حمدوك شخصية تاريخية بلا لسان

 


 

طاهر عمر
6 December, 2021

 

مشكلة حمدوك قد وجد نفسه في موقع الشخصية التاريخية و الذي في موقعه ينبغي أن يكون في مصاف من يتحرك في مواقع إنقلاب الزمان حيث يولد الفلاسفة و الحكماء و الانبياء كما يقول أرنولد توينبي. و الشخصية التاريخية كما يتحدث عنها مؤرخي مدرسة الحوليات تفهم كوامن الخوف في مغارات و كهوف تاريخ المجتمع و تاريخ اقتصاده و عليه تستطيع أن تحرك قوة المجتمع الحية لكي تسير بالمجتمع الى الامام و تحتاج لعقل له القدرة على إجادة فن القرأة كما يقول كلود لوفرت الذي يمكّن من التنبؤ بما سيأتي و هنا في مسألة التنبؤ أنه يصادف إمكانية حمدوك كاقتصادي سوداني مفارق لنخب سودانية حبيسة شعارات لأيدولوجيات متحجرة لأربعة عقود و هو شعار لن يحكمنا البنك الدولي.
حمدوك بشاجة نادرة يسبقها الرأي قد أستطاع أن يسير في مسيرة اقتصادية تحدى بها عقل اليسار السوداني الرث و أصدقاءه و قد أعاد السودان الى حضن المجتمع الدولي إلا أنه قد حقق كل ذلك و هو في موقع قلب ثورة ديسمبر المجيدة و لكنه لم يكن يوما في مستوى عقلها و قد قلنا أن حمدوك قد صادف قلب الثورة بفضل اليد الخفية كاقتصادي و لكنه لم يصادف عقل الثورة و هذا واحدة من عيوب حمدوك و هي ترقى أن تكون من نواقص عبقريته فالرجل منذ مقدمه و قد انتظر ثلاثة شهور لكي يكون حكومته و عندما سئل كان رده بأن قحت لم تعطه برامجها و من حينها قد تأكد لي بأن حمدوك لم يصادف عقل الثورة و لكنه كاقتصادي لا شك قد وقع في عمق قلب الثورة و حينها قد وجهنا له صوت نداء و هو بأن من حوله من مكونات سياسية هم خالي الوفاض من أي فكر معاصر أضف الى أنهم قد كانوا معارضة لنظام الحركة الاسلامية السودانية و هي تمثل مرحلة إنحطاط فكر في تاريخ الفكر السوداني و بالتالي لا تنتظر منهم أي خارطة طريق يمكنها أن تكون مخرج للشعب السوداني و خاصة بأن ثورة ديسمبر قد وضحت بأن الشعب السوداني متقدم على نخبه بآلاف الأميال و قلناها مرددين لقول عبد الله الغذامي و فكرة تقدم الشعب و سقوط النخب و كانت كل المؤشرات تقول لحمدوك بأنك في مرحلة إنقلاب زمان و لحظات إنقلاب الزمان لا ينفع فيها الترقيع و التوفيق الكاذب الذي قد حاوله حمدوك مع نخب سودانية لا علاقة لها بالفكر المعاصر و يغيب عن أفقها مفهوم الدولة الحديثة التي لا تقوم على أكتاف أحزاب اللجؤ الى الغيب و أفكار الأيدويلوجيات المتحجرة بل على القدرة في فهم كيف تتحول المفاهيم.
و مسألة التحول في المفاهيم يقول لنا بأن تجربة السودان بعد ثورة ديسمبر المجيدة ليست مسبوقة بعهد و ليس لنا في ذاكرتنا ما يعيننا في تحقيق أهدافها لذلك تحتاج لشخصية تاريخية تفهم معنى الانسانية التاريخية و الانسان التاريخي و اذا فهم حمدوك معنى الانسانية التاريخية و الشخصية التاريخية لأستطاع أن ينزل من مسرح الأحداث بكل سهولة و يسر المغامرين من الجيش و المغامرين من قادة الحركات المسلحة و المغامرين من أتباع الطرق الصوفية و المستثمرين في قوتهم التي تقوي تغبيش الوعي و المغامرين من أتباع الادارة الاهلية و قد رأينا كيف نسق قادة الانقلاب العسكري مع ناظر البجة و لكن حمدوك كان كالسائر في نومه لم يستطع إنزالهم من مشهد الفكر و لم يقطع الطريق على إنقلابهم على التحول الديمقراطي و هروبهم الى الامام من جرئم لا تسقط بالتقادم.
