تخريمات وتبريمات حول قلة الأدب وعدم الأدب
فيصل بسمة
22 October, 2022
22 October, 2022
قلة الأدب
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
لقد ساهمت: الجماعات المتأسلمة بمسمياتها المختلفة (الكيزان) و تجار الحروب و أمرآء المليشيات و الأرزقية و الطفيلية السياسية و الساقط الحزبي و الفاقد التربوي و المجتمعي مساهمات عظيمة/عقيمة فيما يحدث من فتن و مكآئد و دسآئس و مؤامرات و فساد و فحش في الساحات: السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية ، و قد ترتب على ذلك الكثير من الفوضى و العبث و الفشل و إبتلآءات أخرى عظيمة و عديدة أصبحث آثارها الكارثية بآئنة في كل مناحي الحياة في بلاد السودان...
و لقد ترددت في السنوات الفآئتة و الوقت الحالي مقولات كثيرة عن ممارسات و فساد و ظلم الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و بقية جماعات المتأسلمين و التوابع من المليشيات و الأرزقية و الطفيلية السياسية و الإجتماعية و الفواقد و السواقط ، و لقد قيلت و تبودلت عبارات مثل:
الجماعة ديل ما عندهم أخلاق...
الناس ديل قد أسآءوا الأدب...
الكيزان ما عندهم أصل...
الكيزان ما عندهم أخلاق و لا ضمآئر...
الكيزان نبت شيطاني...
الكيزان ما بخافوا الله...
و
أنهم لا يستحون و لا يختشون...
و
أنهم ما مربيين...
و أحياناً يقال:
أنهم قليلو الأدب...
أو
أنهم عديمو الأدب...
و قد لفتت العبارتان الأخيرتان نظر صاحبنا فتوقف عندهما كثيراً و تمعن فيهما طويلاً ، و خلص صاحبنا من الظن و الشكوك إلى الإعتقاد الجازم و اليقين بأن هنالك خلط شآئع و بآئن ما بين مفهومي: قلة الأدب و عدم الأدب...
و الظاهر أنه كثيراً ما تتداخل و تتشابك المعاني ، و أحياناً قد يضطرب و يلتبس إستخدام المفردتين/المفهومين على الكثيرين حتى ظن/إعتقد كثيرون أن قلة الأدب و عدم الأدب مترادفتان تقودان إلى ذات المعنى و القصد...
و على خلاف الكثيرين يعتقد صاحبنا إعتقاداً يقينياً أن مفهومي قلة الأدب و عدم الأدب ليسا سيان ، و أنهما غير مترادفين ، و أنهما يختلفان إختلافاً بآئناً كما الفرق بين القُمرِي و السِّمبِر ، و أنه ليس هنالك ما يجمع بينهما غير المشاركة في إستخدام المفردة (الأدب) ، و هذا الإعتقاد هو ما دفع صاحبنا إلى التخريم و التبريم...
السآئد عن مفهوم الأدب في الأخلاق و السلوك هو أنه في جوهره يعني سماحة النفس و لين الطبع و حلو المعشر إلى جانب التحلي بمكارم الأخلاق في القول مع إنعكاس ذلك في السلوك فعلاً و عملاً ، و يقابل ذلك الفظاظة في الخلق و الغلاظة في القلب و الفحش في القول و السوء و الإنفلات و الإختلال في السلوك...
