بعد التعديلات الوزارية وفصل وزير المالية الجنوب افريقي ، غوردان والتي فاجأ بها الرئيس زوما جنوب افريقيا منتصف ليلة البارحة ، سوف لن تعد جنوب افريقيا هي جنوب افريقيا بعد اليوم. الرئيس زوما متهم بأكثر من 700 قضية منها تحرش جنسي ومنها فساد ومنها التواطؤ مع العائلة الهندية عائلة (كوبتا)، الشهرية والتي تقوم بخدمات الفيزا في عدة دول في العالم كشريك خدمي مع وزارات الداخلية في تلك البلدان ومنها جنوب افريقيا ، والاسرة منحدرة من السلالات التاريخية القديمة في الهند ويشك البعض بأنها أسرة يهودية لعدة عوامل ومنها التسهيلات العالمية التي تجدها في كثير من دول العالم ومنافستها للوبيات اليهودية في دنيا المال وشراء وبيع الألماس وخلافه ، وهي اسرة متمكنة جدا في الهند وفي بعض دول الخليج واوروبا والان تمكنت في مفاصل الاقتصاد الجنوب أفريقي حتى انها تزمع انها إنشاء بنكا خاصا لإستثماراتها المشبوهة المنتشرة في كثير من مفاصل الاستثمار في الدولة كالنار في الهشيم ، ويتهم زوما بأنه شريك اساسي لهم ومسهل لإستثماراتهم مع كابنت الوزراء ، اللوبي التابع له ، والذي يمثل ظهره القوي في مقابلة منافسيه ، وفي العامين السابقين ارتفعت وتيرة الأصوات ضد ( كوبتا ) وزوما وفقد الرجل الكثير من سمعته ، ومثل امام البرلمان والمحاكم للدفاع عن نفسه ، وفقد كثير من اعضاء الحزب ، وقسم الحزب داخليا الى لوبيات متصارعة ، وادى الفساد في اضابيره الى انقسام الحزب الحاكم على نفسه الى حزبي cope ثم الى ثلاث EFF . يعد حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الآن في أسوأ مراحله وأمامه وامام جنوب افريقيا ، من المشاكل العاجلة خصوصا الأدارة السوداء ما لا تحسد عليه من معضلات داخلية تتمثل في الأتي:- - عائد إدارة السود للبلاد بعد المصالحة التي اخرجت مانديلا ومناضلي جنوب افريقيا ، لم يعد على السود بما كان متوقعا من الزخم الذي لازم خروج مانديلا واتفاقيات تسليم السلطة ، إذ أن الاقتصاد بكامل جوانبه ما زال في أيدي البيض من (تعدين واراضي زراعية وعقارات وتقنيات وصناعات كبرى وتجارة خارجية وما شابه) ، في حين ان السود تعد شراكاتهم في ذلك قليلة جدا على الرغم من تسلمهم ادارة الدولة بوزاراتها ومصالحها الخدمية ، لكن الدستور ما زال مفصلا ويحمي حقوق المستثمرين البيض الذين رسموا الاقتصاد والاستثمار ، وفصلوا قوانيه عليهم ،؛والتحدي الحقيقي الناتج عن هذا هو :- - تحدي سياسي كبير ، راي كثير من الاحزاب فيه خصوصا حزب النضال من أجل الحرية الاقتصادية EFF الاسود ، والمنشق عن الحزب الحاكم والمكون بكامله من السود الجنوب افريقيين بقيادة الشاب ماليما والذي ينادي ليس بإقتسام الاراضي والمناجم وخلافه إنما ينادي بإنتزاعها من البيض ودون تعويض ، في حين ينادي البعض بنزع او مشاركة بتعويض ، ولكن رأي الرئيس وفريقه هو تغيير الدستور اولا بحيث ينص على التعويض في انتزاع الارض او المشاركة فيها. - لكن هذا يمثل كارثة حقيقية لجنوب افريقيا إذ ان البيض لا يزاولون هم المكينة المحركة للاقتصاد وهم ملاك الارض بالقانون وان لم يكونوا اصحابها الحقيقيين ، وهم ملاك اكثر من تسعين بالمئة من العقارات والصناعات الثقيلة والتقنية والزراعة والبنوك وادارة المال ، ويمثلون الوجه الحقيقي للتجارة الخارجية مع كل دول العالم. - ويسبب كارثة لأن الادارة الفنية ومستويات الانتاج وجودته وادارته ومنافسته العالمية هي اكبر من مسؤولية السود حاليا ، خصوصا مع عدم التدريب والتعليم المناسبين ، وعدم امتلاك منافذ الانتاج ، والكل يرى انخفاض مستوى الجودة في الخدمات العادية في البلاد بعد