تعويم الجنيه (في الخاص) بعد تأمين القطاع (العام)!!
ركن نقاش
صرح وزير المالية إبراهيم البدوي أن ميزانية 2020 ممولة بالكامل من موارد حقيقية، لا تقديرية، وبنسب معلومة من الضرائب والجمارك بنسبة 28%، وإيرادات ذاتية – شركات التصنيع الآيلة للمالية بنسبة 47%، ودعومات من الصناديق العربية بنسبة 25%، وأكد أن حكومة (الدجل والشعوذة الانقاذية الظلامية الاسلاموية) كانت ماطلت الصناديق العربية في دفع مستحقاتها واجبة السداد، وهم الآن كحكومة انتقالية باشروا دفع استحقاقات هذه الصناديق، وأعلن - في ذات الوقت - أنهم احتاطوا لاحتياجاتهم الدولارية العاجلة لستة أشهر لجلب المواد البترولية والدقيق والدواء، وسيقومون بتعويم الجنيه السوداني للقطاع الخاص (لا العام الذي تحوط لهذا الأمر) ورغم مرارة هذا الأمر – كما يقول ود البدوي - ولكنهم مطمئنون على استطاعتهم ترويض الدولار في مقابل الجنيه السوداني بمعالجة الاختلال في الاقتصاد الكلي تدريجياً..
مشاكسات الرؤى والمعالجات:
أتمنى ألا تؤجل الحكومة الانتقالية (حاضنة ومحضونة) المؤتمر الاقتصادي المزمع انعقاده في نهاية مارس الجاري لمناقشة الاقتصاد واستطلاع الرأي العام حول الرؤى والمآلات وما هو ممكن وما هو مستحيل بواقعية، وأن يتكاشف الشركاء في مستوى الحاضنة السياقتصادية والجهاز التنفيذي الانتقالي، ذلك أن التقدم التقني في مجال الاتصالات قد تفوق على المعيقات التي توجب العزل المكاني لا الامكاني، إذ في الامكان أن ينعقد المؤتمر وأن يلتقي الشركاء وأن يتحاوروا ويتبادلوا الآراء دون أن تلتقي الأجساد وإن التقت العقول، فالمتوفر الآن – مع مراعاة العزل بين الناس لتحقيق الغاية الصحية المطلوبة من مفاداة الاصابة بجانحة فيروس كورونا – أن تنعقد هذه المؤتمرات وتحقق الغاية منها دون المساس بمطلوبات الحظر والحذر المطلوب من العزل الجسدي، والمعلوم أن الفايروس لا ينتقل عبر الاثير ولا عبر الهواء، وانما عن طريق الملامسة واستنشاق رذاذات العطس والكحة، إذن اعقدوا المؤتمر وتبادلوا الآراء في سلاسة واقتدار (يرحمكم الله) عبر الميديا، رحمة بهذا الشعب الصابر المصابر..
نافذتان مدعومة وغير مدعومة:
ابتكرت العبقرية الاقتصادية السودانية ايجاد نافذتين للمواد البترولية، مدعومة وغير مدعومة، وفي الطريق الخبز الأسمر المخلوط بالذرة الشامية أو الذرة (الفيتريتة والمقد وأب أحمد) المدعوم، والخبز الأبيض ناصع البياض غير المدعوم، لعل الدواء كذلك، فقد صدع طبيب سوداني اختثصاصي أنه وزوجته ليسا في حاجة أن تدعمهما الحكومة، فهما – حسب افادته – مقتدران، وهذا صدق ماركة سودانية مسجلة للسمر والسمراوات فقط لا غير..
قناة (سودانية 24) والصحفي المحلل:
استضافت قناة سودانية 24 يوم الثلاثاء 24 مارس 2020 الزميل الصحفي عبدالرحمن الأمين (ليس ع الرحمن الأمين – بيت العنكبوت)، الذي زاملته في صحيفة السوداني وهو على طاولة التحرير، وأنا في مجال التدقيق اللغوي، في عهد محجوب عروة قبل التنازل عنها - غصباً وافتئات - لصالح المؤتمر الوطني من قبل جمال الوالي، المهم كان عبد الرحمن هو معلق الحلقة على الأحداث السياسية والاقتصادية والصحية (وباء كورونا)، وغيرها في تلك الحلقة، كان سؤال المذيع عن استعدادات مالية الحكومة الانتقالية في مجابهة ارتفاعات الدولار المتسارعة نحو نقطة اللاعودة، وهالني أن يذكر عبدالرحمن أن الحكومة لم تستعد لهذه الزيادات، وما يدهش أن يتحدث صحفي عن أمرٍ يفترض أن يكون ملماً به، ليس الماماً عادياً وانما المام مختصين بالشأن العام، ذلك أن المالية مسيطرة على خيوط اللعبة الظاهرة ومتحوطة من أن ينعكس تعويم الجنيه أمام الدولار في الخاص على الميزانية العامة، وهو أمر من البداهة بمكان، ويحمد للماسكين بتلابيب الاقتصاد الجامح أنهم مفتوحو البصر والبصيرة على الملعب الذي اختير بعناية مدروسة لمكافحة المضاربين بالدولار وقد أعدوا عدتهم لهزيمة الجموح وقالوا - في لا مواربة - إن نجحنا كان بها ونعمت، وإن فشلنا – لا قدر الله ولا قضى – نذهب ويأتي الأكثر كفاءة، هذا ما يمكن أن نسميه العزل الاقتصادي – في مقابل العزل الصحي الجاري الآن لمكافحة فيروس كورونا – لمكافحة فيروس الدولار الذي يهاجم جنيهنا السوداني العزيز حتى ينتصر مستعيناً – في المستقبل – بالانتاج وتوظيف الموارد الحقيقية في دعم الاقتصاد السوداني، و"العافية درجات"!!..
eisay1947@gmail.com