تعقيب على الطاهر ساتي .. لا تكن كالببغاء عقله في أذنيه !! (2-2)
د. عمر القراي
23 October, 2022
23 October, 2022
Omergarrai@gmail.com
(قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْر) صدق الله العظيم
لقد كانت الكتب في العهد البائد، تعطى لمطابع تجارية، معظمها مملوكة لنافذي المؤتمر الوطني، لتطبعها وتبيعها، ليشتريها التلاميذ بالأسعار الباهظة، وهي رديئة الطباعة والألوان. ولكننا قمنا بطباعتها بمستوى راق، في مطبعة العملة التابعة لوزارة المالية، وفي مطبعة دار النشر التربوي، التابعة لوزارة التربية والتعليم، بعد أن استرجعناها قانونياً، من نقابة العاملين بالوزارة، حيث منحت لهم من وكيل الوزارة في العهد البائد، ليوظفوها في عمل تجاري، يعود على مجموعة الإسلاميين بالارباح الطائلة. وحين قمنا بطباعة الكتب في مطابع الحكومة، سلمناها لمدارس العاصمة والاقاليم، لتسلم لكل تلميذ مجاناً. ولقد انزعج لهذا أصحاب المطابع الخاصة، وقاموا بمقابلتي أكثر من مرة، وهددوا بأن يشتكوني لرئيس الوزراء. وهاج أحدهم في مكتبي وقال لي (أنت بتحاربنا في أرزاقنا.. داير تدمر حياتنا؟ ) قلت له : ( كم عدد المطابع التي ظلت لسنوات تطبع الكتاب المدرسي؟ فقال: حوالي كم وعشرين مطبعة. قلت له تريدني أن اراعي مصالحكم أنتم وأهمل مصالح عشرة مليون تلميذ ؟). وحين تعثرت وزارة المالية، في توفير المبالغ لمطبعة العملة، فتحنا حساباً لتلقي تبرعات المواطنين لدعم الكتاب المدرسي. وقد اسهم فيه أفراد ومنظمات مجتمع مدني. ثم إتصلنا بوزارة الخارجية، وطلبنا من الوكيل أن يهيئ لنا مقابلات مع سفراء الدول، التي أبدت حسن نيّة في تقديم مساعدات مجتمعية. وحين قابلناهم ذكرنا لهم أننا لا نريد منهم أموال، وإنما مواد عينية كالورق، والحبر، ومعينات الطباعة. كل هذا الصراع من أجل حق أبنائنا في التعليم المجاني، إختزله هذا الصحفي برؤية بائسة حين قال (لقد تسوّلوا السفراء وبعد التسول أهدروا الأموال في كتب لا تصلح ألا "يولعوا بيها الفحم")!! فهل ما فعلناه كان تسولاً ؟! أم ارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية، الى دعم القيم العليا للشعوب مثل التعليم؟! وهل اطلع الطاهر ساتي على كل الكتب، وتأكد أنها لا تصلح إلا للحريق؟! أم أكتفى بسماع (الخبير) المزعوم ؟!
يقول الطاهر ساتي (كتاب التاريخ اطلع عليه وزير التعليم بعد طباعته ليكتشف ضعفاً كبيرا في مادة وحدة النهضة الأوروبية ثم أصدر قراراً بتشكيل لجنة للمراجعة بعد طباعة 800.000 كتاب بتكلفة قيمتها 56.000.000 جنيه). أتفق مع الطاهر ساتي بأن هذا خطأ فعلاً. وكان يمكن الانتباه له من النسخة التجريبية، وقبل طباعة كل النسخ. ولكن الجانب الذي لم تره عين الطاهر ساتي، هو أن السيد الوزير بروفسير محمد الأمين التوم، قال من الأفضل أن نخسر ونعيد طباعة الكتاب، وبدلاً من 70 جنيه لطباعة النسخة، نكون كأننا نطبعها ب 140 جنيه. هذا أفضل من أن نقدم لأبنائنا معلومات ضعيفة لا ترقي من عقولهم. ولقد وافقته على ذلك.
