- العميد ركن عصام الدين ميرغنى طه (ابوغسان ) -يروى مذبحة الجنرلات على يد الرئيس نميرى -بماذا شبه العميد ركن السر احمد سعيد الاحداث -ماذا قال محجوب عمرباشرى عن ذلك رائد مهندس م محمداحمدادريس جبارة (الكثيرون في هذه الحياة هم الذين تسوقهم الأقدار للقيام بعمل ما، أو لتحقيق هدف ما . أما القلة القليلة فهي التي تخطط لكل ما تريد ويتحقق لها ذلك بعد أن ياذن الله فمن هذه القلة كان منسوبو الدفعة (۳۱). (هذه العبارة كتبت قبل خمسة عشر عاما في الكتاب في صفحة 79فانظر لما حدث بعد ذلك في ابريل من 2019. تناولنا في الجزء الثامن من كتاب الدفعة 31الغرس الطيب للفريق اول ركن جلال الدين الشيخ الطيب الأجواء في السودان ابان حكم جعفر نميرى والتي سادت والدفعة تخطو خارج الكلية الحربية .وفى هذا الجزء نتناول الأجواء داخل المؤسسة العسكرية (قوات الشعب المسلحة ). استفاد الجيش السوداني من الحرب الباردة بين القطبين فتم تحديث التسليح والتدريب في ظل سلام امتد من 73وحتى 83 من القرن الماضى ...لكن الأداء الاقتصادي والسياسي لم يكن جيدا فانعكس ذلك على المؤسسة العسكرية .يعكس في هذه الفصل العميد ركن عصام الدين ميرغنى طه (ابوغسان ) في كتابه (الجيش السودانى والسياسة ...دراسة تحليلية للانقلابات العسكرية ...ومقاومة الأنظمة الدكتاتورية في السودان ) وهو كاتب وقائد عسكرى غنى عن التعريف ...والذين شاهدوا فيلم قناة العربية عن احداث انقلاب 28 رمضان 1990 في 24 ابريل سيلاحظون تميز شهادته بالاحترافية والبعد عن العواطف في تحليل ماجرى وله كتب عن حرب جنوب السودان التي قاد واحدة من اشهر معارها (الصقر الجارح مع كل من اللواء ركن صديق البنا والمقدم وقتها السر احمد سعيد ).كتب تحت عنوان ( مذبحة الجنرالات ....مراكز القوى والفساد ...في نهاية العام ۱۹۸۱ أدخل النظام المايوي الحاكم البلاد في أزمة سياسية جديدة من سلسلة الأزمات المستمرة منذ استيلائه على السلطة. كانت الحكومة قد أجبرت على اتخاذ خطوات لوقف التدهور الاقتصادي و ارتفاع معدلات التضخم، وبناء على توصيات «صندوق النقد الدولي» تم رفع الدعم عن بعض السلع الاستهلاكية، وزيادة أسعار الوقود و فرض قائمة طويلة من الضرائب الجديدة. أنعكست تلك القرارات بسرعة على ذوي الدخل المحدود، وكانت ردة الفعل خروج مظاهرات طلابية منددة بتلك القرارات في العاصمة القومية، وسرعان ما انتشرت لتعم بعض مدن السودان الكبرى. المسألة الثانية التي كانت مؤثرة على الاستقرار السياسي في تلك الفترة هي رائحة الفساد التي أزكمت الأنوف.. كانت العديد من الصحف والمجلات الأجنبية المهتمة بالشأن السوداني و المحظور دخولها البلاد تكتب بوضوح عن الصفقات والمفاسد التي يقوم ب ها أقطاب النظام المايوي، و عن رهن السودان وقدراته الاقتصادية لصالح رجال أعمال مثيرين للجدل، أمثال عدنان خاشقجي و تايني رولاندز وآخرين، فتقوم المعارضة والجاليات في الخارج بتصوير تلك المقصوصات الصحفية وترسلها بكل الوسائل لتتداولها المعارضة الداخلية