تعقيبات على إجابات مبارك الفاضل لبهرام عبد المنعم
(1 من 2)
لأن أعداء المؤتمر الوطني والوطن هم من بعض الشاكلة التي يمثلها مبارك الفاضل وأضراب له، فإنه يجب علينا أن نمعن في تأييد المؤتمر الوطني، حتى نخلصه، ونخلص الوطن، من أمثال هؤلاء اللاعبين الناقمين الناعمين.
ولو لم يكن من سبب لتأييدنا للمؤتمر الوطني إلا هذا السبب لكفى به من سبب!
هكذا قلت لنفسي وأنا أطالع البارحة خلاصة حوار أجراه الأستاذ بهرام عبد المنعم مع مبارك الفاضل.
السؤال الأهم:
وقد كان طبيعيا ومنطقيا أن يستهل الأستاذ بهرام أسئلته لمبارك الفاضل، بالسؤال الأهم، والأشاد إلحاحا، وهو:
لماذا جاء هذا إعلان هذا (الفاضل) المريب عن وحدة حزبه، مع حزب ابن عمه، في هذا الوقت العصيب؟!
وقد جاءت إجابة المدعو الفاضل عن السؤال وهي تتجاوز حدود المعقول، وتشارف حدود اللا معقول، وتتخطى قواعد النحو العربي: إذ بدأها بقوله إنهم يعتبرون:" أن وحدة حزب الأمة هدف استراتيجي "!
وهنا أظن أنه قد طفر إلى ذهن القارئ العادي، من أمثالي، هذا السؤال المنطقي الذي لم يسأله الأستاذ بهرام للمدعو الفاضل، وهو:
إذا كنتم تعدون وحدة حزب الأمة هدفا استراتيجيا فلماذا خرجتم إذن على حظيرة الحزب، وهددتم وحدته، وحطمتموها، وأعلنتم بعد ذلك الحرب الكلامية والوثائقية الضروس على زعيم الحزب؟!
وبالطبع فإن علينا أن نراعي أن الأستاذ الصحفي الماهر بهرام لم يكن بوسعه أن يسأل هذا السؤال الصادم حتى لا يفقد الفاضل أعصابه ويفسد الحوار ابتداء.
ولكن من حقنا نحن القراء المستهدفين بمادة الحوار المنشورة أن نسأل هذا السؤال القتال!
كل الإجابات زائفة:
وإذا كان المدعو الفاضل قد تفضل علينا في مفتتح إجابته عن سؤال الأستاذ بهرام بمغالطة منطقية، حول المسألة (الاسترتيجية!)، ظانا أنها يمكن أن تنطلي علينا، فإن ذلك قد شجعه على أن يمرح في ذيول إجابته، ويسرح في ذيول الهذيان.
قال وهو يبرر تقديره وتدبيره الذي أعلن عنه للرجوع إلى حظيرة حزب ابن عمه: إن حالة البلاد اقتضت هذا التقدير والتدبير.
وذلك لأن البلاد ستفقد أربعين بالمائة من دخل البترول!
وهذا أمر حتم عليه الرجوع لحزب الصادق.
وأن الحرب ما تزال مستمرة في دارفور!
وهذا أمر حتم عليه الرجوع لحزب الصادق.
وأن الحكومة ترفض الحوار مع المخالفين!
وهذا أمر حتم عليه الرجوع لحزب الصادق.
وأن الحكومة تتوجه نحو الحلول العسكرية!
وهذا أمر حتم عليه الرجوع لحزب الصادق.
وقد أفضى إلينا مبارك الفاضل بكل الحيثيات الزائفة غير الصحيحة، زاعما أنها وحدها، لا غيرها، هي الحيثيات الوطنية (الاستراتيجية!)، التي حدت به لإعلان رجوعه إلى حزب ابن عمه.
ولم يذكر الفاضل أيا من الحيثيات الحقيقية الصحيحة التي حدت به لإعلان رجوعه إلى حزب ابن عمه.