وما دام الطاهر ساتي حريصاً على أموال الوزارة، فلماذا لم يتحدث عن الوزير المكلف الحاضر، الذي أتي به انقلاب البرهان، لأنه كان من عناصر النظام البائد في الوزارة، وحوله من موظف في قسم الامتحانات، الى رئيس قسم الامتحانات، ووكيل الوزارة المكلف، ووزير التربية المكلف، حتى سمته لجنة المعلمين (سيد الحيشان التلاتة). وكان من بعض ما فعله، أن خصم لنفسه مبلغاً، من مكافاءات المعلمين على التصحيح. ثم اشترى له من أعادهم من الفلول، من أموال الشعب، سيارة جديدة. واقاموا له حفلاً، صور وهو يرقص فيه!! وزير التربية يرقص فرحاً مع أن المعلمين، في الشارع، يتظاهرون طلباً لتحسين رواتبهم. والتلاميذ يدرسون تحت الأشجار، والمدارس لا توجد بها كتب المقررات القديمة، ولم تطبع لها كتب المقررات الجديدة.
وأنا أتساءل مَن مِن الفلول، الذين عادوا الى وزارة التربية، بعد انقلاب البرهان، نقل هذه الاخبار الكاذبة للطاهر ساتي، فصدقها ونشرها؟! أسمعه يقول (رياضيات الصف السادس اكتشفوا فيه الأخطاء بعد طباعة ما لا يقل عن 50000 نسخة فأوقفوا الطباعة). إن الذي حدث هو أن لجنة مراجعة الكتاب، إكتشفت خطأ في صفحة واحدة، فقامت المطبعة بخلع الصفحة، من النسخ التي طبعت، واستمرت الطباعة. والشاهد هنا ليس الخطأ فهو متوقع، وإنما الشاهد أن هناك لجنة مراجعة. وهذه هي حدود مسؤليتي أن أكون لجنة تأليف ولجنة مراجعة.
يقول الطاهر ساتي (وكذلك راجع مجمع الفقه الإسلامي كتاب التربية الإسلامية للصف الأول وتفاجأ بعبارة "الجنة تحت أقدام الأمهات " على أنها حديث نبوي شريف وكذلك عبارة " النظافة من الأيمان" فالكثير من الأقوال المأثورة أو "الماسورة" وضعتها لجان القراي في المناهج على أنها أحاديث نبوية "كمان صحيحة")(المصدر السابق). وهذا الكلام غير صحيح !! فمجمع الفقه لم يراجع الكتاب، وليس ذلك من حقه. وإنما اعطى الوزير نسخة أولية، قبل الطباعة، لوزير الشؤون الدينية، فحولها الى مجمع الفقه، فكتب عليها ملاحظات عديدة، ذكرتها في المؤتمر الصحفي، منها ما لم نأخذ به، ومنها ما أخذنا به. ومما قبلناه وخرج به الكتاب في صورته النهائية، تغيير حديث (الجنة تحت أقدام الأمهات ) الى حديث بنفس المعنى وهو ( أن رجلاً جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يريد الغزو فسأله : ألك أم ؟ قال: نعم. قال: ألزمها فإن الجنة تحت رجلها). وهل حقاً حديث (الجنة تحت اقدام الأمهات )، مجرد عبارة وتفاجأ مجمع الفقه حين ذكرنا أنها حديث نبوي؟! فما ظن الطاهر ساتي ومجمع الفقه بالآتي (حديث: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات»؛ رواه ابن عدي في "الكامل" من طريق موسى بن محمد المقدسي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات؛ مَن شِئن أَدْخَلْن، ومَنْ شِئن أَخْرَجْن». قال ابن عدي: موسى بن محمد المقدسي منكر الحديث. كما ورد الشطر الأول من هذا الحديث: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ» من حديث أنس رضي الله عنه، برواية أبي بكر الشافعي في "الرباعيات"، وأبي الشيخ في "الفوائد"، والقضاعي، والدولابي، عن منصور بن المهاجر عن أبي النظر الأبار عن أنسٍ رضي الله عنه مرفوعًا به، ومن هذا الوجه رواه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"، وذكره السيوطي في "الجامع الصغير".... وهذا الحديث وإن كان لفظه ضعيفًا إلا أنه ورد بمعناه حديثٌ آخر صحيح؛ رواه الإمام أحمد في "مسنده"، والنسائي -واللفظ له- وابن ماجه في "سننهما"، والطبراني في "المعجم الكبير" بإسناد حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، من حديث معاوية بن جاهمة: أنه جَاءَ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ، وَقَدْ جِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ»؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَالْزَمْهَا؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلِهَا" ... والخلاصة: أنَّ حديث: «الجنة تحت أقدام الأمهات» وردت فيه رواياتٌ كثيرة؛ منها ما هو صحيحٌ، ومنها ما هو ضعيفٌ؛ فيقوي بعضُها بعضًا، وهو صريحٌ في الحض على بر الأم والتواضع لها)(صفحة شوقي علام مفتي الديار المصرية shawkyallam.com/ViewFatwa.aspx?ID=4509 ). كما إننا استبدلنا (النظافة من الأيمان) بالحديث (الطهور شطر الإيمان) الذي ذكره مجمع الفقه الإسلامي في خطابه. فإذا جاء بعد ذلك الصحفي الطاهر ساتي ليقول (فالكثير من الاقوال المأثورة أو " الماسورة" وضعتها لجان القراي في المناهج على أنها احاديث نبوية) أنظر الى عبارة (فالكثير) من قوله السابق. إن هذا الصحفي كاذب، ومدع بلا بينة، وهو بعيد عن الأمانة التي تقتضيها مهنة الصحافة ؟!
