تعقيب على مقال السفير الخضر هارون (المذكرة الأهم!)
سيد الحسن
15 February, 2012
15 February, 2012
Sayed Elhassan [elhassansayed@hotmail.com]
بسم الله الرحمن الرحيم
سعادة السفير الخضر هارون
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بعد الأطلاع على مقالك بعنوان (المذكرة الأهم) المنشورة على صحيفة السودانى الصادرة بتاريخ 14 فبراير وصحيفة سودانايل. حقيقة شعرت بأن ببلدى قامات سامقات فى العمل الدبلوماسى يمكنها تناول المشكل السودانى بموضوعية كما ورد بالمقال. ومما زادنى فرحا وسرورا أنه ما زال من القامات من يتحدث عن المروة ونجدة الملهوف بين المساكن المصنوعة من حشائش (النال) والتى لا يتوفر لها دفاع مدنى. علما بأن هناك قلة من تعرف ماهى حشائش (النال).
حقيقة حسبما أوضحت بالمقال أن الحريق لا محالة آت وسوف يلتهم حيشان أبو روف والديوم ومساكن حشائش النال ولن تسلم العمارات والرياض والطائف وكافورى وقاردن سيتى. والواجب على كل سودانى غيور خلع جلابية الحزب والطائفة والجهوية والقبلية ولبس جلباب الوطن للمحافظة على البقاء قبل وصول الطوفان والذى هو قاب قوسين أو أدنى.
لبس جلباب الوطن فى الوقت الراهن واجب على الحكومة من أعلى هرمها رمز سيادتنا ورئيس حزبها الحاكم ألى قواعده الجماهيرية.
لبس جلباب الوطن فى الوقت الراهن واجب على أحزاب المعارضة المشاركة أو المعتكفة خلف معارضتها من أعلى هرمها الحاكم ألى قواعده الجماهيرية.
لبس جلباب الوطن فى الوقت الراهن واجب على أعلى الرتب العسكرية من حاملى السلاح ألى أصغر رتبة من عسكره.
لبس جلباب الوطن فى الوقت الراهن واجب على كل أسرة من رب بيتها وحتى الأبناء والبنات بالمراحل الأبتدائية.
لبس جلباب الوطن حسبما ذكرت بالنص فى مقالك :
(فإن مثل هذا الظرف يستدعى قدراً عالياً من التجرد والمسؤولية الوطنية وإطراح المرارات جانباً وتصويب الهدف بدقة للحفاظ على كيان الدولة ومؤسساتها والبحث الحثيث عن الوسائل الناجعة للخروج من الأزمة وبأعجل ما يمكن.)
سعادة السفير
حتى يمكننا تصويب الهدف بدقة فيجب أتباع قاعدة علم الأدارة فى أن التشخيص السليم لأى مشكل يقود الى العلاج السليم أذا أتبع المسؤولون الطرق العلمية للعلاج. وحسب ما أوضحت فى مقالك بالنص (وذلك يتطلب أن تعترف الحكومة بوجود أزمة وأن المساهمة فى تحديد أبعادها ومن بعد السعى لحلها هو مسؤولية كافة أبناء الوطن سواء كانوا معارضين أو موالين.) فيجب أولا أعتراف الحكومة بوجود الأزمة الأقتصاية والسياسية والأمنية وتفويض المتخصصين من أبناء هذا الوطن (والحمد لله ما زالوا كثر سواء بداخل السودان أو خارجه) للقيام بالتشخيص السليم وتقديم مقترحات العلاج فى مؤتمرات مفتوحة للنقاش لكل من حمل بطاقة المواطنة من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق الى أقصى الغرب دونما تمييز بعرق أو قبيلة أو حزب أو دين أو جهة. والعمل بيد واحدة كل فى مجال تخصصه حتى نتمكن من الخروج من هذا النفق والذى يزداد سوادا يوم بيوم.
لتعبيد الطريق للتشخيص السليم يجب الأخذ فى الأعتبار التالى:
(1) أعتراف الحكومة بالأزمات أولا هو ضربة البداية للتشخيص السليم وأن تتبع أقوالها أفعالها عملا بما صرح به السيد الرئيس قبل أيام أن التمكين للشعب كله بما يشكل أعترافا بأتباع الحكومة لهذه السياسة مما أودى بنا الى هذه الحالة. ودون هذا الأعتراف وأحلال (المتمكنين السابقين) والذين ما زالوا يتربعون على معظم أن لم يكن كل المناصب التنفيذية بأهل التأهيل والعلم والمعرفة , دون هذا الأعتراف والأحلال سوف لن نتقدم خطوة أن لم تزداد الأزمة تأزيما.
