حلايب بين النزاعات والعودة لحضن الوطن الأم السودان .. اعداد: اسماعيل عبدالحميد شمس الدين

 


 

 

ismail.shamseldin@gmail.com

يتميز السودان بالمساحات الحدودية الشاسعة على الرغم من اقتطاع جنوبه لدولة وليدة وتبلغ (6780 كم ) : مساحة الحدود السودانية

الدولة        المساحة بالكيلومترات

أرتيريا            636
    

أثيوبيا            727
    

أفريقيا الوسطى        448
    

تشاد            1340
    

ليبيا            383


مصر            1227

        
دولة جنوب السودان        1973
    


إجمالي طول الحدود        6780


    

وتتضمن الحدود مع مصر  مثلث حلايب الذي يفصل السودان عن الحدود المصرية  كونها منطقة تابعة للسودان. وتقع على البحر الأحمر ومساحتها 20,580 كم وتوجد بها ثلاث  بلدات

مركز شلاتين يتميز بالثروة السمكية، وتضم في الجنوب الشرقي جبل علبة، وكذلك تتميز بخصوبة أراضيها التي تعتمد في ريها على كل من المياه الجوفية ومياه الأمطار. يوجد بمدينة شلاتين خمسة قرى

• قر   أبو رماد: 125 كم جنوب مدينة شلاتي

• قر   حلايب: 165 كم جنوب مدينة شلاتين.

• قر   رأس الحداربة: 22 كم جنوب قرية حلايب.

• قر   مرسى حميرة: 40 كم شمال شلاتين.

    وقرية أبرق: 90 كم غرب قرية مرسى حميرة


خريطة لمدينة حلايب

أما عن السكان فينتمون الى أثنية واحدة وهم قبائل (  البشاريين ،  والحماداب ،  والشتيرات  والعبابدة والبجة وهي قبائل  سودانية لها امتداداتها داخل الأراضي السودانية وليست لها امتدادات داخل الأراضي المصرية ، وظلت حلايب خلال فترة الاستعمار  والفترة اللاحقة  تحت الإدارة السودانية الخالصة .

ظلت المنطقة  محل خلاف من عام 1957  بين السودان  ومصر ببداية  تحركات سياسية رافقتها تحركات عسكرية  إذ تقول بعض الروايات أن السودان كان ينوي السماح للولايات المتحدة الأمريكية  ببناء قاعدة عسكرية   في عهد رئيس الوزراء  الراحل عبدالله خليل مما حرك القيادة المصرية باتخاذ خطوات ارتجالية  باحتلال المنطقة وسرعان ما انسحبت،الا أن هذا الموقف من الراحل المقيم عبدالله خليل كان له صداه في تحريك الوجدان الوطني لموقفه البطولي. كما يورد الباحث والخبير الدولي القانوني  محمد أحمد سليمان  أنه شارك في اجتماع للقيادتين السودانية والمصرية  أبان حكم الرئيس ابراهيم عبود  وتم الاتفاق  على بناء السد العالي مقابل  تنازل مصر عن مثلث حلايب  ، ولكن الاتفاق لم يدون  وحتى اذا كان هذا الاتفاق صحيحاً فهذا يعني تنازل مصر للسودان  من أرض لها حق فيها  ، لذا فتصبح هذه الروايات  من الأدلة الضعيفة و لا   يُستند عليها  الأمر الذي يقودنا الى  الخروج من النفق المظلم  لجملة التصريحات  والكتابات والركون لحقائق تاريخية  وتحقيق الهدف المطلوب على أحقية السودان لمثلث حلايب  بعقلانية ودون تشنج طالما الوصول الى الحقيقة أمر ميسور .

لقد  ظلت الساحة تموج بأقوال وتصريحات طابعها سياسي ومزاجي في نفس الوقت طوال السنوات الماضية وربما يعود ذلك لغياب المعلومة عن المنطقة تاريخها وواقعها الحالي ومستقبلها ، الأمر الذي يتطلب من ذوي الاختصاص دراسة الوضع الحالي لمثلث حلايب  بكل جوانبه بالاسترشاد بالنقاط التالية :-

1-يبادر  العلماء وذوى الاختصاص بالدراسة المتأنية  بالرجوع لمخطوطات  ( دار الوثائق المركزية السودانية ) حيث اتضح بأنها تتضمن مخطوطات نادرة وغائبة عن الكثيرين حتى أن مصر عندما طرحت قضية طابا دولياً في خلافها مع اسرائيل كان مرجعها الوثائقي دار الوثائق السودانية وربما تحوى المخطوطات نقاط تقودنا لحقائق غائبة .