أول ما رأيت الأستاذ الطاهر ساتي، رأيته وهو مبتدئ في جريدة الصحافة، وكان معروفاً بين زملائه، بأنه من الاخوان المسلمين، المنافحين عن حكومة الإنقاذ، وحزب المؤتمر الوطني. ولكن بعد فترة، وربما لتأثره بالصحفي الكبير الحاج وراق، الذي كان يعمل في الصحافة آنذاك، ظهرت له بعض الكتابات في نقد جماعته، وبعض التحقيقات لمصلحة الشعب.
فهل يريد الآن أن يعيد علاقته بجماعته، ويقدم لهم نقدنا قرباناً؟ وهو يشعر بأن هناك تسوية قادمة، كما ذكر في هذا المقال، فهل يظن أن هذه التسوية ستعيد الاخوان المسلمين مرة أخرى؟! أم أنه مجرد صحفي، عاطل عن المواهب، تنقصه روح البحث والتحري، فيصدّق كلما يسمع، دون تفكير، كمن قال فيه الشاعر:
أثر البهتان فيه * وأنطلى الزور عليه
ياله من ببغاء * عقله في أذنيه
22 أكتوبر 2022م
/////////////////////////////
(قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْر) صدق الله العظيم
لقد كانت الكتب في العهد البائد، تعطى لمطابع تجارية، معظمها مملوكة لنافذي المؤتمر الوطني، لتطبعها وتبيعها، ليشتريها التلاميذ بالأسعار الباهظة، وهي رديئة الطباعة والألوان. ولكننا قمنا بطباعتها بمستوى راق، في مطبعة العملة التابعة لوزارة المالية، وفي مطبعة دار النشر التربوي، التابعة لوزارة التربية والتعليم، بعد أن استرجعناها قانونياً، من نقابة العاملين بالوزارة، حيث منحت لهم من وكيل الوزارة في العهد البائد، ليوظفوها في عمل تجاري، يعود على مجموعة الإسلاميين بالارباح الطائلة. وحين قمنا بطباعة الكتب في مطابع الحكومة، سلمناها لمدارس العاصمة والاقاليم، لتسلم لكل تلميذ مجاناً. ولقد انزعج لهذا أصحاب المطابع الخاصة، وقاموا بمقابلتي أكثر من مرة، وهددوا بأن يشتكوني لرئيس الوزراء. وهاج أحدهم في مكتبي وقال لي (أنت بتحاربنا في أرزاقنا.. داير تدمر حياتنا؟ ) قلت له : ( كم عدد المطابع التي ظلت لسنوات تطبع الكتاب المدرسي؟ فقال: حوالي كم وعشرين مطبعة. قلت له تريدني أن اراعي مصالحكم أنتم وأهمل مصالح عشرة مليون تلميذ ؟). وحين تعثرت وزارة المالية، في توفير المبالغ لمطبعة العملة، فتحنا حساباً لتلقي تبرعات المواطنين لدعم الكتاب المدرسي. وقد اسهم فيه أفراد ومنظمات مجتمع مدني. ثم إتصلنا بوزارة الخارجية، وطلبنا من الوكيل أن يهيئ لنا مقابلات مع سفراء الدول، التي أبدت حسن نيّة في تقديم مساعدات مجتمعية. وحين قابلناهم ذكرنا لهم أننا لا نريد منهم أموال، وإنما مواد عينية كالورق، والحبر، ومعينات الطباعة. كل هذا الصراع من أجل حق أبنائنا في التعليم المجاني، إختزله هذا الصحفي برؤية بائسة حين قال (لقد تسوّلوا السفراء وبعد التسول أهدروا الأموال في كتب لا تصلح ألا "يولعوا بيها الفحم")!! فهل ما فعلناه كان تسولاً ؟! أم ارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية، الى دعم القيم العليا للشعوب مثل التعليم؟! وهل اطلع الطاهر ساتي على كل الكتب، وتأكد أنها لا تصلح إلا للحريق؟! أم أكتفى بسماع (الخبير) المزعوم ؟!