وحلقات المثقفين.. أصبحت الزيادات الجديدة في أسعار الوقود مؤلمة للشعب السوداني و هو يقرأ عن مئات الألوف من أطنان البترول الخام التي تمنحها المملكة العربية السعودية تباع في عرض البحر لصالح اشخاص من قيادات النظام ووزرائه التنفيذيين. والفساد يفرخ الفساد، فعم وشمل قطاعات كثيرة في الدولة.. أصبحت الرشاوي و العمولات وتهريب العملات الأجنبية إلى الخارج، ونمو الرأسمالية الطفيلية ظاهرة متصاعدة في السودان. مع اندلاع المظاهرات الطلابية والعمالية في الخرطوم والمدن الكبرى في مطلع يناير من العام ۱۹۸۲، واستمرارها الأسابيع برغم القمع الشديد الذي مارسته وحدات شرطة الاحتياطي المركزي، أيقن الرئيس نميري أن نظامه يمر بخانق كبير.. وكعادته طوال فترة حكمه سعی لمحاولة نقل الازمة وتعليقها على ظهور الأخرين. دعا الرئيس نميري قيادات العمل الوطني في كل هينات الاتحاد الاشتراكي والوزراء التنفيذيين ومديري المؤسسات العامة الاجتماع موسع يعقد هي القاعة الكبرى بمبنى الحزب الحاكم لتدارس الموقف العام، والأزمة الاقتصادية، واتخاذ القرارات الملائمة لتثبيت الوضع. افتتح الرئيس نميري الاجتماع، واستمع الحضور لتقرير من اللواء عمر محمد الطيب رئيس جهاز الأمن القومي والنائب الثاني لرئيس الجمهورية عن موقف الامن بالبلاد، ثم اسند نميري إدارة الجلسة الأمين العام للاتحاد الاشتراكي الفريق عبد الماجد حامد خليل ، وخرج إلى مكتبه ليراقب سیر المناقشة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة. فتح الفريق عبد الماجد باب النقاش فتحول الاجتماع إلى هجوم واضح من الحضور على سياسات النظام الاقتصادية، و الذي طال معظم مرافق الدولة. في اليوم التالي حضر الرئيس نميري الاجتماع الموسع الثاني، وبدلا عن الاستماع للتوصيات والقرارات التي توصلت إليها القيادات، شتم الحضور ، واتهم بعضهم بالجهل، وكان واضحا أن الدكتاتور أصبح لا يطيق كلمة نقد واحدة تهدف للإصلاح. خرج نميري من ذلك الاجتماع بعد أن أبدى رغبته في ترك الرئاسة.. فهرع الأجاويد .. وبكت بعض سيدات الاتحاد الاشتراكي الفضليات على قرار ((الرئيس القائد» بالتنحي. كانت الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد قد انتقلت إلى داخل القوات المسلحة التي يعتبرها نميري صمام الأمان لاستمراره في الحكم. تأثر أفراد القوات المسلحة بصورة واضحة من قرارات رفع الدعم وزيادات الضرائب غير المباشرة، وأصبحت الحالة المعيشية المتدهورة تناقش في الاجتماعات الأسبوعية للقيادات. كانت أوساط القوات المسلحة تتحدث أيضا عن حالة الفساد التي عمت البلاد، وقد انعكس كل ذلك في تقارير الرأي العام العسكري التي تعدها إدارة الاستخبارات العسكرية، فالقوات المسلحة دائما مرأة صادقة لما يدور في الشارع السوداني. رات قيادة الجيش مناقشة الوضع المتدهور والاستماع إلى رأي الرئيس والقائد الأعلى، لإبداء الرغبة في الإصلاح. طلب الفريق عبد الماجد حامد خليل القائد العام و النائب الأول لرئيس الجمهورية من الرئيس