تمصير حلايب وتهويد فلسطين: وجهان لسياسة واحدة !!

 


 

 

 

جاء في الأخبار هذا الأسبوع ان مصر خصصت مليار ومائة مليون جنيه مصري ونحو ستين مليون دولار أمريكي لاعمار وتنمية مثلث حلايب . فماذا قال السودان ردا علي هذا الإعلان ؟

رد السفير قريب الله الخضر ، الناطق الرسمي لوزارة الخارجية السودانية ، " ان موقفنا ثابت بان حلايب سودانية وان الحكومة جددت الشكوي للأمم المتحدة عن التعدي المصري.
( لم يصفه بالاحتلال ؟! ).
ما جاء علي لسان الناطق إنما هو تكرار رتيب وممل لتصريحات رسمية درجت عليها حكومتنا منذ احتلال الجيش المصري لحلايب وشلاتين عام ١٩٩٥ في أعقاب اتهام مصر للسودان بالضلوع في محاولة اغتيال الرىيس حسني مبارك في أديس أبابا : فيما ظلت مصر تكرر وتؤكد مزاعمها حول ملكية حلايب لا بالتصريحات المضادة فحسب بل بتنفيذ سياسة تمصيرالمثلث وإلحاقه اداريا بمحافظات الدولة المصرية وتجاهل التصريحات السودانية الجوفاء .
نزعم ان مصر حذت حذو سياسة اسرائيل حول فلسطين خلال نصف القرن الماضي ومنذ حرب ١٩٦٧ بتهويد الضفة الغربية بالاستمرار والإمعان في بناء المستوطنات دون الالتفات لنداءات وتصريحات " فلسطين عربية. .... والقدس عاصمة للدولة الفلسطينية " ودون الاكتراث
للعشرات من قرارات الامم المتحدة التي تدين الاحتلال ولا تفعل شيئا لإنهائه ..الامم المتحدة التي ظل السودان يبكي علي حائطها حال حلايب المغتصبة .
اتخذت مصر من هذه السياسة الإسرائيلية أسوة ومنهجا لتكريس احتلال حلايب بتمصيرها عبر مشاريع التنمية الاقتصادية والخدمات الاجتماعية تقدم لسكان المثلث من القبائل السودانية وضمن الأسبقيات التنموية لمحافظات مصر الآخري . وسوف تستكمل حلقات التمصير قريبا بمنح الإقامات الدائمة والتوطين والتجنيس والجواز المصري : مصر تبني وتعمر وتغري في حلايب ، والسودان يصرح ويحتج ويشكو في نيويورك !
نجحت اسرائيل ايما نجاح ومنذ نشأتها في استقطاب الدعم السياسي والديبلوماسي لسياسة الاحتلال والتهويد الا من مناشدات خجولة من اصدقائها بتجميد بناء المستوطنات ذرا للرماد في العيون.... اما حلايب فلم نر او نسمع عن سياسات او خطة او مساعي نشطة لاستقطاب مثل هذا الدعم لا من دول " الاستكبار " (وهو بعيد المنال اذ حالنا يغني عن سؤالنا!) ولكن من الاشقاء والاصدقاء ، علما بأننا لا نستطيع اللجوء لمقولة : ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة ...." فهل لوزارة خارجيتنا سياسة اخري وخيار اخر غير الاستنكار وشكوانا القابعة في أضابير الامم المتحدة منذ ستين عاما وقد صدأت وأصفرت واهترت صفحاتها ؟!
ما حدث ويحدث في حلايب ليس احتلالا ولا اغتصابا وإنما سبي بصريح العبارة غير الديبلوماسية ( عديل كدا ) كسبي بابل الآشورية لليهود .

د. حسن عابدين / سـفير ســابق
hasabdin1939@gmail.com

 

آراء