حول المذكرة (2)

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

في المرة الماضية كنا قد طّوفنا معا واستقصينا حول الرجال والنساء من وراء المذكرة التي أسماها القائمون على أمرها بـ (نداء التغيير) ولكننا وجدنا أن المضمون لا يؤدي للعنوان  الذي اتخذ  للمذكرة  لكونها لم تخاطب الجهات المختصة التي يمكنها إحداث ذلك التغيير المراد ألا وهو (إقالة الرئيس) لأنه  اختصاص حصري للمؤتمر العام كما هو منصوص عليه في دستور حزب الأمة  المجاز في 2009 ، فعدلنا اسمها –من عندنا الى (مذكرة السبعة)   وقلنا أننا اعتمدنا هؤلاء السبعة لكون أن الآخرين  أفرادا وجماعات   قد انفضوا عنها  إما بسبب أنه لم تعرض عليهم مذكرات أو لأن المذكرة التي وافقوا على الإمضاء عليها كانت مختلفة من حيث المحتوى والمضمون.
بل أننا وقفنا على إضافة وحذف من وإلى  بنود المذكرة  مما أضاف  إلى شكوكنا شكوكا ولكننا لن نحفر من وراء  ذلك أكثر خوفا من الإطالة  و سنعتمد هنا  البنود التي سلمت للرئيس بغرض فحصها وتمحيصها.
كنا قد انتهينا في المرة الماضية  إلى التصنيف الذي أوردناه  عن التيارات من وراء المذكرة نقلا عن  أحد الأحباب على منتديات الأمة الإسفيرية  و اعتمادنا ذلك التصنيف كما هو  مع نقد أساسي لكونه لم يضع في الحسبان ما نحسبه المحرك الأساسي  أو المفعّل الأساسي من وراء خلخلة الأحزاب وهو المؤتمر الوطني ..
وقلنا أن تلك التيارات تبرز جلية  وخلفها (الثعلب في ثياب الماكرينا) من خلال استعراض بنود المذكرة ونريد هنا إلقاء بعض الضوء على جوانب العتمة فيها : منها (تيار التغيير)  الذي اعترف بمخرجات المؤتمر العام  السابع لحزب الأمة بتصوير موثق بالفديو يجده من يطلبه ثم نكص على عقبيه وطعن في تلك النتائج   لمجلس شؤون الأحزاب وقد انتهى ذلك المسعى الى شطب ذلك الطعن ولكننا من ناحية ثانية نصطف ضد ذلك التيار بعنفوان لكونه الأسفر في استخدام النواحي العنصرية في أروقة الحزب وقد أتى علينا حينا من الدهر ظننا فيه أن حزب الأمة حزب لا مكان فيه لمثل هذه العصبيات البغيضة لدرجة أن القيادي بحزب الأمة أ. يوسف تكنة كان قد غضب غضبة مضرية حينما سمي ضمن وفد على أساس اثني  لاصطحاب رئيس حزب الأمة ومرشح الحزب لرئاسة الجمهورية إبان انتخابات ابريل المزورة في رحلة الدعاية الانتخابية لدارفور فهب قائلا :(لم نكن نظن أننا سنعيش لنشهد مثل هذا التردي! أن يستخدم شخص في حزب الأمة تلك النعرات البغيضة وقد انضممنا إليه لخلوه منها).
كذلك برز تيار يحاول شيطنة الإمام الصادق تأثرا بإعلام الإنقاذ عالي الصوت.
كما برز تيار  التقدميون الذين يستعرون من مرجعية الحزب التقليدية وذلك المنحى قديم فقد ذكر الامام الصادق أنهم في الخمسينات في الجامعة كان الناس مهما كانت خلفياتهم أنصارية يستعرون من أصولهم الأنصارية ، تأثرا بإعلام دَولي ودُولي  سخر كله لنعت المهدية بالتخلف ونعت المهدية في طورها الثاني بالخيانة وممالأة بريطانيا وظل ذلك ردحا من الزمان حتى فتح الله على هذا الكيان بفتحين:
الأول: كثير من المؤرخين راجعوا مواقفهم تلك وأعلنوا اعتذارهم واعترافهم بأنه لولا المهدية لما كان السودان ولولا المهدية في طورها الثاني لما كان استقلال السودان وسيأتي الزمان الذي سيقر به الناس اليوم للإمام الصادق بدوره المفصلي في كل تحرر من الدكتاتوريات منذ عبود وحتى تعريته لنظام الإنقاذ و هتك سترها ومشروعها الحضاري وتجريدها من كل ادعاء بالاستعصام بالشريعة زورا وبهتانا وكشف كل سياساتها التي فتحت بها أبواب التدخل الخارجي وتمزيق السودان وتدويل شأنه وقد انتقد نيفاشا وبقراتها المقدسة وهي بعد في بداية أمرها  يحرم على الناس نقدها أو تلويمها و قبل أن يفتح ذلك الباب اليوم  للغاشي والماشي ولولا جهوده تلك لصدم أهل السودان بتمزقه من جراء نيفاشا دون أن يحدثهم أحد  عن أن هناك شجر يسير!ولسنا في عجلة من أمرنا لذلك اليوم القريب.