كان حمدوك قلب للثورة بلا لسان كان صامت صمت بلا حكمة و قد أوصلتنا الى إنقلاب عسكري كامل المشهد لا يمكن تبريره و حتى اللحظة يلعب حمدوك دور الأخرس و نحن نقول له بأن يخرج من صمته كصمت قبر بمكان قفر و يجب أن يستلم زمام المبادرة بخطاب يجعل لحمدوك شخصية تاريخية بلسان زكي يتحدث عبقرية الشخصية التاريخية يتحدث للشعب بأنه قادر على إعادة مسار التحول الديمقراطي لأنه في جانب الشعب و من بجانبه الشعب لم يكن بجانب الرهيفة و خروج حمدوك ينبغي ان يكون بفكر مفارق للترقيع و التوفيق الكاذب و يقطع الطريق امام المغامرين أمثال البرهان و حميدتي و جبريل و مناوي و كيف يكو قطع الطريق أمامهم يجب ان يكون خطاب حمدوك متجاوز و غير مجاور و لا مساكن لمفاهيم من يدورون حول محاور اقليمية كما رأينا كيف كان البرهان عبد ذليل للسيسي أغبى حكام مصر و حميدتي تريد السعودية أن تستخدمه كقوة عمياء في تحطيم السودان و غيرهم هم جبريل و مناوي لعملاء لأكشاك الخليج التي تسمى ممالك و سلطنات امارات و غيرها من نظم الحكم التي قد عافتها النفس البشرية و لكل هذا لا يريد لنا العرب و مصر أن تنجح تجربتنا في التحول الى الديمقراطية.
و معروف انحطاط الفكر عند العرب و منذ فشل جمال عبد الناصر و فشل العراق و سوريا في ترسيخ قيم الجمهورية و من حينها غنحط الفكر في العالم العربي و الاسلامي الى أن وصل لمستوى تقوده السعودية و هنا يجب ان يعرف القارئ أن السعودية لم تتطور حتى وصلت الى قيادة العالم العربي و الاسلامي و لكن حال العالم العربي و الاسلامي قد إنحط و وصل الى مستوى ان تقوده السعودية. و عليه كان واضح ان مصر و السعودية و دول الخليج كانت وراء إنقلاب البرهان و حميدتي و لكن ها هم أحرار العالم قد أجبروهم بان يبتعدوا من مسار التحول الديمقراطي في السودان. و عليه نقول لحمدوك أخرج للشعب السوداني بخطاب يكون علامة فارقة في تاريخنا السوداني و خذ زمام المبادرة و يمكنك إقناع السودانيين كافة و حينها سينقطع الخيط للعملاء و الانقلابين لأن من يقوم بالتغيير هو الشعب و ليس الانقلابيين و عملاء دول الاقليم و يمكنك ان تسحب البساط من تحت اقدام الانقلابيين و لكن بشرط أن تكون شخصية تاريخية بلسان و عبقرية من يعرف ان يلعب دور الشخصية التاريخية.
و بالمناسبة يا حمدوك اعتمادك على شخصيات رمادية ان تقوم بدورك لا يعفيك من ان تلعب دورك بشكل جيد شخصيات مثل أديب كفاشل في لجنة التحقيق في فض الاعتصام و امثال الشفيع خضر كشخص قضى أربعة عقود تحت أيديولوجية متحجرة و خرج بمستوى فكر متدني كما رأينا مبادراته لا تنتظر ان يلعبوا لك دورك التاريخي. أخرج انت الى الشعب السوداني و يمكنك ان تكسب الشعب من جديد و يمكنك ان تسحب البساط من تحت أقدام الانقلابيين و هذا من أسهل الأشياء لأنهم ليس لهم عقول إنهم عسكر طائشين و قد عرفوا من انقلابهم الاخير بان لا أحد يحترم العسكر في السودان ول يس لهم مكان في المستقبل و قد قالها لهم احرار العالم اتركوا الشعب السوداني يتم تحوله الديمقراطي و قد احرج أحرار العالم كل من البرهان و حميدتي بان لا مكان لكم بين احرار العالم و هذا زمان الجاهل من يخرج للعالم بلبس عسكري أخرق و يعلن عن انقلاب عسكري.
و بالمناسبة فليعلم البرهان و حميدتي بانهما صنيعة نظام الحركة الاسلامية السودانية و هي تمثل مرحلة انحطاط فكر فهم أي البرهان و حميدتي هم أبناء انحطاط الفكر في السودان و عليهم ان يتذكروا ذلك دوما و ان يتذكروا بان أي كلام يقولانه هو مضحك لأحرار العالم و لا يدل إلا على تدهور حالة الفكر في السودان لو يفهم البرهان و حميدتي بأن الأفضل لهم ان يتواريا عن الانظار لأن ظهورهم يذكر العالم الحر الى أي مد يتمدد غباء العسكر. نحن في زمن الحداثة زمن الفرد و العقل و الحرية فلا مكان للعسكر و الانقلابيين نعم للتحول الديمقراطي و على حمدوك الخروج بخطاب يتجاوز العسكر و غيرهم من الشخصيات الرمادية التي تقوم بدور الوساطة على حمدوك بان قوة الشعب لا تحتاج لوساطة الشخصيات الرمادية أخرج و خاطب الشعب مباشرة يا حمدوك.

taheromer86@yahoo.com
//////////////////////

 

آراء