جعفر نميري الموافقة على حضور اجتماع مع قادة الجيش الاستماع إلى آرائهم عن الموقف الراهن وحالة القوات المسلحة. لم تخل تلك الفترة من الصراعات السياسية بين فئات وأجنحة عديدة مصطفة داخل السلطة المايوية، فهناك صراع داخل الاتحاد الاشتراكي تقوده جماعات المصالحة الوطنية، وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين التي تزحف بهدوء للهيمنة على مقاليد الأمر، وبين المايويين القدامى وصراع متنام بين الفريق عبد الماجد حامد خليل الأمين العام الجديد للاتحاد الاشتراكي، وبؤر الفساد المستوطنة في الاتحاد منذ إنشائه. وهناك أيضا الصراع التقليدي بين الجيش وجهاز الأمن القومي، والذي تسارعت وتيرته بعد تعيين اللواء عمر محمد الطيب رئيسا للجهاز ونائبا ثانيا لرئيس الجمهورية. «كان على اللواء عمر محمد الطيب أن يقدر الظروف التي تمر بها البلاد.. ورغم أنه كان من أميز ضباط القوات المسلحة، ورغم ثقافته العالية، أخذ يسعى بأنانية شديدة لمنافسة النائب الأول والقائد العام الفريق عبد الماجد حامد خليل بصورة مدمرة كان من نتائجها أن تسببت في شرخ كبير في جدار القيادة العامة».(۱) وأخيرا.. هنالك الصراع الخفي وعدم الثقة المتبادلة بين الفريق عبد الماجد حامد خليل ونائب رئيس هيئة الأركان للإدارة الفريق توفيق صالح أبو كدوك، وكلاهما من دفعة واحدة في القوات المسلحة. تضافرت كل تلك الظروف في إخراج مواجهة ۲۳ يناير ۱۹۸۲ التي انتهت بإقصاء قيادات القوات المسلحة السودانية. الاجتماع العاصف.. والمواجهة بدأ اجتماع الرئيس نميري مع قادة الجيش الساعة الحادية عشر صباحا، وافتتح الفريق عيد الماجد الاجتماع مرحبا بحضور الرئيس، وأوضح أن هدف الاجتماع هو التقاء القائد الأعلى بقادة القوات المسلحة والاستماع لرأيهم عن الموقف العام، مواصلة لنهج التشاور والجماعية في تدارس الأمور. كعادة الفريق عبد الماجد في افتتاح كل اجتماع هام بصورة عملية، وبمدخل ملائم، قدم مدير الاستخبارات العسكرية العميد فارس عبد الله حسني لعرض الموقف الأمني من وجهة نظر القوات المسلحة. كان تقرير الرأي العام العسكري الذي قدمه العميد فارس ضمن عرضه يعكس بوضوح حالة السخط التي سادت الصف والجنود نتيجة لغلاء المعيشة، وتطرق إلى ما يتداوله القادة والضباط، و انتقادهم لحالة الفساد التي عمت البلاد. فتح بعد ذلك باب النقاش، ولصدمة الرئيس نميري - رغم استماعه بهدوء - انصب حديث القادة في الهجوم على الفساد، وعكس عدم قناعة كاملة بسياسات النظام المايوي وأسلوب إدارة الحكم. طالت اتهامات القادة في الفساد أقرب الناس إلى نميري، ومنهم كاتم أسراره د. بهاء الدين محمد ادریس، وزير شئون الرئاسة، وشقيقه مصطفى نميري، ومسئوليته في الفساد الذي غمر «جمعية ودنميري» التي انشأها الرئيس و أسند إدارتها لشقيقه. من أبرز قيادات القوات المسلحة الذين تحدثوا بوضوح ونقد مر في تلك الجلسة، الفريق عز الدين على مالك رئيس هيئة الأركان، واللواء بدوي مبشر الطيب (1) السعر أحيا۔ سعيد، السبل والعان. ص - ::.. قائد سلاح المظللات، والعميد أبو بكر محمد المبارك قائد سلاح النقل، والعميد حسن عثمان إبراهيم قائد سلاح الإشارة. تقبل الرئيس ذلك الهجوم غير المتوقع في صبر و هدوء، ثم أكن للقادة عدم معرفته لما يدور من فساد، وطلب منهم رفع الاجتماع لليوم التالي لارتباطه المسبق بلقاء سفراء في القصر الجمهوري.