التحول في الحكم في اوائل التسعينات للسود، ناهيك عن التنافس العالمي في الانتاج وجودته والذي تحظى جنوب افريقيا بوضعها الحالي تحت ادارة البيض كمنتجين ، بسمعة طيبة في الجودة والوفرة والالتزام. - ويمثل كارثة على انه في حال استلام السود للإنتاج فإن العالم الخارجي سوف لن يستجيب للتعامل معهم ولأسباب كثيرة ، منها عنصرية ومنها عدم ثقة في جودة الانتاج ومنها احتكار البيض للعملاء في العالم ،، وسوف تتدني مستويات الانتاج والوارد منه كمية وجودة مما سيؤدي لكارثة اقتصادية حقيقية ، والان تتجه جنوب افريقيا الى قياس عالمي في الغلاء والندرة في الانتاج خصوصا الزراعي والذي تسببت فيه تغيرات المناخ ونزوح بعض المنتجين الزراعيين الى الدول المجاورة واستراليا ولبلدان اخرى في ظل عدم الاستقرار السياسي الداخلي. - وكارثة اخرى في ان البيض لا يعتبرون انفسهم غزاة او محتلين كما يفسر ذلك السود بل انهم جاءوا من قبل ثمان اجيال تقريبا في العام 1652 م ميلادية وان لا قبلة لهم ولا قبيل يهاجرون اليه ويعتبرون انفسهم بالوجدان والهوية والولادة ، هم نتاج جنوب افريقيا يتألمون لآلامها ويفرحون لفرحها واعتقد هذا ما قدره السيد مانديلا في محاصصته وقبوله بالاتفاقيات التي ادت لخروج البلاد من عنق الزجاجة في اوائل التسعينات وادت الى تحول الحكم ، وقد تؤدي لي خلخلة في المطالبات باقتسام الثروة بمنهج النزع من البيض الى ايدي السود لحرب اهلية لا تبقي ولا تذر. - ويمثل كارثة لانه لم يحدث الى الان ، تكامل نغسي ووجداني وتكامل في الهوية بين سكان جنوب افريقية ، وما زال هنالك برزخا بينا في الفصل العنصري ، النفسي في التعاملات والاجتماعيات والوصال بين السود الذين يمثلون الغالبية وبين البيض الذين لا يزالون يخاطبون الغير بلغتهم الافريكانز وما زالوا يتمسكون بهيئة الملك وهيبته ووجدانه وعنجهيته ، مقابل الاذعان النفسي والانكسارات التي ما زالت ترين على نفوس السود في تعاملهم مع البيض ، وهذا سيكون كارثة اجتماعية اخرى تظهر الى العلن ، واذا ادت القرارات الاخيرة الى احتكاك بين البيض والسود فسوف يكون انفجارا وحروبا داخلية لا تحمد عقباها وليس هنالك من يتنبأ كيف ستكون مآلات جنوب افريقيا بعدها. - بعض الاحزاب البيض المنافسة مثل حزب التحالف الديمقراطي DA القوي وقيادته القوية والذي يمثل التيار الكلي للبيض والذي يعمل بذكاء خارق ، يتهم انه وراء تسبيب الانشقاقات في الحزب الحاكم ومتهم انه سببا في حدوث النزاعات الداخلية في ادارة الدولة (السوداء)، ويتهم انه يعمل على انهاء الحزب الحاكم وتفتيته بشتى الطرق حتى لا تكون هنالك لحمة ووحدة في وسط السود ككتلة سياسية واحدة تقف امام مكتسبات البيض ، وفي أي وقت ، على الرغم من ان الحزب الحاكم هو الاكثر تمسكا والى الان باتفاقيات مانديلا وبميثاق الحرية freedom charter والذي تواثقت عليه جنوب افريقيا في العام 1952 اي قبل خروج مانديلا بأربعين عاما توطئة للسلام المؤمل في البلاد وتحويل السلطة ، حيث تقتضي بعض بنود ذلك الميثاق على ان تعتبر حنوب افريقيا هي أمة (قوس قزح) وعلى ان تراعى وتحترم حقوق فسيفساء بنية الامة وهويتها وان يحترم انسانها ابيضهم واسودهم وان تحترم الحقوق وأن يسود القانون ، نفسه والذي فصل باحكام ودقة وحساسية شديدة لحراسة الحقوق على ما هي عليه. والخروج من ذلك الميثاق دستوريا وقانونيا يمثل كارثة اخرى ، والحزب الحاكم ما زال يتمسك بذلك الميثاق من القمة الى أدنى مستوياته، لكن ذلك لم يثني حزب التحالف الديمقراطي من الوقوف ضد الحزب الحاكم ومن وحدة بنظريات فرق تسد ، كما يتهمه البعض ، وهذا في حد ذاته