جوبا فقدت صلاحيتها فلا تلعب بالنار يا جبريل !

 


 

 

حسن أبو زينب عمر

مزامير الزمن ناحت على الحب الفتر ولّى وبقيت مصلوب على الجرح الصعب والليل وحيد في مسرح الهجرة مطارات السفر يا ليل بكت من ظلمة الرحلة وشبابيك الغُرَف جنّت من الأحزان وبالذكرى أشيل قلم الصبُر واكتب عن الجبل الشهق حسرة عن الحُب النزح في التيه عن الجمرة الأبت تصحَا عن المطر النزف فجأة وشقا التلِج الصبح لعنة هاشم صديق لا تتناطح عنزتان بأن الجهة السياسية التي وراء اصدار فرمان حظر التجول ومنع التجمعات والمظاهرات والارتكازات مؤخرا في بورتسودان مهددة بالويل والثبور لكل من يخالفه من منسوبي هيئة الموانئ البحرية احتجاجا ورفضا لإطلاق يدها طولا وعرضا في القضايا الجوهرية التي لا تكتفي باللحم بل الايغال طحنا في عظم التركيبة البنيوية والمؤسسية للهيئة هي حركة العدل والمساواة كحركة ضغط وثقل (سلطوي) وليس جماهيري ومع ذلك تسرح وتمرح في المياه الإقليمية لحكومة ولاية البحر الأحمر التي يبدو انها اختارت وبإيعاز من مجلس السيادة السير في طريق مكرها أخوك لا بطل تحت شعار (خادم الفكي مجبور على الصلاة) .. (2) لكن اللافت للنظر هنا ان حركة العدل والمساواة التي لا نعرف من يمثلها الأن بعد سحب صندل البلاط من تحت قدمي جبريل تستغل بحرفنة عالية وخبث شيطاني قميء ظروف السودان المعزول دوليا والمهدد من عصابات آل دقلو لإعادة الروح في جثة ما يسمى باتفاقية جوبا المنتهية الصلاحية منذ انزلاق الوطن كله في هاوية حرب عبثية حرقت الأخضر واليابس وسفكت الدماء وانتهكت الأعراض وحولت الملايين الى نازحين ولاجئين ومشردين في فجاج الأرض و لا زال حبلها على الجرار. (3) اتفاقية جوبا المشؤومة التي أشبه بوعد بلفور رفضتها أقاليم الشرق والشمال و كردفان منذ التوقيع عليها بليل ومن طرف واحد ولم يترك الرافضون بابا الا طرقوه ولا حجرا الا قلبوه لإلغائها او إعادة صياغتها لأسباب كثيرة يعرفها القاصي والداني تتصدرها القسمة الضيزى لأكثر أقاليم السودان تخلفا وبؤسا وهو شرق السودان كما شهد الراحل جون قرنق فقد نقل على لسانه خلال زيارة له أيام الإنقاذ لمنطقة (همشكوريب) التي لا تطرح أرضها سوى أشجار الشوك والدوم والزقوم (طعام أهل النار) فعلق ساخرا (هذه المنطقة أكثر بؤسا وتخلفا من الجنوب فلماذا لا يحمل أهلها السلاح قبلنا ؟ ) . (4) أضيف الى المعايير المزدوجة لاتفاقية جوبا عدم أهلية الموقعين عليها وبالذات فيما يلي إقليم الشرق .. لقد رفعت أبرز المكونات المناطقية صوتها برفض للاتفاقية ولكن لم تجد سوى عقاقير التخدير من شاكلة تأسيس منبر تفاوضي جديد فذهب صوتها كما يعلم الجميع أدراج الرياح ولولا التشظيات والانقسامات التي استثمرها أنصار الاتفاقية لكانت جوبا الآن في خبر كان. المبرر الذي بنى عليه جبريل ورهطه تبعية الموانئ لمصلحة النقل ظاهره (الرحمة) وهو حقها بحكم الدستور واللوائح نقل بعض الإدارات الى المصلحة ولكن باطنه (العذاب) وهو تفكيك هيئة الموانئ من الداخل وتجريدها من كل الصلاحيات . (5) الملفت هنا أن خطاب الدكتور خليل إبراهيم ووظيفته هنا ليست وزير المالية كما تعودنا ولكن رئيس الحركة (العدل والمساواة) والقائد الأعلى لقواته معنون الى البرهان عنوانه تخصيص وظائف في هيئة الموانئ البحرية وفقا لاتفاقية جوبا لسلام السودان منها 10 وظائف في مناصب قيادية وتخصيص 20 وظيفة في مناصب وظيفية متوسطة و 50 وظيفة عمالية فهل يسعى جبريل توظيفهم بالاستغناء عن العمالة الموجودة أصلا سيما وأن هيئة الموانئ التي يطلب منها جبريل هذه الاستحقاقات تعاني كما يعترف أهلها بالعديد من الاختلالات الهيكلية وعلى رأسها زيادة العمالة فوق الحاجة over staff . هذا طبعا بخلاف متطلبات أخرى منها 700 مليون دولار تدفع سنويا لدارفور مع اعفاء كل طلاب الإقليم من رسوم الدراسة. (6) المشهد أمامنا اليوم كارثي فهناك 92 حركة مسلحة منها 87 داخل دارفور بينما تنشط 5 في كردفان والنيل الأزرق ووسط وشرق البلاد والحرب الآن تمددت الى 70% من مساحة السودان 60% منها تحت سيطرة الدعم السريع ..جبريل الذي ترك غرب السودان (سلة غذاء العالم) بعد انزلاق المنطقة في فوضى شاملة ناتجة عن صراعات لوردات حروب فشلت الجبهة الثورية عرابة اتفاقية جوبا عن السيطرة عليها فلجأت بجيوشها الى البحر الأحمر . (7) أقول أن جبريل أعلن في تصريح مشهور له عن انخفاض إيرادات البلاد بأكبر من 80% كاشفا عن نهب 2700 كيلو جرام من الذهب من مصفاة الخرطوم فهل (مكابسته) في ميناء أبو عمامة وهيئة الموانئ البحرية هو للتعويض عن الأموال المنهوبة لإيجاد تمويل لاتفاقية جوبا وهل هذا طوق النجاة الذي يتبرع جبريل برميه الى سفينة الاقتصاد السودانية التائه ؟..حقا انها كلمة حق أريد بها باطل . (8) لا أحد يرفض التطوير ..لا أحد يرفض التحديث ..لا أحد يرفض الاستثمار ولا أحد ينكر ولاية وزارة المالية على المال العام ولكن العبرة دائما بالنهايات فاذا كان الهدف من وراء هذه المشروعات التنمية والإصلاح وتغيير حال الناس الى الأفضل فهو على العين والراس أما اذا كان الهدف تحويلها الى ما يسمى بصندوق دارفور فدونه المهج والأرواح ..نحن في محنة غير مسبوقة انتهى فيها الوطن على كف عفريت ومن العار والسفه والجنون فتح صفحة سوداء جديدة .

oabuzinap@gmail.com

 

آراء