كان هناك رأي وسط قادة الجيش بأن الرئيس نميري رجل مخادع ويجب عدم ائتمانه، وإنما مواجهته ثم عزله حتى لا يغدر بالمجتمعين، وقد كان أكثر مساندي ذلك الرأي اللواء النور عبد النور مدير فرع الاحتياجات الخارجية، واللواء بدوي المبشر الطيب والعميد أبوبكر محمد المبارك.. ولكن، هنالك الفريق عبد الماجد حامد خليل القائد العام ونائب رئيس الجمهورية الذي هدف إلى إصلاح حال البلد المتدهور، ولم يفكر في الخروج على الدستور .. ولم تكن لديه أي أفكار لانتزاع سلطة النميري. «ذلك الوفاء للقائد والشرعية من جانب النائب الأول لم يقابله وفاء من جانب الرئيس لنائبه وقائد جيشه».(2) أحس الرئيس جعفر نميري بالخطر القادم من قادة جيشه ، وزاد من مخاوفه التقارير المكتوبة من جهاز الأمن القومي، وأحاديث قادة الاتحاد الاشتراكي عن تنامي نفوذ وسلطة الفريق عبد الماجد.. وعن مدى ولاء قادة القوات المسلحة له.. وتلك لمسها بنفسه خلال اجتماع ذلك الصباح. كان أول ما فعله النميري أن وضع لواء الحرس الجمهوري الذي يقوده العقيد عمر محقر قائد حرس الرئيس السابق - والذي يضمن ولاءه في الاستعداد سرا، كما وضع سرية حرس الرئيس في الاستعداد .. ثم اتجه بعد الثامنة مساء إلى منطقة الشجرة العسكرية شمالي الخرطوم، حيث قيادة القوات المدرعة. «وضع النميري كتيبة الحرس الجمهوري في حالة استعداد وزار معسكر الشجرة بنفسه في مساء اليوم السابق ليضع خطته التحوطية التي أوكل أمر الإشراف عليها لتوفيق أبو كدوك، وأوكل حراسة القيادة لفاتح عبد العال».(3) لا أدري ماذا كانت تفعل وحدات جهاز الأمن القومي في تلك الليلة، لكن قطعا أنها قد أبلغت الرئيس بعدم وجود أي تحركات في معسكرات القوات التي تحدث قادتها باستياء واضح في صباح ذلك اليوم . تحوط الرئيس جعفر نميري للموقف، واتخذ القرار بمواجهة القادة وتصفيتهم في اليوم التالي. هنالك قصة طريفة سمعتها من العميد شرف الدين على مالك، شقيق رئيس الأركان الفريق عزالدين.. حكي قائلا: «التقيت بالفريق عزالدين في مساء يوم الاجتماع الأول واخبرني بمواجهتهم للنميري بالفساد وما قالوه عن بطانته وقد طلب النميري مواصلة الاجتماع غدا» ، ، فسأل العميد شرف الدين شقيقه: «قلتو ليهو كل الكلام ده؟ طيب يا عز الدين دباباتكم وقواتكم جاهزة؟».. فرد الفريق بالنفي، إذ لا نية في استخدام القوة. فرد العميد: «كان كدة عزالدين حقكم راح». وقد كان ذلك ما حدث تماما في اليوم التالي.