يقول الطاهر ساتي (كتاب التاريخ اطلع عليه وزير التعليم بعد طباعته ليكتشف ضعفاً كبيرا في مادة وحدة النهضة الأوروبية ثم أصدر قراراً بتشكيل لجنة للمراجعة بعد طباعة 800.000 كتاب بتكلفة قيمتها 56.000.000 جنيه). أتفق مع الطاهر ساتي بأن هذا خطأ فعلاً. وكان يمكن الانتباه له من النسخة التجريبية، وقبل طباعة كل النسخ. ولكن الجانب الذي لم تره عين الطاهر ساتي، هو أن السيد الوزير بروفسير محمد الأمين التوم، قال من الأفضل أن نخسر ونعيد طباعة الكتاب، وبدلاً من 70 جنيه لطباعة النسخة، نكون كأننا نطبعها ب 140 جنيه. هذا أفضل من أن نقدم لأبنائنا معلومات ضعيفة لا ترقي من عقولهم. ولقد وافقته على ذلك.
وما دام الطاهر ساتي حريصاً على أموال الوزارة، فلماذا لم يتحدث عن الوزير المكلف الحاضر، الذي أتي به انقلاب البرهان، لأنه كان من عناصر النظام البائد في الوزارة، وحوله من موظف في قسم الامتحانات، الى رئيس قسم الامتحانات، ووكيل الوزارة المكلف، ووزير التربية المكلف، حتى سمته لجنة المعلمين (سيد الحيشان التلاتة). وكان من بعض ما فعله، أن خصم لنفسه مبلغاً، من مكافاءات المعلمين على التصحيح. ثم اشترى له من أعادهم من الفلول، من أموال الشعب، سيارة جديدة. واقاموا له حفلاً، صور وهو يرقص فيه!! وزير التربية يرقص فرحاً مع أن المعلمين، في الشارع، يتظاهرون طلباً لتحسين رواتبهم. والتلاميذ يدرسون تحت الأشجار، والمدارس لا توجد بها كتب المقررات القديمة، ولم تطبع لها كتب المقررات الجديدة.
وأنا أتساءل مَن مِن الفلول، الذين عادوا الى وزارة التربية، بعد انقلاب البرهان، نقل هذه الاخبار الكاذبة للطاهر ساتي، فصدقها ونشرها؟! أسمعه يقول (رياضيات الصف السادس اكتشفوا فيه الأخطاء بعد طباعة ما لا يقل عن 50000 نسخة فأوقفوا الطباعة). إن الذي حدث هو أن لجنة مراجعة الكتاب، إكتشفت خطأ في صفحة واحدة، فقامت المطبعة بخلع الصفحة، من النسخ التي طبعت، واستمرت الطباعة. والشاهد هنا ليس الخطأ فهو متوقع، وإنما الشاهد أن هناك لجنة مراجعة. وهذه هي حدود مسؤليتي أن أكون لجنة تأليف ولجنة مراجعة.
