تحرير الخرطوم من الانقلاب

 


 

 

يوافق اليوم السادس والعشرون من يناير ذكرى تحرير الخرطوم من الحكم التركي على يد ثوار المهدية، كما تتوافق هذه الذكرى مع النضالات المستمرة لثوار ثورة ديسمبر لتحرير الخرطوم من الانقلابيين، وقد سبق لثوار ديسمبر أن سيروا في التاسع عشر من ديسمبر الماضي مليونية سابقة تحت مسمى (مليونية تحرير الخرطوم من الانقلاب) وصادف ذاك اليوم الذي تداعى له الثوار من مختلف الولايات، الذكرى الثالثة لاندلاع شرارة الثورة السودانية في 19 ديسمبر، وكان أن شكل ذاك اليوم نقطة تحول كبيرة في الحراك الشعبي الرافض للانقلاب وللاتفاق السياسي الموقع بين قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، حيث أظهر الثوار بسالة كبيرة للوصول الى مقصدهم القصر الجمهوري للمطالبة بتسليم السلطة للمدنيين حتى تمكنوا بعزم وارادة قوية من تحقيق الهدف واقتحام باحة القصر لبعض الوقت، قبل أن تزيد قوات الانقلاب جرعة العنف المفرط والقاتل، وقد أعادت بسالة وجسارة الثوار لتحرير الخرطوم من الانقلاب في ذاك اليوم إلى المشهد بسالة وجسارة الثوار المهدويون لتحرير الخرطوم من الغزاة الطغاة، وليس في ذلك عجب فهؤلاء الأشبال من اولئك الأسود، وكما أننا نحي اليوم ذكرى تحرير الخرطوم من المستعمر البغيض، فسنحي ونحتفل في يوم قريب باذن الله بدحر الانقلاب وتحرير الخرطوم من الانقلابيين، وقفل هذه الصفحة القميئة من تاريخنا الدائري والى الأبد..
ان معركة تحرير الخرطوم من المستعمر التي وقعت في اليوم السادس والعشرون من شهر يناير في العام1885م، تتشابه شكلا وموضوعا مع معركة تخليص الخرطوم من الانقلاب الجارية الآن، فما فعله الانقلاب بالبلاد ليس أقل سؤا مما فعل المستعمر، ولو أن معركة تحرير الخرطوم مثلت احد اهم احداث زمانها، فكذلك كانت ثورة ديسمبر الباسلة بما مثلته كحدث أدهش كل العالم وأجبره على ابداء الاعجاب الكبير بها، وهما مشتركات أيضا في مستوى البسالة والبطولة في مواجهة الاسلحة الفتاكة بصدور عارية الا من العزيمة والاصرار على الانعتاق من الظلم والقهر والاستبداد..وعودة الى تحرير الخرطوم من المستعمر، نذكر تلك اللحظات التي تقاطرت فيها الحشود وتدافعت الرايات نحو الخرطوم واحاطوا بها احاطة السوار بالمعصم.. احكم حصارها أنصار الشيخ العبيد ود بدر الذي عينه الامام المهدي اميرا على جهة شرق النيل الازرق فسار ورفيق دربه المجاهد المضوي عبد الرحمن، وتحت قيادة الفارس ابراهيم ود بدر دمرت حامية الحلفاية الحصينة وفر قادتها، ونزل الامير عبد القادر ودأم مريوم واتباعه في مواجهة المدينة من جهة النيل الابيض التي تولي قيادتها الامير محمد الطيب البصير، وتقدم الامير محمد الأمين ود أم حقين من جهة الشمال الغربي، وجمع الامير احمد ابو ضفيرة فرسان الجموعية والفتيحاب وحاصروا المدينة من جنوبها، اما قيادة القوات المحاصرة الانفة الذكر فقد عقد المهدي لوائها لأمير البرين والبحرين ابي قرجة الذي شرع في تشديد قبضة الحصار وتقدم بقوته الرئيسية في سلسلة من الوقائع تقربه من المدينة تارة وتبعده تارة، اخري ثم تبدل الحال وانقلبت موازين القوي علي غير موعد وترتيب، حين قدم اسد المهدية الامير عبد الرحمن النجومي في قوة كبيرة، فانتدبه المهدي اميرا عاما علي المحاصريين فالتقي بابي قرجة وزحفا سويا نحو الخرطوم ودخلاها محررين..
الجريدة
حرية، سلام، وعدالة

 

آراء