خطورة إنشاء مكتب حقوق الإنسان بالخرطوم
إنشاء مكتب لحقوق الإنسان في الخرطوم هو مقترح ورد في تقرير الخبير المستقل السيد نونوسي في تقريره المعد للتقديم خلال هذه الدورة (39) من مجلس حقوق الانسان،و وه مقترح أيده مشروع القرار الذي ينتظر استصداره نهاية الشهر. هذا الأمر لا يبدو اقتراحاً عفو الخاطر أو مجرد فكرة لتطوير آليات مراقبة حقوق الإنسان في السودان، بحيث نبعت في رأس نونوسي وقام بدسها في ثنايا تقريره ومن ثم تبنتها بعض الدول.
الحكومات التي تحترم شعبها وتعتبر السيادة مبدأ حقيقي وراسخ، تفكر ألف مرة قبل القبول بإنشاء مكتب وتوظيف موظفين ليراقبوا سلوكها تجاه حقوق الإنسان وتجاه التزاماتها الدولية وطقم قوانينها الوطنية، لكن نظامنا مهيض الجناح يقبل بأي خيارات تكون فيها فرصة تحايل أو التفاف. نقولها بصراحة، النظام السوداني الذي رفض من قبل وجود قوات حفظ سلام في دارفور وأجبر عليها، إن وافق على إنشاء مثل هذا المكتب فهذا له معنى واحد، إن المكتب سيكون له أغراضاً أخرى بخلاف تحسين أوضاع حقوق الإنسان، لأن تحسين أوضاع حقوق الإنسان الذي يأتي بـ(العافية) والمخاض العسير والضغط الدولي والمؤامرات تحت المناضد وفوقها، سينتج كائن مشوه، كائن يرضى عنه أصحاب المصالح من المجتمع الدولي، ولا يكون في مقدوره أن يزحزح قضية الحقوق نحو ما هو إيجابي في البلاد قيد أنملة.
إن إنشاء مكتب لحقوق الإنسان في الخرطوم يعني تكليفات ومهام واضحة وتقارير دورية تقدم بشفافية للمجلس وتنشر للرأي العام المحلي والعالمي يعني (أدبة). هذا طبعاً أن أرادوا له أن يعمل بكفاءة، ولكن بالمقابل، نفس الـ(هذا كله)، يمكن أن يستعاض عنه بتعيين مقرر خاص وهو ما يحققه البند الرابع بدون مواربة، هذا البند_ الرابع_ الذي تتهرب منه الحكومة منذ سنوات وتولول خوفاً منه، وتقبل في ذلة ومسكنة بالبند العاشر فما دون، فلم الاستخفاف إذاً بعقول الناس، ولماذا نصنع دائرة كبيرة لإيصال نقطتين ببعضهما، في الوقت الذي تكفينا فيه نقطة واحدة؟!، نقطة طرفها الأول القول بأن النظام غير مستعد مطلقاً لتغيير سلوكه وطرفها الثاني يقول في إن المجتمع الدولي عجز عن إيجاد صيغة مناسبة للتعامل مع ملفات حقوق الإنسان في السودان، وطرفان في نقطة يعني التطابق والتماثل!!.. مكتب حقوق إنسان يعني تكاليف مالية ولوجستية وموارد للمكتب والموظفين..الخ وهذا مدعاة لفتح ملفات حول الفساد والتلاعب بالموارد وهذه اتهامات ليست جديدة في حق عدد من الأطراف في هذه المعادلة، إذاً والحال كذلك انطلاق سهم اتهامات من هذه الكنانة الدولية سيصيب الجميع بدون فرز.
على المجتمع الدولي وخصوصاً المجموعة الأفريقية في مجلس حقوق الإنسان أن يعوا أن مكتب حقوق إنسان في الخرطوم سيكون عرضة للاختطاف بواسطة المؤسسات الحكومية وسيصبح مجرد لافتة تستريح في ظلها الأغنام.
البراق النذير الوراق
baragnz@gmail.com
baragnz@gmail.com
////////////////