و قد أبان الله سبحانه و تعالى أهمية عامل التحلي بالأدب و التأدب بكريم الأخلاق و السلوك القويم في عملية إنجاح البعوث و تبليغ الرسالات الإلهية ، و ذلك عندما عَيَّنَ الله سبحانه و تعالى تحديداً الصفات المحمودة الجاذبة في خلق الرسول النبي المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم فذكر اللين في الطبع و نفى عنه صفتي الفظاظة و غلظة القلب:
{ فَبِمَا رَحۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِینَ }
[سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ١٥٩]
و وصف الله سبحانه و تعالى رسوله الأمين بالخلق العظيم:
{ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِیمࣲ }
[سُورَةُ القَلَمِ: ٤]
و قد لخص الرسول صلى الله عليه و سلم الهدف من بعثته في قوله:
(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
و تشتمل مكارم الأخلاق فيما تشتمل على: التحلي بالحلم و الصبر و التروي و الإعتدال و كذلك التواضع و الإحسان و التسامح و الحيآء و العفة و فعل الخير و غيرها من الخصال الحميدة التي تفيد الأدب و التأدب بكريم الأخلاق في القول و السلوك ، و قد حدث صلى الله عليه و سلم عن الأدب فقال:
(إن الله عز و جل أَدَّبَنِي فأحسن أدبي)
و قد روي في أهمية الأدب أن مالك بن أنس نصح أحدهم قآئلاً:
(تَعَلَّمَ الأدب قبل أن تتعلم العلم)
و هذا ما ذهب إلى حسن البصري حين قال:
(من لا أدب له لا علم له ، و من لا صبر له لا دين له ، و من لا تقوى له لا زلفى له)
و قالت جماعات الصوفية:
(أن من لا أدب له لا سير له ، و من لا سير له لا وصول له)
و قالت أيضاً:
(أن من لزم الأدب بلغ مبلغ الرجال)
و قال الشاعر أحمد شوقي في سياق التحلي بأدب الإخلاق الكريمة:
إنما الأممُ الأخلاقَ ما بقيت...
فإن همُ ذهبت أخلاقُهُم ذهبوا...
و مما تقدم يستشف أن الأدب زينة و يمثل عاملاً أساسياً و مهماً في بقآء و تماسك الفرد و المجتمعات الإنسانية و الأقوام و الشعوب و الأمم ، مما يعني أن قلته تنذر بعظيم الأمور مثل: الضبابية و الإنحراف و الضلال و الفحش و الشطط و الفساد ، و تقود حتماً إلى الفوضى و العبث و الإنشطار و الزوال و الإندثار و عدم الوصول إلى المبتغى و النهايات و العجز عن تحقيق الأهداف...
و قد قادت هذه الأهمية العظيمة للأدب صاحبنا إلى المزيد من التخريم و التبريم في تفسير معاني العبارتين: قلة الأدب و عدم الأدب و مشتقاتهما ، فقاده ذلك التأمل و التدبر إلى الخروج بعدة مفاهيم و تفاسير و مقترحات و مشاريع أرآء حول تلك العبارتين...
و فيما يلي و يخص مفهوم عبارة (قلة الأدب) فإن صاحبنا يعتقد أن:
١- الشخص قليل الأدب ، و كما توحي العبارة ، ربما يمتلك بعضاً من الأدب ، و أن هذا (البعض) و بحساب الكميات و المقادير قليل ، و الغالب أن غالبية الناس تعلم جيداً أن ما بحوزة الشخص المعني من الأدب قليل فلذلك أطلقت عليه و ببساطة صفة قلة الأدب و نادته بقليل الأدب ، و أحياناً و تيسيراً للفهم و تقريباً للمعاني تقول الناس عن قليل الأدب:
ما عندو أدب بتعريفة...
و التعريفةُ من أقل عملات بلاد السودان القديمة قيمةً...
٢- الغالب هو أن الشخص المعني بقلة الأدب يمتلك حقاً من الأدب القليل ، و أنه يلم جيداً بفوآئد و أهمية ممارسة الأدب مهنياً و إجتماعياً ، و أنه يعلم أن للأدب إستخدامات و تطبيقات في المعاملات و التداخلات و التفاعلات في مجالات و محيطات إجتماعية و مهنية متعددة ، لكنه رغم ذلك يضن به و يُقِلَّهُ و لا يستخدمه إلا نادراً أو قليلاً في سلوكه و تعاملاته المهنية و الإجتماعية ، و الغالب أنه يفعل ذلك ترشيداً للإستخدام أو ربما بخلاً منه و تقتيراً بسبب القلة أو ربما خوفاً و حرصاً منه على ما لديه من مخزونه الأدبي القليل...
٣- هنالك إحتمال أن ربما يكون الشخص الموصوف بقلة الأدب يمتلك كميات مقدرة من الأدب لكنه ربما يجهل ذلك ، و قد يمتد ذلك الجهل فيصيب معارفه و الناس من حوله مما يجعلهم يظنون أو ربما يعتقدون أن ذلك الشخص لا يمتلك ما يكفي من الأدب فيعدونه في زمرة قليلي الأدب ، و قد يختلط عليهم الأمر أحياناً فيصفونه بعديم الأدب...
