جنوب السودان : مخاوف عشيّة فرض الحل الدولى !.
فيصل الباقر
15 January, 2014
15 January, 2014
هذا المقال ، يجب أن يُقرأ معطوفاً على ما قبله ( جنوب السودان : قهر المُستحيل .. ما العمل ؟ ) إذ مازال الإحترب والإقتتال وآثاره المُدمّرة فى البنيات التحتيّة والفوقيّة ، و العتاد " حربى وسلمى " والاستثمارات " وطنية وأجنبيّة "، والأهم من كُل هذا وذاك (الإنسان والوضع الإنسانى )، هو العُنصر الأوحد المُسيطر على المشهد العام والرئيسى فى الأزمة فى دولة جنوب السودان ، فيما يواصل المُفاوضون فى أديس أبابا ، تلكّؤهم، فى إنتظار " هُدنة " تأتيهم هديّة من السماء، بينما ( قلوبهم ) و(عيونهم ) فى محاور الإقتتال !.
الناجون والناجيات من الموت والتنكيل وآلة العنف الدموى ، يواصلون الفرار إلى ( جحيم ) النزوح واللجوء عبر كُل المعابر المُتاحة ، بعد أن ( شتّتهم ) غول الحرب، فذهبت ببعضهم الأقدار بحثاً عن ملاذات (آمنة) فى دول الجوار، بما فى ذلك الإتجاه شمالاً ( السودان ) . أمّا تعداد ومآسى ( النازحين ) ، من منطقة إلى أُخرى ، فيكفى ما تعرضه القنوات الفضائيّة ، فهو بلغة أهل السينما مجرّد ( مناظر ) لأنّ ( الفلم ) طويل ومُحزن ومأساوى ، بأكثر مّما يتخيّل المُفاوضون المُتماحكون فى أديس أبابا وغيرها .
المعلومات المُتوفّرة و المُتاحة فى الجانب الإنسانى " وحده " ، تُشير إلى أنّ الهاربين من جحيم الحرب، عبر الحدود الكينيّة - وحدها - تُقدّر أعداهم/ن بين 500- 800 شخص ( طالبى لجوء ) - معظمهم نساء وأطفال - يعبرون الحدود بصورة يوميّة ، من ( نادابال ) لتصل بهم الرحلة القاسية إلى ( متاهة ) مُعسكر ( كاكوما ) فى مُقاطعة ( تُركانا ) الكينيّة ، هذا المعسكر ( فوق المُكتظ ) بما يفوق ال119000 لاجىء ولاجئة ، من مُختلف الجنسيّات ، وهاهى السلطات الكينيّة ، تُخصّص مساحة جديدة من الأرض ، تحسّباً لإستضافة أرتال اللاجئين الذين بلغ تعداد المُسجّلين منهم/ن رسميّاً - بعد التدقيق والفحص- يفوق ال7000 " حتّى اليوم "،وإذا إستمرّ التدفُّق البشرى بهذه الوتيرة ، فإنّ جيوش اللاجئين ستمضى فى تزايُد كبير !.
مالم يصل طرفا / أطراف النزاع فى ( الحركة الشعبيّة ) إلى مخرج سريع من هذه الأزمة ، و (يلجأون ) إلى ( مُساومة تاريخيّة ) و ( حل وطنى/ داخلى) (جنوبى /جنوبى )، فإنّ ( دولة ) جنوب السودان- بلا شك - سينتهى بها الأمر،إلى مخاطر فرض ( الحل الدولى) ، وسيكون حلّاً قاسياً و " مفروضاً " من ( الخارج ) على الطرفين ، وعلى مُستقبل الدولة الوليدة ، وعلى وحدة جنوب السودان وإستقراره وبقائه فى الوُجود حُرّاً مُستقلّاً ، وليتذكّر قادة الفصائل المُتعاركة مصاعب ومآسى الحلول الخارجيّة ، وعليهم - على سبيل المثال - لا الحصر - إعادة قراءة مُسلسل فرض( الحلول الدوليّة ) ، ممّا حدث فى أزمة الحكم فى الصومال ، وغيرها من البلدان !. ونحن ممّن يحسبون أنفسهم فى مُعسكر وخانة " الأصدقاء " ، لشعب جنوب السودان ، إن لم يشأ البعض تسميتنا " أشقّاء " كُل ما نخشاه ، أن يُفرض سيناريو ( الحل الدولى ) المُدمّر والخطير .
يا قادة وقواعد الحركة الشعبيّة " بالذات " وبمختلف مُسمّياتكم وتوصيفاتكم ونعوتكم لبعضكم البعض " قُدامى / جُدد / أُصلاء / دُخلاء"، ويا قوى السلام والديمقراطيّة وإحترام وتعزيز حقوق الإنسان فى دولة جنوب السودان ، لقد بلغ السيل الزبى !..فليكن شعار المرحلة و الجميع ( الوطن أوّلاً )، والمطلوب وقف الإقتتال والعمل لبناء دولة القانون والمُساواة والمؤسّسات ،لأنّ ما يحدث هناك ، فى تقدير الناس العاديين فى الدولة الوليدة ، هو فى أحسن الفروض ، مُجرّد صراع على السلطة ، لا غير ، والحل الأمثل حسب قناعاتهم يكمن فى الداخل ، لا الخارج ،ومن الأفضل الإنتباه لذلك ، قبل وقوع الفأس فى الرأس !.
faisal.elbagir@gmail.com