تفاوض اللحظة الأخيرة
سعد مدني
16 June, 2022
16 June, 2022
لماذا لا تعلن قوى الثورة السودانية انها تقبل بما يسمى تفاوض اللحظة الأخيرة مع الانقلابيين لتسليم السلطة لسطلة مدنية كاملة دون مشاركة أو تسوية....
تفاوضة اللحظة الأخيرة يأتي بعد أن تتوحد قوى الثورة على ميثاق موحد، وعلى دستور انتقالي موحد، وعلى تسمية رئيس الوزراء وتكوين الحكومة المركزية واختيار اعضاءها، لتكون جاهزة لاستلام السلطة وإدارتها، وبعد ان تستطيع حشد معظم جماهير الشعب السوداني في الشارع بعد اقتناع الجماهير بقيادتها ومواثيقها الموحدة وبرؤيتها الإصلاحية خلال الفترة الإنتقالية.
شعار عدم التفاوض بشكل قاطع...يعني في المقام الأول أن المقاومة السودانية، تمتلك حاليا جيوش تحارب الانقلابيين، وإنها سيطرت على معظم المدن السودانية وإنها تحاصر العاصمة من أجل الانتصار النهائي على جيوش الانقلابيين واستلام السلطة بقوة السلاح، أو أن المقاومة السودانية لديها القدرة حاليا على حشد اكبر قوة جماهيرية في الشوارع، تحاصر الانقلابيين في مجالسهم الحكومية، وتعطل مسار الحياة العامة في العاصمة والولايات، وهنالك تعاطف معها من قوات بالجيش، تعتقل قادة الانقلابيين، وتسلم لهم السلطة، وهذا جميعه ليس حادثا في المشهد السوداني الحالي، حيث تتخذ المقاومة الطابع السلمي للمقاومة للوصول إلى مرحلة يقوم فيها قادة الانقلابيين سلميا وطوعا في نهاية المطاف بتلسيم انفسهم إلى قادة المقاومة السلمية، هذا غير ان المقاومة الان منقسمة على نفسها ولا تملك حكومة جاهزة لاستلام الحكم، متفق عليها من جميع الاطراف، ولا تعرف الجماهير قادتها واعضاءها، وماذا سوف يقدمون لهم اذا ساعدوهم في التخلص من الانقلابيين. تسليم السلطة جميعه مبني على ماهي نقاط القوة لدى كل من المقاومة السلمية وتلك التي موجودة لدى الانقلابيين. نقاط القوة لدى الانقلابيين تتمثل في انهم واقعيا بيدهم السلطة في السودان، وهم السلطة الوحيدة التي تملك السلاح ويمكنها استخدامه حتى الرمق الأخير، ولديهم عدة حركات مسلحة تساندهم، مثل بعض الحركات المسلحة في دارفور والنيل الازرق، ويسادنهم كل جهاز الدولة القديم، بما فيه جهاز الامن، والذي اسسته الحركة الإسلامية خلال ثلاثين عاما، ومدعومين من قبل المؤتمر الوطني وبعض التيارات الإسلامية الراديكالية. أما نقاط القوة لدى المقاومة السلمية هو قدرتهم على حشد معظم جماهير الشعب السوداني في الشوارع، والضغط الاقليمي والدولي على الانقلابيين لتسليم السلطة، وتدهور الاقتصاد وانفراط الأمن داخل المدن السودانية. وهذين العاملين الآخرين يدعمان اقتناع الجماهير بإسقاط سلطة الانقلابيين، لذا تم اعتبارهم نقاط قوة.
وكما ذكرنا آنفا ان تفاوض اللحظة الاخيرة، يأتي في الأوقات التي تمتلئ فيها جميع شوارع العاصمة بالجماهير، وهي تحاصر كل المرافق الحكومة السيادية والتي تمتلك فيها المقاومة قيادة واضحة، وحكومتها المتفق عليها جاهزة لاستلام الحكم. تقوم قيادة المقاومة السلمية بتفاوض اللحظة الأخيرة من أجل استلام الحكم من الانقلابيين واعلان انتصار الثورة.
العامل الحاسم والوحيد للضغط على السلطة الانقلابية هو ضغط الجماهير المتواصل والمصحوب باعتصام أو اعتصامات دائمة، كما كان في مثال اعتصام القيادة العامة الذي أدى إلى إسقاط نظام البشير في ٢٠١٩.
للوصول الى الضغط الجماهيري القوي، من معظم سكان العاصمة والولايات، لابد للجماهير من الاقتناع بجدوى التغيير وإسقاط الانقلابيين، وإنها ترى أن المخلص الوحيد للسودان وانعاش اقتصاده واستتاب الأمن فيه، وجود مقاومة سودانية قوية، تعرف الجماهير قادتها، وتعرف رؤيتهم المفصلة لإدارة الفترة الإنتقالية، وماذا سوف يقدمون لهم بعد استلام السلطة.
