تفاصيل أمسية حاشدة عاشتها القاهرة في حب وادي النيل .. تقر: رصباح موسى

 


 

صباح موسى
19 August, 2011

 

حفل افطار موسع يجمع بين مساعد الرئيس السوداني وقادة الأحزاب وفنانين مصريين


القاهرة-أفريقيا اليوم/ صباح موسى
sabahmousa@hotmail.com
شهدت القاهرة أمسية ضخمة الإثنين الماضي جمعت بين وفد المؤتمر الوطني برئاسة مساعد الرئيس السوداني د. نافع علي نافع وعدد كبير من الأحزاب والقوى السياسية المصرية على إفطار رمضاني بنفحات مبادرة في حب وادي النيل، تفاعلت معها أحزاب وتوجهات مصرية مختلفة، فمن الثوابت في مصر بعد الثورة الوحدة مع السودان، وفي جو من الود والتسامح والإخوة تسلم د. نافع المبادرة من القوى المصرية والتي تضمنت بنودا مهمة كان أبرزها الإتفاق دعوة السودانيين إلى الوفاق فيما بينهم، ورفض أي إملاءات خارجية تملى عليهم من الخارج، وتنمية مشروعات إقتصادية مشتركة تعم بالخير على شعبي البلدين، وتكوين آلية عمل مع الجانب المصري لتنفيذ بنود المبادرة على أرض الواقع، وشهد الحفل حضور أكثر من عشرة أحزاب مصرية جميعهم شاركوا للتعبير عن حبهم للسودان والسودانيين، وكان أبرز هذا الأحزاب الشعب، مصر 2000، الجيل، العمل الإشتراكي الجمهوري، حزب الحرية والعدالة، العدالة والمساواة، شباب ثورة مصر، الخضر، بالإضافة إلى حضور ملفت للطرق الصوفية على رأسها شيخ مشايخ الطريقة الشبراوية عبد القادر الشبراوي.

وحرص على الحضور عدد من فناني مصر الكبار على رأسهم يحيى الفخراني الذي تصدر المائدة الرئيسية في الإفطار بجوار الدكتور نافع، كما حرص كل من الفنان محمد صبحي الذي حضر بعد الإفطار مباشرة ، والفنان حمدي أحمد والفنانة الشابة غادة إبراهيم، وشهدت القاعة المعدة للحفل في أحد بواخر العاصمة المصرية الفاخرة القابعة في نيل القاهرة إزدحاما ملحوظا فاق كل التوقعات الأمر الذي أربك القائمين على الباخرة من هذا الحضور العالي، وتأخرت مراسم الإحتفالية بعض الوقت حتى الإنتهاء من إفطار الجميع.

وتصدر المنصة الرئيسية للحفل الدكتور نافع وبجواره السفير السوداني بالقاهرة كمال حسن علي وشيخ مشايخ الطريقة الشبراوية عبد القادر الشبراوي، وأحمد الجبيلي رئيس حزب الجيل، وشددت كلمات رؤساء الأحزاب المصرية على ضرورة الوحدة مع السودان، وإزالة  أي عقبات كانت تقف حائلة بين تكامل البلدين، وتحقيق وحدة شاملة في أقرب فرصة ممكنه، وعبر السفير السوداني بالقاهرة كمال حسن علي عن سعادته الغامرة بهذا الحضور الذي جسد وحدة حقيقية على الأرض، وقال سنعمل أنا وطاقم السفارة على ترجمة هذا الحب والتلاحم إلى مشاريع إقتصادية حقيقية لأمن البلدين الغذائي، وأنه سوف يتم ترجمته إلى برنامج إقتصادي، وحيا مصر الثورة وشعبها وأحزابها، ومن جانبه أكد د. نافع على ماذهبت إليه قادة الأحزاب المصرية بضرورة تحقيق الوحدة. وقال لابد أن نتعامل بعمق، وندرك بعمق التغيرات التي حدثت للمنطقة، فلم تعد هناك ثوابت في العالم الآن، مضيفا سئمنا من التبعية، ونحن أهل للريادة التي حرمنا منها سنين طويلة، مؤكدا أن ماحدث من ثورات في مصر والعالم العربي هو ثورات من أجل الإرادة والحرية، وأنها ليست ثورات من أجل الخبز، وقال أن ذلك يستوجب الحراك نحو وحدة الصف الوطني في مصر والسودان، وأن بنود المبادرة يجب أن تتحول إلى برنامج عملي، ونصح الأحزاب المصرية بعد هذا الغياب الطويل على الساحة السياسية بالتوافق على برنامج وطني، وقال نحن في السودان رغم أننا قطعنا شوطا كبير في العمل السياسي إلا أن العمل السياسي يحتاج إلى تطور نوعي حتى لا يؤدي إلى صراع، وأن نتفق على حد أدنى من الوفاق، معربا عن أمله في تكوين كيان إقتصادي قوي بين مصر والسودان والوطن العربي كله، وأعرب عن سعادته ببدء زيارته للقاهرة بهذه الإحتفالية الكبيرة في حب وادي النيل.