2- مناشدة علماء التاريخ السياسيين السودانيين القدامى بتقديم ما لديهم من معلومات حول مثلث حلايب وارتباطه بشرق السودان وكذلك علماء الاجتماع والأنثروبولوجي لمعرفة حقيقة السكان  وتصاهرهم  وتمازجهم وعاداتهم وتقاليدهم داخل السودان.وربما تكون لديهم معلومات عن المداولات السودانية المصرية في العقود الماضية.

3- الرجوع للوثائق البريطانية وهو حق مكفول في المملكة المتحدة  وما بقى من الوثائق التركية ( العثمانية ) علها تكشف المزيد عن المنطقة.وهذه مسؤولية مراكز البحوث في الجامعات السودانية ومن أكادميين مقتدرين.

4- استطاعت مصر  بما لديها من إعلام نافذ وقوي الانتشار ،  أن تُحدث ضجيجاً خلال الفترة الماضية بالترويج لمصرية حلايب عن طريق برامج  غطت المناطق كلها  وتم فيها عرض  عادات القبائل  في الأفراح والأتراح  التي لا علاقة لها من قريب أو بعيد  بالعادات والتقاليد المصرية وكانت الصورة ضبابية حتى للمصريين أنفسهم أما عن المقالات فحدث ولا حرج  التي حوت مقابلات مع رموز لها مصلحة في السلطة والثروة وحتى خلال حكم الأخوان في مصر بقيادة الرئيس الأسبق محمد مرسي تضاربت آراء المسؤولين المصريين  بين عدم المعرفة بالمنطقة والاهتراف بأحقية السودان عليها.

عليه فإن الأمر  يحتاج إعداد العُدة أولاً بالوثائق الدامغة  قبل رفعه للتحكيم الدولي خاصةً في الظروف الحالية التي يمر بها السودان   وإلا فسوف تصبح جهودنا  كهشيم تزره الرياح .

وأن يترك الصغار  وقليلي الحيلة  الساحة لأهل الفكر والعلم والمعرفة فهم الأقدر لاستبيان الحقائق لنا  وقيادتنا لبر الأمان وعودة حلايب لحضن الوطن الأم  في ربوع أهل السودان.فالقضية لم تثار من الجنابين الا  بناء على ردود الأفعال كما حدث في عهد بطل النيل عبدالله خليل ومرة أخرى من الجانب المصري بعد محاولة اغتيال الرئيس الأسبق حسني مبارك في أديس أببا وأصابع الاتهام  لمسؤولين  في قيادة المؤتمر الوطني.ثم عند وضع الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي خريطة مصر داخلها حلايب خلف  مجلسه مع الرئيس عمر البشير وأخيراً عند اتهام عدد من السودانيين بالاتجار بالعملات الأجنبية لتخريب الأقتصاد المصري.

والأخطر ولصالح السودان بأنه عند مشاهدة الخرائط التي نشرها موقع الأمم المتحدة بالدخول إلي موقع المنظمة  فسوف نصل لقناعة  لسودانية حلايب وشلاتين على أساس عرض خرائط مصرية خالية من منطقة حلايب

حبث تنشر الأمم المتحدة على موقعها الرسمي منذ مارس 2012 خريطة لمصر بدون حلايب وشلاتين تحمل رقم 3795 (المراجعة الثالثة)، وخريطة أخرى للسودان رقم 4458(المراجعةالثانية) تضم المنطقتين للسيادة السودانية، وهى الخرائط التي لم تقوم أى جهة مصرية باتخاذ موقف إزائها وخاصة وزارة خارجيتنا أو بعثة مصر في الأمم المتحدة، والتي عمدت بعض الجهات الحكومية مثل الهيئة العامة للاستعلامات الي تجاهلها ووضع خريطة محررة باللغة العربية على أقسامها باللغة العربية.