الإعلان من طرف واحد:
وهنا كنا نود أن لو سأله الأستاذ بهرام: لماذا جاء هذا إعلان توحيد الحزب من طرف واحد، هو طرف حزب مبارك الفاضل، ولم يترافق معه إعلان آخر، من الطرف المعني بالأمر، وهو طرف حزب الصادق؟!
وهو سؤال كان سيربك هذا (الفاضل) كثيرا، إن تعرض له، لأنه سيعرضه بمعرض المعارض المتهافت، الذي يعارض لسبب شخصي.
ويسعى الآن، مدفوعا بسبب شخصي كذلك، إلى اللحاق بالركب الذي غادره من زمان، وعز عليه أن ينخرط فيه من جديد.
ولا ريب أن مبارك الفاضل يدفع الآن ثمن انتهازيته وعجلته وتطرفه وطيشه مضاعفا.
ويدرك تمام الإدراك، وإن كان لا يريد أن يعترف بذلك، أن دون عودته إلى الإنخراط في حزبه الأم خرط شديد للقتاد.
وهو قتاد رهن الصادق عودة ابن عمه إليه بخرطه.
إذ يتوجب على مبارك الفاضل، قبل تقديم طلب عودته إلى الحزب الأم، أن يقدم نقدا ذاتيا لسلوكه السياسي الانقسامي الذي دمر الحزب وأحبط فعاليته.
ويتوجب على مبارك الفاضل أن يقدم اعتذار مهينا لجماهير الحزب وقيادته عسى أن ترضى عنه.
ويتوجب على مبارك الفاضل، ومن بقي معه بعصابة ما يسمى بـ (الإصلاح والتجديد)، أن يقبلوا بالعودة إلى الحزب الأم في صورة أفراد لا في صورة تكتل تنظيمي.
ويتوجب عليهم أن يقبلوا بالانخراط في الحزب على مستوى العضوية العادية وليس في مقام القيادة الصفوية السامية.
فقيادة حزب الأمة، ممثلة في الصادق، وبنتيه وولديه، تدرك تماما أن مطمع الفاضل لا ينتهي إلا بوراثة الزعيم الحالي للحزب.
فالطمع في قيادة الحزب، ووراثة زعيمه وهو حي، كان السبب الأول في انقسام ابن العم عن ابن العم.
والطمع في قيادة الحزب، ووراثة زعيمه الذي أعطى في لحظة إحباط إشارة احتمال باعتزاله السياسة، كان السبب الأول في محاولة ابن العم للرجوع إلى ابن العم.
صياغة أخرى للسؤال:
ولكن الأستاذ بهرام ربما شاء أن يصوغ السؤال على نحو أنسب، فقال مواجها الفاضل: " كثر يعتقدون أن السيد مبارك الفاضل يلعب (بولوتيكا) وليس سياسة، وأقدم على خطوة الدمج عندما لوَّح ابن عمه الصادق المهدي باعتزال العمل السياسي لتصبح رئيساً لحزب الأمة بشكل كامل؟"
وكعادته في السفسطة أجاب الفاضل قائلا:" حديث السيد الصادق المهدي عن الاعتزال هو وضعه بديل، وهو قال: [أنا في هذه السن أرى بأم عيني أن البلد تتمزق، فأنا لن أستطيع أن أبقى محايداً في ظل هذا الوضع، سأدعو المؤتمر الوطني ليقوم ببعض الترتيبات، وسأمهله إلى يوم السادس والعشرين من يناير، وسأعقد مؤتمر لحزبي، إذا رفض سأقرر إما أن أصادم هذا الوضع، أو اعتزل السياسة]. المفهوم في ذلك أن حزبه إذا قال (لا) ولا يريد أن يذهب في طريق المواجهة هو لن يقبل أن يستمر في هذه الوضع وسيعتزل عند ذلك، وليس الاعتزال مُطلقاً ".
وهي إجابة ولا إجابة.
مؤداها أن الصادق قد يعتزل العمل السياسي إذا لم يقره حزبه على مواجهة النظام. وإنه إذا اعتزل السياسة فإن ذلك لن يكون اعتزالا تاما!!