(2) الحكومة ما زالت تتعامل مع الأزمات بأفتراضات سوء النية فى الطرف الآخر ,مثالا تعليق أحد أعضاء الوفد المفاوض فى ملف البترول بعد فشل المفاوضات فى يناير 2012 حيث صرح بــ ( نخقنهم قبل ما يخنقونا) .
(3) الحكومة تضع سياساتها على تقارير وهمية تم وضعها من عصبة من المفسدين للجلوس أكبر فترة ممكنة فى مناصبهم (تقارير أنتاجية الأقطان والتى ذكرت بأنها سوف تكون 400 ألف طن حسب تصريح وزير المالية بعد أجازة الموازنة فى مؤتمره الصحفى فى ديسمبر 2011 . لقد تم الأحتفاظ بالرقم 400 مع تعديل الطن الى فدان من نفس لسان وزير المالية فى برنامج الواجهة المذاع فى 12 فبراير. وذكر رقم آخر وهو أنتاج 700 الف طن فى خطة وزارة الزراعة التى قدمت لمجلس الوزراء والتى أجازها ) . كل هذه الأرقام المتضاربة بنيت على تقارير شركة الأقطان والتى يقبع مديرها وخليله فى السجن حسب توجيه السيد رئيس الجمهورية وتقارير رئيس مجلس أدارة مشروع الجزيرة والذى فاجأ الجميع بتقديم أستقالته فى بداية أيام كشف فساد شركة الأقطان علما بأنه تردد أن الأستقالة لا علاقة لها بفساد شركة الأقطان).
من ضمن االأفتراضات الوهمية التى بنيت عليها الموازنة والبرنامج الثلاثى رسوم مرور البترول والتى أنتقدها عضو البرلمان الشيخ المك (وكيل وزارة المالية السابق وأنتقد الموزانة صراحة بأنها أعتمدت على 20% منها على هذه الرسوم الوهمية حيث رد السيد وزير المالية عليه بأنهم يعرفون سبيل الحصول عليها متناسين أن هناك قانون دولى يحكم العلاقات بين الدول , علما بأن د.صابر محمد الحسن قد حذر فى ديسمبر الماضى من أن لجوء دولة الجنوب للتحكيم الدولى. وأتضحت الرؤيا بعد أنهيار مفاوضات أديس فى يناير وتعثر المفاوضات حاليا بأن هذه الرسوم تساوى صفرا الا ما تبقى من بترول فى الأنابيب والمستودعات والذى صرح أمين حسن عمر بقصر نظر أن المتبقى بالأنابيب والمستودعات سوف يغطى مستحقات دولتنا دونما أدنى أعتبار لمرحلة ما بعد بيع هذا المتبقى.
أرقام القطن ورسوم مرور بترول دولة الجنوب الوهمية تلزمنا بعادة النظر فى الموازنة والبرنامج الأسعافى الثلاثى للأقتصاد وتقديم موزانة جديدة وبرنامج أسعافى جديد حتى يمكننا من أسعاف المريض بدل السير فى هذا الطريق المؤدى لنهاية حياة المريض .
(4) سجل الحكومة فى تعاملها مع الفساد والتى تحفل به تقارير المراجع العام وتتناوله الصحف عيانا بيانا فى ظل نيابات الصحافة مما يؤكد صحتها وعدم خوف المحريين من منازلة المتهمين فى المحاكم, وعدم تفيعل قانون الثراء الحرام وأتباع عدم الشفافية فى هذا الملف أوصل ثقة المواطن فى الحكومة درجة الصفر.
(5) التعامل مع قضايا التهميش بسياسة فرق تسد أوصلت الحكومة لعدم مقدرتها على عدد الحركات التى ترفع السلاح فى وجه الحكومة.
(6) تعامل الحكومة فى تحطيم الأحزاب أوجد معارضة ضعيفة , حيث أن القاعدة تقول (حسب تصريح الرئيس التركى: يجب على الحكومة دعم المعارضة لتصبح معارضة قوية ) حيث أن المعارضة القوية تولد حكومة نظيفة تتحسب لأصغر أخطائها.
(7) عملية غسيل المخ والتى تمت للمواطن بواسطة السلاح الأعلامى للحكومة بأنه لا يوجد بديل للحزب الحاكم أوصل المواطن مرحلة اليأس.
أذا رغبت الحكومة فى التعاون لأطفاء الحريق عملا بمبدأ البقاء للجميع فيجب على رئيسها (وهو الوحيد المؤهل دون حزبه) ليلبس جلباب الوطن ويقوم بالتالى :
(أ) أعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة بكنس أثار التمكين والتى أعترف بها فى الحال الذى وصلت أليه الخدمة المدنية , وألتزام معيار التأهيل دونما أقصاء لأحد فى شغل مناصب الخدمة المدنية وليبدأ أولا بوظائف وكلاء الوزارات ويقوم السيد الرئيس بتفويضهم التفويض الكامل لكنس آثار التمكين والتى لا ينكر أحد أن سياسة التمكين أستمرت أكثر من عشرين عاما.