ستقود الى المزيد من تفتتيت الحزب الحاكم والى سقوطه الداوي المتوقع في الانتخابات الرئاسية في العام 2019 والتي ستمثل نهاية فترة زوما الاخيرة ، لكنه بالطبع سيعمل على تمكين خلفه من الفريق الذي يلتف حوله حتى يضمن ظله في الحكم ويضمن استمرارية كوبتا واستمرارية استثماراته معم والتي يتهم بها . وهذا ايضا سيؤدي الى كارثة ستقود البلاد الى ما لا يحمد عقباه خصوصا اذا حدثت مزيد من التكتلات بين احزاب البيض والاحزب السوداء التي تتماثل وتتفق معه في حربها د زوما والحزب الحاكم ، وهذا ما اوصل البلاد الى ليلة البارحة ، الى شفا ذهاب الريح اداريا وسياسيا وربما تقود الإرتجاجات والارتدادات السياسية الى ما لا نرجوه لجنوب افريقيا الدولة المثال والحبيبة على انفسنا. يبقى أن يسخر القدر لجنوب افريقيا ومن بطن نضالها ومن بطن قوتها وعلمها من سيأخذ بيدها الى بر الأمان ، ومن يربت على قلوب اهلها على ان شعار (أمة قوس قزح)، the rainbow nation ما زال شعارا عاقلا وحكيما إذا وجد من يعلي فهم البيض في التنازل بمزيد من البراح والمشاركة في الاقتصاد بإيجاد حلول مثلى ومرضية لتقاسم الأرض والاقتصاد والصناعة والتجارة ومن يحث السود على أن مجرد تملك ذلك لا يعني النجاح في الانتاج ودارة دولاب جنوب افريقي الصناعي والاقتصادي الثقيل ، خصوصا وان اسرار الانتاج وشفراته the blue prints of production لا زالت ملفاته وتجربته والاطلاع عليه بعيدا عن متناول السود ، وهو حق وملكية فكرية لا تخص جنوب افريقيا انما تخص فئة معينة هي البيض ، ولا يعني ان البيض سيسلمون اوراقهم في صمت ويقبلون ولا يعني ان لهم بديلا وطنيا اخر يقبلهم فقد جربوا ذلك في بدايات العام 94 وذهب رهط منهم مغاضبا لهولندا واستراليا وغيرها ورجعوا حاسرين نادمين. بالنسبة لأفريقيا تمثل جنوب افريقيا الاخ الرائد الأكبر في النضال ، وعلى الرغم من صغر سنها السياسي وعلى الرغم من خروجها من مقاطعة عالمية ماحقة قبل عشرين سنة ونيف الا انها خرجت الى العالم بأسنانها ، وحينما اتينا لهذه الدولة في منتصف التسعينات وجدنا دولة لها وزنها وبنيتها التحتية وضخامتها وفخمتها ما يفوق الثمانين بالمئة دول دول العالم قيمة وقمة ، فهي ما تزال تمثل لافريقيا المنتج والمورد والمرجع في كل الشؤون الادارية والتنظيمية وفي قوانين الانتاج وجودته وكميته حيث انها تمثل مركزية السوق الجنوب افريقي وقد انتشرت بقيمتها التجارية وانتاجها لتعم افريقيا تقريبا وهي مصدر اساسي للدول العربية والاوروبية في المنتجات الزراعية والانتاج الحيواني والصناعات الزراعية والتعدينية مثل الذهب والبلاتينيوم والالماس وهي ما زالت تسيطر على تلك المنتجات في الدول المجاورة بمستثمريها البيض والذين يمثلون امتدادا لها منذ ايام الفصل العنصري. كما انها تمثل للعالم الاوروبي والأمريكي قدما ابيضا متقدما في القارة الافريقية في منافسته للصين والهند وتمثل جنوب افريقية قاعدة اقتصادية وموطن ثاني لكثير من الشركات والوكالات الاوروبية. الأ ثبت الله ورسخ قدم جنوب افريقيا في السلم والسلام حتى تكون رمزا للعالم خصوصا في هيجاء كثيرا من واجهاته التي تزحف نحو حرب عالمية ثالثة ونرجو من الله الأ يكون الحراك السياسي والخلافات الحادثة الان هي هزات عالمية وتحدث شرخا يمهد لتماهي جنوب افريقيا لجنون العالم اليوم ، لا يمكن التنبؤ بها فيما بعد الانتخابات الرئاسية القادمة . ألا عفى الله عن مانديلا فقد كان عملاقا كلاعب السيرك يحمل موازنيا شفافة لأوجاع جنوب افريقيا ، أثقل بها على اتباعه. الرفيع بشير الشفيع جنوب افريقيا عضو حزب المؤتمر الوطني الأفريقي 2017/3/31