حرية الصحافة فى السودان أمام خطر جديد: الإستهداف والتمييز عبر النيابات الأمنية !

 


 

فيصل الباقر
18 October, 2018

 

 

لن نمل الحديث، ولن نمل الكتابة، عن الدفاع عن حرية التعبير والصحافة، وقد بلغ سيل انتهاكات حرية التعبير والصحافة زباه، ومازال استهداف الصحافة والصحفيين والصحفيات، يُشكّل ممارسة ممنهجة، بقصد تخويف وترهيب الصحفيين من الكلام عن حرية التعبير والصحافة. ومع كل حملة ضد الحريات الصحفية، تحاول الدولة تجريب أشكال وأنواع وممارسات جديدة، للوصول لهدفهم المنشود، وهو تركيع الصحافة، وكسر إرادة المجتمع الصحفى، وهذا وهم كبير، ننصح مخططيه ومنفذيه بمراجعة الأطباء !. 

بالأمس القريب، قرّرت نيابة أمن الدولة استدعاء صحفيين وصحفيات، دون تحديد الأسباب والتهمة التى لأجلها يتم الإستدعاء والإستجواب، حيث وصل أمر التكليف بالحضور للصحفيين والصحفيات ( المطلوبين)، " نيابياً"، يأمرهم/ن بـ" مقابلة وكيل النيابة بخصوص إجراءات تتعلّق بدعوى بتاريخ الثامن من أكتوبر تحت المادة " 47 أ ج " والمختصة بالـ(إجراءات) حيث يُتّخذ القرار بعد الإستماع إلى المُستدعى بفتح بلاغ أو شطب الدعوى " و " حذّر أمر التكليف من أنّ عدم الحضور فى الزمان والمكان المحددين، يُعد مخالفة للمادة " 94 " من القانون الجنائىء لسنة 1991.
الزملاء والزميلات الذين وصلهم/ن أمر التكليف النيابى بالحضور هم/ن : عثمان ميرغنى وشمائل النور ( التيار) ، وأشرف عبدالعزيز ( الجريدة) ولينا يعقوب ( موقع باج نيوز الإخبارى )، وسبق ذلك إستدعاء وتحقيق " أمنى " شمل الزميلين عثمان ميرغنى وأشرف عبدالعزيز، حول مشاركتهما فى اجتماع ضمّ صحفيين وصحفيات سودانيين مع سفراء غربيين ناقش أوضاع الصحافة بالبلاد !!.
وبحسب أخبار متداولة، قيل أنّ وزارة الخارجية السودانية، إستدعت فى أكتوبر 2018 " الجارى " سفير الإتحاد الأوروبى بالسودان، ميشيل ديموند، ونقلت إليه / أبلغته ( احتجاجها ) " رفضها " للإجتماع مع مجموعة من الصحفيين...إلخ. وبقراءة ( الماجرى )، يتّضح أنّ أوامر التكليف النيابى تتعلّق ببلاغات حرّكها جهاز الأمن، ضد مجموعة من الصحفيين والصحفيات الذين حضروا الإجتماع، وهذا فى حد ذاته ياتى بمثابة (( سياسة التمييز ضد بعض الصحفيين )) أو ما يُسمّى باللغة الشعبية " الخيار والفقوس "، أى إستهداف مجموعة من الصحفيين والصحفيات دون غيرهم.. وبغض النظر عمّا ستؤول إليه نتائج التحقيق النيابى، والذى يترتّب عليه من " توجيه الإتهام " أو " شطب الدعوى "، فإنّ الأمر كُلّه يأتى كنوع من الإستهداف و التخويف والإبتزاز، للصحفيين، وإرسال رسالة للصحفيين مفادها أنّ الدولة التى جرّبت معهم/ن سلاح الإعتقال والإستدعاء الامنى، لقادرة على قمعهم/ن بالـ" قانون" وعبر " النيابات الأمنية " وهذ يُعتبر نوع من سياسة " دُق القُراف، خلّى الجمل يخاف "، والغريبة أنّ الدولة التى تسعى وتحاول أن تمنع الصحافة من اللقاءات والإجتماعات مع المجتمع الدولى، وممثليه فى الخرطوم، ترسل وفودها المكونة من الجيوش الجرارة من الرسميين والشعبيين لخارج السودان، وتستقبل " الأجانب " من كل حدبٍ وصوب، تُناقش معهم كل شىء من حرية الصحافة، إلى الإتجار فى البشر ......إلخ . وحتماً، فإنّ هذه الإجراءات تأتى تمهيداً، لمعركة جديدة تعتزم الحكومة شنّها ضد الصحافة، يُستخدم فيها سلاح جديد " قديم " وهو الإتهام بـ( التخابر الاجنبى )، مُضافاً إلى القائمة المعروفة و المُستهلكة من الإتهامات ومنها " الأخبار الكاذبة " و" الكذب الضار " و " ترويج الشائعات "...إلى أخر القائمة !.
يأتى ذلك، التخويف والإبتزاز والقمع " الأمنى " و " النيابى " متزامناً مع إجراءات تعسفية قمعية أُخرى، حيث يُمنع الصحفيين من التغطية البرلمانية، لجلسات مفتوحة، ويتم " تمييز سلبى " ضد صُحف وصحفيين بعينهم، يمنعهم البرلمان من الدخول لمبانيه (( الصحفى مرتضى أحمد– مندوب صحيفة الأخبار/ نموذجاً)) وبلا شك، فإنّ كل هذه التعديات مقصود منها تركيع الصحافة والصحفيين...وهذا يؤكّد أنّ حرية الصحافة فى السودان أمام خطر جديد !!. والمطلوب مواجهة هذا التعسّف والتمييز، بالمزيد من الوحدة الصحفية ، ورص الصفوف، وبالمزيد من التنظيم، لمقاومة كل القرارات السالبة للحريات الصحفية.. وهذا علمُ وفن، يدركه ويجيده المجتمع الصحفى السودانى...فلنواصل الدفاع عن حرية الصحافة وسلامة الصحفيين .. إنّها لمعركة طويلة، ولكنّنا – حتماً - سننتصر . لمهنتنا ولشعبنا ...وإنّا لمنتصرون !.
فيصل الباقر
faisal.elbagir@gmail.com

 

آراء