وقال المرشح المحتمل للرئاسة المصرية رئيس حزب الكرامة المصري حمدين الصباحي لـ " الأهرام اليوم" نحن سعيدون بهذا التوجه تجاه السودان، مؤكدا أن العلاقة الحقيقية بين البلدين بعد الثورة هي علاقة تكامل ووحدة حقيقية، وأضاف أننا لانعتبر ملف السودان ملف خارجي لمصر، متوقعا تحقيق وحدة حقيقية بين القاهرة والخرطوم في أقرب وقت.

وعلى هامش الحفل حدثت همسات جانبية عن الربط بين زيارة د نافع ووفده والزيارة التي قام بها الأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي مؤخرا للقاهرة، ومن أن القاهرة أصبحت ساحة للتنافس الحزبي في السودان، وذهب البعض إلى أن هذا التحليل يمثل شيئا إيجابيا بجعل مصر ساحة للتفاعل الحقيقي للقوى الحزبية المختلفة بما يؤكد عودتها للريادة التي غابت عنها سنين طويلة.

وعلى نغمات سودانية في حب الوطن وأغنية أنا سوداني وبحضور كبير من مختلف التوجهات السودانية بالقاهرة شارك الدكتور نافع ووفده المرافق في حفل الإفطار الذي يقيمه مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة ضمن سلسلة إفطارات لأبناء الجالية بمصر في رمضان من كل عام. وقال السفير السوداني بالقاهرة كمال حسن علي في الحفل إن شعار الإفطار الرمضاني هذا العام هو فلنتواصل، وهو للتواصل مع الله ومع الوطن، ومع بعض البعض بمختلف توجهاتنا دون النظر لأي إنتماء أو عرق، وحيا الجالية السودانية بمصر وقال أن لها وقفات صمود مع الوطن منها رفض للمحكمة الجنائية الدولية، ووقوفهم صفا واحدا خلف الرئيس البشير في الإنتخابات الماضية، وجدد السفير دعوته للجميع بالحوار وحل المشاكل وقال أن بابي مفتوحا للجميع، وأنه سوف يتعامل مع الجميع على قدم المساواة، مؤكدا عزمه على وضع خطة لحل أي مشاكل تقابل الجالية بمصر.

وقال رئيس مكتب المؤتمر الوطني بالقاهرة الدكتور وليد سيد نقيم هذه الإفطار لجميع السودانيين وليس للمنتمين للوطني وحدهم، لنؤكد أن المؤتمر الوطني للجميع، وأنه ليس سياسيا فقط بل له أبعاده الإجتماعية والثقافية، مضيفا نسعى لأن تكون علاقتنا بمصر إستراتيجية، ونحي القاهرة على إستضافتها لنا.

وأكد عيسى حمدين رئيس الحزب القومي أن القوى السياسية بمصر عملت بالتنسيق مع مكتب المؤتمر الوطني لجعل السودان موحد، وقال ولكن الجنوبيين إختاروا الإنفصال وهذا إرادتهم ونهنئهم عليها وسيبقى الحوار بيننا، وناشد كل القوى السياسية الفاعلة الإنضمام إلى وثيقة سلام دارفور لحماية السلام الشامل بالبلاد، مؤكدا أن ولاية جنوب كرفان هي جزء أصيل من الشمال، مطالبا كل السودانيين بالخارج بوحدة الكلمة من أجل الوطن.

وأوصت سامية سيد أحمد ممثلة أمانة المرأة بوفد المؤتمر الوطني بضرورة التواصل مع الوطن، والتمسك بعاداته وتقاليده والفخر بها في أي مكان بالخارج. معربة عن سعادتها بوجودها وسط هذا الجو السوداني بالقاهرة، وطلبت من الجالية ضرورة وجود العصيدة في إفطار العام القادم حتى يكون السودان حاضرا معهم في كل شئ، وقالت لن نسمح بأن تكون جنوب كردفان جنوب أخرى، مضيفة من يريد التمرد فليذهب إلى الجنوب، ونادت بأن يعمل الجميع حتى يستمر السلام والتنمية، وطالبت السودانيين بالقاهرة برفع أصواتهم عاليا بضرورة وجود ثوابت عليا لا يتجاوزها أحد.

وفي نهاية الحفل أكد د. نافع أن القائمين علي أمر السودان لن يفرطوا في أمنه وأنهم سوف يتصدون لكل من يترصد بهم  ، وقال إن أهالي منطقتي جنوب كردفان وجبال النوبة هم الذين يتصدون للتمرد هناك  ، وأنه ربما يقود هذا لعزل  المتمرد عبد العزيز الحلو الذي ليس له علاقة كبيرة بالمنطقة مؤكدا أن الحلو ينفذ برنامج الحركة الشعبية وأنه مسلط علي المنطقة لتنفيذ برامج اللوبيات الصهيونية بأمريكا
كما أكد أن السودان بخير وأنه   سوف يشهد في الأيام القليلة المقبلة  تطورا كبيرا ،  وقال  إن  التآمر ومحاولات تعطيل مسيرة اليلاد جائرة وبائرة وخائبة ومهزومة وأن هذا لن يزيد السودانيين  إلا اصرارا علي العمل ودعا الي الإتفاق علي ثوابت عليا للوطن حتي لو كانت اختلافات حول  الجزئيات .