(ب) فصل حزب السيد الرئيس الفصل التام من القوات النظامية من جيش وشرطة وأمن وأستخبارات والقضاء والأعلام .
(ت) دعوة الحركات المسلحة فى دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق للجلوس حول مائدة مستديرة للتفاوض بأشراف ورعاية شخصيات سودانية خالصة دون اللجوء لأستصحاب رعاية الدول الأجنبية. والألتزام لما يتم التوقيع عليه.
(ث) فتح محاكم طوارىء الفساد والثراء الحرام والردع بأقصى العقوبات لمن تثبت أدانته حتى يكون عبرة للأخرين . وسجل محاكمنا حافل بسوابق تخريب الأقتصاد حيث أن أحكام السوابق القضائية يؤخذ بها فى كل القوانين والدساتير.
(ج) تكوين مجلس أقتصادى لوضع السياسات الأقتصادية للخروج من النفق المظلم , على أن يكون من العلماء والمتخصصين الزاخر بهم وطننا وشردهم التمكين والصالح العام ليعملوا فى المنظمات والدول ألاخرى , ومما لاشك فيه أعتقد أن معظمهم على أستعداد لتلبية نداء الوطن.
(ح) تعطيل القوانين المقيدة للحريات وقوانين الولايات وتفعيل قوانين ما قبل 1989 لحين وضع دستور جديد يحفظ حقوق المواطنة للجميع .
(خ) تسريح جيوش الوزراء والدستوريين الأتحادية والولائية والتى لاتقل عن أربعين ضعفا من وزراء ودستورى جمهورية الصين والتى قاربت الـ مليار و600 مليون نسمة فى حين أن تعدادنا بعد الأنفصال فى حدود 32 مليون.
(د) الأهتمام والتركيز على وضعنا الأقتصادى الداخلى بدلا عن نقد سياسات دولة وليدة جارة كانت جزء من جسدنا حتى 9 يوليو 2011 والذى أستمرأت الحكومة التحدث بكثرة عن فساد حكومة تلك الدولة والمخاطر الأقتصادية التى ستقع عليها أذا لم تتعاون معنا.وهذا الحديث واضح للجميع على لسان الجميع من قمة هرم الدولة حتى القواعد.
(ذ) رد المظالم لأهلها حيث أنها سبب رئيسى للضغائن والأحقاد بين مواطنينا وتصفية الحسابات.
ما ذكرته أعلاه هو مطلوبات من الحكومة للأعتراف أولا بالأزمات وتعبيد الطريق للتفاوض لوقف نزيف الحروب والجلوس للوصول للتشخيص السليم لكل أزماتنا حتى نتحصل على الروشتة الصحيحة الفعالة لكل أزمة على حدة. ولا أعتقد أذا خلصت النوايا وأستبعدنا سوء النية فى الطرف الآخر أن تمتنع حركة مسلحة أو حزب معارض من المشاركة فى التشخيص والعمل على جرعة العلاج العلمية السليمة.
أذا أخذنا فى الأعتبار أن من أصعب أزماتنا الأزمة الأقتصادية والتى تزداد تأزيما يوما بيوم , فأن حلولها موجودة بثرواتنا الوفيرة الغير مستغلة وقطاعنا الزراعى الذى أصابه ما أصابه من تدمير نتيجة التخبط فى السياسات من المسؤولين والذين جلسوا على كراسيهم تماشيا مع سياسة التمكين . هذا القطاع فى أشد الحاجة الى أعادة تأهيل حتى يسهم بما نأمل فيه ليخرجنا من الأزمة الأقتصادية .
كما يجب الأخذ فى الأعتبار أن الدولة الوليدة والتى كانت والى أقل من عام جزء من جسدنا هى فى أشد الحوجة للتعاون معنا لمصلحتها أولا ومصلحتنا ثانيا , حيث تتلاقى مصالحنا فى التعاون الأقتصادى من عبور بترولهم عبر موانئنا وتجارة حدودية وأستثمارات مشتركة فى البلدين. هذه الدولة يجب أن نتعامل معها معاملة الند للند وأن نتعامل معها على أنها بلد ذات سيادة ولها مطلق الحرية فى وضع سياساتها حتى نتحصل على أستبعاد أفتراضها سوء النية فى كل مفاوضاتنا معها فى المشاكل العالقة بعد الأنفصال.
هذه هى المذكرة الأهم سعادة السفير والتى بدونها سوف يلتهم الحريق ما تبقى من وطننا.
لك كل أحترامى وتقديرى
سيد الحسن