تجفيف القنوات الرئيسة لمشروع الجزيرة والمناقل من الماء، لمصلحة من؟

 


 

 

قامت ادارة وزارة الري في عامي 2021 و 2022 بالتجفيف الكامل للترعتين الرئيستين الخارجتين من خزان سنار لري مشروعي الجزيرة و المناقل. كي اكون واضحا، كان تجفيفا تاما بحيث انه يمكنك عبور القناة الرئيسة لمشروع الجزيرة مشيا على الاقدام دون ان تبتل قدماك بالماء. و للعلم منذ انشاء مشروع الجزيرة و المناقل، عادة لا تجفف الترعة الرئيسة و لا القنوات الكبرى و الصغرى من الماء، الا في هذين العامين 2021 و 2022. ذكر لي البعض ان الهدف من ذلك هو صيانة القنوات و الميجورات الرئيسة. و لكننا نعلم ان المؤسسة الفرعية للحفريات بوزارة الري، و هي مؤسسة انشئت لصيانة قنوات الري في المشاريع الزراعية القائمة في الجزيرة و المناقل و حلفا و السوكي فقد كانت تقوم بازالة الطمي المتراكم على قنوات الري و هي ممتلئة بالماء. تجفيف القناة الرئيسة للمشروع يعني تجفيف كل الميجورات و الترع و دبل (Double) ابوعشرينات من المياه في كافة مشروعي الجزيرة و المناقل. بالطبع لوزارة الري مبرر لهذا الاجراء، و لكن السؤال هل تم تقييم هذا الاجراء بالخسائر و النتائج السالبة على اهل الجزيرة و المناقل؟ و لكي لا يتكرر تجفيف قنوات الري بمشروع الجزيرة في ابريل القادم من هذا العام (2023)، هنا دعوني ارصد بعض من الخسائر التي حاقت بمواطني الجزيرة و المناقل بسبب تجفيف قنوات الري.
1. المتضرر الاول الرعاة و اصحاب تربية المواشي من الابقار و الاغنام و الضان و الابل و كذلك الدواب من خيول و حميروطيور وغيرها. كانت القنوات الصغيرة داخل المشروع من ترع و مصارف هي مصدر السقيا الاساسية لهذه الانعام، فالان انعدمت هذه الخدمة. هذا الوضع اجبر الكثيرين من اصحاب الابقار و الاغنام على التخلص من قطعانهم ببيعها. للعلم، بالجزيرة و المناقل اكثر من عشرين مليون من الابقار و الاغنام و الضان و الابل و الخيول و الحمير هذا غير الكلاب و الطيور و من غير ما يأتي للجزيرة من انعام من ارض البطانة بعد انتهاء الحصاد.
2. عدم الشراب الكافي للانعام انعكس بصورة واضحة على كمية الالبان المنتجة داخل المشروع، فقد لاحظت اكثر من مرة عودة الاطفال باواني فارغة من اصحاب بيع اللبن، مما قاد لاثار سالبة على صحة الاطفال و الذي يعتبر الحليب شيئا اساسيا في غذائهم.
3. زاد العبء و التكلفة على بيارات القرى من استهلاك زائد للكهرباء و الوقود و عمر المحركات في البيارات او زيادة فاتورة وقود الديزل و الذي اصبح اصلا مكلف و صعب الحصول عليه، اذ ان ما تستهلكه الحيوانات من الماء اكثر مما يستهلكه البشر.
4. نفوق الاف الاطنان من الاسماك التي تعيش في هذه القنوات مما حرم الكثيرين من غذاء سهل و ميسر و بلا تكاليف و كذلك تضرر الصيادون الذين يعيشون على مهنة صيد السمك بالذات في القنوات الرئيسة و الميجورات.
5. اعادة تعبئة قنوات الري بالماء على مستوى مشروع الجزيرة تأخذ وقتا طويلا، فقنوات المشروع يبلغ اجمالي طولها احدى عشر الف (11،000) كيلو متر تقريبا. ففي العام الماضي لم تصل المياه الى وسط الجزيرة الا في منتصف شهر يوليومما أدى لتأخير الزراعة عن موعدها. بعض المزارعين فقدوا بذورهم التي نثروها في الارض الجافة في انتظار الماء و البعض فقد محصوله اذ جف و هو غير كامل النضج و النموء و البعض قد قلت انتاجيتهم بشكل ملحوظ بسبب تأخير الزراعة.
6. غياب المسطحات المائية داخل الجزيرة يقود الى ارتفاع درجة حرارة الجو و خاصة في شهر مايو.
7. بالجزيرة و المناقل حوالي الفين و اربعمأئة (2400) كمبو، تعتمد في شرابها و شرب انعامها اعتمادا ناما على مياه الترع بالمشروع، الان هذه الكنابي ستفقد الماء من ابريل حتى مطلع يوليو.
8. بعض ما تبقى من القناطر المأهولة تعتمد على شرايها من من المياه المنقاة من الترع.
9. لا اعتقد انه تمت دراسة لتقدير حجم الخسارة المادية لاهل الجزيرة الناتجة من هذا القرار.
قصدت من هذا الموضوع امرين.
الاول هو دراسة الاثار الاقتصادية على ساكني مروع الجزيرة و مقارنتها بالفائدة الناتجة من تجفيف قنوات المشروع.
و الثاني هو اشراك المزارعين بالمشروع عند اتخاذ قرارات خطيرة كهذه و هي قرارات مرتبطة ارتباطا مباشرا بحياة و مصلحة المزارعين و الساكنين في المشروع.

م. عبدالله محمد أحمد
الدمام

amfmula@hotmail.com

 

آراء