الفتح الآخر قيض الله لهذا الكيان أمثال الصادق المهدي الذي عمل على نقل المهدية لتصب في تيار الاسلام العام ولتكون الخير الوسط الذي يجمع على أساسه شعث الإسلام حتى ولو لم يبرز ذلك تحت اسمها حرفيا . كما أنه واصل سعي الآباء المؤسسون لحزب الأمة في أن يكون أمره كله قوميا سودانيا جامعا وهنا نستخدم شهادة المذيع السوداني اسماعيل ايوب العامل في البي بي سي وقد أراد التحاور مع الصادق بعد المصالحة مباشرة ولكنه اشترط عليه حضور الشريف حسين الهندي للمشاركة في اللقاء وقد اعتبر أيوب أن ذلك أغرب شرط قابله في  مسيرة عمله . وهذا  المنحى القومي ما يشهد به ويلحظه كل متعامل مع الصادق  حاكما  أو معارضا.
فإن كان ترفع بعض من ينعتون أنفسهم بالتقدمية عن المرجعية الأنصارية قديم  لكنه مستغرب اليوم و الساحات تشهد للأنصارية تجددا سباقا ألحق  الإمامية بمصاف الحداثة باتخاذ الانتخاب وسيلة للمنصب وفي مجال الفكر تشهد سوحها تجديدا أجاز سيداو مع التحفظات المصاحبة وحسم جدلا فقهيا متطاولا بين الأصل والعصر  وفي مجال المشاركة صارت الهيئة شخصية اعتبارية تتشارك مع الامام  في الرأي والمشورة في الشأن الأنصاري .أما الحزب الذي يوصف بأنه تقليدي فهو من أكثر الأحزاب السودانية اهتماما بالدراسات والبحوث وورش العمل والتدريب(حتى عابت عليه المذكره تحوله لمركز لتحليل المعلومات) والأول في الاعتراف بمكانة النساء والأسبق في نشر التعليم وتعليم النساء وضد العادات الضارة  وكل مؤسساته أتت انتخابا ومن أكثر الأحزاب حرصا على عقد مؤتمره العام رغم الداء (وهو عدم المال )  وبرغم الأعداء على طول مسيرة نضاله القاصدة .
و نذكر (الحداثيين) بأنهم ان كانوا يتأففون من الأنصار كمرجعية للحزب  فليعلموا أن الأنصار هم أكبر شريحة ترفد هذا الحزب وهذا من حسن حظه لأن الأنصارية أيضا سبب صمود رجال ونساء هذا الحزب وركوزهم  وركوزهن حتى خذلوا المؤتمر الوطني وكل شمولي  فكسروا العصي ولم يستجيبوا لإغراءت ذهب المعز ولله الحمد والمنة.
برز كذلك من بنود المذكرة  تيار الغاضبين وغضبهم مستمد من ثوار الكيبورد الذين يشعلونها ثورة حمراء من المنافي وعلى شاشات حواسيبهم ثم ينصرفون لنومة عميقا ويتركون خلق الله  يسهرون من  جراء  أفكارهم ويختصموا ،تماما  مثلما تفعل  قوافي المتنبي بخلق الله ويذهب هو في سبات عميق كما صور في شعره :
أنام ملء جفوني عن شواردها   ويسهر خلق الله جراءها ويختصموا!
