حرب الدمازين .. رصاصة الجندي الصغير!!

 


 

 


diaabilal@hotmail.com

السؤال المهم الذي قد يتبادر للكثيرين، دون الانحياز لرواية طرف من الطرفين في صراع النيل الأزرق، وبغض النظر عن من بدأ بإطلاق الرصاص: هل ما حدث كان فعلاً مخططاً له، باختيار توقيت ولحظة صفر محددة، اختارها أحد الطرفين أم أنه جاء على سبيل الصدفة، كما أوردت الزميلة (الأخبار) وبقرار جندي -مجهول الاسم- أطلق الرصاص على عربة رفضت الامتثال لطلب الإيقاف في إحدى نقاط التفتيش؟
فبرصاصات الجندي الاعتراضية انتقلت ولاية النيل الأزرق لمربع الحرب المفتوحة.
من قبل قال الجيش الشعبي إن جندياً منفلتاً تسبب في اندلاع الحريق الأخير بمنطقة أبيي، حينما قرر بمفرده -في لحظات فقدان وعي- أن يطلق الرصاصة الأولى التي خرج على إثرها الجيش الشعبي من المنطقة التي دخلها  فرحاً عبر بنود برتكولات نيفاشا ليخرج منها مدحوراً بتصرف طائش من أحد جنوده.
الراجح لدي أن الطرفين كانا لا يرغبان في الوصول لنقطة المواجهة الحاسمة برغم أنهما كانا يستعدان لأسوأ السيناريوهات.
عقار يعرف  تماماً ماذا يعني انتقاله من مقام الوالي إلى خانة المطارد، والرجل الذي سيطر على الولاية سيطرة شبه كاملة بعد فوزه بالانتخابات واستمالته لعناصر مؤثرة من القيادات المحلية في المؤتمر الوطني لجانبه، يعلم يقيناً أن ما حققه عبر صناديق الانتخابات لن يتوفر له عبر صناديق الذخيرة.
ربما كان ملاحظاً للمراقبين أن عقار كان دوماً حريصاً على الاحتفاظ بمساحة فارقة بينه وعبد العزيز الحلو، بل في كثير من المرات وبطرق غير مباشرة، كان يطرح نفسه وسيطا بين الحلو والخرطوم.
هذا الوضع لم يكن رائقاً للحلو وعرمان، الذين شرعا في إعادة إنتاج نموذج لواء السودان الجديد، عبر منظومة تحالفات كمبالا وكاودا.
الحكومة كذلك لم تكن راغبة في فتح جبهة قتال ثالثة بجنوب النيل الأزرق، وكانت تعشم في أن يصبح عقار وسيطاً بينها والحلو، وهذا ما قاله الرئيس البشير في حواره مع (السوداني).
كثير من الحيثيات تفيد أن ما حدث بالنيل الأزرق جاء نتاج التوقعات والظنون السيئة، الجيش خشي من تكرار تجربة جنوب كردفان، حينما كانت مبادرة إطلاق النار بيد الجيش الشعبي؛ لذا حركت قيادة القوات المسلحة قواتها نحو الدمازين لتلافي المفاجآت.
عقار، تبادره نوبة من العطاس وهو يستنشق غبار تحركات الآليات الثقيلة، توقع الرجل ضربة عسكرية مباغتة؛ فقرر سحب قياداته السياسية والعسكرية من الدمازين ورفع درجة الاستعداد والتأهب إلى مداها الأقصى.
كان كل شيء هناك قابلا للاشتعال وفي انتظار شرارة ما، الآذان تسترق دبيب النمل، والأعين الشاخصة تبحث عن خيط المؤامرة الأسود في عتماء الظلام، والأنف تتفحص الروائح.
وعند هذه الحالة فقط تخرج الحرب من غرف الكبار لتجلس على  فوهة كلاشنكوف جندي صغير!!

 

آراء