في صباح يوم ۲۳ يناير ۱۹۸۲ توافد قادة الجيش إلى قاعة اجتماعات القيادة العامة عند العاشرة صباحا، بينما تأخر الرئيس في الحضور لدراسة الموقف وتكملة ترتيباته التحوطية. عند حضوره في الساعة الحادية عشر صباحا، كانت سرية حرس الرئيس قد أحاطت، بقاعة اجتماعات القيادة العامة بصورة كاملة، بحجة تأمين منطقة الاجتماع.. لكنها كانت تنفذ قرار الرئيس بمحاصرة القادة واعتقالهم إذا لزم الأمر. جاء الرئيس نميري متنمرا تماما، وبدا عنيفا في الرد على القادة، ثم هاجمهم بلا هوادة في شأن ما أثاروه بالأمس من جرائم الفساد التي نفی علمه بها أول الأمر.. ثم اتهمهم بالجهل بالدستور، وهاجم بعضهم هجوم شخصي عن أدائهم المتدني، ودون أن يستمع لأي آراء أو نقاش أو توصيات أنهى الاجتماع، و أصدر أوامره بعودتهم لأفرعهم وقياداتهم. عند الثانية بعد الظهر تم استدعاء الفريق عبد الماجد إلى مكتب الرئيس نميري، الذي أخبره بأنه يرى أن ابتعاده - أي النميري - عن الجيش قد طال، ولذا فقد قرر العودة لقيادة الجيش بنفسه.. وبالتالي فقد قرر إعفائه من جميع مناصبه. حدثني الفريق عبد الماجد فيما بعد أنه رد على حديث الرئيس و عبر له بوضوح تام عن رأيه: «كان ذلك الاجتماع من أجل إصلاح حال البلد ووقف الفساد الذي صار حديث الناس.. إنني أتحمل كل المسئولية، ولكن آمل ألا يضار الضباط الذين تحدثوا بصراحة، فما قالوه يمثل الرأي العام العسكري في كل تقارير الاستخبارات، وهم جميعا من أميز قادة الجيش. أنا ملم بكل ما دار من مؤامرات البعض مساء يوم أمس وادعاؤهم بأنني أهدف إلى السلطة وهذا غير حقيقي، فإن استلام السلطة كان ممكنا ببيان صغير يوم أن أغمي عليك في كادوقلي.. أما الذين حاكوا المؤامرة ضدي فكان ذلك حماية المصالحهم وليس حماية لك، فهم لا يستطيعون حماية فأر « They can not protect a rat ».(4)
وكعادة النميري في الغدر وحنث العهود، أصدر قراراته في اليوم التالي بإحالة واحد وعشر بين ضابط من قيادات القوات المسلحة المتميزين إلى التقاعد وهم :
1- الفريق عز الدين على مالك رئيس هيئة الأركان. 2-اللواء بدوي المبشر الطيب قائد سلاح المظلات. : 3-اللواء بحری مکی المنا مدير فرع الاحتياجات الخارجية 4- اللواء إسماعيل الطيب علي قائد مركز التدريب الموحد. 5-اللواء بحري النور عبد النور مدير الأسلحة والمهمات. 6- العميد مصطفى محمود هيئة التفتيش. 7- العميد أبو بكر محمد المبارك قائد سلاح النقل والتموين . 8- العميد حسن عثمان إبراهيم قائد سلاح الإشارة. 9-العميد عبد الوهاب عبد الرؤف قائد سلاح الصيانة. 10-العميد مهندس علي التيجاني علي الأشغال العسكرية. 11- العقيد عمر الفاروق بحيري قائد مدرسة الكيمياء العسكرية. 12-و العقيد محمد أحمد الريح سلاح المظلات. : 13-الرائد معتصم أبشر الحرس الجمهوري. كان بعض الضباط المحالين للتقاعد من غير حضور الاجتماع، فالعقيد محمد أحمد الريح و الرائد معتصم أبشر جاءت أسماؤهم ضمن تقارير من جهاز الأمن القومي، وتم إلحاقهم على عجل بكشف مذبحة القادة. ما حدث في ۲۳ يناير ۱۹۸۲ حينما تصدى قادة الجيش لما يطلبه ويقوله الشارع السياسي السوداني لا يختلف كثيرا عن موقف الجيش في أكتوبر 1964، أو أبريل ۱۹۸۵. فالجيش السوداني كان دائما