حسن الترابي وتدبر القرءان (1) … بقلم: د.عمر محمد سعيد الشفيع
4 June, 2009
المقالة الأولى: التعريف بالتفسير التوحيدي
هذه المقالة عن التعريف بالتفسير التوحيدي وتلخيص منهجه في التدبر القرءاني وذلك لظني أن غالب القراء ـ وخاصةً في السودان ـ لم يطلعوا على هذا الكتاب القيِّم في تدبر القرءان العظيم. ثم تتلو هذه المقالة التعريفية مقالة أخرى (أو مقالات) نقدية لبعض ما ورد في "التفسير التوحيدي".
وباسم الله نبتديء.
أصدر حسن الترابي الجزء الأول من تدبره للقرءان العظيم (من سورة الفاتحة إلى سورة التوبة) تحت اسم (التفسير التوحيدي) عن دار الساقي في لندن عام 2004 واحتفل الوسط الثقافي اللندني بصدور هذا الجزء الأول من التفسير التوحيدي. ومن الذين استحسنوا هذا التفسير الدكتور محمد عبد الحليم أستاذ الدراسات الإسلامية ومدير مركز الملك فهد للدراسات الإسلامية بكلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن ورئيس تحرير مجلة دراسات قرآنية وصرح بأنه قرأ تفسير بعض الآيات في التفسير التوحيدي ووجد فيها جديداً وسوف يعيد ترجمة هذه الآيات في ترجمته الرائعة للقرءان العظيم إلى اللسان الإنجليزي التي صدرت الطبعة الأولى منها عام 2004 قبل التفسير التوحيدي بقليل.
يحتوي الجزء الأول على تمهيد في "النظرية التوحيدية التجديدية" ومقدمة في "منهج التفسير التوحيدي" ثم متن التفسير التوحيدي للثلث الأول من القرءان العظيم "من سورة الفاتحة إلى سورة التوبة".
التمهيد: النظرية التوحيدية التجديدية
التمهيد جاد به قلم الأستاذ المحبوب عبد السلام المحبوب الذي أتيحت له فرصة أن يتتلمذ مباشرةً على شيخه الترابي ولذلك جاء تمهيده مستوعباً تماماً لمصطلح الترابي. أوضح الأستاذ المحبوب أن مجمل فكر الترابي يصح أن نطلق عليه "النظرية التوحيدية التجديدية" لأن (التوحيد هو المدخل الأثير للشيخ حسن الترابي أصلاً وموضوعاً يتوسل به إلى إجتهاده الفكري كافةً، ويؤسس عليه بناءه وإسهامه النظري والعملي ـ ص 9). ويوضح المحبوب أن أخذ الترابي لمنهج "التوحيد" يعود إلى (أوان تليد إتصل عبر مقارباته الواسعة للقرءان، حفظاً ينتقل فيه عبر قراءات الحرف القرءاني ورواياته، أو درساً مدققاً متعمقاً لإجتهادات كبار المفسرين وإسهاماتهم الكثيفة ـ ص 9). والترابي ـ حسب المحبوب ـ يستصحب منهجه التوحيدي للسياق القرءاني في كل مداولاته لشؤون السياسة والحكم والخطاب العام. ويؤكد التمهيد أن منهج التفسير التوحيدي يعتمد الشورى مسلكاً ووسيلةً وسبيلاً قويماً، (فالشورى ـ في النظرية التوحيدية التجديدية ـ تربو مع الإنسان صغيراً في أسرةٍ تدير أمرها عن تشاورٍ وتراضٍ وتهيِّئه فرداً صالحاً لمجتمع ودولة مؤسَّسين على سلطان الأمة وإجماعها وشوراها، تعاقداً وإختياراً وإنتخاباً في حريةٍ وعدل. والشورى في العلم حوار وتداول بين العلماء المختصين، وبينهم وبين عامة المجتمع تساؤلاً وتجاوباً وأخذاً وعطاءً ـ ص 10). وعلى سنة الشورى فقد بسط الترابي تفسيره لحلقة شورى علمية كانت تنعقد مرة كل أسبوع وتمتد لبضع ساعاتٍ في النهار منذ منتصف عام 1994 وقد بلغت تلك الحلقة أول الثلث الأخير من القرءان عندما توقفت. وقدِّر للأستاذ المحبوب أن يقيِّد كل ما تداولت به تلك الحلقة الأسبوعية تسجيلاً ثم كتابةً وصياغةً في تجربة تتلمذ طويلة على منهج شيخه وفكره ومصطلحه. وبعد ذلك إعتنى الترابي نفسه بالصياغة الجديدة لما تداولت به تلك الحلقة فأخرج هذا الجزء الأول من التفسير التوحيدي في تجربة شورى علمية بين العلماء وبينهم وبين المجتمع كما يرى المحبوب.