لقد أعدت السلطات المصرية خرائط جديدة  كالتي عرضتها بين لقاء الرئيسين  البشير والسيسي  كخلفية للاجتماع وبصورة غير عقلانية الأمر الذي أعاد للمشتشاري الحكومة المصرية ردود فعل عكسية في الداخل والخارج وخلى العرض من أي دلائل وصفات الا أنه نوع من الاثارة والفتنة وما هكذا يتم رسم الحدود

لقد أصبحت  منطقة حلايب قضية كغيرها من القضايا الحدودية العالقة كفشودة وأبيي  وما  خُفي أكبر وحسم الخلافات بصورة نهائية كالحدود المتداخلة على مدى حدود السودان وأمام هذا التردي الاقتصادي الذي وصل اليه السودان فلا  بد  أن تنال هذه القضايا الأولية في الحلول العاجلة بعد أن  عاش شعبنا في طوفان الحروب الأهلية  لعقود متتالية واهدار مقدراته  في حالة استمراها فحسم الخلاف  في قضية حلايب  يتطلب الرؤية الصادقة لرسم حدود السودان وتحويل الحدود المشتركة الى مناطق تجارة بينية كما كانت في الماضي طابعها التراحم والتمازج بين كل دولة متاخمة للسودان فالصراخ والعويل لن يحل مشاكلنا أو يؤمن حدودنا المفتوحة ولا حرب الاغتيالات التي فجرت  قضية حلايب من الجانب المصري هي الطريق لحل قضية حلايب وليخضع ذوي النفوس الضعيفة للتحقيق والعقاب.

وكلمة حق تُقال   ،، في حق السيد رئيس الجمهورية عمر البشير فقد بادر بارتداء زي مثلث حلايب بالسديري  والملحفة في بياض قلوب أهل المنطقة يوم  غادر للقاء الرئيس مبارك بالأمس  ، وحمل لواء أحقية حلايب للسودان عند اللقاء مع السيسي في زيارته للقاهرة ، فهو فعل ذلك ، فماذا فعل الآخرون من أركان حزبه  وأركان المعارضة غير التصريحات المتضاربة الي طابعها  الخذلان في تصريحات طابعها التردد. ولعل أبرز هذه التصريحات في قول موسي محمد أحمد مساعد الرئيس السوداني يوم الثلاثاء 9 أبريل بأن منطقة مثلث (حلايب) المتنازع عليها مع مصر، هي "منطقة سودانية وستظل سودانية.. ويمكن أن تتحول

إلى منطقة تكامل، إذا أمنت القاهرة على أنها أرض سودانية، وفي حال تعذر الحل في سياق العلاقات الثنائية لا بأس من نقل الملف إلى التحكيم الدولي.. وعلى الجانب المصري الإتيان بوثائقه كما سنأتي بما يثبت أن حلايب سودانية"، وهى التصريحات التي أعادها مرة أخرى يوم 11 أبريل وفي مؤتمر صحفي، وتصريح د. وليد سيد رئيس مكتب حزب المؤتمر السودانى بالقاهرة لبرنامج في الميدان على قناة التحرير يوم 14 أبريل بأنه ""معلوم أن كل مصرى يرى أن حلايب مصرية، وكل سودانى يرى أن حلايب سودانية".، وتصريحات حسن عبدالقادر هلال وزير البيئة السوداني خلال مشاركته في مؤتمر التغيير المناخى العالمى بالإسكندرية بأن حلايب وشلاتين هي "أرض مشتركة مصرية سودانية تحت إدارة سودانية .. وأن هناك مشروعات بيئية كبرى بحلايب وشلاتين وعلى شواطئ البحر الأحمر سوف تبدأ هذا العام فى الفترة من 2013 – 2015 تحت إشراف الإدارة السودانية".ونحن اليوم في عام 2016 ومصر تبني وتعمر داخل حلايب وشلاتين.

الا أن جميع هذه التصريحات تظل مزاجية ولن تخدم القضية فا لخرائط يمكن رسمها  بالمداد والقلم ولكن الثابت يكمن في الاتفاقيات الموثقة والمستندة على  وثائق  دامغة وهي البداية للباحاثين والأكادميين  لازالة الغبار عنها  حتى لا تصبح كالرسم بالكلمات فالخرطيتين التاليتين احداهما مصرية  وأخرى سودانية وهي رسالة لمراكز البحوث السودانية كما ذكرنا  لتضع بصماتها الخيرة  لعودة حلايب الى حضن الوطن السودان بالأدلة الدامغة.

ان قضية حلايب لن تحلها جلسات المتحاورين اليوم من خلال الجوار الوطني بل هي كغيرها من  القضايا المصيرية التي تتطلب المشورة من ذوي الاختصاص من علماء السودان  والمفكرين الذين تزخر بهم بلادنا  داخل البلاد وخارجها وتقديم المشورة الصادقة باسانيدها  الموثقة لأصحاب القرار  لشعب السودان المتمثل  في كل أحزابه وأطيافة  لتكون الكلمة واحدة للاتفاق على سودانية حلايب وشلاتين  وبالله الوفيق .

 

آراء