و لأن الإمام  يقود خط التغيير بغير عنف(باليد)  وهو الذي كما يقول عن نفسه ويشهد له من ليس في فيه ماء أنه ( من أكثر الناس صلابة في الأهداف الإستراتيجية، ومن أكثرهم مرونة في الوسائل التكتيكية. ونحن أمام موقف يحتاج لأقصى درجة الصلابة في الموقف الإستراتيجي لنجدة الوطن وأكثر درجات المرونة في الموقف التكتيكي) ولكن الغاضبون  لا يفهمون ذلك فيخيل إليهم أن تنحيته ستزيل عقبة أمام الثورة الحمراء وينسون أن القرار بأولوية الأجندة الوطنية والتغيير عن طريق بيعها للكل قرارا اتخذه المكتب السياسي بالإجماع وهو ليس قرارا فرديا اتخذه الصادق وأسرته كما يدعون. كما ينسون أو يتناسون  أن اتخاذ ذلك الخط (المباصر) إنما كان بسبب  الخوف   على السودان من التمزق  و لذلك نرى الحرص على اخراج السودان  من الظالمين سالما . وبين ظهرانينا  أمثلة للقتل في سوريا وفي اليمن تهدد بصوملة السودان وليس ذاك من أضغاث الأحلام أو تهيؤات الخائفين على ذواتهم  وهو طبعا ليس لتخويف الناس نصرة للمؤتمر الوطني  بل بالرؤية السديدة المبنية على معطيات موضوعية تقود  المتأمل الحصيف الى نتيجة لا غباشة فيها: المؤتمر الوطني ليس أقل اجراما من تلك الأنظمة قاتلة شعبها وقد رأينا فعله في بعض أنحاء الوطن إذ لم يتوانى عن استخدام كل سلاح بل ان المظاهرات المحدودة  في العاصمة تواجهها كتائب مسلحة ومدرعة ويزيد سوءه عن الأنظمة المجرمة من حولنا بكون  أن قادته مطلوبين لدى العدالة الدولية .
تتبع  بنود مذكرة السبعة بشكل لصيق  صدمنا أيّما صدمة  وتمنينا على الله أن يكذب متبنوها ولو صدقوا في قولهم أن صياغة تلك المذكرة وتداولها من قبل (الموقعين عليها وهم   قطاع عريض من  قيادات وكوادر واعضاء و شباب وطلاب  حزب الأمة القومى بالمهجر والداخل)  قد استغرق ثلاثة أشهر كاملة! والسبب أننا رأينا من خلالها  ذهنية عجلى:مشوشة وغير مرتبة ، وأياد تنقصها الدربة وتغيب عنها الكفاءة وصياغة فضفاضة وتكرار ممجوج ،كما رأينا فيها تجاهل للحقائق على الأرض وأغلاط بينة ومغالطات عجيبة في أمر جلل هو  بمثابة توسونامي في حزب الأمة بل يؤدي لتغيير أساسي في كل الساحة السياسية ألا وهو المطالبة باستقالة الصادق المهدي من رئاسة حزب الأمة  بسبب  غضبة بين جماهير حزبه.
و المطالبة بإقالة رئيس حزب الأمة ليست عيبا في حد ذاتها  لكونها مما تكفله الديمقراطيات إن اتبعت اجراءات الدستور وإن نجت من الأيادي الخارجية وإن صيغ طلبها بشكل مقبول!
لكنها لم تتبع الاجراءات الدستورية ولم تنج من أيادي خارجية (كما أخبرتنا الأهداف المشتركة بين أصحاب المذكرة وأهل الحكم )  و رأينا فيها أداء فقيرا  لو صدقت نسبته لتلك الكوادر التي تصف نفسها بالقيادية في حزب الأمة  لحق لنا البكاء على مصيبة لا تفوقها إلا مصيبة الانسان في دينه :ذلك أنها صيغت دون حد أدنى من مهنية أو التزام  بما تعارف عليه السودانيون من توقير واعتراف بالجميل مما يشير الى ضعف حقيقي في تلك الكوادر إن صحت تلك النسبة إليها وهذا هو أكبر همنا اليوم: المناداة  بتبرئة  كوادر حزب الأمة من أداء لا يليق بالمقام .
و بسبب من هذا التردي في الشكل والمضمون  أدركنا  عدم الجدوى من تتبع كل شاردة وواردة في تلك المذكرة –كما سبق أن وعدنا في المقال الأول ،وسنكتفي فقط  بالتهول من عموم الفهم فيها.
صورت المذكرة حزب الأمة كحزب فاشل لم يتمكن من معالجة متلازمة المال والتنظيم والاعلام وهو  حزب  متعطل ومتبطل بخروجه عن دائرة صنع الأحداث  ومتخلف عن رصفائه في الساحة السياسية السودانية و عاجز عن لم شمل خلافات منسوبيه والقرار فيه يتخذ بشكل فردي يعبر فقط عن الرئيس وأسرته الخ الاتهامات التي وضعت كلها على ظهر الرئيس كأنه لاعب بلا  فريق ولا جمهور  .