المقدمة: منهج التفسير التوحيدي
كتب الترابي مقدمة جيدة في منهج التفسير التوحيدي جاءت في ثلاثة أجزاء هي:الجزء الأول: التفسير التوحيدي ولغة القرءان يليه الجزء الثاني: التفسير التوحيدي ووحدة الهدي للإنسان ثم الجزء الثالث: التفسير التوحيدي وحاضر الوحدة مع القرءان.
وسوف أقتصر على الجزء الأول ولو كان الأمر بيدي لعدَّلت عنوان هذا الجزء وجعلته "التدبر التوحيدي واللسان العربي المبين" لأن لفظ التفسير يمكن قبوله مع عدم الدقة في إطلاقه على تدبر القرءان، وذلك لأنه لفظ من لسان القرءان، أما لفظ "لغة" فكان الأجدر بالترابي تركه لأنه ليس من لسان القرءان بهذه الصياغة وإن ورد جذره في القرءان، ذلك لأن اللسان نظام تواصل دقيق يتصف في القرءان بالإعراب والإبانة في مقاصده بينما اللغة غالبها لغوٌ وإعتباطٌ. والملاحظ أن الترابي قد استخدم هذا اللفظ "لغة" كثيراً في هذه المقدمة التي يبدو عليها أنها لم تكتب خصيصاً لهذا المجلد من التفسير التوحيدي وإنما أُلحقت به والسبب ـ على ما أظن ـ أن الترابي كان في السجن لحظة إصدار الكتاب ولم يتمكن من كتابة مقدمة جديدة تشرح خطوات المنهج التوحيدي تفصيلاً.
ومن أمثلة استخدام الترابي لِلَفظ "لغة" قوله أن (القرءان كتاب عربي مبين يُقرأ صوته بلسان عربي ويبين معناه باللغة العربية ـ ص 15)، ولو قال أن (القرءان عربي مبين يقرأ صوته بلسان عربي ويبين معناه بلسانه العربي المبين) لكانت الجملة أدق في استخدامها ألفاظ القرءان نفسها، وذلك لأن الإعراب ورد صفةً للقرءان واللسان والحكم ولم يرتبط بالكتاب. أما الإبانة (والتبيان والتبيين) فتقترن بالقرءان وآياته ولسانه حيث أن القرءان تبيان لكل شيء وهو نفسه مبين ولسانه مبين وآياته بيِّنات بنفسها ومبيِّنات لنفسها ولغيرها من الآيات. وشتان ما بين لسان القرءان العربي المبين ولسان العرب.
يؤكد الترابي في أول هذه المقدمة أن (الإجتهاد في تفسير القرءان لا فكاك له من منهج التوحيد، ذلك لأن الدين كله يتأسس على الإيمان بوحدانية الله عقيدةً يبلغها الإنسان من تعرف الآيات في ظواهر الكون المتفرقة المشهودة وفي مغازي حادثات الحياة المضطربة ببلاءاتها ـ ص15).
ثم ينتقل الترابي إلى "التفسير التوحيدي ولغة القرءان" ليقول قولاً نفيساً في تطور علوم اللسان القرءانية عند المفسرين الأوائل والمتأخرين حيث أن التفسير إبتدأ أصلاً بمعالجة (مشكلات اللغة في بيان كلم القرءان بجذر المعاني والتصاريف والنحو أو كشف صور التعبير البلاغي وإشارات التأويل البعيد، أو إظهار وجوه الإعجاز البياني في القرءان ـ ص 17).
