مامر به .
كما نعلم فقد ورد في القرآن الكريم و أحاديث المصطفي عليه أفضل الصلاة و السلام الصحيحة التحذير الشديد من مغبة ظلم الناس و بخس الناس أشيائهم . مع أقراري التام بأن الله سبحانه و تعالي يغفرالذنوب كلها لمن يشاء من عباده , فان فهمي لذلك هو أن غفر الذنوب يكون في الغالب في تقصير العباد في أداء حقوق الله عليهم (صلاة , صيام ...الخ) , أما حقوق العباد فيما بين بعضهم البعض فالله بحسب مشيئته يتركها بين العباد ليقتص المظلوم من الظالم . لا أحد يترك حقه هناك , فمن ظلمته ولو كان أمك أو أبنك لن يتردد في أخذ بعض حسناتك منك أن كان في ذلك خلاصه و لو أدي ذلك لهلاكك . أيضا لاحظت أن كثير ممن مروا بتجارب الاقتراب من الموت من مختلف الاديان و الجنسيات يحكون عن أستجوابهم الشديد عن حقوق الناس , و كيف أن أمور كانوا يعتبرونها تافهة في تعاملهم مع الآخرين ( كجرح شعور شخص ما) عرفوا في ذلك العالم أنها عظيمة جدا .
بعض آيات القرآن الكريم تشير لفكرة تجسد الذنوب لشيء يتعذب به فاعلها كقوله تعالي: ( وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون ) و كقوله تعالي عن الذين يمنحهم الله كثيرا من المال ولاينفقونه فيما أمر الله به مثل كفالة الايتام , مساعدة الفقراء, وكل طرق الانفاق الاخري في سبيل الله : ( يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)
أعانني الله و أياكم في هذا الشهر الكريم للبدء في جهادنا الأكبر لقهر نفوسنا الامارة بالسوء و العمل علي الارتقاء بها لمرتبة "النفس اللوامة" ثم "النفس المطمئنة" ثم " النفس الراضية" ثم "النفس المرضية" .
مدونتي:
https://hussein-abdelgalil.blogspot.com