وبينما لا يستطيع أحد إنكار أوجه القصور من عيوب منها ما هو خاص بالحزب وأخرى بسبب الأوضاع المزرية التي تجسم على واقع البلاد السياسي كله من كبت للحريات وضغوط يعلمها الجميع-مما يحتاج كله للاصلاح والتقويم  لكننا نستغرب لهجة الهجوم الكاسح والتغيير الثوري مثل من يستهدف ذبابة بمدفع !
ولا يجب أن يغيب عن بال من يريد الاصلاح أن المبالغات تفسد المطالب وتشكك في الطالب فكلنا يعرف دون انتساب لحزب الأمة أنه حزب  ملء السمع والبصر و كل مبادرة للخروج من أزمات السودان ترى حزب الأمة في مقدمتها أو من خلفها وراعيا لها دون استثناء وأن داره تعمر كل يوم بنشاط ينظمه أو يستضيفه وأن كل نشاط معارض من قبل الأحزاب أو الحركات المطلبية  يعرف أن دار حزب الأمة هي ملاذه الآمن وحضنه الدافيء .
أما الرئيس فكان الأولى اتهامه بالفاعلية الزائدة لدرجة التغطية على نشاط الحزب وليس الاسهام في الركود !
اشتملت بنود المذكرة  أيضا على تخوين صريح لرئيس الحزب ورميه بعلاقات مريبة مع المؤتمر الوطني خدمة لمصالح مشتركة بينهما ومن ضمن التهم أو الأدلة على الخيانة  مشاركة ابن رئيس الحزب في النظام.وصحب  التخوين تكذيب للرئيس ورمي له بعدم الوفاء بوعد قطعه بالتنحي إن لم يستجب النظام للأجندة الوطنية.
أفوض نفسي هنا  للترفع عن الصغائر والإساءات جعلها ربي في ميزان حسنات الحبيب الإمام يعطيه حتى يرضيه.
ربما لم يسمع أصحاب المذكرة ومن خلفهم بخطاب الفرقان أو سمعوا به (طشاش) ذلك أنهم اجتزءوا منه ما أتى عن استقالة الرئيس بتاريخ خطأ حيث كتبوا في ديسمبر 2010 !
ففي ذلك الخطاب الذي قدمه الامام في 26 يناير 2011 وأسماه بخطاب الفرقان حدد لنفسه ثلاثة خيارات :إما الأجندة الوطنية أو الانضمام لتيار اقتلاع النظام عنوة (رغم أخطاره على السودان)أو الاعتزال وقد ذكر الصادق في ذلك اليوم الفارق أنه لم يك مناورا أو هازلا عند تحديده لذلك الموقف ونحن نصدقه لأننا لم نعهده كاذبا حتى في أحلك موقف ولا شك أن من هو في مثل تجربته وتعامله مع قطاع واسع من الناس وقد تعاملوا معه عن قرب مما  يمكنهم من الحكم على مصداقية ما يقول . وقد رأى هو أن اعتزاله  حتى إن نظر اليه كتثبيط للهمم و أشبه بالفرار يوم الزحف  يخدم و يرفد تطوير التجربة السياسية بثلاثة أهداف: إثبات وجود لمؤسسات حزب الأمة بدون الصادق، استنهاض قواعدنا لمعرفة مدى استعدادهم لاستحقاقات المرحلة القادمة، يدرك الحكام أنني ما خيرت بين أمرين إلا اخترت أيسرهما فإذا فقدوا هذا الصوت كمفاوض من أجل الخلاص الوطني أو كمحرض على المواجهة فسوف يكون هذا في ميزان خسائرهم.
أي أنه لم يكن ينتظر دروس عصر من تلامذة عجزوا عن  مجرد صياغة مذكرة من ثلاث صفحات لكي يدرك متى يكون القرار صائبا.
ونحن نعرف أن الديمقراطية توجب الالتزام بفترات رئاسية محددة لكننا نعرف كذلك الظروف الشاذة التي تعمل فيها الأحزاب وكنا قد قلنا أن الامام الصادق كسب رابح لحزب الأمة ذلك أنه تمكن من ادخال تطور حداثي ضمن منظومة حزب تقليدي تسربا وخطوة خطوة حتى تبناها الحزب وصارت جزء من مكوناته .وهو كسب رابح للوطن لأنه يعمل بمنحى قومي يعمل على جمع شعث الوطن وشتيته.