ويبدأ الترابي شرح منهجه اللساني في تدبر القرءان بالحرف العربي حيث يشرح نظريته في الحروف العربية قائلاً أن لكل حرفٍ من هذه الحروف العربية معنى وتتصل تركيباً وتصريفاً لتبين معاني الكلمات. ونظرية دلالة الأصوات (أي الحروف المفردة) لو قدِّر لها أن تتطور لساهمت في حل كثير من مشاكل الغموض في كثير من آيات القرءان العظيم. وأول من إبتدأ القول من القدماء بمعانٍ للحروف تتشكل منها معاني الألفاظ هو ـ حسب علمي الحالي ـ عبَّاد ابن سليمان الصَّيْمَري وساهم فيها مساهمةً رائعة في العصر الحديث المهندس ومتفكر اللسانيات العراقي عالم سبيط النيلي رحمه الله. ويبدو في المقدمة إقتناع الترابي بهذه النظرية التي ليس بمستطاعه استخدامها لأنها لم تكن تحت يده إلا إذا كان له إجتهاد في معاني الحروف لم يحبذ إقحامه في تفسيره الذي أراده مختصراً بعيداً عن التفسير ذي المجلدات الكثيرة، وفي هذه الحال أرجو أن ينشر الترابي تفكره في نظرية دلالة الأصوات التي أشار لها في هذه المقدمة.
ثم يشير الترابي إلى "الدلالة المحورية" لَّلفظ ـ وإن لم يسمِّها ـ بقوله (والقرءان لغة إصطلاحه واحدة. فالكلمة في كل مواقعها فيه بتصريفاتها المختلفة، ترجع إلى معنىً واحد أصله قد يكون مدىً واسعاً يتحرك فيه الوقع المعين حيثما اندرج في السياق ـ ص 16). والواضح أن الترابي حادّ الوعي بالدلالة المحورية والدلالة الفرعية للألفاظ أو المعنى والمدى في لفظه حيث يقول (كذلك، ينبغي أن يرد القرءان بعضه إلى بعض، أن تراجع كل كلمة إلى موردها لينضبط معناها أو مداها، وتوصل كل كلمة بما يجاورها لتبين في السياق وتتألف جمل الكلم في الآي، وتوصل الآي في السورة ... ـ ص18).
وبقوله هذا "توصل كل كلمة بما يجاورها لتبين في السياق"، إنتقل الترابي إلى بيان تركيب الجمل وسياقها في إبراز الدلالات المقصودة من المركبات والجمل والتعابير المختلفة في الآيات وإبراز الدلالات المقصودة من الآيات نفسها في تركيبها وسياقها. وهذه القاعدة " توصل كل كلمة بما يجاورها لتبين في السياق " هي من القواعد النفيسة في تدبر لسان القرءان وسوف نرى هل إلتزم بها الترابي بالدقة اللازمة.
وقبل ذلك لابد من المعرفة الدقيقة لأصول الكلمات وجذورها إذ أن الجذر أساس في "اللغة العربية" حيث أنها (لغة من جذر واحد لم ترتَّق من أصولٍ شتى تولِّد فيها تبايناً، ولكي يُفسَّر كلم القرءان بلوغاً إلى معانيه لا بد من تعرف جذور الكلمات لتبين أصول المعاني ـ ص 16)
وتحدث الترابي ـ أيضاً ـ عن تطور الدلالة في لسان العرب موتاً وحياةً للكلمات وتحدث أيضاً عن تطور دلالة بعض كلمات القرءان عند فقهاء الأحكام وعلماء الكلام وأئمة التصوف ولكنه يرى أن الدلالة في ألفاظ القرءان ينبغي إرجاعها إلى أمة الخطاب عهد التنزيل ويقول في ذلك (وينبغي للتفسير الصادق للقرءان أن يوحد لغة القرءان في جملته، وفي ما بينها وبين أمة الخطاب عهد التنزيل دلالةً لا تفارقها، ليضبط التفسير معاني القرءان حقاً، مهما يمض بعد، فيخاطب عصره بلغة عربية يفهمها الخلف، لكنها تترجم تلك المعاني بما يصدِّق وقعها الأصيل ـ ص 18). وفي هذا القول فإن الترابي يحصر دلالة اللفظة القرءانية في بيئة عرب الجزيرة عهد التنزيل ولا يطبِّق ما قاله عن تطور الدلالة في الألسنة المختلفة على لسان القرءان الذي هو خطاب للناس ـ كل الناس ـ في كل الزمان وكل المكان ولا بد لهؤلاء الناس أن يجدوا جديد الدلالات في هذا الكتاب الذي يقول لهم أنه لهم وأنه صالح لكل أجيالهم.
