اذا كنت تناولت فى عدة مقالات حزب الحركة الوطنية الذى امتلك كل المقومات التى تجعل منه حزبا جامعا وقائدا لبلد تحرر من الاستعمار وكان يبحث عن اعادة بنائه واسلمه امره بارادته الحرة عندما فوزه باغلبية مكنته من الحكم منفردا الا انه فشل وتشتت ولم يعد لاى حزب امكانية تمتعه باغلبية بل بسبب فشله فان فى السودان اليوم 75 حزبا مسجلا كلها جماعات محدودة متهافتة لاى موقع فى السلطة قوامها عضوية مستجلبة مؤقتة بغرض الحصول على شهادة التسجيل الوهمية وهى التى تشارك اليوم فى الحوار بلا اى قواعد لها كما ان هناك احزاب لاتقل عنهم يجلسون فى صفوف الرافضين للحوارباسم العارضة ولا يختلفون عن طلاب السلطة الذين تهافتوا للحوار وكلهم ان حسبناهم بشفافية وتجرد الحاكم منها او المشارك فى الحوار او الرافضة له فانها لا تمثل عشرة فى المائة من الشعب السودانى الذى تقف اغلبيته رافضة لهم جميعا بلا استثناء و صا متة لا صوت لها وان كان صوتها مصادر نتيجة قمع لها عبر التاريخ بدكتاوريات عسكرية او ديمقراطيات كاذبة وزائفة او صامته اخرستها المعاناة حيث اصبحت لقمة العيش همها الاكبر وانها فى النهاية التى تدفع ثمن هذه الفوضى السياسية المزعومة عفوا فاننى ان كنت قد افردت عدة مقالات لحزب الحركة الاتحادية ذلك لانه كان الوحيد الذى يحمل الامل فى ان يحقق لشعب حباه الله سبحانه تعالى بامكانات وثروات متىوعة توازى ماتمتلكه قارات وليس بلد واحدا الا انه فشل فى ان يوظفها لمصلحته وضاع واضاع بضياعه وطن يملك كل المقومات الا الطاقة البشرية المتجردة وحتى لايظن احد اننى اتجنى على هذه القوى السياسية بلا استثناء بل جميعهم فاننى اتحدث بعد معايشة لهذا الواقع عن قرب لما يقرب الستين عاما منذ مرحلة الثانوية وجامعة الحرطوم نهاية الخمسينات منتميا اولا لحزب الشعب الدبمقراطى وهو حزب طائفى على درب الوالد رحمة الله عليه ثم مشاركا فى اول اجتماعات شهدتها جامعة الخرطوم فى مطلع الستينات لتاسيس حزب البعث العقائدى يوم عكفنا على دراسة كتاب ميشيل عفلق وهوحزب دكتاورى نشاة وفكرا نابع من حكام فرضوا انفسهم بالقوة على شعبى سوريا والعراق بانقلابات عسكرية ويدفعان ثمنها حتى اليوم الا انى انتقلت منه على وجه السرعة للحزب الشيوعى من كتاب ميشيل عفلق للماركسية اللبينينية وهى نظرية تقوم على دكتاورية الحكم وان لم تكن عسكرية فهى دكتاورية الطبقة العاملة التى تمثل الشعب كله على الورق ولكنها لم يحدث ان نجحت فى ذلك حتى ثارت الشعوب العاملة عليها لانها فى نهاية الامر تفرز قلة حاكمة مميزة على الطبقة العاملة نفسها وبقيت في هذا الحزب لما يقرب الثلاثين عاما فى النقابات وحركة الشباب الموالية له بعد ان تيقنت انها نظرية فى النهاية لن تفرز غير قلة تحكم بالقوة لغير صالح الشعب حتى لم يعد هناك فرق بينها وبين طبقة الراسمالية الا فى المسمى (فكلاهماعبء على الشعب) وانها فى النهاية ليست الا صيغة من صيغ الدكتاورية وان كانت فكرية فانتقلت لما يقرب ثلاثين عاماضمن الحركة الاتحادية الاصلاحية التى تستهدف المؤسسية الديمقراطية البديل الشرعى للطائفية والعقائدية والدكتاتورية العسكرية ولم يكن انتمائى للحزب الاتحادى بتكوبنه الذى تهيمن عليه اسرة طائفية وانما فى الحركات الاصلاحية التى تدعو لمؤسسية حزببة بداية بهيئة دعم وتوحيد الحزب الاتحادى وقوى الوسط والتى عرفت بجماعة دار المهندس وكنت مقررا لها وفى سكرتاريتها الرباعية فى عام 86 عقب انتفاضة ابريل 85 والتى تكونت يومها من الاخوة محمد مالك عثمان وطه على اليشير وهشام بشير