حكاية زول شعبي !! … بقلم: عبد الباقي الظافر

 


 

 

تراسيم.

Abdulbagi Alzafir [alzafir@hotmail.com]

 

سبع سنوات خلت ..أنا وزوجتي نجوب أسواق القاهرة ..بحثا عن زى أنيق يناسب مهمة مقابلتي للقنصل الامريكى .. القنصل هو الذى يحدد ان كنت لائقا للإقامة في أمريكا ..زوجتي كانت تفترض ان بذلة إفرنجية وحذاء فاخر ربما يجعل المهمة أكثر يسرا..كلما اخترت خيارا تهز رأسها وتحرك فمها يمنة ويسرى.. كان على ان افهم ان الاختيار  الخطأ ربما يردني (أسيرا) إلى الخرطوم .. والتي يومها كانت لا ترحم .

 

وقفت أمام السيد القنصل في ذلك الصيف الغائظ وأنا ارفل في بدلة ..بدأت تفوقني حجما .. ربما ظن (الخواجة ) اننى استعرتها من غسال مجاور ..وتلك عادة يعمل بها في (ام الدنيا ).. فوجئت عندما وجدت القنصل يرتدى قميص ( كبدى نص كم )  مع ربطة عنق بسيطة ولكنها انيقة ..كان ذلك الدرس الاول ..كيف تكون صديقا للبيئة في ملبسك .

 

تذكرت ذلك المشهد وأنا أقف أمام (بنت الاستقبال ) في فندق القراند فيلا هوليدى ..بالطبع كنت ارتدى زى المعتاد ..جئت إلى ذلك المكان تلبية لدعوة من مفوضية الأمم المتحدة لحضور ندوة ..(الست ) المحترمة نظرت إلى مليا ..كأنها تحسب اننى جئت إلى العنوان الخطأ ..إمعانا فى التنبيه تحدثت إلى في لغة انجليزية ..لما رددت إليها الصاع صاعين انتبهت ..ونادت رئيسها في عربي فصيح ..ابتسمت وقلت لنفسي (ماقلتوا خواجات ) ..جاءني الرجل وفى ذهنه تصريفي وصرفي ..مددت اليه ببطاقتي الصحفية ..ردها دون ان يجهد نفسه بقراءة ما تحويه .."معليش  يا أستاذ دا منشط خاص بالامم  المتحدة وما في صحافة ".

 

استجمعت قواى ..الهزيمة ليست خيارا ..رددت عليه بانجليزية نيويورك "إذا لماذا تجهدون أنفسكم بدعوة شخص لا تحتاجوه "..الكليمات أتت أكلها و ادخلتنى في زمرة الناس المحترمين .. سألني الرجل بلطف عن أسمى ..راجع كشوفاته ووجد اسمى ..لامني على تقديم بطاقة صحفية .. قلت في سرى هذه البطاقة الحقيرة في بلادي يسرت لى يوما مقابلة السيد باراك اوباما.. وتلك قصة أخرى .

عندما دخلت إلى القاعة الفسيحة ..أدركت لماذا أنا شخص غير محترم .. كل الحضور كان يرتدى بذل إفرنجية فاخرة.. بالعدم ..عمة وشال وجلباب ومركوب فاشري ..هل زاد الشعب ثراءا ..أم ان بدل الإيجار صارت متوفرة وبالتالي (المكوجية) صار سوقهم أوسع .

 

لم تنتهي مأساتي كمواطن شعبي عند هذا الحد ..خرجنا من المنشط الاممى ..رأيت امامى جنوبى فاخر ..يعنى بدلة وشنطة وجزمة اخر صيحة .. ربما من أسواق نيروبي ..الرجل المحترم كان يقف على قارعة الطريق في انتظار عربة أجرة ..(حنيت )عليه ..واقترحت رفقتي في سيارتي المتهالكة ..قفز الرجل إلى المقعد الخلفي (بلا احم او دستور)  أو حتى شاكرا..أرسل تعليماته بلغة آمرة ..فندق كنار لو سمحت ..الأخ الكريم ظن (العبدلله ) تكاسى ..أكلتها ..الناس في هذا البلد أصبحت حساسة ..اى احتجاج ربما يجعل زبونى مواطنا من الدرجة الثانية .. هل الشراكة تحتاج الى ازمة جديدة !!

وصلت موقع عملي في صحيفة التيار ..طلبت من الرجل برفق ان يستغل عربة تاكسي .. كرر الرجل عبارات الاعتذار ..قلت له إنها غلطتي وليست غلطتك .

 

ماذا تروني فاعل..هل اعود مواطنا عدوا للبيئة ؟..أم أكون من زمرة الناس (الما محترمة ) ؟ ..

 

آراء