٤- الشخص الموصوف بقلة الأدب يمتلك كميات معقولة من الأدب لكنه و لأسباب غير معلومة يظن/يعتقد أن مقدار ما لديه من الأدب قليل ، أو ربما أنه لا يعلم أو يلم جيداً ما هي قيمة الأدب مما يوقعه في مرتبة البخلآء و الجهل و الجهلآء ، و لا غرو أن من جهل معنى الأدب و المغزى منه لا يكترث و لا يأبه كثيراً لممارسته و تطبيقه سلوكاً ، و لهذا فإن الجاهل لا يمارس الأدب بل أنه كثيراً ما يسيئه...
٥- الشخص قليل الأدب ربما يمتلك مخزوناً معقولاً من الأدب لكنه يضن به و يقله لحرصه الشديد أو ربما لبخلٍ في طبعه أو لسوءٍ في خلقه أو إنحرافاً في سلوكه أو لكل تلك الأسباب مجتمعة ، و يبدوا أو الغالب أن قليل الأدب ربما يفعل ذلك حرصاً و خوفاً على ما يحسبه/يظنه أنه مخزون قليل من الأدب ، و هكذا فإن قليل الأدب يخشى ظناً أن ينفد ما لديه من مخزون الأدب القليل فيصبح حقاً عديم أدب...
جميع هذه التخريمات و التبريمات يمكن إدراجها و تصنيفها تحت مسمى المداخلات أو التفسيرات التي تبين أو ربما توحي أنه ربما لا يزال هنالك بعض أو قليل من الرجآء في الشخص قليل الأدب ، و أن هنالك أملٌ ، تتراوح و تتفاوت درجاته و قيمته ، في أن يظهر الشخص قليل الأدب أدبه ، يوماً ما ، فيجود به و يمارسه ، أو ربما يزداد أدب الشخص قليل الأدب و يكثر في ظرفٍ ما و مكانٍ آخرٍ فيمارسه في معاملاته و سلوكه فتنتفع به البلاد و العباد في تلك الأزمنة و النواحي...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا.
fbasama@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.
لقد ساهمت: الجماعات المتأسلمة بمسمياتها المختلفة (الكيزان) و تجار الحروب و أمرآء المليشيات و الأرزقية و الطفيلية السياسية و الساقط الحزبي و الفاقد التربوي و المجتمعي مساهمات عظيمة/عقيمة فيما يحدث من فتن و مكآئد و دسآئس و مؤامرات و فساد و فحش في الساحات: السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية ، و قد ترتب على ذلك الكثير من الفوضى و العبث و الفشل و إبتلآءات أخرى عظيمة و عديدة أصبحث آثارها الكارثية بآئنة في كل مناحي الحياة في بلاد السودان...
و لقد ترددت في السنوات الفآئتة و الوقت الحالي مقولات كثيرة عن ممارسات و فساد و ظلم الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و بقية جماعات المتأسلمين و التوابع من المليشيات و الأرزقية و الطفيلية السياسية و الإجتماعية و الفواقد و السواقط ، و لقد قيلت و تبودلت عبارات مثل:
الجماعة ديل ما عندهم أخلاق...
الناس ديل قد أسآءوا الأدب...
الكيزان ما عندهم أصل...
الكيزان ما عندهم أخلاق و لا ضمآئر...
الكيزان نبت شيطاني...
الكيزان ما بخافوا الله...
و
أنهم لا يستحون و لا يختشون...
و
أنهم ما مربيين...
و أحياناً يقال:
أنهم قليلو الأدب...
أو
أنهم عديمو الأدب...
و قد لفتت العبارتان الأخيرتان نظر صاحبنا فتوقف عندهما كثيراً و تمعن فيهما طويلاً ، و خلص صاحبنا من الظن و الشكوك إلى الإعتقاد الجازم و اليقين بأن هنالك خلط شآئع و بآئن ما بين مفهومي: قلة الأدب و عدم الأدب...
و الظاهر أنه كثيراً ما تتداخل و تتشابك المعاني ، و أحياناً قد يضطرب و يلتبس إستخدام المفردتين/المفهومين على الكثيرين حتى ظن/إعتقد كثيرون أن قلة الأدب و عدم الأدب مترادفتان تقودان إلى ذات المعنى و القصد...
و على خلاف الكثيرين يعتقد صاحبنا إعتقاداً يقينياً أن مفهومي قلة الأدب و عدم الأدب ليسا سيان ، و أنهما غير مترادفين ، و أنهما يختلفان إختلافاً بآئناً كما الفرق بين القُمرِي و السِّمبِر ، و أنه ليس هنالك ما يجمع بينهما غير المشاركة في إستخدام المفردة (الأدب) ، و هذا الإعتقاد هو ما دفع صاحبنا إلى التخريم و التبريم...
السآئد عن مفهوم الأدب في الأخلاق و السلوك هو أنه في جوهره يعني سماحة النفس و لين الطبع و حلو المعشر إلى جانب التحلي بمكارم الأخلاق في القول مع إنعكاس ذلك في السلوك فعلاً و عملاً ، و يقابل ذلك الفظاظة في الخلق و الغلاظة في القلب و الفحش في القول و السوء و الإنفلات و الإختلال في السلوك...
و قد أبان الله سبحانه و تعالى أهمية عامل التحلي بالأدب و التأدب بكريم الأخلاق و السلوك القويم في عملية إنجاح البعوث و تبليغ الرسالات الإلهية ، و ذلك عندما عَيَّنَ الله سبحانه و تعالى تحديداً الصفات المحمودة الجاذبة في خلق الرسول النبي المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم فذكر اللين في الطبع و نفى عنه صفتي الفظاظة و غلظة القلب:
{ فَبِمَا رَحۡمَةࣲ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ لَهُمۡۖ وَلَوۡ كُنتَ فَظًّا غَلِیظَ ٱلۡقَلۡبِ لَٱنفَضُّوا۟ مِنۡ حَوۡلِكَۖ فَٱعۡفُ عَنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ وَشَاوِرۡهُمۡ فِی ٱلۡأَمۡرِۖ فَإِذَا عَزَمۡتَ فَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ یُحِبُّ ٱلۡمُتَوَكِّلِینَ }
[سُورَةُ آلِ عِمۡرَانَ: ١٥٩]
و وصف الله سبحانه و تعالى رسوله الأمين بالخلق العظيم:
{ وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِیمࣲ }
[سُورَةُ القَلَمِ: ٤]
و قد لخص الرسول صلى الله عليه و سلم الهدف من بعثته في قوله:
(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)
و تشتمل مكارم الأخلاق فيما تشتمل على: التحلي بالحلم و الصبر و التروي و الإعتدال و كذلك التواضع و الإحسان و التسامح و الحيآء و العفة و فعل الخير و غيرها من الخصال الحميدة التي تفيد الأدب و التأدب بكريم الأخلاق في القول و السلوك ، و قد حدث صلى الله عليه و سلم عن الأدب فقال:
(إن الله عز و جل أَدَّبَنِي فأحسن أدبي)
و قد روي في أهمية الأدب أن مالك بن أنس نصح أحدهم قآئلاً:
(تَعَلَّمَ الأدب قبل أن تتعلم العلم)
و هذا ما ذهب إلى حسن البصري حين قال:
(من لا أدب له لا علم له ، و من لا صبر له لا دين له ، و من لا تقوى له لا زلفى له)
و قالت جماعات الصوفية:
(أن من لا أدب له لا سير له ، و من لا سير له لا وصول له)
و قالت أيضاً:
(أن من لزم الأدب بلغ مبلغ الرجال)
و قال الشاعر أحمد شوقي في سياق التحلي بأدب الإخلاق الكريمة:
إنما الأممُ الأخلاقَ ما بقيت...
فإن همُ ذهبت أخلاقُهُم ذهبوا...
و مما تقدم يستشف أن الأدب زينة و يمثل عاملاً أساسياً و مهماً في بقآء و تماسك الفرد و المجتمعات الإنسانية و الأقوام و الشعوب و الأمم ، مما يعني أن قلته تنذر بعظيم الأمور مثل: الضبابية و الإنحراف و الضلال و الفحش و الشطط و الفساد ، و تقود حتماً إلى الفوضى و العبث و الإنشطار و الزوال و الإندثار و عدم الوصول إلى المبتغى و النهايات و العجز عن تحقيق الأهداف...
و قد قادت هذه الأهمية العظيمة للأدب صاحبنا إلى المزيد من التخريم و التبريم في تفسير معاني العبارتين: قلة الأدب و عدم الأدب و مشتقاتهما ، فقاده ذلك التأمل و التدبر إلى الخروج بعدة مفاهيم و تفاسير و مقترحات و مشاريع أرآء حول تلك العبارتين...