وانضم اليها الاخ باشرى وهى الهيئة التى افشلها رحمة الله عليه الشريف زين العابدين الهندى كما اوضحت عندما اجهض مشروع العشرة نقاط الذى تبناه 37 نائبا برلمانيا والتى كان اهمها ان يبقى الميرغنى راعيا لا شان له بالسياسة ثم بعد غياب ستة عشر عاما فى صفوف المعارضة من القاهرة عدت للسودان معارضا من الداخل ولا ازال لاشارك فى تاسيس الهيئة العامة لتوحيد الحزب الاتحادى وكنت عضوا فى مكتبها القيادى والتى لاتزال اليوم تمارس وجودها بعد ان تشرزمت لعدة منظمات على الهامش بلا اى فاعلية فكانت كلها كافية لان ارفع يدى منها جميعها ليعذرنى القارئ فلقد قصدت بهذا ان اناصح الشباب اليوم والذى اراه يجهل هذا التاريح الضائع والذى اعترف بانى عبر مراحله المختلفة شاركت فى تحمل مسئولياته واخفاقه فى حق الوطن ولم يعد فى رائيى الا تجربة يجب ان يتعظ منها الشباب لهذا فانى عندما انصرفت اليوم عن هذا الواقع فان ما اسجله وادونه فى مقالات ليس الا محاولة لنقل هذه التجارب الفاشلة التى عايشتها بكل المقلييس لعدم توفر اى مقومات لها للنجاح لانها تقوم على اسس خاطئة يحتم على شباب اليوم الخروج من دائرتها ليبدع هو فى تاسيس واقع جديد مؤسسى ديمقراطى لان من يسيرون على نفس هذا الدرب سيلازمهم الفشل لامحالة مما يحتم الاعتراف بحقيقة واحدة وهى ان السودان لا مستقبل له اذا لم يعيد النظر فى هذا الواقع من الفشل المتراكم من تركيباته السياسيةو ثقافته الحزبية الخربة حيث لابد للشباب ان يستخلص العبرة من هذا الفشل المتراكم لستين عاما لهذا فان ما اسجله من تجربة سياسية حافلة بالتناقضات والفشل العام انما انقله بامانة وتجرد لاجيال اليوم ولعلنى بهذه المناسبة اشكر هذه الصحيفة التى اتاحت لى نقل التجربة بحذافيرها دون ان تمتد يدها بحذف كلمة منها او تدخل ايا كان مصدره وهذه كما تعلمون علة صحافتنا منذ عرفنا الحكم الوطنى وان تباينت فتراته فى درجات التدخل والتحكم فيه لهذا فاننى ان طويت حزب الحركة الوطنية او الحركة الاتحادية والذى اعطيته الاولوية لاهميته التاريخية فانى ساطرق بقية الاحزاب بفس الشفافية وان كنت ساعبر بعضها عبورا سر يعا لاسباب ساكشف عنها واتوقف بتفصيل دقيق مع ما يستحق منها الوقوف فيه لاهميتها فى مسيرة الحركة الوطنية اما هذا الكم الهائل من احزاب الوهم طلاب السلطة بلا مقومات لهو اهدار للوقت والجهد لهذا فاننى اولا لن اتوقف فى حزب الامة رغم اهميته وصيته رغم انه الند التقليدى والتاريخى للحركة الاتحادية لانه حزب نشاة وواقعا هو ملك خاص لاسرة بعينها لاسرة المهدى ولا بد للمستقبل ان يطويه كما يطوى حزب المراغنة فليس فى الديمقراطية احزاب تمتلكها فالطائفية يكفى انها كتبت نهاية افضل حزب عرفه السودان مع انه لم يكن ملك الطائفة فى نشاته كما هو حال حزب الامة فالطائفية اكبر مصادر الفشل للحكم الوطنى وستبقى كذلك اذا لم تقتلع من الجذور السياسية لهذا فان القضاء عليها سياسيا من الجذور هو الدور الاول الذى يتعين على الشباب ان يحققه وهى ليست مهمة صعبة لو تهيات السلطة التى تحظرها بقانون الاحزاب وهكذا سيكون موقفى من احزاب الفكة البعثية والناصرية والمايوبة وكلها احزاب افرزتها انقلابات عسكرية فكيف تؤسس لمؤسسية ديمقراطية وستبقى وقفتى تحديدا عبورا بالحزب الشيوعى ووقوفا تفصيليا مع الحركة الاسلامية والتى اصبحت على مسوى العالم الاسلامى عامة والعربى خاصة عنصر ثابت ومؤثر فى مسيرة والوطن العربى والاسلامى مما يستوجب وقفة تففصيلية معها بكل شفافية كما كانت وقفتى مع الحركة الاتحادية فكونوا معى