لذلك اهم تكتيك وهدف استراتيجي للمقاومة حاليا، هو كيفية استطاعتها حشد اكبر عدد من الجماهير للوصول الى اللحظة الحرجة التي يقتنع فيها الانقلابيين بتسليم السلطة، وليس هناك خيارا اخرا لديهم، او يقوم بعض قادة الجيش باعتقال قادة الانقلابيين، وتسليم السلطة، وهذا لا يتأتى الا بحشد شباب المقاومة في كل الولايات وحشد جماهير حزب الأمة والشيوعي والمؤتمر السوداني والبعث وجماهير بقية أحزاب قوى الحرية والتغيير والمهنيين وجماهير حركات الكفاح المسلح التي يقودها عبد الواحد وعبدالعزيز الحلو وغيرها، وجميع جماهير الكيانات الثورية التي تؤمن باهداف الثورة السودانية، هذا بالإضافة الى الجماهير التي لا تنتمي لاي من كيانات المقاومة، ولكنها مقتنعة بضرورة التغيير تحت رايات المقاومة. اي تقسيم أو تشرزم للمقاومة السودانية، يعني في المقام الأول تشرزم وانقسام الجماهير التي تساند كل طرف، مما يعنى في النهاية فقدان المقاومة لاهم سلاح لديها، بل يكاد السلاح الوحيد لديها، وهو حشد اكبر قوة جماهيرية في الشارع، تحت اهداف ورؤى موحدة، تقتلع السلطة من الانقلابيين.
اهم الشعارات التي يجب أن تركز عليها المقاومة السودانية هي عدم الشراكة أو التسوية، باي شكل كان، وأن يتم تسليم السلطة لحكومة مدنية كاملة، يكون على عاتقها فيما بعد انجاز العدالة، والاقتصاص من قتلة الشهداء، وتكوين الجيش الموحد، دون وجود لأي مليشيات أو قوات مسلحة خارجه، وهيكلة الخدمة المدنية والسلطة القضائية والعدلية، واصلاح الاقتصاد، وسيطرة السلطة المدنية على جهاز الشرطة والامن، وعلى دمج أو تسريح المليشيات والقوات المسلحة خارج نطاق القوات النظامية المعترف بها من قبل الدولة.
ما الذي يضير في تفاوض اللحظة الأخيرة اذا كان يحقق تسليم السلطة لحكومة مدنية بدون مشاركة أو تسوية؟؟
سعد مدني
saadmadani54@gmail.com
/////////////////////////
تفاوضة اللحظة الأخيرة يأتي بعد أن تتوحد قوى الثورة على ميثاق موحد، وعلى دستور انتقالي موحد، وعلى تسمية رئيس الوزراء وتكوين الحكومة المركزية واختيار اعضاءها، لتكون جاهزة لاستلام السلطة وإدارتها، وبعد ان تستطيع حشد معظم جماهير الشعب السوداني في الشارع بعد اقتناع الجماهير بقيادتها ومواثيقها الموحدة وبرؤيتها الإصلاحية خلال الفترة الإنتقالية.
شعار عدم التفاوض بشكل قاطع...يعني في المقام الأول أن المقاومة السودانية، تمتلك حاليا جيوش تحارب الانقلابيين، وإنها سيطرت على معظم المدن السودانية وإنها تحاصر العاصمة من أجل الانتصار النهائي على جيوش الانقلابيين واستلام السلطة بقوة السلاح، أو أن المقاومة السودانية لديها القدرة حاليا على حشد اكبر قوة جماهيرية في الشوارع، تحاصر الانقلابيين في مجالسهم الحكومية، وتعطل مسار الحياة العامة في العاصمة والولايات، وهنالك تعاطف معها من قوات بالجيش، تعتقل قادة الانقلابيين، وتسلم لهم السلطة، وهذا جميعه ليس حادثا في المشهد السوداني الحالي، حيث تتخذ المقاومة الطابع السلمي للمقاومة للوصول إلى مرحلة يقوم فيها قادة الانقلابيين سلميا وطوعا في نهاية المطاف بتلسيم انفسهم إلى قادة المقاومة السلمية، هذا غير ان المقاومة الان منقسمة على نفسها ولا تملك حكومة جاهزة لاستلام الحكم، متفق عليها من جميع الاطراف، ولا تعرف الجماهير قادتها واعضاءها، وماذا سوف يقدمون لهم اذا ساعدوهم في التخلص من الانقلابيين. تسليم السلطة جميعه مبني على ماهي نقاط القوة لدى كل من المقاومة السلمية وتلك التي موجودة لدى الانقلابيين. نقاط القوة لدى الانقلابيين تتمثل في انهم واقعيا بيدهم السلطة في السودان، وهم السلطة الوحيدة التي تملك السلاح ويمكنها استخدامه حتى الرمق الأخير، ولديهم عدة حركات مسلحة تساندهم، مثل بعض الحركات المسلحة في دارفور والنيل الازرق، ويسادنهم كل جهاز الدولة القديم، بما فيه جهاز الامن، والذي اسسته الحركة الإسلامية خلال ثلاثين عاما، ومدعومين من قبل المؤتمر الوطني وبعض التيارات الإسلامية الراديكالية. أما نقاط القوة لدى المقاومة السلمية هو قدرتهم على حشد معظم جماهير الشعب السوداني في الشوارع، والضغط الاقليمي والدولي على الانقلابيين لتسليم السلطة، وتدهور الاقتصاد وانفراط الأمن داخل المدن السودانية. وهذين العاملين الآخرين يدعمان اقتناع الجماهير بإسقاط سلطة الانقلابيين، لذا تم اعتبارهم نقاط قوة.
