حزب الأمة غياب مفكر أم مؤسسة

 


 

 

في أحدى لقاءات الإمام الصادق المهدي الصحفية قال لمجلة السياسة الدولية المصرية " أن أحزاب تنقصها شروط مطلوب توافرها لتقوم بدورها اللازم في نجاح النظام الديمقراطي، أن يكون تكوينها واسعا قوميا و أن يكون عملها مؤسسيا و ديمقراطيا. بعض الأحزاب الكبيرة مدركة تماما لهذه النقائص تعمل بجهد للتخلص منها بقدر ما يسمح به الواقع الثقافي و الاجتماعي. و بعضها يعيش واقعه لا تؤرقه هذه التحديات"
الأسئلة التي تطرح بعد غياب الإمام أين يقف حزب الأمة من هذه المقولة؟ هل أكمل النقائص المطلوب توافرها لإكمال عملية نجاح الديمقراطية أم أنه أصبح يتعامل بأضعف الإيمان؟ و أين الرؤى التجديدة لشباب حزب الأمة؟
يعد الآن حزب الأمة أكبر حزب سياسي نال مقاعد دستورية علي مستوى السلطة التنفيذية للفترة الانتقالية " مجلس الوزراء و مجلس السيادة" و لكن تحتار أين يقف الحزب. مع الحكومة و بالتالي يتحمل معها البطء في العمل و عدم تحقيق أشواق الجماهير في تحسين الخدمات و تحسين المعيشة أم يعارضها؟ و يقول المثل السوداني " ركاب سرجين وقيع" كان الإمام يملأ الفراغ الفكري و يجيب على الأسئلة المطروحة في الساحة السياسية اسبوعيا علي منبر الجمعة، أو حتى عبر اللقاءات التلفزيونية و الصحفية، كان الشخص يعرف موقف الحزب من المطروح في الساحة السياسية سلبا أو إيجابا. الآن عندما يحدث حدث تجد حزب يفرد يديه إشارة إلي أنه مع الاثنين، فالقيادة الحالية متسامحة لا تريد أن تغضب يسارا أو يمينا، مادام الكل متصالح معها و لا يطالبها بموقف من القضايا المطروحة. رغم أن الديمقراطية تحتاج لإصلاح باستمرار خاصة في ظل الثقافة الشمولية مخلفات النظام السابق هي السائدة في الساحة السياسية
كان الإمام يمثل أحد ركائز دعاة الديمقراطية و الفصل بين السلطات، و بالأمس بحثت عن موقف حزب الأمة في قضية اعتقدها من أهم القضايا التي تشكل تحدي للديمقراطية الآن، و لم أجد له إشارة. و هي أقدام رئيس نيابة المعلومات مولانا عبد المنعم عبد الحفيظ باصدار قرار حجب بموجبه عدد من المواقع السودانية، أراد أن يذكر الناس بالسلطة الشمولية السابقة، و دستوريا و ديمقراطيا أن قرار إقاف المواقع ليست من سلطته، بل هي سلطة قضائية، و قال مولانا عبد الحفيظ ليس هناك جهة تنفيذية قد أملته القرار. لكن مواقيت القرار الذي صدر كانت مواقيت سياسية تشكك أن القرار قد أملته سلطة تنفيذية. و حزب الأمة يكون أدرى بهذه الواقعة من غيره لأنه يملك الأغلبية في السلطة التنفيذية و في لجنة إزالة التمكين.
القضية الأخرى؛ صحيح أن حزب الأمة قد دعا للقوى التي خرجت من قوى الحرية و التغيير، و التي شكلت اللجنة الفنية، بهدف إصلاح في قوى الحرية و التغيير، و هي تعارض أن يصبح هناك ثلاثة أو أربعة أحزاب في المجلس المركزي هي التي تستولى علي السلطة دون الآخرين، رغم أن هذه الأحزاب لا تملك رصيدا جماهيريا. و الشائع أن حزب الأمة يقاوم ذلك. بالعكس أن حزب الأمة مستفيد من هذا التشرزم، يعلم أن القوى السياسية في المجلس المركزي تحتاج إليه و تنفذ كل طلباته " اريد ستة وزراء في الحكومة – أريد 65 مقعدا في المجلس التشريعي" و يناور بالقوى الأخر كفزاعة. و أيضا رئيس الحزب يطوف علي رئيس الوزراء و مجلس السيادة مع قياداة المجلس المركزي و تقدم له الفرص لكي يتحدث عن حسن الاستقبال، و أن القضايا التي طرحوها وجدت قبولا، هل يعتقد الحزب هذا هو النضال السياسي و هذا الذي كان يبحث عنه الإمام. أم أن الحزب وجد في التاريخ مناصرة له بتجربة عبد الله خليل. كنت أعتقد أن دعاة الديمقراطية لا يتخلفون عنها أبدا، و يعترضون علي أي ممارسة لا ترسخ عرى الديمقراطية، لكن للأسف المصالح غيبت المباديء.
غابت مبادرات حزب الأمة منذ الأسبوع الثالث في نوفمبر 2020م و حتى الأن لم يحدد الحزب اتجاه بوصلته مع رغباته في المحاصصة أم عملية التحول الديمقراطي. أن الحزب بالفعل غائب عن المشهد السياسي، كان بالامس صانع للأحداث و أصبح الآن معلقا عليها فقط، أن غياب الرؤية يعطل كل الميكانزمات داخل الحزب، كان بالأمس تجد شباب حزب الأمة منتشرين في كل الصحف معلقين و مبادرين، الآن غاب نجمهم تماما بسبب عدم المعرفة العامة لسياسة الحزب، و موقفه من القضايا المطروحة، الفترة الانتقالية يغيب عنها أهم سلطتين تشكلان أعمدة الديمقراطية " مجلس تشريعي – و السلطة القضائية " و رغم ذلك تريد نخبة حزب الأمة تحدثنا عن الديمقراطية كيف و الحزب وجد في المحاصصة سلوته. تعلمون في سلطة الفترة الانتقالية هناك أحزاب ليس لها علاقة بالديمقراطية، و لا يهمها مسألة التحول الديمقراطي، هؤلاء طلاب سلطة يتحالفوا مع أحزاب مع حركات مع عسكريين المهم يكونوا في السلطة. و أنتم تستنكرون ذلك بشيء من الخجل لأنهم يحققون لكم مطالبكم. أفضل من ديمقراطية و انتخابات غير متأكدين إذا كانت سوف تمنحكم مثل هذا العطاء أو أقل، في بلد تغيرت فيها الولاءات القديمة، و تغيرت ديموغرافيا. كما أن التحول الديمقراطي سوف يشكل أكبر تحدي للنخبة القابضة الآن علي مفاصل الحزب بعد غياب الإمام. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء