جمدوا جراح الوطن النازف .. أوقفوا ترويع الامنين .. ما بعد العاصفة وماذا تعلمنا

 


 

 

د. محمد حمدان عيسى.... المنطقة الشرقية - المملكة العربية السعودية

كان الاسكندر الاكبر المقدوني مثالا للقائد الرائد الذي لا يكذب اهله، ومن أشهر أقواله لا أخاف من جيش من الأسود يقوده خروف، بل أخاف من جيش من الخراف يقوده أسد. ولقد عبرت مدارس تدريب القادة عن هذا المفهوم فليست العبرة بكثرة الجنود وانما بحنكة القيادة ورجل واحد ذا رؤية وبصيرة افضل من جماعة كثر لكنهم غثاءٌ كغثاء السيل” One man with a vision is a group” .
ان السمـاء لا تطيـق شمسين، ولا الأرض تطيـق سيدين وكما يقال ان كثرت الأيـادي تفسـد الطبخة عندمـا يحاول أحدهما الظفر بالسلطة أو ببعضها وتهميش الاخرين. يحل التنافس بديلا عن التكاتف والتآزروعندما يفتقد القادة ولا يملكون رؤية حضارية مدنية للمستقبل وعندما يسقط القادة احلام من اتوا بهم الى السلطة سواء بالقـوة القهرية او عن طـريق التحــايل أو التلفيق وهي الأهـداف التي من اجلها ثاروا وقــدم بعضهم الارواح رخيصة في سبيلها. ومن انعدام الشفافية أن يذكر القادة بعض المعلومات الصحيحة وأن يسكت عن معلومات أخرى وهو فعل مذموم أخلاقيا ومحرم في كل الأديان السماوية منها وغير السماوية.
كثيرة هي الدروس التي تعلمناها من هذه الحرب العبثية والتي لم تخمد جزوتها بعد فتعسا لمن أوقد نارها وتعسا لمن صب الزيت على النار وان من بيدهم القرار يحتاجون الى تدريب عملي في إدارة الازمات
Crisis Management or Conflict Resolution
اول هذه الدروس انه قد فشلنا في تامين الأسواق والبنوك والمخازن فنهبت ...فشلنا في تامين دور العلاج والمستشفيات فشلنا في حماية الكوادر الطبية جيشنا الأبيض الذي وقف معنا عندما داهمتنا الكورونا فشلنا في توفير الماء والكهرباء والتي طالها التخريب بقصد وكذلك كثيرا من المرافق المدنية والمنشاءات.
انتقلت اثار الحرب الى سبعة دول بحدود برية مجاورة والتي كانت تعتمد أسواقها بشكل كبير على السلع السودانية من صمغ وسمسم ولحوم.
وشر هذه الاثار ان الالاف قتلوا وازهقت أرواحهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل فكم من ام ماتت في سيارتها قبل ان تصل لاطفاها وكم من اب أصابه عيار ناري فكتب نهاية حياته. والذي لم يمت بالسيف مات بغيره.. غادر مكرها دارا الفته والفها اما للداخل او خارج حدود الوطن نازحا يحمل معه قليل من متاع وقلب جريح ملتاع يردد في صمت وطنـــــــي لـــــــو شـــــــغلت بالخلـــــــد عنـــــــه نـــــازعتني إليـــه فـــــي الخلـــــد نفـــــسي.... احــرام علـــــــــــى بلابلـــــــــــه الـــــــــــدوح حــــــلال للطيـــر مــــــن كل جنس
وكما يقال عند المحن تعرف من يقف معك مواسيًا ومن يقف في الرصيف الاخر متفرجا. ففي الداخل سطر أهلنا ملحمة والياذة سودانية فريده في التكافل والتراحم وقدموا صفحة ناصعة تكتب بمداد من ذهب. تماسكوا كالبنيان المرصوص وتعاضدوا كالجسد الواحد ناسا تقسم اللقمة بيناتم وفتحوا دورهم وصدورهم لمن وفد إليهم ... "أهلي الفصاح أسياد الصباح درعك يا وطني" وفى جدة وقفت الجالية السودانية على قدم وساق ولم تخن عهدا ولا ميثاق واستقبلت من اتوها بحرا بالسفن وجوًا بطيران تاركو..
تفاعلت دول العالم فاتتنا الطائرات والبواخر المصرية التركية السعودية القطرية الكويتية والهندية لتجلو الرعايا وفتحت دول الجوار واولها مصر المعابر “مصر ياخت بلادي يا شقيقة ملء روحي أنت يا أخت بلادي.. سوف نجتث من الوادي الأعادي"
وضربت المملكة العربية السعودية المثل الأعلى وكانت اول من بادر بدءا بمعاملة المعتمرين ومن انقطعت بهم السبل وايوائهم بالفنادق وانتهاءً بتسيير جسر جوي من الملك بمساعدات قدرت قيمتها بمئة مليون دولار فلهم منا الشكر والتقدير وما فعلوه من خير لن يضيع عند من لا تضيع عنده الودائع. شكرا لهم على المواساة والجيرة الحسنة والوقفة التي لن ننساها ونظل نتوجها شكرا وعرفانا
وفى الختام ورقم كل ما نمر به من محن واحن يبقى الوطن همنا الأول واصلنا ومنتهانا ويصبح لزاما علينا ان نقدم له كل ما نستطيع ان نحمله في اكتافنا ان نحكره في قلوبنا وان دعا داع الفداء لم نخن، بل نفديه بالأرواح نزود. "بحبك يا وطني.. بعزك يا وطني.. حتى الجراح الزمان راح مهرك يا وطني" واختم بمقتطفات من كلمات الشاعر الذي احببته كما احببنا الوطن أبو القاسم الشابي
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياة فلا بُدَّ أن يَسْتَجيبَ القدر
ولا بُدَّ للَّيْل ان ينجلي ولا بد للقيد ان ينكسر
ومن لا يعُشق صُعودَ الجبال يَعِشْ أبَدَ الدَّهرِ بَيْنَ الحُفَرْ

د. محمد حمدان عيسى.... المنطقة الشرقية - المملكة العربية السعودية

mohammedeisa@gmail.com
////////////////////////

 

آراء