ربما يعرف الامام الصادق قبل غيره تمسك الناس به كرئيس لحزب الأمة  وكذلك بين قوى الاجماع الوطني لا مكريين ولا محريين فقد وسعهم بأخلاقه وليس بالمال أو شراء الذمم .وتلك هي القضية مثار الجدل :فهل نتبع تعليمات الديمقراطية التي تحدد فترات الرئاسة دون اعتبار لظروف الشمولية التي تمنع التطور الطبيعي في المؤسسات ونفطم الناس دون رغبتهم من شخص اختاروه وعولوا عليه لتحقيق الأهداف أم علينا الاهتمام أكثر بمواصفات الحكم الراشد من شفافية ومحاسبة ومشاركة وسيادة لحكم القانون مع المرونة في مسألة الفترة الرئاسية طالما تم ذلك بانتخاب حر وشفاف في مثل الظروف الاستثنائية التي نعيشها؟
يبدو هذا الجدل المطروح للنقاش خارج شبكة المذكرة التي ردمت الاتهامات البعيدة عن الواقع ولم تتطرق للمشاكل الحقيقية والتي لا يتصور عاقل خلو الحزب منها في مثل الظروف التي يمارس فيها العمل السياسي في سودان الانقاذ.
أما نحن فنؤكد بأنه مهما كان خيار الامام الذي أخرجه أصحاب المذكرة من سياقه فالوقت غير مناسب لمثل هذا الخيار ذلك أننا نشهد ونلمس ما وجدته الأجندة الوطنية من قبولِ تحول الى اجماع وطني. ونرى الناس قد صاروا يقرون بما يتحدث عنه الامام من أخطار حقيقية ،ونشهد ما أحدثته تلك الأجندة من حراك داخل المؤتمر الوطني نفسه رأي العين حتى صار الباحثون عن أطواق النجاة من مركبه التي تغرق يتبنون الأجندة الوطنية وينضمون لتيارها العريض.
وفي هذه الظروف يعمل الصادق كضامن للأجندة الوطنية يحترمه العالم وأطراف النزاع ولا ننسى نقطة مهمة ذكرها هو في مراميه من الاعتزال :أن الحكام يعرفون ميله لأيسر الخيارين فيركن الفارين من مركب الانقاذ التي تغرق  الى حكمته وضمانته للسيطرة على رغبات الانتقام طالما كان في صف المعارضة بالأجندة الوطنية، مما يشجعهم  على الانضمام لتيار الأجندة الوطنية دون قلق على ذواتهم .
يدرك الحكام ذلك لكنهم يعلمون كذلك أن الإمام الصادق الذي يقود التغيير بالأجندة الوطنية ماض في هدفه لا يحيد  وقد بدأ ذلك الزرع ينجح ويؤتي أكله وستعمل الضغوط المتكالبة عليهم كل يوم على تفكيك هذا الحكم (الملصق بالبصاق) وهم يعرفون ذلك قبل غيرهم بحسهم الأمني  وقرون استشعار صاحب الغرض لذلك نرى المساعي أولا لكسب الصادق وحزب الأمة في صفهم  بالحكومة العريضة لدرجة عرض نسبة 50%وبعد أن فشلوا  حاولوا اشراك ابنه من صلبه  لجر الحزب كله ثم خاب فألهم لأن حزب الأمة  أعظم من أن  يحدد خياراته الأفراد مهما بلغ شأنهم عندما  فشل ذلك   نرى الأفكار الأمنية تملأ الصحف مثل تصريحات  د.قطبي المهدي عن ضرورة تولي قيادة جديدة لرئاسة حزب الأمة، الفكرة  التي يردد صداها صاحب التيار باشمهندس عثمان ميرغني  والسيد  عبد الباقي الظافر ومن لف لفهم  ثم كانت حملات التكفيريين الخائبة الرجاء وكل ذلك الكيد الساعي لإبعاد الامام الصادق المهدي عن سدة  رئاسة حزب الأمة وإبداله بقيادة أكثر مرونة في الاستراتيجي وأكثر تنازلا عن المباديء وهو ما يدعونه (البراغماتية)  .ثم أتت هذه المذكرة التي تتماهى في الأهداف والمرامي مع ما ذكرنا من كيد ومكائد ولكنهم الأخسرين أعمالا بإذن الله كما في قوله تعالى: (وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين)الأنبياء آية 70
وسلمتم



umsalama alsadig [umsalsadig@yahoo.com]

 

آراء