مرأة صادقة لنبض وتوجهات الشارع السوداني .. فعندما يتظاهر الطلاب العمال احتجاجا على ارتفاع الأسعار و التدهور في مستوى المعيشة والخدمات، ينظر لهم الجنود في إعجاب.. فذلك ما يعانونه أنفسهم، و عندما تتحدث، مجالس الخرطوم والأقاليم عن الفساد المحسوبية و الجريمة، يصب كل ما يقال داخل ثكنات القوات المسلحة. أما ما أصاب القوات المسلحة من تلك المذبحة فقد كان عظيما.. شهدت تلك الفترة بداية نهوض كبير للقوات المسلحة عادتها إلى المسار الاحترافي تحت قيادة الفريق عبد الماجد حامد خليل، الذي وضع خطط و حاد و بنابة لتحقيق تلك الطفرة. توقفت تلك الخطط و عمليات الإصلا ح، وعادت القوات المسلحة مرة أخرى إلى مربع الولاء والصمت. وبدلا من القيادات المؤهلة الشجاعة القادرة على العطا، عات المتملقون للنظام والمتسلقون فسادا وتخريبا في بنية القوات المسلحة السودانية، «أما الذين تم إعفاؤهم فهم أكثر القادة علما وثقافة وأخلاقة واحتراما، وكانت نهايتهم مع القائد العلم نهاية غير منطقية لمسيرة الاحتراف في القوات المسلحة.. وكان ذلك القرار أشبه بغرس إحدى سكاكين (الميتادور) الأسباني في عنق الثور الذي يصارعة ».(5)
هذه رواية العميد ركن عصام الدين ميرغنى طه (ابوغسان ) في كتابه (الجيش السودانى والسياسة ...دراسة تحليلية للانقلابات العسكرية ...ومقاومة الأنظمة الدكتاتورية في السودان ) في الصفحات من 141الى 147 . وقد استند فيها على روايات مصدرها منصور خالد . -ينتمى كلا من عبدالماجد ،عمر محمد الطيب ،عبدالرحمن محمدحسن سوار الذهب ،توفيق ابوكدوك ويوسف احمد يوسف الى الدفعة رقم سبعة في قائمة الكلية الحربية .وعبدالماجد هو الأول على هذه الدفعة .(وقد ذكر ذلك الكاتب في صفحة 46من كتاب الغرس الطيب) -كانت العلاقة بين عبدالماجد وعمر محمد الطيب حميمة لدرجة ان كل منهم سمى ابنه على الاخر. ويتهم محجوب عمر باشرى في كتابه اعدام شعب صفحة 58و59 جعفر نميرى صراحة بافساد هذه العلاقة فيكتب ( وأعقب ابوالقاسم محمدابراهيم الفريق عبد الماجد حامد خليل، عرفه أساتذته في مدرسة خورطقت الثانوية طالبا متفوقا، معتز بنفسه، وقد كان صديق ودفعة اللواء عمر محمد الطيب، وعرف بأنه عسکري ممتاز منظم منضبط، ولكنه يفقد حاسة السيطرةوالسيادة السيكولوجية في السياسة ويتبع القوانين واللوائح، ويرى الأبيض أسود والأسود أبيض، ولو أراد أن يقوم بانقلاب عام ۱۹۸۲ م لاستطاع في ومضة عين، ولكنه عسکري غير انقلابي، وركزت بعض الجهات عينها عليه ليخلف نميري، فتربيته وانضباطه منعاه من ذلك... وصفته بعض الدوائر أنه متكبر خشن .. وانصرف الفريق عبد الماجد حامد خلیل من غير جريرة وأستطاع جعفر نميري أن يبعده عن صديق عمره اللواء عمر محمد الطيب وقدر على ذلك، وعين اللواء عمر محمد الطيب نائب أول، ومسؤولا عن جهاز الأمن القومي وعمر محمد الطيب افتتن بحلقات الذكر والدراويش والشيوخ، وفتح بيته لطلاب الحاجات، ودلف إليه كل انتهازي وكل فاسد، وهو لا يرفض طلبأ لأحد، ونميري استخدمه شر