وبإختصار يرى الترابي أن الإنطلاق من فقه لسان القرءان والنظر إلى وحدة رسالات الهدى للإنسان وحشد كل طاقة العلم بالمحسوس يقود إلى توحيد حياة المؤمن عبادةً لله سبحانه وتعالى في كل المجالات، وعلى المتدبر للقرءان العظيم أن يوحِّد بين كل الموضوعات فيه من عالمي الغيب والشهادة لتنسلك كلها في سبيل التوحيد.
المتن: التفسير التوحيدي
اتبع الترابي في التفسير التوحيدي منهج تدبر القرءان على مستوى السورة (المنهج التسويري ـ من السورة) محاولاً ربط معاني الآيات في السورة ببعضها في سياق يبدأ بالآية الأولى ويتدرج حتى الآية الأخيرة ليحاول أن يربط بين الآيات ويوحِّد بينها في المعاني في السورة الواحدة. ولا يهمل أيضاً علاقة الآية بآيات سبقت في سور سابقة و علاقة السورة بالسورة السابقة لها غالباً وأحياناً بسور أخرى. ويحاول في مرات عديدة ربط موضوع الآية بما يكمله في بقية الكتاب (التدبر الترتيلي) وهو يفعل ذلك كثيراً بالإشارة إلى جزء من الآيات المتممة من السور الأخرى للموضوع في الهامش.
ولتسهيل التفسير التوحيدي على القاريء فقد قام الترابي بتنظيم تدبره للسورة عبر ثلاثة أقسام هي خلاصة هدي السورة وترتيل المعاني وعموم المعاني.
أولاً ـ خلاصة هدي السورة
ينظر الترابي في البداية إلى السورة نظرة عامة يربط فيها كل آياتها ببعضها البعض ويحاول أن يجد موضوعاً أو مواضيع تدور حولها السورة. وخلاصة هدي السورة هي مدخل يعبر فيه المفسر عن وحدة آيات السورة وترابط موضوعاتها لأنها مهما تطل وتتشعب فهي تتسق وتتماسك. وفي سورة البقرة ـ مثالاً ـ فقد ذهب الترابي إلى أن هذه السورة هي أول التنزيل في المدينة لكنها إمتدت حتى نزلت أواخرها في آخر التنزيل. وكانت من ثَمَّ فسطاطاً هدياً للحياة التي اجتمعت شعاب الدين فيها للمجتمع المسلم في المدينة. ثم يشرع الترابي في ربط موضوعات الهدي المتشعب في هذه السورة بمجتمع المدينة الناشيء لتهديه في كل علاقاته البينية من تفصيلٍ في الإيمان والشرائع والشعائر من صلاةٍ وصيامٍ وحج، وفي علاقاته الخارجية أيضاً وخاصةً في تفاعله مع الثقافة الكتابية المنبسطة في المدينة.
والترابي يهتم كثيراً بتوصيل المعاني بعضها ببعض ويبدو أحياناً أنه يحصر المعاني في عهد التنزيل ومجتمع مكة والمدينة وهو يرى أصلاً أن دلالات الألفاظ ينبغي أن تحصر في أمة الخطاب عهد التنزيل وبهذا الرأي فقد حرم نفسه كثيراً من الدلالات الجديدة لألفاظ القرءان في تطورها وصلاحها لكل الزمان وكل المكان.
ومن الذين حاولوا أن يتدبروا موضوع السورة في العصر الحديث الشيخ محمد الغزالي عليه رحمة الله في كتابه "نحو تفسير موضوعي لسور القرءان الكريم". ولكن واحدة من المحاولات الناضجة في هذا المجال هي التي قام بها الأستاذ أمين أحسن إصلاحي رحمه الله وحاول فيها أن يجد لكل سورة موضوعاً واحداً تدور حوله سماه "عمود السورة" وجعله أساساً لتدبره النفيس للقرءان العظيم الذي أسماه تدبر القرءان ونشره باللسان الأوردي (تدبرِ قرآنِ).