يقول الطاهر ساتي (وكذلك راجع مجمع الفقه الإسلامي كتاب التربية الإسلامية للصف الأول وتفاجأ بعبارة "الجنة تحت أقدام الأمهات " على أنها حديث نبوي شريف وكذلك عبارة " النظافة من الأيمان" فالكثير من الأقوال المأثورة أو "الماسورة" وضعتها لجان القراي في المناهج على أنها أحاديث نبوية "كمان صحيحة")(المصدر السابق). وهذا الكلام غير صحيح !! فمجمع الفقه لم يراجع الكتاب، وليس ذلك من حقه. وإنما اعطى الوزير نسخة أولية، قبل الطباعة، لوزير الشؤون الدينية، فحولها الى مجمع الفقه، فكتب عليها ملاحظات عديدة، ذكرتها في المؤتمر الصحفي، منها ما لم نأخذ به، ومنها ما أخذنا به. ومما قبلناه وخرج به الكتاب في صورته النهائية، تغيير حديث (الجنة تحت أقدام الأمهات ) الى حديث بنفس المعنى وهو ( أن رجلاً جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يريد الغزو فسأله : ألك أم ؟ قال: نعم. قال: ألزمها فإن الجنة تحت رجلها). وهل حقاً حديث (الجنة تحت اقدام الأمهات )، مجرد عبارة وتفاجأ مجمع الفقه حين ذكرنا أنها حديث نبوي؟! فما ظن الطاهر ساتي ومجمع الفقه بالآتي (حديث: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات»؛ رواه ابن عدي في "الكامل" من طريق موسى بن محمد المقدسي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات؛ مَن شِئن أَدْخَلْن، ومَنْ شِئن أَخْرَجْن». قال ابن عدي: موسى بن محمد المقدسي منكر الحديث. كما ورد الشطر الأول من هذا الحديث: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ» من حديث أنس رضي الله عنه، برواية أبي بكر الشافعي في "الرباعيات"، وأبي الشيخ في "الفوائد"، والقضاعي، والدولابي، عن منصور بن المهاجر عن أبي النظر الأبار عن أنسٍ رضي الله عنه مرفوعًا به، ومن هذا الوجه رواه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"، وذكره السيوطي في "الجامع الصغير".... وهذا الحديث وإن كان لفظه ضعيفًا إلا أنه ورد بمعناه حديثٌ آخر صحيح؛ رواه الإمام أحمد في "مسنده"، والنسائي -واللفظ له- وابن ماجه في "سننهما"، والطبراني في "المعجم الكبير" بإسناد حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، من حديث معاوية بن جاهمة: أنه جَاءَ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَدْتُ أَنْ أَغْزُوَ، وَقَدْ جِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ، فَقَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ»؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «فَالْزَمْهَا؛ فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلِهَا" ... والخلاصة: أنَّ حديث: «الجنة تحت أقدام الأمهات» وردت فيه رواياتٌ كثيرة؛ منها ما هو صحيحٌ، ومنها ما هو ضعيفٌ؛ فيقوي بعضُها بعضًا، وهو صريحٌ في الحض على بر الأم والتواضع لها)(صفحة شوقي علام مفتي الديار المصرية shawkyallam.com/ViewFatwa.aspx?ID=4509 ). كما إننا استبدلنا (النظافة من الأيمان) بالحديث (الطهور شطر الإيمان) الذي ذكره مجمع الفقه الإسلامي في خطابه. فإذا جاء بعد ذلك الصحفي الطاهر ساتي ليقول (فالكثير من الاقوال المأثورة أو " الماسورة" وضعتها لجان القراي في المناهج على أنها احاديث نبوية) أنظر الى عبارة (فالكثير) من قوله السابق. إن هذا الصحفي كاذب، ومدع بلا بينة، وهو بعيد عن الأمانة التي تقتضيها مهنة الصحافة ؟!
أول ما رأيت الأستاذ الطاهر ساتي، رأيته وهو مبتدئ في جريدة الصحافة، وكان معروفاً بين زملائه، بأنه من الاخوان المسلمين، المنافحين عن حكومة الإنقاذ، وحزب المؤتمر الوطني. ولكن بعد فترة، وربما لتأثره بالصحفي الكبير الحاج وراق، الذي كان يعمل في الصحافة آنذاك، ظهرت له بعض الكتابات في نقد جماعته، وبعض التحقيقات لمصلحة الشعب.
فهل يريد الآن أن يعيد علاقته بجماعته، ويقدم لهم نقدنا قرباناً؟ وهو يشعر بأن هناك تسوية قادمة، كما ذكر في هذا المقال، فهل يظن أن هذه التسوية ستعيد الاخوان المسلمين مرة أخرى؟! أم أنه مجرد صحفي، عاطل عن المواهب، تنقصه روح البحث والتحري، فيصدّق كلما يسمع، دون تفكير، كمن قال فيه الشاعر:
أثر البهتان فيه * وأنطلى الزور عليه
ياله من ببغاء * عقله في أذنيه
22 أكتوبر 2022م
/////////////////////////////