حريق هبيلا وقادة الجبهة الثورية
حريق هبيلا وقادة الجبهة الثورية: ما هكذا الدواس ما هكذا التحرير ما هكذا تورد الإبل!!! ما أنتم إلا مجرمي حرب وإبادة جماعية
بقلم: غانم سليمان غانم
G_ghanim@hotmail.com
عمق المأسأة
لم يهتم أحد بمأساة أهلنا فى منطقة هبيلا ولم يزرف عليها أحد الدموع. لقد كانت جريمة نكراء فى حق الإنسانية نتج عنها موت أكثر من ثمانين (80) شخص وجرح فيها أكثر من أربعين جريحاً ونتج عنها تشريد ونزوح مئات الالآف من سكان منطقة هبيلا وفيو.
الشعارات الجوفاء
طلعت علينا "الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان" في أوائل الثمانينيات من القرن الماضي بشعار السودان الجديد وشعار تحرير السودان وصدقها من صدقها وكذبها من كذبها ولكن توالت الأيام والسنون لتكشف المغطي ومليان شطة. كشفت لنا الأيام والسنون تسلط وطغيان واستبداد قادة الحركة الشعبية بما فيهم رئيسها الراحل الدكتور جون قرنق الذى قام باستئصال رفقاء دربه من مؤسسى الحركة وأباد فيها رفاق دربه وافراد شعبه من القبائل المناهضة لتوجهات الحركة أما خلفه من قادة الحركة فقد كانوا بسلبيتهم النكراء سبب انفصال أهلنا فى الجنوب الذي كان وبالاً على الجنوب والشمال وما زالت آلة الحرب الصماء تحرق كل أخضر ويابس في دولة جنوب السودان بسبب رعونة قادة الحركة الشعبية سواء جناح الرئيس سالفا كير أو جناح الدكتور المهندس ريك مشار. وتبدى لنا طغيان واستبداد ولا مبالاة الحركة الشعبية عندما تجاهلت نضالات وكفاح أبناء جبال النوبة في الحركة الشعبية لتحرير السودان وتركت مصيرهم لما يسمي الشورى الشعبية وانسحبت من المسرح السياسي بلا مبالاة لمعاناه أهل جبال النوبة الذين كانوا وقود نيراها.
تحرير دارفور
عانت دارفور مثل غيرها من ولايات السودان الإهمال والتخلف الإقتصادي والتمييز الاجتماعي مثل غيرها من ولايات السودان وبدأ تمرد نخبتها من منتصف ستينيات القرن الماضي وتطور فى أوائل الألفية الجديدة بحركة أسمت نفسها "حركة تحرير دارفور" التي لما شعرت بالتوجه العنصري في تنظيمها وعضويتها اسمت نفسها "حركة تحرير السودان" التى لم تستوعب الدرس الذى تلقته الحركة الشعبية لتحرير السودان. ومن ثم تناسلت الحركات في دارفور القائمة على المكون العرقي (الفور والزغاوة) وحركة العدل والمساواة التى انشطرت كذلك لعدة حركات مسلحة ولم تقتصر الحركات الدارفورية المتمردة على المكون العرقي من السكان الأصليين بل امتد للقبائل العربية من الرعاة الرحل وتسببت في تفتيت النسيج الإجتماعي وتدمير البنية التحتية، إن وجدت.
الجبهة الثورية والمسئولية عن جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية
لدواعي استراتيجية وتاكتيكية تحالفت الحركة الشعبية لتحرير السودان قطاع الشمال مع حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح مني أركاوي وخاضت عدة عمليات عسكرية في جنوب كردفان كانت اشهرها عملية أبو كرشولا وعملية هبيلا الأخيرة. لا شك أن قادة الجبهة الثورية وخاصة القادة الميدانيين مسئولين مسئولية تضامنية عن الدمار والخراب الذى أصاب المنطقتين وتشريد وتهجير ونزوح أهالي المنطقتين، ويجب عليهم أن لا ينسوا أنهم لن يفلتوا من العقاب والمسائلة الجنائية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية التى ارتكبوها. وعلى قادة الجبهة الثورية أن يوجهوا قياداتهم الميدانية للإلتزام بقواعد الحرب وعدم ممارسة أية انتهاكات لحقوق الإنسان وإلا سيقدمون لمحكمة الجنايات الدولية.
حرب العصابات
بالنظر للبعد الجغرافي والمعطيات الجيوسياسية فإن دارفور وكردفان لا تصلحان لحرب العصابات كما تمارسها الجبهة الثورية الآن التى لن تستطيع اقامة أى منطقة محررة فيهما لعوامل محلية واقليمية ودولية وأي عملية عسكرية من جانبها حتي بمساندة دولة جنوب السودان ستكون خصماً عليها وسخطاً ونقمة من أهالى ومواطني الولايتين.
من المفترض أن تكون لجيوش الحركات الثورية والمتمردة عقيدة قومية وممارسات عسكرية تتسم بالأخلاقيات الصارمة ولكن اتضح إنها مجرد عصابات سلب ونهب مثلما حدث فى هبيلا وفيو وأبو كرشولا ومدن وقرى دارفور إذ تم استباحة تلك المناطق وسلبت ممتلكات أهلها ومتاجرهم وأسواقهم.
الإغاثة والمساعدات الإنسانية
نظراً لتخلف أهالي منطقة هبيلا وجنوب كردفان عموماً وقلة حيلتهم ونظراً لتجاهل الجهات الحكومية والرسمية لمعاناة الموطنين والنازحين نناشد المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني ومنظمات الإغاثة المحلية والإقليمية والدولية لتقديم المساعدات بشكل فوري للمنكوبين والنازحين والمتضررين في هذه المناطق.