ثانياً ـ ترتيل المعاني
وبعد أن يفرغ الترابي من خلاصة هدي السورة يعمد إلى آيات السورة فيقسمها إلى مجموعات مثل سورة البقرة التي قسمها إلى ثلاث وعشرين مجموعة أطولها المجموعة التي تحوي الآيات من 190 إلى 220 وأقصرها المجموعة التي تكونت من الآيتين الأخيرتين من السورة ويفسر آيات كل مجموعة في ترتيل معانيها ويحاول أن يوحد بين معاني الآية موضوع التفسير والآية السابقة لها. والترتيل عنده يأتي في معناه القرءاني قريباً من دلالة التتابع في أرتال ولا علاقة له بدلالة "التغني بالقرءان". وقد أحسن المحبوب في التمهيد تلخيص المقصود بـ"ترتيل المعاني" حيث قال (ترتيل المعاني، اي التفسير لآيات السورة آيةً بعد آية، رتلاً تتوالى معانيه وتتوحد، وقد كان ذلك في أصل جهده تدارساً وتداولاً يطيل النقاش في أيما حرف أو كلمة ويمعن النظر في أيما مشكل أو معنى أو قضية مما سبق لكتب التفسير وإجتهاده السالف أن وقفت عنده، أو طرأ على المتدارسين وهم يفسرون الآيات وينسقون رتلها ويوحدون معانيها ـ ص 12). وفعل التدبر على مستوى ربط المعاني بين الآية وسابقتها ولاحقتها قد يدخل في علم المناسبة. وأشهر محاولة في علم المناسبة بين الآيات وبين السور هي التي كتبها برهان الدين البقاعي ـ في العصر المملوكي ـ تحت اسم "الدرر في تناسب الآيات والسور" وهي محاولة تدبر جادة أنشأ بها البقاعي علم المناسبة بإعتباره علماً جديداً يتحدث عن المناسبة بين الآية القرآنية وسابقتها ولاحقتها من الآيات، والمناسبة بين السورة وسابقتها ولاحقتها من السور وهو علم يعتمد على فهم كامل للنسق القرآني وتدبر عميق للآيات والسور في القرآن العظيم، وللأسف فإن "الدرر في تناسب الآيات والسور" لم يشتهر ولم يخضع للنقد والبناء عليه إلا من من قلة من طلاب الدراسات العليا.
ثالثاً ـ عموم المعاني
وبعد أن يفرغ الترابي من تدبر المجموعة من الآيات بالتفصيل يكتب خلاصةً في عموم المعاني المستخلصة من الآيات موضوع التدبر، وهي خلاصة تتوخى إيصال المعنى بأوجز الأساليب إختصاراً وإجمالاً. ويكتب المحبوب (وإذ أن منهج هذا التفسير وعنوانه هو التوحيد فقد وحَّدنا في كل سورة جملة من الآيات تمثل موضوعاً متصلاً أو موضوعاتٍ موصولة أسورةً تتواصل في بناء السورة حملت عنوان "عموم المعاني"، وهي كذلك خلاصات أكثر تفصيلاً لما أجمل أولاً في خلاصة "هدي السورة"، بما يعين الذين تضيق أوقاتهم عن قراءة كامل نص التفسير فيجدون بعض غنىً في الإجمالات والخلاصات ـ ص 12).
ختام المقالة
وبعد فقد حاولت ـ عزيزي القاريء ـ أن أقدم لك مختصراً لمنهج هذا الكتاب الضخم الذي تقارب صفحاته الألف من القطع الكبير.
وتبقى ملاحظتان صغيرتان أولاها أن الآيات كتبت بالرسم العربي الإملائي مشكولةً ولم تكتب بالرسم القرءاني الذي يمكن أن يدخل هو أيضاً في تدبر القرءان لأنه مقصود. والترابي يبدو أنه لا يدخل الرسم القرءاني في تدبره وإلا لإنتبه مثلاً إلى أن إبراهيم ورد في القرءان برسمين مختلفين مقصودين هما الرسم الأول (ابرهم) الذي ورد 15 مرة في سورة البقرة والرسم (ابرهيم) في بقية سور القرءان العظيم ليدل كل من الرسمين على فترة في حياة إبراهيم. وثاني الملاحظات هي أن هذا الكتاب القيِّم يخلو من الفهارس التي تعين القاريء على سرعة الوصول إلى مبتغاه من الألفاظ المفتاحية والأعلام، ويخفف من وطأة عدم وجود هذه الفهارس أن الآيات يمكن الوصول إليها بسهولة.
وحبذا لو أُعيد نشر خلاصة هدي السورة لكل سور القرءان العظيم في كتيِّب منفصل حتى تصبح تدبراً مختصراً في مقاصد السور يجمل موضوعاتها ويوحِّد معانيها.
والله أعلم. وإلى اللقاء في المقالة التالية.