حريق سوق أمدرمان قدر أم جريمة؟!
*الحريق المربع الذي وقع في سوق أمدرمان أول أمس ، وتسبب في إغلاق بيوت كانت هذا السوق يقوم بأمر معاشها وتكفيهم مذلة الحاجة والسؤال ، والان توقفت أبواب رزقهم لتتضح الحقائق المحزنة وهي تنبئ عن واقع يقتضي أن نتوقف عنده بصرامة صارمة لاتقبل المجاملة ولا تحتمل الصمت عن الذي حدث في سوق أمدرمان، فالمبالغ التي وردت في الاخبار قد أكدت على أنها ثمانمائة وخمسين مليون جنيه وملايين أخرى من العملات الصعبة، فكل الذي حدث هو عبارة عن نتائج لأسباب متراكمة أفضت لهذا الواقع المأساوي، فإن الوضع لدى التشخيص الحقيقي يشير إلى ضرورة مواجهة الواقع والبحث عن الحلول، فمالذي يجعل التاجر يفقد الثقة في النظام المصرفي ويحتفظ بأمواله داخل دكاكينه؟! بل مالذي يمنع التاجر من أن يضع أمواله حيث يشاء؟! ومن ذا الذي سن من القوانين مايعتبر عدم إيداع الأموال في البنوك جريمة منكرة؟! وهب ان الحريق قد كشف عن أموال مودعة ومخزنة في المحلات التجارية، فهل سنضطر لحرق كل الأسواق لمعرفة الأموال التي لم ترجع للبنوك بعد سحبها؟!
*وهذا الحريق برغم مأساويته الا أنه جرس إنذار ينبغي أن نستجيب للتنبيه الذي يصدره، فإن الحكومة وهي تعمل جاهدة على السيطرة على الكتلة النقدية فإنها لم تسلك المسالك الصحيحة نحو معالجة الأزمة الإقتصادية التي أوصلتنا لهذا الدرك السحيق من المتاهة، أما التصريحات المنسوبة للفريق أبوشنب فإنها لو صدرت عنه أو لم تصدر فهذه ليست القضية إنما القضية الأساسية التي يجب النظر إليها بعين الاعتبار هو أن يخضع الحريق لتحقيق عادل وفق قانون التحقيقات لسنة 1957، فإن هذا القانون يقتضي ان يتم تكوين اللجنة من جهات محايدة، وهذا هو الشئ الوحيد الذى يحفظ للتجار حقوقهم.
*وكل الأطراف ذات العلاقة بهذه الكارثة التي وقعت على تجار سوق أمدرمان، برغم قساوتها فإنها تعتبر تمرين حقوقي لنعرف كيف يمكن لنا أن ندافع عن حقوقنا المهدرة، فابتداءً لابد أن تكون الهيئة القومية للكهرباء على إستعداد لتحمل مسئوليتها لو كانت المتسببة في هذه الكارثة وهذا ماسيحدده التحقيق الذى نرجو ان يفتح بأسرع مايمكن، ولا نرانا بحاجة للقول إن اموال الناس ليست ملكاً للنظام إنما هي ملك للدولة ولهؤلاء الضحايا من تجار سوق أمدرمان، وعلى الحكومة أن تتحمل المسؤولية تجاه هؤلاء المواطنيين الذين يعيشون في ظل كارثة هي الأولى من نوعها عبر تاريخنا المعاصر، وحتى يفتح المجال أمام تحقيق عادل، على السيد معتمد أمدرمان أن يتقدم باستقالته أو يقال لحين انتهاء التحقيق، وحتى يحدث هذا سننتظر ماتتمخض عنه الايام القادمة.. وسنتساءل : حريق أمدرمان قدرٌ أم جريمة؟! وسلام ياااااااااوطن..
سلام يا
الى متى سيبقى الإنسان السوداني من صف الخبز إلى صف الوقود إلى صف الغاز.. حتى صارت البلد تحمل اسم صف أو سف وكلها مسفوفة.. وسلام يا..
الجريدة الاثنين 3/12/2018
/////////////////