جنرالات الجبهة الثورية ! العسكري !

 


 

 

manazzeer@yahoo.com

* كثرت في الايام الماضية الترشيحات والتكهنات بتعيين السلطة الانقلابية لرئيس مجلس وزراء وتشكيل حكومة، خاصة بعد فيضان المبادرات والاعلانات الدستورية التي اعقبت بيان راس السلطة الانقلابية قبل حوالى شهرين بانسحاب القوات المسلحة من المفاوضات وحل المجلس السيادي وتكوين مجلس اعلى للقوات المسلحة بعد تشكيل الحكومة عبر الحوار الذي تشرف عليه الآلية الثلاثية!

* قلت من قبل ان البيان ينضح بالمكر والخبث ويهدف الى بقاء الانقلابيين في السلطة اطول فترة ممكنة، لأن الحوار المراد منه الاتفاق على حكومة عملية طويلة ومعقدة ستأخذ الكثير من الوقت خاصة مع التباينات الكثيرة بين الاضداد، مما يعني تأخير التشكيل الحكومي وتكريس الحكم في يد الانقلابيين وحلفائهم، فالمسألة إذن ليست أكثر من خدعة لشراء الوقت لصالح الانقلابيين والذين يخططون لهم ويقفون وراءهم، كما ان القصد من تحديد موعد حل المجلس السيادي بعد تشكيل الحكومة، أن يتولى المجلس اعتماد واصدار المرسوم الخاص بالتشكيل الحكومي، وهي خدعة واضحة لشرعنة المجلس والسلطة الانقلابية التي قامت بتشكيله، بما يسمح له باصدار مراسيم أخرى قبل حله، لا يعلم أحد ما هي ومدى تأثيرها على المشهد السياسي في البلاد !

* بالنسبة للحوار هنالك نقطة في غاية الاهمية لم ينتبه لها الكثيرون، وهي ان الجبهة الثورية التي كانت حركة عسكرية متمردة على الدولة، صارت بعد اتفاق جوبا واتفاقية الترتيبات الامنية وتكوين قوات نظامية مشتركة لحفظ الامن في دارفور، جزءاً من القوى العسكرية للدولة لها نفس سلطات واختصاصات وصفات الاجهزة العسكرية الأخرى، فكيف تشارك في الحوار باعتبار أنها قوى سياسية مدنية؟!

 

* كما انها قوى حليفة للطغمة العسكرية الانقلابية تشاركهم في الحكم وإدارة شؤون الدولة، مرتكزةً في ذلك على القوة والسلطة، وهو ما أكده الاعلان الدستوري الذي صدر قبل يومين عن تحالف الحركات العسكرية الذي يُطلق عليه اسم (قوى التوافق الوطني) ونص على مشاركة العسكر في السلطة خلال الفترة الانتقالية، فكيف يجوز عقلاً ومنطقاً أن تشارك قوى عسكرية في حوار سياسي مع أفراد أو جماعات ليس لهم سوى الصفة السياسية أو المدنية، وكيف يزعم بيان البرهان عدم مشاركة المؤسسة العسكرية في الحوار بينما تمثلها قوى عسكرية حليفة لها، بل هي جزء أصيل منها ؟!

* كما ان الحركات المسلحة كانت ولا تزال شريكا اساسيا في الانقلاب، وشاركت ولا تزال في السلطة بعدة مقاعد وزارية في الحكومة المركزية والحكومات الاقليمية وحاكم اقليم دارفور وولاة ولايات، أى أنها جزء أصيل في السلطة العسكرية القائمة في البلاد، وهى نفسها قوى عسكرية كما أوضحنا، فكيف يُسمح لها بالمشاركة في مفاوضات مع قوى مدنية لا تشارك في السلطة ولا تتمتع بأية ميزة من الميزات التي تتمتع بها الحركات المسلحة، وهى بدون شك استعمل من خلال المفاوضات التي ستشارك فيها، على الحفاظ على سلطتها والميزات التي تتمتع بها ورغبة حلفائها الانقلابيين، مما يجعل المفاوضات لعبة في يدها تفعل من خلالها ما تريد، وليس من المستبعد بل من المؤكد أنها ستعمل على اعاقة المفاوضات وعدم تقدمها الى الامام حتى تظل تحتكر السلطة مع حلفائها العسكريين الى ما لا نهاية، بحجة عدم توصل القوى المدنية الى اتفاق باعتبارها جزءا من القوى المدنية، بينما هى غير ذلك !

* اذا أردنا مفاوضات حقيقية بين قوى مدنية سياسية خالصة، فلا بد من تصنيف الحركات المسلحة التي أطلقت على نفسها (قوى التوافق الوطني) قوى عسكرية وليست مدنية، ومنعها من المشاركة في المفاوضات التي يجب أن تقتصر على المدنيين فقط، وهى بالفعل قوى عسكرية لأنها تحمل السلاح ولديها قوات عسكرية وتشارك في القوات النظامية المسلحة العاملة في دارفور، فكيف تشارك في مفاوضات بين مدنيين، والا كان بيان البرهان الذي اعلن فيه انسحاب القوات المسلحة من المفاوضات مجرد خدعة لاعاقتها وتفريغها من اى مضمون، واطالة الفوضى في البلاد لصالح بقاء الانقلابيين والقوى العسكرية وجنرالات الجبهة الثورية في السلطة !

 

آراء