وهنا انفسح المجال لكي يصيب الأستاذ بهرام الفاضل بهذا السؤال القتال: هل لديك طموح لقيادة حزب الأمة بشكل كامل في الوقت الراهن؟
ومع أن سؤال الأستاذ بهرام سؤال كان شديد التحديد والتسديد، إلا أن المستهدف تفادى السهم (المُهدَّف)، فلم يجب بنعم، ولم يجب بغير نعم، وآثر أن يتحدث في موضوع آخر لم يسأل عنه، فقال:
" أعتقد أن المطروح الآن الوضع الراهن، إذا لم يوجد وطن، فلن يكون هناك حزب، الأولوية الآن للوطن ".
وهكذا آثر أن يتخلص من هذا السؤال بالذات، بأن عاد إلى حديث المطلقات المنتحلات، وتكرار سرد الحيثيات الزائفات، التي استهل بها هذه المقالات الشاردات.
وقد ظن الفاضل آثما أنه قد بقي في الوطن السوداني، الذي استفحل التعليم في نشئه، واستعظم الوعي السياسي بين مواطنيه، شخص يمكن أن يصدق أنه قادم لإنقاذ الوطن، لا للفوز بمنصب رئاسة حزب الأمة.
وإن كان لم يجرؤ، مع ذلك، على القول بأنه لا يطمح في انتزاع هذا المنصب من ذويه!
(2 من 2)
لقد برهن المدعو مبارك الفاضل عبر تاريخه السياسي أنه من ضمن السياسيين السودانيين الموصوفين بأنهم لا يعيشون في غير أجواء الفتن.
فمناخ الفتن والإحن هو وحده المناخ الصالح لعيش أمثال هؤلاء السياسيين الذين لا يبالون بحال الوطن من أحوال الوطن.
ولا شأن من شؤون مواطنيه.
ولا يبالون إلا بذواتهم الفانية ومصالحهم الشخصية المتفانية.
وعلى دأبه هذا الدائب ها هو يطلع علينا بفتنة جديدة يذَرُّ قرنها.
ها هو المدعو مبارك الفاضل يتبرع بإعلان فتنة لم تعلن عنها عنها حتى الأطراف المتطرفة في حكومة الجنوب.
فقد قال بعد أن تغزل قليلا بحكومة الجنوب إن الحكومة السودانية :" منعت المواد التموينية من الجنوب، نحن في حالة حرب، الآن الانقاذ في حالة حرب غير معلنة مع الجنوب في وقت لا يوجد خوف من الجنوب ليتغول على الشمال، بالعكس الجنوب يريد حماية نفسه، ويذهب إلى حال سبيله، ولا يريد التمدد شمالا ".
إشعال الفتن:
وفي مواجهة هذا الطفح الطافح من المزاعم الخطيرة انتبه الأستاذ المحاور الجاد الأستاذ بهرام إلى أن هذا (الفاضل) يختلق مزاعم لم تتجرأ حكومة الجنوب نفسها على اختلاقها، فواجهه قائلا:
لكن حكومة الجنوب لم تعلن عن حالة منع الشمال لدخول المواد التموينية إلى الجنوب؟
وفي مواجهة هذا السؤال لم يعجز هذا المفتري أن يجيب قائلا:" نعم حكومة الجنوب لم تعلن عنها، لكن معلوماتنا التي وردت إلينا من التجار والمواطنين أنهم منعوا في الأسواق كالأبيض وغيرها، ونبهوا من الأجهزة بعدم بيع أي ذرة أو مواد غذائية إلى الجنوب ".
وهنا استطرد السائل المتشكك في مزاعم هذا المفتري، فواجهه بسؤال استيضاحي قائلا:" هل الأجهزة التي تتحدث عنها منعت التجار مباشرة من تصدير المواد الغذائية إلى الجنوب؟
ولم يعجز المفتري مرة أخرى أن يجيب بفرية جديدة، إذ ما أسهل الافتراء على من ليس له حياء، فقال:" نعم المنع حقيقي، وتم تنبيه التجار في أسواق المحاصيل المتاخمة للجنوب ".
وبالطبع فإن ما اجترحه هذا (الفاضل) من اختلاقات، لا يستغرب أحد إتيانه إياها.
