جنوب السودان: إنفصال هادئ أم عنيف … بقلم: د. طه بامكار
بات الانفصال أمرا مؤكدا ولاتجد احدا يشكك في أمره، وقد اتجه المجتمع السوداني بكلياته الي التسائل عن كيفية الانفصال، هل سيكون هادئا ام عنيفا؟. يتعامل الجنوب مع الاستفتاء بإعتباره استحقاقا أو قل بإعتباره استقلالا من محتل جاثم علي صدره، هذا الشعور علي الاقل يدعم ويؤكد عملية الانفصال نفسيا لدي الجنوبيين. أما هنا في الشمال تريد الحكومة انفصالا ولكن ثمنه عدم ملاحقة البشير جنائيا وحل النزاع في دارفور. لهذه الاسباب وغيرها نجد ان ارادة الانفصال هي الغالبة لدي الطرفيين وكل منهما يغني ليلاه. يمكن أن نقول في 9/يناير سوف تبدأ رحلة السودان الجديد بملامح جديدة غير التي الفناها وتعاهدناها في زمن الحرب وزمن السلام، سوف يبدأ تشكيل السودان الجديد بعد أن ينجح الاستفتاء في فصل الجنوب. لن تقف الصخرة المتدحرجة بقوة في ركن قصي بجنوب السودان فقط، بل سيمتد تأثيرها الي أبعد من ذلك، الي تشكيل رأي عام عالمي لبدأ مسلسل جديد لمطالبة فصل أطراف أخري،يقول الكاتب والصحافي السياسي الاستاذ عبد الوهاب بدرخان في مقال له نشر في الراكوبة السودانية بتاريخ 7/10 (طوال العامين الماضيين كان البشير يؤكد التزامه الاستفتاء في موعده، وبلا عقبات، لكنه كان يلفت الجنرال غرايشن وسواه الى ضرورة تفكيك النزاع (الدولي) في دارفور وإعادة الإقليم الى سلطته. لكن الآخرين استخدموا دارفور لابتزاز الخرطوم، التي بادرت بعدئذ الى استخدام الانفصال لابتزازهم. وإذ يبدو الأمر كأنه لعبة منطقية ومتوازية، فإنه انطوى على مخاطر كثيرة تبدو ماثلة الآن بعدم وجود حل في دارفور، وعدم المعالجة المسبقة لمتاعب الانفصال، وعدم تحضير الشمال نفسه لتداعيات هذا الانفصال. فمع وجود دولة جديدة - لم يعرف اسمها بعد - في الجنوب سيزيد عدد الأطراف الإقليمية التي تريد أن تتدخل في السودان لإدامة القلق والاضطراب في أنحائه مع استعداد جماعات عدة للمطالبة بإنصافهم كما سينصف الجنوبيون.). نعم هنالك جماعات عدة وليس دارفور وحدها سيطالبون بعدالة كاملة في الثروة والسلطة
هذا ما قاله أوباما صراحة في مؤتمره الاخير مع قادة السودان ولكن قادتنا من شمال السودان دائما مهذبون أكثر من اللازم فيصمتون صمت المغلوبين علي أمرهم ويبصمون علي مقررات المؤتمر ثم يدركون من بعد أمة أنه ما كان لهم ذلك.
لا أدري لماذا يوحي القادة في السودان الي وزرائهم من بعد إقرارهم بتوصيات المؤتمرات العالمية بأن لا يقبلوا ما تم الاتفاق عليه، ذلك لأن بعد عودة الوفد المشارك في مؤتمر واشطن بدأ الوزراء هنا بتصريحات نارية منها منع الحقنة والترحيل القسري ودعوة الشباب الي الاستعداد والحرب بالاضافة الي إعادة نشر الصحف الموجه التي تساعد في الانتباهة الضرورية. هذا الارتباك في التصريحات من حكومة مكونة من حزبٍ واحدٍ لا يبشر بخير ويجعلنا نشعر بالشفقة علي مستقبل هذا الوطن. هذه المجموعة الحاكمة متناقضة في تصريحاتها وهذا يعني غياب لمنهجية الحكم وغياب للرؤية المستقبلية في كيفية حكم السودان. التسابق أو قل غيرة السبق لدي الحاكمين والمعارضة ذهبت بهيبة الدولة والمعارضة وأصبح الذي يكسب من وراء خلافاتهم الاعداء. هذا التسابق وسياسة الاقصاء الكامل لبعضهم البعض في اطروحاتهم قلل من شأن الدولة حكام ومعارضة.
رغم مرارة الحروب ورغم اخفاقات الذين حكمونا منذ الاستقلال عن طريق صندوق الاقتراع المشكوك في أمره او عن طريق الركوب علي ظهر دبابة نحب السودان كله جنوبه وشرقه وشماله وغربه ووسطه. قد يصبح أمر انفصال الجنوب امر مقبول لكثير من الاسباب اولها إخفاق الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال في العدالة الاجتماعية وفي تراكم عمليات اخفاق الحكومات في ادارة الموارد والسلطة. هذا الاخفاق ستكون نتيجته في العام 2011 انفصال الجنوب، وربما بعد سبع سنين لاحقة نضطر لبتر جزء آخر من سوداننا الوطن العملاق بسب نفس الاخطاء في سوء ادارة الموارد والسلطات وعدم العدالة الاجتماعية. قد تكون السنين المقبلات عجافا ليس فيها سنابل خضر ولا أبقار سمينة، وسوف تحتاج السنين المقبلة غير هذا النهج الذي تنتهجه الحكومة والمعارضة معا. يكفينا هذا القدر من الفشل ارجو ان لا نتمادي فيه ثانين عِطفنا تعمينا غيرة السبق. السودان في حاجة الي وقفة شجاعة لتعديل منهج الحكم المعتاد الي منهج حكم منطقي يقبله الجميع حكاما ومعارضة. المشكلة في السودان هي التعامل مع نظم الحكم بالتفكير المعتاد الذي كاد ان يدار أخيرا بمجموعات محددة يمكن ان نشير اليها تحديدا ولكن !!!!!!!!!!!!.
Taha Bamkar [tahabamkar@yahoo.com]