و فيما يلي و يخص مفهوم عبارة (قلة الأدب) فإن صاحبنا يعتقد أن:
١- الشخص قليل الأدب ، و كما توحي العبارة ، ربما يمتلك بعضاً من الأدب ، و أن هذا (البعض) و بحساب الكميات و المقادير قليل ، و الغالب أن غالبية الناس تعلم جيداً أن ما بحوزة الشخص المعني من الأدب قليل فلذلك أطلقت عليه و ببساطة صفة قلة الأدب و نادته بقليل الأدب ، و أحياناً و تيسيراً للفهم و تقريباً للمعاني تقول الناس عن قليل الأدب:
ما عندو أدب بتعريفة...
و التعريفةُ من أقل عملات بلاد السودان القديمة قيمةً...
٢- الغالب هو أن الشخص المعني بقلة الأدب يمتلك حقاً من الأدب القليل ، و أنه يلم جيداً بفوآئد و أهمية ممارسة الأدب مهنياً و إجتماعياً ، و أنه يعلم أن للأدب إستخدامات و تطبيقات في المعاملات و التداخلات و التفاعلات في مجالات و محيطات إجتماعية و مهنية متعددة ، لكنه رغم ذلك يضن به و يُقِلَّهُ و لا يستخدمه إلا نادراً أو قليلاً في سلوكه و تعاملاته المهنية و الإجتماعية ، و الغالب أنه يفعل ذلك ترشيداً للإستخدام أو ربما بخلاً منه و تقتيراً بسبب القلة أو ربما خوفاً و حرصاً منه على ما لديه من مخزونه الأدبي القليل...
٣- هنالك إحتمال أن ربما يكون الشخص الموصوف بقلة الأدب يمتلك كميات مقدرة من الأدب لكنه ربما يجهل ذلك ، و قد يمتد ذلك الجهل فيصيب معارفه و الناس من حوله مما يجعلهم يظنون أو ربما يعتقدون أن ذلك الشخص لا يمتلك ما يكفي من الأدب فيعدونه في زمرة قليلي الأدب ، و قد يختلط عليهم الأمر أحياناً فيصفونه بعديم الأدب...
٤- الشخص الموصوف بقلة الأدب يمتلك كميات معقولة من الأدب لكنه و لأسباب غير معلومة يظن/يعتقد أن مقدار ما لديه من الأدب قليل ، أو ربما أنه لا يعلم أو يلم جيداً ما هي قيمة الأدب مما يوقعه في مرتبة البخلآء و الجهل و الجهلآء ، و لا غرو أن من جهل معنى الأدب و المغزى منه لا يكترث و لا يأبه كثيراً لممارسته و تطبيقه سلوكاً ، و لهذا فإن الجاهل لا يمارس الأدب بل أنه كثيراً ما يسيئه...
٥- الشخص قليل الأدب ربما يمتلك مخزوناً معقولاً من الأدب لكنه يضن به و يقله لحرصه الشديد أو ربما لبخلٍ في طبعه أو لسوءٍ في خلقه أو إنحرافاً في سلوكه أو لكل تلك الأسباب مجتمعة ، و يبدوا أو الغالب أن قليل الأدب ربما يفعل ذلك حرصاً و خوفاً على ما يحسبه/يظنه أنه مخزون قليل من الأدب ، و هكذا فإن قليل الأدب يخشى ظناً أن ينفد ما لديه من مخزون الأدب القليل فيصبح حقاً عديم أدب...
جميع هذه التخريمات و التبريمات يمكن إدراجها و تصنيفها تحت مسمى المداخلات أو التفسيرات التي تبين أو ربما توحي أنه ربما لا يزال هنالك بعض أو قليل من الرجآء في الشخص قليل الأدب ، و أن هنالك أملٌ ، تتراوح و تتفاوت درجاته و قيمته ، في أن يظهر الشخص قليل الأدب أدبه ، يوماً ما ، فيجود به و يمارسه ، أو ربما يزداد أدب الشخص قليل الأدب و يكثر في ظرفٍ ما و مكانٍ آخرٍ فيمارسه في معاملاته و سلوكه فتنتفع به البلاد و العباد في تلك الأزمنة و النواحي...
و الحمد لله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا.
fbasama@gmail.com