وكما ذكرنا آنفا ان تفاوض اللحظة الاخيرة، يأتي في الأوقات التي تمتلئ فيها جميع شوارع العاصمة بالجماهير، وهي تحاصر كل المرافق الحكومة السيادية والتي تمتلك فيها المقاومة قيادة واضحة، وحكومتها المتفق عليها جاهزة لاستلام الحكم. تقوم قيادة المقاومة السلمية بتفاوض اللحظة الأخيرة من أجل استلام الحكم من الانقلابيين واعلان انتصار الثورة.
العامل الحاسم والوحيد للضغط على السلطة الانقلابية هو ضغط الجماهير المتواصل والمصحوب باعتصام أو اعتصامات دائمة، كما كان في مثال اعتصام القيادة العامة الذي أدى إلى إسقاط نظام البشير في ٢٠١٩.
للوصول الى الضغط الجماهيري القوي، من معظم سكان العاصمة والولايات، لابد للجماهير من الاقتناع بجدوى التغيير وإسقاط الانقلابيين، وإنها ترى أن المخلص الوحيد للسودان وانعاش اقتصاده واستتاب الأمن فيه، وجود مقاومة سودانية قوية، تعرف الجماهير قادتها، وتعرف رؤيتهم المفصلة لإدارة الفترة الإنتقالية، وماذا سوف يقدمون لهم بعد استلام السلطة.
لذلك اهم تكتيك وهدف استراتيجي للمقاومة حاليا، هو كيفية استطاعتها حشد اكبر عدد من الجماهير للوصول الى اللحظة الحرجة التي يقتنع فيها الانقلابيين بتسليم السلطة، وليس هناك خيارا اخرا لديهم، او يقوم بعض قادة الجيش باعتقال قادة الانقلابيين، وتسليم السلطة، وهذا لا يتأتى الا بحشد شباب المقاومة في كل الولايات وحشد جماهير حزب الأمة والشيوعي والمؤتمر السوداني والبعث وجماهير بقية أحزاب قوى الحرية والتغيير والمهنيين وجماهير حركات الكفاح المسلح التي يقودها عبد الواحد وعبدالعزيز الحلو وغيرها، وجميع جماهير الكيانات الثورية التي تؤمن باهداف الثورة السودانية، هذا بالإضافة الى الجماهير التي لا تنتمي لاي من كيانات المقاومة، ولكنها مقتنعة بضرورة التغيير تحت رايات المقاومة. اي تقسيم أو تشرزم للمقاومة السودانية، يعني في المقام الأول تشرزم وانقسام الجماهير التي تساند كل طرف، مما يعنى في النهاية فقدان المقاومة لاهم سلاح لديها، بل يكاد السلاح الوحيد لديها، وهو حشد اكبر قوة جماهيرية في الشارع، تحت اهداف ورؤى موحدة، تقتلع السلطة من الانقلابيين.
اهم الشعارات التي يجب أن تركز عليها المقاومة السودانية هي عدم الشراكة أو التسوية، باي شكل كان، وأن يتم تسليم السلطة لحكومة مدنية كاملة، يكون على عاتقها فيما بعد انجاز العدالة، والاقتصاص من قتلة الشهداء، وتكوين الجيش الموحد، دون وجود لأي مليشيات أو قوات مسلحة خارجه، وهيكلة الخدمة المدنية والسلطة القضائية والعدلية، واصلاح الاقتصاد، وسيطرة السلطة المدنية على جهاز الشرطة والامن، وعلى دمج أو تسريح المليشيات والقوات المسلحة خارج نطاق القوات النظامية المعترف بها من قبل الدولة.
ما الذي يضير في تفاوض اللحظة الأخيرة اذا كان يحقق تسليم السلطة لحكومة مدنية بدون مشاركة أو تسوية؟؟
سعد مدني
saadmadani54@gmail.com
/////////////////////////