فهذا نهجه الذي لا يتنكبه ولا يكاد يغفل عنه أو يحيد.
وليس من شخص أكثر إمعانا في الكذب الضار بالوطن من هذا (الفاضل).
وهل أضر أحد بلادنا بكذب أكثر من كذب هذا (الفاضل) الذي أدى كذبه إلى تحطيم مصنع أدوية زعم لأسياده أنه مصنع سلاح كيميائي!
قصده من زرع الفتن:
وبخصوص فرية اليوم البلقاء التي جاء بها هذا (الفاضل) فإنه يريد بها أن يتهم الشمال بتجويع الجنوب.
وأن يقول إن الشمال خطط لذلك عن قصد وإصرار.
وبهذا يظن هذا (الفاضل) أنه سيحقق هدفين اثنين.
أولهما: توريط الحكومة السودانية في جرم كبير إذا وقعت - لا سمح الله - مجاعة عارمة التهمت الجنوب بعد الانفصال.
وثانيهما: تبرئة حكومة الجنوب من تهمة الإهمال وسوء التخطيط إن وقعت تلكم الواقعة.
رأيه في تقسيم الوطن:
ولا يرتكب الفاضل هذا الشط كله إلا من أجل تحقيق أهدافه الذاتية في نيل الزعامة المستقبلية.
فأداته الكبرى التي يستعين بها هي حكومة الجنوب.
وقد تحالف معها قبيل الانتخابات.
ونراه الآن يواصل تحالفه معها بعد الانتخابات.
وهو يريد لهذا الحلف الانتهازي الضار بمصالح الوطن أن يستمر بعد الانفصال. ولذلك فهو يجتهد في تبرئة ساحة الدعاة الانفصاليين الجنوبيين المتطرفين.
ويحمل هذا الوزر لحكومة السودان.
ولذلك أجاب عن أحد أسئلة الأستاذ بهرام قائلا:
" كنت في الأيام الماضية بمكتب النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفاكير ميارديت في جوبا، وقبل أن أقابله كان اصطاف مكتبه يتجاذب معي أطراف الحديث فأكد لي هؤلاء الأشخاص بأن السودان سيعود إلى الوحدة من جديد، هذه هي الروح الموجودة في الجنوب، نحن مطالبين كحركة سياسية توفير الظروف الموضوعية، الدولة المدنية، الديموقراطية، إعادة هيكلة الكيان السوداني، بما يعالج أخطاء الماضي، حل قضية تكريس الدين، تكريس الهوية، وقضية اللا مركزية، والتوزيع العادل للثروة، كلها قضايا تحتاج إلى المواجهة، فإذا واجهناها وأنشأنا أرضية حقيقية لإعادة بناء الكيان السوداني، ليست لدى أي شكوك في وحدة السودان، لكن كيف لنا أن ننزع فتيل الشر القائم الآن الذي جاءت به الحركة الإسلامية ومصرة عليه هذا الإصرار الغريب ".
وهكذا يريد الفاضل أن يوقع في روعنا أن انفصال جنوب السودان هو عمل تكتيكي لا استراتيجي.
وأن الهدف منه مرحلي بحت وهو إزالة حكم الإنقاذ.
وبعد ذلك يعود شطرا الوطن إلى الالتئام.
وهكذا فكل شيئ هو تكتيكي عند مبارك الفاضل.
حتى انقسام السودان.
أما الهدف الاستراتيجي الوحيد، والواحد، والأوحد، عنده، فهو أن يصبح زعيما لحزب الأمة. ومن ثم زعيما للسودان!
ولكن هيهات.. وهيهات.
فالوطن والوطنيون الشرفاء جميعا له بالمرصاد.
ولأمثال هذا المدعو مبارك الفاضل المهدي نقول:
إننا لا نؤيد حكومة المؤتمر الوطني لأننا نظن أنها حكومة مثالية فاضلة.
ولكنا نؤيدها لسبب مهم ضمن أساب أخرى.
وهو أنها تحمي الوطن العزيز، وتنقذه، من سطوة أمثالكم من السياسيين اللا مبدئيين!
mohamed ahmed [waqialla1234@yahoo.com]