وواصل د. نافع لقاءاته الرسمية بالقاهرة بمقابلة رئيس الوز راء المصري الدكتور عصام شرف وشرح له مستجدات الأوضاع بالبلاد.

كما استقبلت هيئة مكتب حزب الحرية والعدالة  " الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين " وفد المؤتمر الوطني ، في لقاء تناول الشؤون المشتركة بين البلدين ، إضافة إلى تبادل الآراء حول واقع ومستقبل البلدين الشقيقين في ظل الأوضاع الجديدة التي تعيشها مصر والسودان بعد الثورة المصرية وانفصال الجنوب السوداني ، والدور الشعبي المطلوب القيام به خلال الفترة المقبلة .

و أشاد الدكتور محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة بالزيارة التي تأتي في سياقها الطبيعي في إطار التواصل بين الشعبين الشقيقين ، لافتًا إلى أن الحرية التي حصل عليها الشعب المصري مؤخرًا سوف تهيئ الأوضاع لتعاون مفيد بين البلدين الشقيقين وبين القوى الشعبية فيهما .

ورحب الدكتور محمد مرسي بأية إجراءات تستهدف التواصل والتقارب بين الشعبين المصري والسوداني ، إضافة إلى رفض كافة التهديدات التي يمكن أن يتعرض لها أحد الشعبين . مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ خطوات جادة في سبيل تحقيق التكامل بين البلدين ، الأمر الذي يعتبر خطوة مهمة على طريق تحقيق وحدة على نطاق عربي وإسلامي أشمل .

من جانبه أوضح الدكتور نافع علي نافع  أن ما يجري في مصر والسودان والعالم خلال هذه الآونة قضايا تستحق التحاور العميق بشأنها ،  موضحًا أن الدور الشعبي المصري كان مهمشًا خلال العقود الماضية ، وأن الوقت قد حان لتفعيل هذا الدور المهم . وشدد على أهمية توافق القوى السياسية في مصر والسودان على المصالح العليا للبلدين حتى إذا اختلفت المنطلقات الفكرية والرؤى السياسية لهذه القوى .

وأكد الدكتور رفيق حبيب نائب رئيس الحزب قدرة القوة الشعبية على إعادة تقييم المنطقة ، وإصلاح الأخطاء التي اقترفتها الحكومات على مدار سنوات طويلة . موضحًا أهمية هذه القوة الشعبية باعتبارها الوحيدة القادرة على تحقيق استقرار البلاد ،  داعيًا في هذا الإطار إلى تفعيل العلاقات بين الأحزاب والقوى السياسية في المنطقة ،  كما دعا إلى تفعيل التكامل الاقتصادي بين هذه الدول ، والاهتمام بدور القطاع الشعبي ورجال الأعمال.

واستعرض الدكتور عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الأوضاع داخل مصر بعد ثورة يناير ؛ موضحًا أن ما حدث في مصر يعتبر زلزالاً محليًّا وعربيًّا وعالميًّا ، وأن الثورة نجحت في تحقيق الكثير من الإنجازات خاصة على الصعيد السياسي،  أن هناك قوى داخلية وخارجية صدمتها الثورة ، وأنها تحاول عرقلة تقدم الأوضاع في مصر ،  وشدد على خطورة المال الأجنبي والمحلي والإقليمي الذي يسعى إلى خلق حالة من التوتر المستمر في الشارع المصري ، فضلاً عن الدور الذي يقوم به الإعلام في هذا الإطار .

وأشار الدكتور محمد سعد الكتاتني الأمين العام لحزب الحرية والعدالة إلى أن الحزب يدرك أخطار المرحلة الانتقالية ، ويشدد على أن الشعب هو صاحب القرار ، وأنه لا إرادة تعلو على إرادة الشعب المصري التي يجب احترامها . لافتًا إلى أن الحزب حرص منذ بداية إنشائه على التوافق مع باقي القوى السياسية على تحقيق الصالح العام ، ولذلك قام بالمشاركة في تأسيس "التحالف الديمقراطي من أجل مصر " الذي يسعى إلى التنسيق في الانتخابات البرلمانية للوصول إلى تشكيل قويّ للبرلمان المقبل يكون معبرًا عن أطياف الشعب المصري ،  موضحًا أن إدراك القوى السياسية لأهمية التكتل الانتخابي في هذه المرحلة سيؤدي إلى بلورة تحالف انتخابي متين .

أما الدكتور مصطفي عثمان رئيس قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني فأثنى على قدرة حزب الحرية والعدالة في تكوين هياكله وتشكيلاته ، وتمكنه من فرض نفسه باعتباره أهم القوى السياسية في مصر رغم حداثة إنشائه ، ولفت إلى أن الثورات العربية تعبير عن تطلعات الشعوب العربية للحصول على الحرية ، محذرًا من التحركات الغربية التي تستهدف عزل هذه الثورات عن بعضها .


 

آراء