حُزْنْ .. إليَّ… ثمَّ إلى هـ.ع، رُغْمَاً عنِّي…!

 


 

 

حزنٌ يتخطّفُ روحي بشفافِيَّةٍ لا تزالُ تُوسِمُنِي، منذُ ابتدائي، بتلكَ السّذاجَةِ الغريبةِ الّتِي هيَ منّي وأنا منها أَزَلاً وأصلاً.. هل كانت زهرةُ اللَّوتَسِ البُوذِيَّةِ مأوايا في حياةٍ سابِقَةٍ تَحْتَفِي ببهجَةِ اخْتِفَاءِ الجُّنْدُبِ المُضيءِ في بَهَاءِ اللّيلةِ الغامِقَةِ مُحِيْلاً سرَّها إلى ضِيَاءٍ مُشَتَّتِ الرّوحِ في فراغاتِ السّماءِ اللامُباليةِ، باعتِصامِهَا اللا بَشَرِيِّ، بعُزلَتِهَا العاليةِ عنّا عساهُ لا تَنْبَهِمُ بهِ اللّيلةُ في حَيْرَةٍ جَارِحَةٍ كاستيقاظٍ غريبٍ في صباحِ البِلادِ الغَرِيْبَةِ في شَتَاءٍ حُوْشِيِّ الإيماءاتِ ولا إلفةً بهِ إلا لمن رُوحُهُ مُستَوْطِنَةً أُسْطُورِيَّةً لثلجِ الأزمنةِ التي لا خوفَ فيها من جُوعِ الشّمسِ، ذلكَ الأنينُ وتلكَ الحُرْقَةُ المائجةُ بانكِسارِ ألوانِ زُجاجٍ مسَّتْهُ يدُ الفنّانةِ الصّديْقَةِ بالرّوحِ في زمنٍ-جبلٍ من همِّ الرّوحِ بالرحيلِ من "التِحافِهَا" الميّتِ- الضَّرُورِيِّ- بدُنيا- أبيتُ اللّعْنِ- لا شمسَ منزِلِيّةَ من دفٍ موقدِ فحمٍ قَرَوِيٍّ عتيقٍ ومليءٌ بالنّومِ، سكينةً وطِيُوفَ حياءِ خُفُوتِ قُبْلَةٍ عفيفَةٍ وخَضْراءَ كاملَةٍ لديها [تتراءى تلكَ القُبْلَةُ مرسُومَةً في أُفُقِ انفعالاتٍ لا تُشْبِهُ إلا ما خطّتْهُ آلهةُ التّراجيديا الهيلينيّةِ القديمةِ، بجَبْرٍ حُرٍّ، وهي راحلةً ما بينَ رُوحي وقلبِ بنْتِ "شَوْفِيَ" الطَّريفة- هل أنتِ هُنا، أيَّتُهَا البِنْتُ، بحقِّ كُلِّ الإبهامِ الحُلْوِ الجَّارِحِ، زهرةَ الآلِهَةِ الأُوْلَىْ أو الرَّيْحَان الّذي بيننا؟!]، لا ثَغْرَاً "مِنَيِّلاً" وحبيبةً مُتَفَجِّرَةً بغَيْرَةٍ "قَاطِعَةَ" الرُّوحِ والملامِحِ شَفْرَةَ وَجْدٍ يمُورُ في ما لا يُمْسَكُ من أغوارٍ وبطُونِ حُوتٍ لا يُونَسَ أنباءٍ مُخْتَفٍ بها، لا معرِفَةً تُطَمْئِنُ القلْبَ بوعدٍ أُخْرَوِيٍّ لها، هُنَاكَ عِنْدَ المتاه، عندَ حدُودِ جبالِ الآلهةِ العتيقين.... آهٍ دَعِيْنِي للنّومِ وذاكَ الانتظار الهَوْلْدَرْلِيْنِي:-
أفَلَيْسَ الأمرُ- قبلاً وبعداً- كما هذي به ذلك المجنونُ العارفُ في انفلاتةٍ لا أرضيَّةٍ كادت أن تَمْلُكهُ بالعَصْفِ راميَةً لهُ في الرِّيحِ اللا عودةِ حتّى انتفاءَ الجّسدِ من الرّوحِ أو حتّى الغِيابَ-قَيْلُولَةَ الذّاتِ في ظلِّ الأُلُوهَةِ في شمسِ ظهيرةِ فِعْلِ الْخَلْقِ في ضجَّةِ موسيقى العالم- هذا الّذي ندعُوهُ مألُوْفَاً ويوميّاً إذ أنَّ ليسَ لنا غَيْرَهُ في اللّحْظَةِ ما نُمْسِكُ بهِ من "قَشَّةِ" الرُّوْحِ الأخْرَىْ التي تُومضُ في مغيبٍ قُرْبَ نَهْرٍ فجأةً راقصَةً بِنَارِ عُشْبَةِ وهجٍ فانٍ ولا مُنْتَهٍ في الذَّاكِرَةِ إلا موتَاً وطَمْسَا..؟ أينَ أنتِ أيَّتُهَا الرُّوحُ حتّى أنْطَمِسُ فيكِ أبَدَاً من حِلُولِ ماءِ الطِّيُنِ في ماءِ الهِيُولى.. أينَ البحرُ والمِصباحُ و"دِيَوْجِيْنَ" وتلكَ الرّعْشَةُ-القَوْقَعَةُ والهواءُ-البَقَاءُ في انْبِثَاثِ وعدِ لِقَاءٍ بالْمَجَانِيْنِ-الغِيابِ، أينَ الرُّوح؟ أينَ الرُّوح؟

نهارُ الاثنين 23\12\1996م
إبراهيم جعفر

 

• من مجموعتي الشعرية المسمّاة خُصوبة القداسة، الصادرة عن منتدى أهل السودان،AZ-ZOUL Sudanese Cultural Forum zoul@aldar.net ، لندن 2004. تصميم الغلاف: طارق أحمد أبوبكر Design & Layout Angi Art Center- London-UK.

khalifa618@yahoo.co.uk
////////////////////////

 

آراء