تعليقات فى السياسة الداخلية (2)
عداء الادارة الاستعمارية البريطانية للحزب الشيوعى وهجومها عليه:
تكمن اسباب عداء الاستعمار البريطانى للحزب الشيوعى (حستو) فى ذلك الوقت- اى الحركة السودانية للتحرر الوطنى- فى ان الحزب الشيوعى منذ مولده فى الاربعينيات اعلن النضال ضد الاستعمار البريطانى و اخراجه من البلاد و اعتبر الموقف من الاستعمارهو الهدف
الاساسى للحركة السياسية فى البلاد. و لهذا نشب العداء السافر ضد الحزب الشيوعى. رغم هذا العداء الذى بلغ حد البطش و القهر المتواصل و التنكيل اشده، خرجت المظاهرات الهادرة فى كل مدن السودان تهتف بسقوط الاستعمار و خروج جيوشه من البلاد. كان اعنفها تلك التى خرجت فى عطبرة و استعملت فيها الادارة البريطانية القمع الوحشى، ضربا بالرصاص الحى مما ادى الى استشهاد اربعة من العمال هم: قرشى الطيب (وهو شيوعى) و حسن احمد دياب و عبدالعزيز ادريس و عبد الوهاب حسن مالك و الطالب فؤاد محمد سيد احمد، و اعتقل العديد من العمال الشيوعيين و الديمقراطيين و على راسهم قاسم امين و عبد القادر سالم و حوكموا بالسجن عامين لكل منهما.
و شهد افتتاح الجمعية التشريعية فى ديسمبر 1948 اعنف المظاهرات ضد الاستعمار و الجمعية التشريعية التى اراد ان يخدع بها شعب السودان بانهم يحكمون انفسهم بانفسهم عبرها. كان عاما حاسما فى مجرى الحركة الوطنية السودانية، عبر عنه الشهيد عبد الخالق محجوب بقوله: فى كل هذه المعارك قاد اعضاء الحزب الشيوعى السودانى الجماهير بجراة لم تعهد من قبل فى الحركة الوطنية الحديثة بالسودان، و لا يستطيع المؤرخ المنصف الا ان يقرر ان حركة مقاطعة الجمعية التشريعية و النضال الذى نشب خلال تلك المعارك تم بمبادرة من اعضاء الحزب الشيوعى الذين برزوا فى جبهة الكفاح التى اقيمت باقتراح من الحزب الشيوعى.
لا نقول ذلك بمباهاة لكسب سياسى، فقد اقرت الادارة البريطانية نفسها بهذا الدور. جاء فى تقرير السكرتير الادارى البريطنى بتاريخ 26/2/1949 (( ان حزب "حستو" ظل يصدر كتيبات و بيانات من وقت لاخر كلها معادية للحكومة و موجهة ضد سياساتها،و ضد اى اجراءات تتخذها و تدعوا الجماهير على وجه الخصوص الى مقاطعة الجمعية التشريعية و التظاهر ضدها و ضد اجراءات البوليس)).و كتبت المخابرات الحكومية فى تقريرها السرى عام 1949 (( ان اكثر حركة شيوعية ذات اخطار كامنة فى السودان هى حركة الشباب التى من اهدافها الكفاح لاحباط المشاريع الاستعمارية و ضد اعوان الاستعمار و الانتهازيين و تحرير السودان و تاسيس نظام ديموقراطى)).
و عندما تاسست حركة السلام فى السودان، ارتبطت سياستها بالصراع ضد الاستعمار البريطانى و طالبت بالنضال ضده و اخراجه من الوطن و ضد قيام احلاف عسكرية فوصفها وزير خارجية امريكا فى ذلك الوقت (بانها خدعة سوفيتية).
كانت اسباب العداء للحزب الشيوعى السودانى تكمن فى عدائه للاستعمار و النضال ضده و تاسيسه لمنظمات جماهيرية للعمال و المزارعين و المثقفين و الطلاب و النساء و الشباب و حرك الشارع السياسى فى مناطق الوعى ضده حتى تم اخراجه من السودان.(يتبع)