استخدام، وتمسك به .. وكانت هنالك جهات ترشحه ليحل مكان نميري ، ولكنه كان وفيا لنميري، وقد استعان اللواء عمر بالمثقفين في جهاز الأمن، فكانوا يحاورنه حيثما كان هنالك حوار ويأخذ بآرائهم ويحترمهم.. ولم يخطر على باله أبدا أن تنجح الثورة الشعبية، وتنحاز قوات الشعب المسلحة لجانب الشعب، فهو غير دموي يقدر ويحسب كل ما يدور في المجتمع السوداني ، فإن الحاجز بينه وبين التصدي للثورة الشعبية خوفه من المجتمع السوداني الذي لا يرحم. ) وارجوا الاتصدمك هذه اللغة من باشرى فهاهو يكتب عن بقية النواب التالى (النواب المظلومون...كان جعفر نميري يكره ويخاف من بابکر عوض الله، لذلك عامله بخشونة، وبابكر عوض الله رجل ذكي ذكاء الدرس والقراءة، فهو ليس من أذكياء الحياة والحيلة . فقد كان من أوائل دفعته مع قريبه الأستاذ الدرديري محمد عثمان و محمود محمد طه وجمال محمد أحمد والمرحوم اللواء أحمد عبد الوهاب، كما أن فارق العمر بينه وبين جعفر نميري قد فصله عن الاستمرار.. أما اللواء محمد الباقر أحمد فهو رجل مجتمع وعلاقات خاصة، کاره للعنف، بعيد عن الدسائس والمؤامرات، زاهد في السلطة، وذو قدرة عسكرية، وقد أدرك أن وجوده في السلطة لا يعني شيئا له، وكان جعفر نميري يحترمه، ويبتعد عنه، وقد أراد اللواء الباقر بنفسه أن يتخلى عن المنصب . ويأتي بعده الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم، فوالده من أبطال ثورة عام ۱۹۲۶ م وهو من المفجرين الأساسيين لانقلاب مايو ویری نفسه صاحب حق طبيعي أكثر من جعفر نميري، وكثيرا ما كان يتحدی جعفر نميري، ويشاكسة، ولا يتورع أبو القاسم أبدا من أن يشهر السلاح في وجه جعفر نميري، فقد أبعده جعفر نميري، وكان أبو القاسم مؤمنة بأنها ثورة وليست سلطة( . ..وكلمات باشرى دقيقة تخفى خلفاه معانى ومعانى . -ولا شك ان اقالة الجنرالات في يناير 1982 كانت مؤشرا على ظلم الطلبة الحربيين في محكمة ابريل 1982 حيث ان روح العدل واحدة .وقد جاء في المختار من مناقب الاخيار صفحة 475..لابن الاثير الجزرى(قال موسى بن أعين الراعى –وكان يرعى الغنم لمحمد بن ابى عيينة :-كانت الغنم والأسد والوحش ترعى في خلافة عمر بن عبدالعزيز في موضع واحد ،فعرض لشاة منها ذئب فقلت :انا لله،ما أرى الرجل الصالح الا قد هلك . فحسبنا ، فوجدناه هلك عمر في تلك الليلة ). في الحلقة القادمة ان شاء الله نمضى مع الدفعة 31 في اول خطواتها العملية . المراجع :- 1-السر احمد سعيد السيف والطغاة ص -56 2-منصور خالد النخبة السودانية وادمان الفشل جزء1ص-606 3--منصور خالد النخبة السودانية وادمان الفشل جزء1ص-.606 4--منصور خالد النخبة السودانية وادمان الفشل جزء1ص-607 5--السر احمد سعيد السيف والطغاة ص -60 هذه محاولة استجلاء الحقائق لقضية مضى عليها نحو من اربع عقود أتمنى ان يدلى كل من كان له علم بدلوه ...لمزيد من الصور والتعليقات يمكن الرجوع الى مواقع التواصل أ- https://www.facebook.com/profile.php?id=1054093455 ب- https://twitter.com/ganaboo