حاكم الإقليم .. بدعوته لتسليح المواطنين، غادر محطة الحياد

 


 

 

الكلمات التي تغنى بها المطرب العالمي بوب مارلي والمنسوبة لإبراهيم لنكولن تقول "بإمكانك أن تخدع بعض الناس كل الوقت، وبإمكان أن تخدع كل الناس بعض الوقت، ولكن ليس بإمكانك أن تخدع كل الناس كل والوقت" وليس بعيداً عن هذا الشأن قال زهير بن أبي سلمى:
وَمَهما تَكُن عِندَ اِمرِئٍ مِن خَليقَةٍ وَإِن خالَها تَخفى عَلى الناسِ تُعلَمِ
الخليقة التي يجاهد السيد مني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور، إخفائها عن أين الناس، أنه انقلابي المزاج، يهوى حكم العسكر، فبعد ثلاثة أسابيع من اندلاع الحرب اللعينة الدائرة الآن في البلاد، غادر الخرطوم برا إلى دارفور، وصرّح وفقاً للتعميم "أنه لن يدعم أيا من طرفي الصراع، لأنني لم أوقع اتفاق سلام من أجل المشاركة في الحرب بل وقعته من أجل السلام".
إلا أنه بعد أسبوعين من ادعاء الحياد في الصراع الدائر الآن، ناشد أهالي دارفور لحمل السلاح للدفاع عن ممتلكاتهم حيث قال مؤخرا: "أدعو مواطنينا الكرام جميعا، أهل دارفور، شيبا وشبابا، نساء ورجالا، أدعوهم لحمل السلاح لحماية ممتلكاتهم، ونحن حركات الكفاح سنسندهم في جميع حالات الدفاع"
يبدو للمراقب، إنّ هذا التحول الخطير في مواقف حاكم إقليم دارفور، يأتي متماهيا مع استنفار القوات المسلحة السودانية للمعاشيين كقوة احتياط عبر وزارة الدفاع لمراجعة أقرب وحدة عسكرية، كقوات احتياط للجيش السوداني. وينظر إلى هذه الدعوة، كذريعة لتسليح المواطنين بطريقة مموهة.
رغم الغرض المعلن من قبل حاكم الإقليم لتسليح المواطنين، فإن هذا الأمر خطير، وغير مدروس، أن تغرق الإقليم بالسلاح، والذي يصعب السيطرة عليه، وبلا شك سيساء استخدامه، ذلك أن سباق التسلح، لم يجلب سلاماً يوما من الأيام، في أية بقعة من كوكب الأرض، ولن يجلبه في دارفور.
وبهذه الدعوة، فقد أطلق السيد مني رصاصة الرحمة على اتفاق جوبا للسلام، والذي وقع عليه ما يقارب العشرة حركة مسلحة، تدعي أنها لديها عشرات الآلاف من المسلحين، ظلوا يتلقون رواتب من خزينة الدولة، وهي عاجزة عن توفير الأمن للمواطن، الأمر الذي هدى بحاكم الإقليم دعوة المواطنين لحمل السلام لدعاع عن ممتلكاتهم وأعراضهم!
تأتي هذه الدعوة غير الموفقة، في ظل منح قوات الشرطة والقوات النظامية الأخرى إجازة مفتوحة، وتكتظ الساحة الأمنية بالحركات المسلحة!
كأن حاكم الإقليم يريد تسليح أهالي دارفور بكافة فئاتهم، لينضووا جنودا مجندة تحت إمرته، أي أنه يريد أن "يتّخن ظله" ذلك أن استخدام السلاح يحتاج لدراية، ومعرفة بقوانين الدفاع عن النفس، ناهيك عن الجهة التي تتولى أمر التسلح، ووفق أية معايير؟
التفلتات الأمنية، والظواهر السالبة كنتيجة طبيعية للحرب الدائرة الآن، لم تختصر على دارفور، فلماذا لم تسلح المواطنين في بقية أقاليم السودان؟ يبدو لنا أن هذا القرار متهور، لا يسند على عقل، ولا يسنده حكمة، ولا نظن أن حاكم الإقليم يمتلك هذه الصلاحية، ومع ذلك كان عليه، أن يدخل في مشاورات شفافة مع كافة مكونات الإقليم، سيما الإدارة الأهلية، ومنظمات المجتمع المدني، مثل هيئة محامي دارفور.
بدعوته للمواطنين لحمل السلاح، يبدو حاكم الإقليم كأنه حفيّا وحريصا سلامة أنفسهم وممتلكاتهم، كنا نصّدق حسن نواياه، لو لا أنّ قواته قد ضلعت في نهب ممتلكات بقوة السلاح، كانت تخص منظمة يوناميد بالفاشر قبل عدة أشهر، وآلت إلى الدولة وأصبحت ممتلكات عامة، تورط قوات حركة مني أركو مناوي في تلك الأحداث، بصورة مكررة، موثقة، ومثبتة بتقارير ولائية، وعليه، لا نظن أنه مؤهلا أخلاقياً، لإصدار قرارات تخص حماية الأنفس والممتلكات، وإنما جاءت دعوته لتسليح المواطنين، تضامناً مع رفاقه العسكر الانقلابين، وإلا جاء هذا القرار قبل هذا التوقيت، ذلك أن غرب دارفور، لم تهدأ قط من الاعتداءات الوحشية المتكررة.
رغم يقيننا، أن قليلون من يعتدون بقرارات حاكم الإقليم، الذي يبدو أنه يتعلم "الزيانة على رؤوس اليتامى" ندعوا الذين صفقوا، وهللوا وكبروا لقرار التسليح الشامل، أن يراجعوا أنفسهم، فالأولى المناشدة بإعادة إنتشار قوات الشرطة، وتكثيف تواجد قوات الحركات المسلحة، تحت راية القوات الأمنية، المنصوص عليها في اتفاق جوبا للسلام، ذلك أن إغراق الإقليم بالسلاح غير المقنن، يحيله إلى جحيم، بدلا النار المشتعلة فيه وفي البلاد.
بدعوته إلى تسلح المواطنين، غادر حاكم إقليم دارفور الحياد، في الحرب الدائرة الآن، وحرّض على الفوضى، وأصبح جزءاً من الأزمة، ولا يكمن أن يكون جزءاً من حلها.
وننصح مكونات الإقليم عدم الالتفات إليه، ونرجو من السيد مني التراجع عن دعوته هذه.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة//

 

آراء